أخبار اليوم - بعد سلسلة من الانتصارات الكاسحة في المواجهات الأربع المباشرة بينهما الموسم الماضي، انحنى برشلونة أمام غريمه الأزلي ريال مدريد في مباراة كلاسيكو الأرض، التي جمعتهما على ملعب «سانتياغو بيرنابيو» في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، وانتهت بفوز أصحاب الأرض 2-1 في ختام مباريات الأسبوع العاشر للدوري الإسباني، في معركة كروية أقل ما يُقال عنها هاربة من زمن «الكراهية الجميل» بين لوس بلانكوس جوزيه مورينيو وبلوغرانا بيب غوارديولا بين 2009 و2012، والأمر لا يتعلق فقط بالإثارة والتشويق والنتيجة التي كانت قابلة لكل الاحتمالات حتى الثانية الأخيرة من الوقت المحتسب بدل الضائع للشوط الثاني، ولا حتى بالقرارات التحكيمية التي وُصفت إعلاميا وفي مختلف منصات «السوشيال ميديا» بـ«المثيرة للجدل»، وبالأخص اللقطات التي استعين فيها بتقنية الفيديو، مثل إلغاء الرسمة الإبداعية التي حفرها كيليان مبابي في شباك حارس الضيوف فوتشيخ تشيزني في الدقيقة 14، بداعي التسلل على «جراب» صاحب الهدف السينمائي، وأيضا تراجعه الصحيح عن ركلة الجزاء التي احتسبها ضد لامين يامال، إثر التحامه مع البرازيلي فينيسيوس جونيور داخل مربع العمليات في الدقيقة الثانية من المباراة، بل أيضا في ما يُعرف بلغة عشاق الساحرة المستديرة بـ«الغل الكروي»، الذي كان أكثر وضوحا في أعين رجال المدرب تشابي ألونسو، ربما لتأثرهم بالضغوط الإعلامية والجماهيرية الكبيرة قبل المباراة، وفي رواية أخرى، لخوفهم وقلقهم من التجرع من مرارة الهزيمة للمباراة الخامسة على التوالي أمام العدو الأزلي، في ما ستكون أشبه بالفضيحة أو وصمة عار لمشروع «الغالاكتيكوس» الحالي، وربما لشعورهم بالإهانة من التصريحات التي أدلى بها يامال قبل 24 ساعة من ركلة بداية المباراة الأكثر شعبية ومشاهدة على كوكب الأرض، لكن في النهاية، بدا العملاق الأبيض في صورة مختلفة تماما عن تلك النسخة البائسة التي كان عليها في آخر 4 مباريات كلاسيكو في عهد كارلو أنشيلوتي أمام نظيره هانزي فليك، مقدما نفسه في صورة المنظومة الجماعية التي تعمل بفكرة أو إستراتيجية معينة متفق عليها في التدريبات، وليس ذاك الفريق الذي كان يرفع شعار «اعطي لأحد الغالاكتيكوس وانتظر هدية السماء إلى الأرض»، بينما حامل لقب الثلاثية الإسبانية الموسم الماضي، فبدا وكأنه على سنين ضوئية من الشخصية العدوانية المهيبة التي كان عليها في أول موسم تحت قيادة رجل سداسية بايرن ميونيخ في 2020. والسؤال الذي يراود الأغلبية الكاسحة من عشاق العملاق الكتالوني هو: لماذا يعود الفريق إلى الوراء بهذه السرعة؟ والعكس تماما للجمهور المدريدي الذي بدأ في وضع علامات استفهام إيجابية حول مستقبل المشروع تحت قيادة ألونسو، ونحن في موضوعنا الأسبوعي سنحاول الإجابة معا على الجزء الأكبر من هذه التساؤلات.
غيابات وعناد
بالعودة بالتاريخ عاما إلى الوراء، سنتذكر بداية فليك المبهرة مع البارسا، حين افترس الريال برباعية نظيفة مع الرأفة في كلاسيكو «سانتياغو بيرنابيو» في الدور الأول لموسم الليغا الماضي، وتقريبا بنفس المجموعة التي كانت تعاني من حين لآخر في نهاية حقبة تشافي هيرنانديز، ولو نتذكر، هذه النتيجة تعاملت معها الصحف ووسائل الإعلام المقربة من النادي الميرينغي، على أنها كارثة كروية تنذر بحدوث آخر وأسوأ سيناريو كان ينتظره الرئيس فلورنتينو بيريز ومجلسه المعاون، خاصة بعد خطف الميغاستار كيليان مبابي من «حديقة الأمراء» فور انتهاء عقده مع ناديه السابق باريس سان جيرمان، وهو ما تحول إلى حقيقة وواقع في نهاية الموسم، بخروج نادي القرن الماضي من الموسم خالي الوفاض، بما في ذلك الخسارة أمام برشلونة في نهائيي كأس إسبانيا والكأس السوبر المحلية، وبينهما أمعن الفريق الكتالوني في إذلال غريمه التقليدي في مباراتي الدور الأول والثاني في حملة استعادة لقب الليغا للمرة الثانية في عصر ما بعد الأسطورة ليونيل ميسي، وهو ما ساهم في انتعاش أسهم فليك مرة أخرى في بورصة المدربين، بعد فشله في ترك بصمة مقنعة مع منتخب بلاده، كان آخرها فضيحة الخروج المبكر من الدور الأول لكأس العالم قطر 2022، لكن مع برشلونة، سرعان ما أثبت أنه الرجل المختار الذين كانوا يبحثون عنه منذ مغادرة اللوتشو لويس إنريكي ومن قبله كبير الفلاسفة بيب غوارديولا، كمدرب لم يستغرق أي وقت لإثبات وإظهار كفاءته الكبيرة في موسمه الأول مع أصحاب «كامب نو»، وما عزز فرضية «أنه الرجل المناسب في الوقت المثالي للكيان»، أنه عرف كيف يرفع سقف طموح الجماهير والإعلام الكتالوني الثائر أكثر من أي وقت مضى منذ بداية العقد الجديد، وكما نقول بالمصطلح الكروي الشائع «بأقل الإمكانيات والأدوات المتاحة»، وبالأحرى بنفس الإرث الذي تسلمه من تشافي، الفارق الوحيد أن الإدارة قامت بإعادة الابن الضال داني أولمو، بعد انفجار موهبته مع لاروخا في يورو 2024، وقبلها بصم على موسم أكثر من رائع مع ناديه السابق لايبزيغ، ومع ذلك، لم يستفد الفريق من الصفقة التي كبدت الخزينة 50 مليون يورو، بالطريقة المتوقعة أو المنتظرة منه، تارة لسوء طالعه مع لعنة الإصابات، التي أبعدته عن الفريق لفترات طويلة منذ عودته إلى البيت القديم في صيف العام الماضي، وتارة أخرى لتأخره في الانسجام مع رفاقه الجدد وأسلوب مدربه الألماني، والمحصلة أنه لم يُقدم 50% من مستواه الذي كان عليه قبل وصوله إلى الإقليم الثائر، لكن في المقابل، تمكن المدرب من إعادة اكتشاف بعض الأسماء التي كانت مهمشة ومنبوذة من الجماهير، أبرزهم المشروع البالوندوري رافينيا، ولاعب الوسط فرينكي دي يونغ، والظهير الأيسر الطائر بالدي وغيرها من الأسماء التي تحولت في عشية وضحاها من فائضين عن الحاجة إلى وحوش كاسرة على أرض الملعب، تماما كما فعل فليك عندما تولى مهمة إنقاذ البايرن بعد إقالة كوفاتش في منتصف موسم جائحة كورونا، وآنذاك كان يُنظر إلى أصدقاء روبرت ليفاندوسكي القدامى، على أنهم فريق مفكك وبلا أنياب وضعيف للغاية من الناحية البدنية، لكن مع وصول فليك، تبدلت الأوضاع من النقيض إلى النقيض، وهذا الأمر كان واضحا في مقارنة صور اللاعبين وبنيتهم الجسدية ومعدلاتهم البدنية قبل وبعد وصول فليك.
كما أشرنا أعلاه، كان الاعتقاد السائد أن مدرب المانشافت السابق، سيجد صعوبة في الخروج ببرشلونة من النفق المظلم، في ظل استمرار توابع الأزمة المالية، التي أجبرت الرئيس جوان لابورتا على ابتكار فكرة «الرافعات الاقتصادية»، عبر بيع نسبة من أصول النادي وحقوقه المستقبلية، بعد نجاح خطة القضاء على «الأبقار المقدسة»، والإشارة إلى عواجيز الجيل الذهبي الذين تمسكوا بالبقاء حتى بعد رحيل البرغوث ليونيل ميسي، أبرزهم قائد الأمس جيرار بيكيه، ومهندس الوسط سيرجيو بوسكيتس، والظهير المخضرم جوردي ألبا وقبلهم السفاح لويس سواريز، بهدف خفض فاتورة أجور اللاعبين، بعد وصول الفجوة بين راتب اللاعبين والموظفين وبين عوائد وأرباح النادي إلى مستويات غير مسبوقة في نهاية حقبة الرئيس المخلوع جوسيب بارتوميو، ولنا أن نتخيل أنه في خضم هذا التحدي المشترك بين فليك وإدارة برشلونة، ما بين مواجهة المشاكل المالية الطاحنة والرهان على أبرز جواهر «لاماسيا»، كان المدرب الستيني مطالبا، بالوقوف في وجه عملاق العاصمة في الموسم التالي بعد جلوسه على عرش القارة العجوز للمرة الخامسة عشرة في تاريخه، وبعد تسليح صفوفه بالهداف التاريخي للنادي الباريسي، ليرافق باقي النجوم والأسماء اللامعة في «سانتياغو بيرنابيو»، بخلاف القوة الاقتصادية الجبارة التي تعطي أفضلية للنادي المدريدي على حساب البارسا، وما يُعرف بالمشروع الاقتصادي الضخم للريال، مع ذلك حقق فليك ما فاق توقعات وأحلام أكثر المتفائلين من عشاق النادي، بإنهاء الموسم بالحصول على الثلاثية المحلية «الدوري وكأس الملك والسوبر الإسبانية»، ولولا بعض التفاصيل البسيطة في مباراتي نصف نهائي دوري أبطال أوروبا أمام أفاعي الإنتر، لضرب برشلونة موعدا مع باريس سان جيرمان في نهائي 2025، لكن هذا لم يُفسد فرحة الجماهير بالألقاب المحلية التي تحققت على حساب أنشيلوتي وعصابته، أو كما يقولون في كتالونيا «كسرنا الكبرياء المدريدي» بـ4 انتصارات متتالية وعريضة، بدأت برباعية أكتوبر/تشرين الأول 2024 في الدور الأول للدوري، ثم بالفوز بخماسية مقابل اثنين في نهائي السوبر المحلية في بداية العام، وتبعها بحسم نهائي كأس الملك بثلاثية مقابل اثنين، واكتملت بإخماد صحوة مبابي ورفاقه في «المونتجويك»، في الكلاسيكو الناري الذي انتهى برباعية مقابل ثلاثة أهداف في الجولة الـ35 لليغا، ما يعني أن الفريق دك شباك غريمه 16 مرة في المواجهات الأربع، منها 8 أهداف بإمضاء الثنائي رافينيا وليفاندوسكي.
وهذا في حد ذاته، يعكس التأثير السلبي لغياب الثنائي البرازيلي البولندي على هجوم البلوغرانا في كلاسيكو عطلة نهاية الأسبوع الماضي، إلى جانب بعض الغيابات الأخرى التي أخلت بتوازن الفريق، وبالنسبة للبعض الآخر أفقدت الفريق ما لديه من عمق سواء في التشكيل الأساسي أو على مقاعد البدلاء، متمثلة في المستشفى المفتوح للثلاثي تيرشتيغن والوافد الجديد خوان غارسيا والشاب الزجاجي غافي، ومعهم المدافع كريستينسن، وصديق عيادة الأطباء أولمو، الأمر الذي جعل فليك، يبدو وكأنه مغلوب على أمره في الكلاسيكو الأخير، وما زاد الطين بلة، أنه تعامل مع المباراة بنفس أسلوبه العنتري، الذي يرتكز على فكرة «الضغط العالي»، الذي تحول مع الوقت إلى ضغط وهمي، ربما للضعف الملموس على مستوى الدفاع بما يخص الخبرة والجودة، متمثلة في صغر سن المراهق باو كوبارسي والمستوى المتواضع الذي يقدمه إيريك غارسيا في مركز قلب الدفاع، مقارنة مثلا عندما يدفع به المدرب في مركز الظهير الأيمن أو لاعب الوسط الثالث، بينما في قلب الدفاع، فأقل ما يمكن قوله، إن جُل التجارب السابقة، أثبتت بما لا يدع أي مجال للشك أنه لا يصلح أبدا في محور الدفاع في طريقة 4-3-3 وباقي أساليب اللعب التي ترتكز على لاعبين في قلب الدفاع، وربما لانكشاف الدفاع بعد الموافقة على بيع المخضرم إينيغو مارتينيز للنصر السعودي في الميركاتو الصيفي الأخير، إذ كان يؤدي دور مايسترو الدفاع بالطريقة التي تتماشى مع أفكار فليك بأفضل طريقة ممكنة، بصرف النظر عن اسم المدافع الذي كان يلعب بجانبه في الخط الخلفي، والدليل على ذلك أن المنحوس رونالد أراوخو، بصم على أفضل مبارياته على الإطلاق بجانب مارتينيز، منذ اللحظة الفارقة في مشواره مع النادي، عندما تلقى بطاقة حمراء في ليلة السقوط أمام سان جيرمان في مراحل خروج المغلوب للكأس ذات الأذنين الموسم قبل الماضي، لكن الشيء الواضح والمؤكد، أن مطالب المدرب أو أفكاره الانتحارية، لا تتماشى أبدا مع إمكانيات الأسماء المتاحة لديه في خضم موسم الإصابات، وتجلى ذلك في حالة الكسل التي كانت مسيطرة على الدفاع، إذ تشعر عزيزي مشجع البلوغرانا، وكأن استيعاب غارسيا وكوبارسي ورد فعلهم بطيئة للغاية أمام تحركات المهاجمين والأجنحة الطائرة من الجانبين، والجديد في كلاسيكو الأحد الماضي، أن ثنائي الدفاع البرشلوني، تعامل مع مبابي على أنه واحد من مهاجمي الليغا، الذين يسهل إيقاعهم في مصيدة التسلل، على غرار ما حدث في أول كلاسيكو للمدمر الفرنسي بعد انتقاله للريال الموسم الماضي، فجاءت الضريبة باهظة الثمن، بتحول عمق البارسا إلى منطقة مستباحة للعائد بقوة جود بيلينغهام وباقي رفاقه في وسط وهجوم الميرينغي، وهذا انعكس من خلال الفرص والمحاولات المؤكدة التي أتيحت للريال على مرمى الحارس البولندي، الذي يمكن اعتباره واحدا من نجوم المباراة بوجه عام، والعلامة المضيئة الوحيدة في الفريق الكتالوني، لنجاحه في التصدي لأكثر من 3 أو 4 فرص محققة بنسبة 100%، منها ركلة جزاء أنقذها من مبابي عندما كانت النتيجة 2-1، ما يعني أنه لولا تعملقه لانتهى اللقاء بنتيجة تاريخية أو غير مسبوقة منذ آخر انتصار عريض في الكلاسيكو على مستوى الليغا، برباعية مقابل هدف في آخر ظهور للمدرب الهولندي فرانك ريكارد، قبل أن يسلم الراية لغوارديولا في صيف نفس العام.
الغرور والجماعية
بالإضافة إلى كل ما سبق، لم نتحدث عن معضلة فليك وفريقه ليس فقط أمام الريال، بل منذ بداية موسمه الثاني مع الكتالان، وتكمن في اختفاء الشراسة في عملية الضغط العالي لاستعادة الكرة في الثلث الأول للخصوم، والأسوأ غياب الروح القتالية والحدة التي كان تميز البارسا أمام مرمى المنافسين، وعلى ما يبدو أن تشابي ألونسو، كان على دراية كاملة بالحالة الفنية والبدنية التي وصلت إليها كتيبة المدرب الألماني، خاصة في ظل معاناة أغلب هؤلاء اللاعبين من التعب والإجهاد نتيجة تلاحم مباريات الفريق مع معارك المنتخبات في التصفيات المؤهلة لكأس العالم أمريكا الشمالية 2026، والدليل على ذلك الفترات التي شهدت ذروة الهجوم الأبيض على الحارس المغلوب على أمره تشيزني، حيث كانت البداية بالغارات المكثفة التي أسفرت عن هدف في أول 20 دقيقة، بعد تراجع الحكم عن احتساب هدفين بداعي التسلل، بالإضافة إلى ركلة الجزاء التي شاهدها خارج الخطوط، وتأكد أنها غير صحيحة، ثم في فترة ما بعد هفوة لاعب الوسط أردا غولر، التي سجل منها البارسا هدفه الوحيد، ثم بما يمكن وصفها مجازا بـ«الهيمنة الفنية المطلقة» في الشوط الثاني، والفضل يرجع أولا إلى الحالة البدنية الرائعة التي كان عليها الفريق المدريدي، ثم بنعمة البدلاء السوبر ستارز، الذين يملكون من الجودة والموهبة ما يكفي لصناعة الفارق، أو على أقل تقدير لتسيير المباراة بالطريقة التي يريدها المدرب بعد تأمين التقدم، والحديث عن أسد أطلس إبراهيم دياز، الذي أعطى إضافة هائلة بانطلاقاته السريعة على الجانب الأيمن، التي أسفرت واحدة منها عن هدف تم إلغاؤه ضمن الأهداف الثلاثة التي تراجع الحكم عن احتسابها بعد اللجوء لتقنية الفيديو، وكل ما سبق في كفة ومبالغة المدرب فليك في الرهان على لامين يامال في كفة، صحيح الصغير الإسباني أثبت بشكل عملي أنه مشروع أسطورة هاربة من زمن العمالقة على مدار آخر 18 شهرا، لكن هذا لا يعني بالضرورة، أنه بعد عودته من الإصابة سيستعيد نسخته «AI» التي أرعب بها دفاع الإنتر في مباراتي الذهاب والعودة في نصف نهائي الأبطال، خاصة وأن جُل المؤشرات قبل المباراة كانت تشير إلى أن صاحب الـ18 عاما، لا يعطي كل وقته وتركيزه لمعشوقة الملايين في مختلف قارات العالم كما كان الوضع حتى نهاية الموسم الماضي، بعد حصول صديقته العشرينية الجديدة نيكي نيكول، على جزء كبير من وقته وسهراته الصباحية، وهذا الأمر يبدو واضحا في مقاطع الفيديو والصور الجريئة المنتشرة لهما في مختلف مواقع التواصل والصحف الإسبانية والبريطانية التي تتسابق في نشر الصور العــارية لصـــديقات وزوجات نجوم كرة القدم.
ولأن كرة القدم مثل باقي مجالات الحياة، لا تبتسم عادة إلا للمجتهدين والمكافحين، فقد قست على لامين بطريقة غير مسبوقة في الكلاسيكو الأخير، ما اعتبرها بعض النقاد والمتابعين أشبه بـ«العقاب الفوري»، على تصريحاته غير الموفقة التي أدلى بها قبل المباراة، كأنه بضمير مستريح أعطى المدرب ألونسو، قبلة الحياة لإثارة غيرة وحماس لاعبيه، أكثر من «الغل الكروي» المسبق للثأر لفضائح ثلاثيات ورباعيات وخماسيات الموسم الماضي، وهو ما كان واضحا في البداية النارية للميرينغي، التي كما أشرنا في البداية، كادت تسفر عن أكثر من هدفين أو ثلاثة، لولا تدخل «الفار» من جهة وتعملق تشيزني من جهة أخرى، ولو أن الحالة الصادمة التي كان عليها برشلونة، لا تقلل أبدا من عمل ألونسو وتحضيره الرائع للمباراة، خصوصا المفاجآت غير المتوقعة التي خلط بها أوراق نظيره الألماني، مثل عودته للعب بثلاثة مدافعين في بعض الأوقات، بضم داني كاربخال للثنائي المتألق دين هاوسن والوحش العائد أقوى من أي وقت مضى إيدير ميليتاو، وأيضا الدفع بإدواردو كامافينغا في مركز الجناح الأيمن على الورق، لكن داخل المستطيل الأخضر، كان يلعب دور رأس المثلث المتغير مع فالفيردي وواحد من الثنائي غولر وبيلينغهام، لمنع يامال من استلام الكرة بأريحية ووجهه للمرمى، ونفس الآمر كان يفعله في عملية الضغط على بيدري برفقة جود وتشواميني، لحرمان الشاب مهندس وسط البارسا من رفاهية التمرير الدقيق والتوغل بين الخطوط، وهذا يفسر أسباب مشاكل الفريق الكتالوني في عملية الخروج بالكرة، مكتفيا بالاستحواذ السلبي في مناطق الراحة للفريق المدريدي، في غياب تام للحلول الفردية التي كان تصنع الفارق لبرشلونة في هكذا مواقف صعبة، والمسؤول الأول يبقى المدرب، الذي لم يفكر خارج الصندوق لمجاراة تكتيكات ألونسو، التي منحت الأفضلية العددية للمدريديستا في أغلب المواقف في أم المعارك، شأنه شأن الجماهير التي كانت تنتظر لمحة إبداعية من لامين، أو تمريرة ذهبية من بيدري، في الوقت الذي طغى فيه الريال على المستوى الجماعي، مجسدا المقولة الشهيرة «تيجي تصيده يصيدك»، مستخدما نفس إستراتيجية فليك، التي أذل بها أنشيلوتي الموسم الماضي، من خلال أسلوب الضغط المتقدم على أول لاعب حامل للكرة، مع تنوع في فك طلاسم مصيدة التسلل الهشة، تارة باستنساخ فكرة اللوتشو لويس إنريكي في قمة سان جيرمان والبارسا الأخير، بتبديل الأدوار بين الظهير المتقدم ولاعب الوسط أو المهاجم الوهمي، بتلك الدروس المجانية التي قدمها أشرف حكيمي ونونو مينديز للمنافسين في كيفية ضرب مصيدة تسلل بطل الليغا بكل سهولة وأريحية، بانطلاقات مفاجئة في عمق الملعب، مع ترك الأطراف إما للمهاجم أو الجناح المهاجم لاستغلال الشوارع الفارغة في الدفاع بعد الهروب من كماشة التسلل، وتارة أخرى بالرهان على موهبة بيلينغهام ونجاح المدرب في تطويعها لمصلحة الفريق، من خلال إعادة توظيفه في مركزه الطبيعي لاعب الوسط رقم (8)، الذي يجمع بين الجودة العالية في الرؤية والتمرير والتخلص من خصومه في المواجهات المباشرة، وبين ذكاء التحرك داخل منطقة الجزاء، باستعادة ما تُعرف بالحاسة السادسة لدى بيلينغهام، من خلال التنبؤ بمكان وصول الكرة في المكان المثالي داخل مربع العمليات، كما سجل في الكلاسيكو وفي العديد من المرات في موسمه الأول الرائع، فقط يحتاج ألونسو وفريقه للتخلص من آفة الثقة الزائدة وربما قلة خبرة بعض الأسماء، في مقدمتهم غولر، الذي يبالغ أحيانا في استعراض مهاراته في مناطق حساسة في الثلث الأول والثاني من الملعب، وعندما يفقد الكرة عادة ما ترتد إما بهدف وإما بتصدي إعجازي من كورتوا، أما غير ذلك، فمن الواضح أن المدرب الشاب يبني المشروع بالطريقة التي أرادها بيريز منذ اللحظة الأولى، وبالأحرى جعل الريال يلعب كمنظومة تعتمد على أفكار وحلول جماعية بجودة عالية من اللاعبين في التنفيذ، بدلا من الإفراط في الاعتماد على الأفراد، أما برشلونة فليك، فعلى ما يبدو أنه بحاجة لاستعادة لاعبيه المصابين والغائبين منذ فترة، أملا في عودة الأمور إلى نصابها الصحيح بشكل تدريجي، أو على أقل تقدير حتى يستعيد المدرب ولاعبيه ثقتهم بأنفسهم، بعد تزايد حدة الانتقادات لفليك ووضعه في إطار مدرب الموسم الواحد، استنادا إلى تاريخ نتائجه في تجاربه السابقة، والتي تخبرنا أنه عادة ما يأخذ فريقه إلى عنان السماء في أول موسم، ثم يبدأ في التراجع بداية من الموسم الثاني، فهل يا ترى سيرد بشكل عملي على هذا الاتهام؟ دعونا ننتظر ما سيحدث.
(عادل منصور - القدس العربي)