(أخبار اليوم – ساره الرفاعي)
قال الخبير الأمني والاستراتيجي الدكتور بشير الدعجة إن تسجيل تسع وفيات اختناق خلال 24 ساعة بسبب استخدام الصوبات يُعد جرس إنذار قاسيًا يقرع أبواب كل بيت أردني، مؤكدًا أن ما حدث لا يمكن اعتباره حادثًا عابرًا أو رقمًا في نشرة أخبار، بل مأساة إنسانية تستوجب وقفة جادة.
وأوضح الدعجة أن السؤال الحقيقي لا يقتصر على وجود خلل في الصوبات أو في وعي المواطن، بل في اجتماع خلل الأداة مع خلل السلوك، ما أدى إلى هذه النتيجة الكارثية، مشددًا على أن الصوبة وحدها لا تقتل، بل تتكامل ثلاثة عوامل خطيرة تتمثل بأداة تدفئة غير آمنة، ومكان مغلق سيئ التهوية، وغياب الوعي لدى بعض المواطنين.
وأشار إلى أن قرار مديرية الأمن العام بإيقاف استخدام وبيع ما يُعرف بـ«صوبة الشموسة» جاء قرارًا حكيمًا ومهنيًا واستباقيًا، نابعًا من قراءة دقيقة للمشهد، خاصة بعد أن تبيّن أن هذا النوع من الصوبات كان العامل المشترك في جميع حالات الاختناق المسجلة خلال الفترة الماضية، ما جعل حماية الأرواح أولوية قصوى لا تحتمل المجاملة أو الانتظار.
وبيّن الدعجة أن أسباب الاختناق باتت معروفة، أبرزها استخدام صوبات غير مطابقة للمواصفات أو معدلة محليًا دون رقابة فنية، وتشغيلها داخل غرف مغلقة دون تهوية كافية، وتركها مشتعلة أثناء النوم لساعات طويلة، إلى جانب الاعتقاد الخاطئ بأن غياب الدخان يعني الأمان، رغم أن أول أكسيد الكربون قاتل صامت لا لون له ولا رائحة، فضلًا عن غياب الصيانة الدورية وتجاهل التحذيرات الرسمية الصادرة عن الجهات المختصة.
وأكد أن ما يحدث يتجاوز كونه ملف سلامة عامة، ليشكّل ملفًا أمنيًا إنسانيًا بامتياز، موضحًا أن مفهوم الأمن لا يبدأ عند الجريمة فقط، بل عند حماية المواطن داخل منزله من أخطار معروفة يتعامل معها يوميًا.
ووجه الدعجة رسالة مباشرة للمواطنين دعاهم فيها إلى التوقف الفوري عن استخدام أي مدفأة غير آمنة أو غير مفحوصة، وعدم تشغيل الصوبات أثناء النوم مهما كانت الظروف، والتأكيد على أن التهوية شرط حياة لا خيارًا، والالتزام بتعليمات الأمن العام حرفيًا، لأن الأرواح لا تعوّض بينما يمكن استبدال وسائل التدفئة.
كما وجّه رسالة للتجار والمصنعين، مؤكدًا أن تحقيق الربح على حساب سلامة الناس يُعد جريمة أخلاقية قبل أن يكون مخالفة قانونية، وأن أي تهاون بالمواصفات هو مشاركة غير مباشرة في ما وصفه بالقتل الصامت.
وختم الدعجة بالتأكيد على أن المرحلة الحالية تتطلب ترسيخ ثقافة وعي مستدامة، محذرًا من أن أخطر تهديد للأمن المجتمعي هو الخطر الذي يدخل البيوت بأيدي أصحابها، داعيًا إلى جعل الوقاية خط الدفاع الأول، ومترحمًا على الضحايا، ومتمنيًا السلامة لجميع الأردنيين.