سميح سعود .. شظية أطفأت عينه ولم تطفئ حلمه

mainThumb
سميح سعود.. شظية أطفأت عينه ولم تطفئ حلمه

22-11-2025 10:55 AM

printIcon

أخبار اليوم - لم يكن سميح سعود (17 عامًا) يتخيّل أن نظراته الطامحة نحو المستقبل ستنطفئ فجأة، وأن المرآة التي اعتاد الوقوف أمامها لمتابعة تقدّم جسده الرياضي ستصبح بابًا للحزن والانكسار.

فتى في ريعان الشباب، ومثل فلسطين في بطولة آسيا لكمال الأجسام بالأردن، اليوم يُجاهد ليتقبل شكله الجديد، بعد أن فقد عينه اليمنى إلى الأبد.

في بداية الحرب، نزح سميح قسرا مع عائلته من شرق البريج إلى إحدى مدارس الأونروا في مخيم النصيرات، لم يكن النزوح كافيًا لحمايتهم، ففي بداية عام 2024، وفي أثناء خروجه إلى شارع قريب من المدرسة باغتته شظية صاروخ أطلقته طائرة إسرائيلية، فأصابته مباشرة في عينه.

"فقد الوعي فجأة، وغطت وجهه الدماء، لحظات كانت كأنها النهاية"، يروي والده وائل سعود لصحيفة "فلسطين"، الذي حمله مسرعًا إلى مستشفى العودة، حيث أُجريت له الإسعافات الأولية، قبل أن يُحول صباحًا إلى مستشفى الأوروبي لوقف النزيف.

الشظية اخترقت شبكية العين، فبدأ سميح يرى خيالات باهتة فقط، ثم فقد البصر كليًا، ويضيف: "كنا نعيش على أمل.. لكن الأطباء أكدوا أنه فقد الرؤية نهائيًا، فعندما كان الاطباء يضعوا الإضاءة في عينه كان يرى خيالات وتسرب لنا الأمل، لم نكن نعرف أن وضعه يتراجع حتى اختفت ذلك الأمل وفقده الرؤية فيها بشكل كامل".

ولم تتوقف المعاناة عند حدّ فقدان البصر، فأصيبت العين بضمور واضح، ما أثّر على شكله، خاصة أنه كان يهتم بجسده وبنيته كرياضي.

"كنت أقف أمام المرآة لساعات.. اليوم بصعوبة بقدر أطلع فيها أصبحت كعدو بالنسبة لي، بس أطلع فيها بشعر أن مستقبلي الرياضي يتعرض لضربة موجعة، وأن عيني التي حلمت بالمجد الرياضي ستحجبها شظية حرب، لا تميّز بين الأحلام والأجساد"، يقول سميح بصوت منخفض، متابعًا حديثه: "الإصابة غيرت كل شي.. لكن لسه بحاول أرجع أقوى".

فالصدمة لم تكن فقط في الإصابة، بل في ما مثّله سميح قبلها، "كان الأول على وزنه في كمال الأجسام على مستوى الضفة الغربية وقطاع غزة، كان يستعد للمشاركة القادمة حيث تأهل لبطولة في روسيا ولكن الحرب وقفت في طريقه، فجسده متناسق، والتزامه عالي.. وكل شيء انتهى في لحظة"، يقول والده بفخر مشوب بالحسرة.

الجانب النفسي كان الأصعب؛ التأقلم، ومواجهة الناس، ومواصلة الحياة بنصف رؤية، أثقل من أي تدريب بدني خاضه سابقًا.

ويكمل الأب حديثه: "ابني كان رياضي، وطموح، وعنده أمل، وراح يشارك في بطولات تانية.. بس كل هاد توقف بيوم، اليوم أصبح يخفي عينه عندما يقف مع الناس ويتحدث معهم".

ويضيف سميح: "أنا لاعب، شكلي مهم إلي.. بس الأهم إني ما أستسلم"، ورغم ما حل به، حاول التأقلم مع وضعه الجديد، واستجمع قواه ليكمل دراسته في الثانوية العامة، فجلس ساعات يذاكر رغم آلامه النفسية والجسدية، إلى أن حصل على معدل 70.4%.

كما أنه لا يزال يُمارس التمارين الخفيفة، ويحاول ألا يترك الإصابة توقفه، "بحب الرياضة، وهي حياتي.. ما بدي أستسلم".

يصمت والده ثم يعود ليكمل حديثه: "بدنا أمل من جديد، وتحويلة علاجية، وطرف بصري صناعي، أي فرصة لإعادة الأمل والحياة له".

فيحلم سميح اليوم بفتح المعبر، لا ليسافر فقط للعلاج واستكمال علاج عينه المصابة، بل أيضًا ليلتحق بتخصص التربية الرياضية، ويكمل حلمه في أن يصبح مدربًا دوليًا.

المصدر / فلسطين أون لاين