(أخبار اليوم – ساره الرفاعي)
قال الخبير العسكري أيمن الروسان إن السودان، العضو الفاعل في جامعة الدول العربية منذ عام 1956، يمر اليوم بأصعب مراحله التاريخية نتيجة الحرب الأهلية الطاحنة بين الجيش وقوات الدعم السريع المتمردة، التي خلّفت آلاف القتلى وملايين النازحين، فيما يواجه نحو 20 مليون سوداني خطر المجاعة، وسط صمت عربي مستغرب وغياب واضح لدور الجامعة العربية في وقف نزيف الدم.
وأضاف الروسان أن الجامعة العربية اكتفت بقرار خجول صدر في قمة البحرين عام 2024، دعا الحكومة السودانية وقوات الدعم السريع إلى الانخراط في مبادرات التسوية من أجل إنهاء الصراع واستعادة الأمن والاستقرار، إلا أن ذلك القرار بقي دون أثر فعلي على الأرض.
وأوضح أن العامل الحاسم في ضعف تأثير الجامعة العربية هو تضارب المصالح الإقليمية بين الدول الأعضاء، إذ تحوّل السودان إلى ساحة نفوذ إقليمي ودولي متشابك، يصعب على الجامعة أن تتخذ موقفًا موحدًا حياله.
وبيّن الروسان أن مصر تمثل الداعم الأهم للحكومة المركزية والجيش السوداني بحكم الجوار الجغرافي وارتباط الأمن القومي المصري بالسودان، في حين تُعد الإمارات الداعم الأكبر لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وهو ما ظهر في تقارير دولية عدة أشارت إلى وجود دعم لوجستي وعسكري غير مباشر.
وأشار إلى أن صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية نشرت عام 2020 تقريرًا يفيد بأنه تم العثور على أسلحة في طائرة شحن إماراتية كانت مخصصة لنقل مساعدات إنسانية إلى لاجئين سودانيين في تشاد، ما كشف عن تشابك مصالح خارجية فاقم الأزمة على الأرض.
وأكد الروسان أن غياب موقف عربي موحد يعود أيضًا إلى انقسام الدول العربية في أولوياتها الإقليمية، إذ انشغلت الجامعة بقضايا أخرى كالحرب على غزة، ما جعل السودان في مرتبة ثانوية رغم الكارثة الإنسانية التي يعيشها.
وختم الروسان بالقول إن التاريخ يذكر أن السودان كان حاضنًا لمؤتمر الخرطوم الشهير عام 1967 الذي رفع شعار "اللاءات الثلاث: لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض مع إسرائيل"، لكن المفارقة اليوم أن الخرطوم نفسها تنزف وسط غياب عربي كامل، مشددًا على أن استمرار هذا الموقف السلبي من الجامعة العربية يكرّس عجزها عن أداء دورها في حفظ الأمن العربي الجماعي.