أخبار اليوم - فاقمت المنخفضات الجوية واستمرار هطول الأمطار بغزارة على محافظات غزة، من المعاناة الصحية للمواطنين، ولا سيما في خيام النزوح، التي لا تقي من برودة الطقس ولا تمنع تسرب المياه إليها، ولا هي قادرة على الصمود في وجه الرياح الشديدة.
وازداد في الأسابيع الأخيرة انتشار أمراض الجهاز التنفسي، خصوصاً بين الأطفال وكبار السن، نتيجة البرد القارس واستمرار هطول الأمطار، وسط حالة مزرية للنازحين في خيامهم البالية.
وما زاد من حدة مأساة النازحين في هذه الظروف الصعبة عدم توافر الأدوية والعلاجات المناسبة لأمراض الشتاء المعتادة ومشاكل الجهاز التنفسي، في ظل منع الاحتلال دخول الكميات المناسبة من تلك الأدوية.
سعال متواصل
الطفل أيوب أبو بركة (9 أعوام) واحد من آلاف الأطفال الذين راجعوا النقاط الطبية خلال الأسابيع الأخيرة، وهو يعاني من سعال متواصل وضيق في التنفس وعدم قدرة على النوم ليلاً.
عائلة الطفل أيوب تقيم داخل خيمة لا تقي من الرياح ولا تمنع تسرب مياه الأمطار، ما جعل إصابته بالتهابات الجهاز التنفسي تتكرر أكثر من مرة خلال فترة قصيرة، فيما تشتد الأعراض خلال الليل.
وتقول والدته لصحيفة "فلسطين" إن ابنها لا يكاد يتعافى من المرض حتى يعود من جديد إليه نتيجة الظروف الصعبة داخل خيمتهم التي تحولت إلى ما يشبه الثلاجة خلال الشتاء، ولا سيما مع المنخفض الجوي الأخير.
وتشير المواطنة إسلام أبو بركة إلى أنها اتجهت إلى أكثر من نقطة طبية للحصول على الدواء المناسب لحالة طفلها، لكنها لم تجد سوى بعض المسكنات، وفي كل مرة كان يخبرها الأطباء بأن العلاج غير متوفر.
العائلة كلها تعاني
أما المواطن عبد الله زعرب (44 عاماً)، فيشير بدوره إلى أنه عمل طول الفترة التي سبقت حلول الشتاء على تقوية خيمته ومحاولة منع تسرب المياه إليها في محاولة منه لجعلها أكثر دفئاً وبالتالي الحد من إمكانية إصابته بأمراض الجهاز التنفسي، لكن بمجرد هطول الأمطار وهبوب الرياح ذهبت جهوده سدى.
ويوضح زعرب لـ"فلسطين" أنه يعاني وجميع أفراد عائلته أمراضا تنوعت ما بين التهابات حادة في الحلق ومشاكل في التنفس ونزلات برد وانفلونزا حادة، مشيراً إلى أن عدم توفر الأدوية اللازمة يحول دون شفائهم من تلك الأمراض.
ويشدد زعرب على أن استمرار العيش داخل الخيام يعني مزيداً من المعاناة سواء خلال الصيف أو الشتاء، والسبيل الوحيد للتخفيف من تلك المعاناة هو إدخال كرفانات حديدية ووضع خطة للإعمار.
لجوء للأعشاب
وفي ظل غياب الأدوية المناسبة لأمراض الشتاء يلجأ العديد من المواطنين إلى العلاجات الشعبية، التي باتت الملاذ الوحيد في هذا الوقت كما يقول الدكتور ناصر حسنين الطبيب المختص في الأعشاب والطب البديل.
ويقول الدكتور حسنين لـ"فلسطين" إن إقبال المواطنين على العلاجات الشعبية مردّه في الأساس عدم توفر الأدوية في الصيدليات والنقاط الطبية، بالتزامن مع فصل شتاء قاسٍ وظروف صعبة جداً على المواطنين في خيام النزوح.
ويؤكد حسنين هذا النوع من العلاج أثبت فعاليته في بعض الأمراض مثل نزلات البرد، لكن بعض الأمراض بحاجة إلى فحوصات طبية وأدوية معروفة، لكن الاحتلال يمنع دخولها دون أي مبرر.
ويشدد على أن مراجعي عيادته الشعبية في منطقة مواصي خان يونس من جميع الأعمار، لكن ما يلفت أن غالبيتهم من الأطفال وكبار السن، مرجعاً ذلك إلى ضعف المناعة الناتج عن سوء التغذية، وهو ما يرفع احتمالية حدوث مضاعفات قد تكون قاتلة في بعض الحالات.
ومن بين الأمور التي تزيد من انتشار العدوى بين النازحين– كما يقول الدكتور حسنين – تحوّل الخيام إلى بيئة مثالية لانتشار الفيروسات والبكتيريا المسببة لأمراض الجهاز التنفسي، ولا سيما مع الاكتظاظ في الخيام ومناطق النزوح عموماً، ونوم الأطفال متقاربين على أغطية رطبة.
المصدر / فلسطين أون لاين