الشرّاب: المرحلة الثانية في غزة امتحانٌ سياسي وأمني يكشف نوايا نتنياهو ويحدد شكل المنطقة

mainThumb
صالح الشرّاب العبادي

09-12-2025 05:52 PM

printIcon

أخبار اليوم – تالا الفقيه - قال المحلل والكاتب في الشؤون السياسية والعسكرية صالح الشرّاب العبادي إن ما يصفه المجتمع الدولي بـ“المرحلة الثانية” في غزة لم يعد مجرد مسار تفاوضي، بل محطة ترسم ملامح مستقبل المنطقة وأمنها، مشيرًا إلى أن فهم هذه المرحلة يتطلب قراءة دقيقة لمواقف الأطراف، وخاصة تصريحات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وأدوار الوسطاء وعلى رأسهم قطر ومصر وتركيا والولايات المتحدة.

وأوضح الشرّاب أن التصور الدولي للمرحلة الثانية يقوم على ثلاث ركائز أساسية؛ أولها نزع سلاح حركة حماس بالكامل، وهو بند شديد الحساسية يمس جوهر المقاومة كفكرة وليس كتنظيم فقط، ويتطلب آليات وضمانات معقدة. أما الركيزة الثانية فهي إعادة انتشار جيش الاحتلال نحو ما يسمى “الخط الأصفر”، وهو خط دفاع هجومي يشبه منطقة عازلة حول مستوطنات الغلاف. والثالثة نشر قوة دولية متعددة الجنسيات بصلاحيات أمنية وإنسانية محددة لإدارة المرحلة الانتقالية ومنع الفراغ الأمني وتهيئة ظروف الإعمار، مع تعقيدات تتعلق بطبيعة هذه القوة ورفض تل أبيب مشاركة دول معينة فيها.

وبيّن أن تصريحات نتنياهو الأخيرة تعكس مساعي لرفع سقف الشروط وإعادة ترتيب الأولويات، إذ أعلن أنه لن ينتقل إلى المرحلة الثانية قبل “استعادة آخر جندي” رغم عدم وجود أي معلومات دقيقة حول مصيره تحت الأنقاض، معتبرًا أن هذا الخطاب يحمل رسائل مزدوجة للولايات المتحدة والداخل الإسرائيلي لإطالة أمد الحرب.

وأشار الشرّاب إلى أن نتنياهو يتعامل مع الحرب كأداة لإطالة عمره السياسي، حيث يدفع نحو إبقاء الجبهات مفتوحة في لبنان وسوريا وربما مناطق أخرى تحت ذريعة “التهديدات العابرة للحدود”، بهدف صرف الأنظار عن أزماته الداخلية وملفات الفساد التي تلاحقه. كما لفت إلى أن وجود قوات الاحتلال في أجزاء من سوريا ومشارف دمشق والسويداء يكرّس واقعًا جديدًا يعكس رغبته في بقاء الصراع مستمرًا.

وأضاف أن أدوار الوسطاء تتفاوت؛ فقطر تمثل قناة الاتصال الأكثر فاعلية بين حماس وواشنطن وتل أبيب، ومصر تمتلك مفاتيح معبر رفح وإعادة الإعمار، فيما تسعى تركيا للمشاركة في القوة الدولية رغم اعتراض الاحتلال على وجودها. واعتبر أن غياب التنسيق بين الوسطاء قد يعطل التقدم، بينما توحدهم يمنح الاتفاق قوة دفع لا يمكن تجاوزها.

وختم الشرّاب بالإشارة إلى أن المرحلة الثانية هي اختبار حقيقي لصدقية الأطراف والضمانات الدولية؛ فنجاحها قد يعيد ترتيب المنطقة نسبيًا، أما فشلها فقد يقود إلى جولة أوسع من الصراع تتجاوز غزة إلى لبنان وسوريا وربما إيران والبحر الأحمر واليمن. وبرأيه، يبقى السؤال مفتوحًا: هل يسعى نتنياهو لاتفاق حقيقي أم أنه يعمل على حرب لا تنتهي تُبقيه سياسيًا على قيد الحياة؟