(أخبار اليوم – ساره الرفاعي)
قال المحلل والكاتب في الشؤون السياسية والعسكرية صالح الشرّاب العبادي إن المشهد في الضفة الغربية لم يعد يقتصر على اشتباكات متفرقة أو عمليات عسكرية مؤقتة أو حملات اعتقال محدودة، مؤكدًا أن ما يحدث اليوم يمثل تحولًا واسعًا ومنهجيًا يغيّر شكل الأرض والإنسان ويدفع باتجاه واقع سياسي بالغ الخطورة.
وأوضح الشرّاب أن العمليات الجارية من طوباس إلى جنين، ومن قلقيلية إلى نابلس، باتت تحمل الصورة ذاتها، من مداهمات ليلية، وحصار للمدن والقرى والمخيمات، واعتقالات جماعية، وهدم منازل ومحال تجارية، وتدمير للبنية التحتية، وتجريف للأراضي الزراعية، معتبرًا أن الأخطر في هذا المشهد أن هذه الممارسات لم تعد ذات طابع أمني أو ردعي كما يروّج لها الا حـتـ.ـلا ل، بل أصبحت جزءًا من معادلة ضم زاحف وصامت دون إعلان رسمي.
وأشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية تواصل بناء وحدات استيطانية جديدة وتوسيع المستوطنات القائمة، إلى جانب شرعنة بؤر استيطانية غير قانونية، في خطوات وصفها بأنها ليست عشوائية، بل تهدف إلى نقل الضفة الغربية تدريجيًا من وضع مؤقت إلى واقع يُعامل كجزء من السيادة الإسرائيلية المفروضة بالقوة.
وبيّن الشرّاب أن الاعتداءات المتكررة التي ينفذها المستوطنون المسلحون ضد القرى الفلسطينية، بدعم رسمي وتسليح واسع، تشكل إرهابًا منظمًا، لافتًا إلى أن الصورة تكتمل في سياق سياسي واضح من خلال تصريحات وزراء في الحكومة الإسرائيلية، وعلى رأسهم إيتمار بن غفير، الذين يتعاملون مع الضفة الغربية باعتبارها “أرض الآباء والأجداد” ويرفضون بشكل صريح أي حديث عن دولة فلسطينية.
وأضاف أن هذه التصريحات لم تعد مجرد خطابات إعلامية، بل تُترجم على الأرض عبر قرارات الهدم والتهجير وتكثيف الاستيطان، في وقت يكتفي فيه المجتمع الدولي بالمشاهدة وإصدار بيانات التنديد دون أدوات ضغط حقيقية، رغم تقارير منظمات حقوقية دولية تتحدث عن تهجير قسري وتغيير ديمغرافي ممنهج.
وأكد الشرّاب أن الفلسطيني في الضفة الغربية بات محاصرًا بين خيارين قاسيين، إما البقاء تحت القمع اليومي والاعتقالات المستمرة، أو الدفع به نحو الرحيل في عملية بطيئة وصامتة لكنها متواصلة، مشددًا على أن ما يجري ليس حدثًا عابرًا، بل مشروع كامل يعاد من خلاله رسم الجغرافيا وتفريغ السياسة وتغيير الواقع الديمغرافي.
وختم بالقول إن استمرار الصمت الدولي سيقود إلى واقع جديد تفرضه القوة، محذرًا من أن هذا المسار قد ينهي عمليًا أي مساحة قابلة للنقاش أو التفاوض حول حل الدولتين، ومطرحًا تساؤلًا مفتوحًا حول قدرة الفلسطيني، رغم القهر والحصار والتجويع، على الصمود وإفشال مشروع اقتلاعه من أرضه.