أخبار اليوم - عامان كاملان غرق فيهما قطاع غزة في الظلام بعد توقف قسري لعمل شركة الكهرباء بسبب "حرب الإبادة الإسرائيلية" على غزة، لكن الأمر لم يخلُ من محاولات شركات خاصة لإضاءة عتمة ليالي القطاع، إلا أن ذلك لم يكن سهلًا أبدًا مع انعدام الوقود والمواد الخام وصعوبة الأوضاع الميدانية والنزوح القسري المتكرر. ومع دخول اتفاق وقف الحرب حيز التنفيذ، شهد عمل تلك الشركات استقرارًا انعكس على الشوارع والمنازل.
فقد أصبح الليل زائرًا لطيفًا بالنسبة لسكان مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، إذ إن الشوارع والمحال التجارية المضاءة تسهّل على المواطنين حياتهم وتنقلهم، في حين تمكن عدد كبير من المواطنين من إضاءة بيوتهم عبر المولدات التجارية الخاصة.
تقول المواطنة براءة علي، التي تستأجر منزلًا في مخيم 2 بعد نزوحها من غزة: "وجود المولدات الخاصة سهّل الحياة كثيرًا، فنحن نحظى بإضاءة متواصلة لمدة خمس عشرة ساعة يوميًا، وهو ما لم نكن نحظى به قبل الحرب".
وتضيف: "صحيح أننا فقدنا أجهزتنا الكهربائية في بيتنا الذي قصفه الاحتلال، لكن مجرد وجود إنارة حتى الساعة الحادية عشرة ليلًا يترك مجالًا للأطفال للهو واللعب، كما أنه أراحنا من عناء التفكير في المكان الذي يمكن أن نشحن فيه الهاتف النقال".
في حين تبين المواطنة ريم إسماعيل أن الاشتراك في المولد الكهربائي أهم بالنسبة لها من أي متطلب حياتي آخر، وتقول: "الدفع لتلك المولدات يتم عبر التطبيق البنكي، بينما كنا نجد صعوبة بالغة في توفير خمسة شواكل يوميًا لشحن هواتفنا النقالة، حيث إن أصحاب نقاط الشحن يشترطون أن نحضر فكة".
وتضيف: "إلى جانب أن الاشتراك بالمولد أراح أبنائي من نقل المياه بواسطة الجالونات إلى الطابق السابع، فأصبحنا نرفع المياه بواسطة الكهرباء إلى الخزانات... باختصار، تلك المولدات أعادت لنا جزءًا مهمًا من الحياة ما قبل الحرب".
مساهمة مجتمعية
وفي الإطار ذاته، يبين المدير التنفيذي لإحدى الشركات المولدة للكهرباء، فهد أبو زايد، أن الشركة استأنفت عملها في إنشاء المولدات التجارية والشبكات الخاصة بها في يناير من العام الحالي، مشيرًا إلى أن دخول وقف الحرب حيز التنفيذ في أكتوبر الماضي ساعد الشركة على ترميم جزء كبير من شبكات الكهرباء في المنطقة الوسطى.
ويضيف: "أردنا أن يكون لنا مساهمة مجتمعية، فكانت إضاءة الشوارع العامة وتشغيل آبار المياه على رأس أولوياتنا، وقمنا بالتعاون مع بلديتي الزوايدة والنصيرات بتشغيل عدد كبير من آبار المياه".
ويمضي بالقول: "نعمل وسط جو تنافسي، حيث إن هناك عددًا من الشركات التي تعمل في نفس المجال، لكننا نحاول أن نغطي أكبر مساحة ممكنة، حيث وصلنا في مخيم النصيرات مثلًا إلى منتصف المخيم الجديد تقريبًا، وهو مكان منكوب بمعنى الكلمة بحكم قربه من محور نتساريم".
ويشير إلى أن الشركة تحاول مساعدة الناس في العودة للحياة في المناطق المنكوبة: "قمنا بإضاءة الشوارع العامة في منطقة السوارحة غرب النصيرات، والمدخل الرئيسي لبلدة الزوايدة من طريق البحر، واللتين كانتا تغرقان في الظلام الدامس".
ويتابع: "في مخيم البريج مثلًا نعمل حتى الخط الأصفر، وفي مخيم المغازي كذلك قمنا بشراء أعمدة كهرباء على حسابنا الخاص وتمديد الكهرباء حتى منطقة الشرق".
أما في مدينة دير البلح – وفق أبو زايد – فسيتم قريبًا، بعد عقد اتفاقية مع شركة الكهرباء، إنارة الشوارع الرئيسية وعدد كبير من الشوارع الفرعية. ويشير إلى أن الشركة تحاول خفض الفاتورة بشكل مستمر، فهي تعمل على إقامة أضخم مشروع طاقة شمسية في مخيم النصيرات.
ويشرح: "بمجرد دخول المشروع حيز التنفيذ، فهذا يعني أننا سنوفر جزءًا كبيرًا من مصاريف الصيانة والوقود، ما سينعكس إيجابًا على المستهلك".
وفي إطار المساهمة المجتمعية، فإن الشركة – ونظرًا لكون شارع صلاح الدين متنفسًا لأهالي المنطقة الوسطى الذين يسهرون على جانبيه – ستقوم بإضاءته على نفقتها بشكل كامل من رمزون البريج وحتى آخر دير البلح، "كما أننا نوفر كهرباء مجانية للمساجد وعشرين محطة تحلية مياه في الوسطى".
ويشير إلى أن الشركة تعمل على مد أواصر التعاون مع الشركات المماثلة لإعادة الحياة لمدينة غزة وتخفيض تكلفة الكهرباء على المواطن فيها: "بدأنا العمل هناك في حي النصر، حيث ركبنا مئتي عمود كهرباء تغطي حي النصر وجزءًا من مخيم الشاطئ".
ويلفت إلى أن الشركة بصدد إضاءة الشوارع من شارع عمر المختار وحتى الميناء القديم، ومن موقف جباليا حتى مستشفى الشفاء، لافتًا إلى أن الشركة خلال أسبوعين ستنتهي من تغطية المحافظة الوسطى بشكل كامل وجزء كبير من مدينة غزة.
ويزيد بالقول: "نتلقى اتصالات من أهالي خان يونس تطالب بتوسيع نطاق العمل وشمول المدينة ضمن شبكة الكهرباء، لكن التكلفة للوصول إلى الجنوب باهظة، إلا أننا سنعمل – بمجرد تغطية المحافظة الوسطى – على التوجه جنوبًا، ومدينة حمد كبداية".
فلسطين أون لاين