مصحف وبندقية: لماذا يقدم شرطي مصري حياته لفلسطين؟

mainThumb

05-06-2023 10:51 AM

printIcon

قدّمت مصر وإسرائيل روايتين مختلفتين للعملية التي قام بها شرطي مصريّ والتي أدت لمصرع ثلاثة جنود إسرائيليين ومنفّذ الهجوم.


كانت إسرائيل هي الطرف الأول الذي أعلن عن الحادث، فيما صمتت القاهرة ساعات طويلة قبل إصدار بيان بشأن الحادثة. الرواية الإسرائيلية ذكرت أن قواتها أحبطت عند الساعة الثانية والنصف صباحا من يوم السبت الماضي محاولة تهريب كبيرة للمخدرات على الحدود المصرية، وبعدها أجرى عنصران، من كتيبة «بارديلاس» للمشاة، المشرفة على مراقبة الحدود، اتصالا بقيادتهما بحدود الساعة الرابعة وربع يؤكدان فيها إن كل شيء على ما يرام، ليكون هذا آخر اتصال لهذين قبل الهجوم الذي وقع قرب قاعدة حاريف العسكرية على بعد 100 كم من جنوب قطاع غزة.


سار الشرطي المصري مسافة خمسة كيلومترات نحو سياج حدودي، ودخل من معبر طوارئ وبحوزته، حقيبة ظهر، ومخازن ذخيرة، وسكاكين كوماندوز استخدمها في قطع قفل المعبر ليصل إلى موقع الجنديين القريب ويقتلهما بحدود الساعة السادسة. بعد اكتشاف مسيّرة استطلاع إسرائيلية لمكانه حصل اشتباك مع دورية إسرائيلية فقتل جنديا إسرائيليا ثالثا. وسائل إعلام إسرائيلية أضافت تفصيلا آخر وهو أن المهاجم كان يحمل سلاحه العسكري من نوع كلاشينكوف ونسخة من المصحف.


الرواية الرسمية لمصر، من ناحية أخرى، تحدثت عن أن «أحد عناصر الأمن المكلفة بتأمين خط الحدود الدولية قام بمطاردة عناصر تهريب المخدرات، وأثناء المطاردة قام فرد الأمن باختراق حاجز التأمين وتبادل إطلاق النيران، ما أدى إلى وفاة ثلاثة أفراد من عناصر التأمين الإسرائيلية وإصابة اثنين آخرين إضافة إلى وفاة عنصر التأمين المصري أثناء تبادل النار».


تثير الرواية المصرية تساؤلات حول كيف تحوّلت مطاردة للمهربين إلى عملية إطلاق نار على جنود إسرائيليين، وماذا حصل في الموقع الأمني الذي ينتمي الشرطي إليه بحيث لم يثر غيابه الانتباه، إضافة إلى ذلك فقد تحدثت المصادر المصرية عن فحص تجريه السلطات لمكان الواقعة وجثة الشرطي واستجواب زملاء وأقارب له «لمعرفة إذا كان ينتمي لإحدى الجماعات السياسية أو يعاني من اضطرابات نفسية» في إحالة إلى الطريقة الاعتيادية لتبرير السلطات المصرية للعمليات التي يقوم بها جنود أو أفراد شرطة مصريون ضد إسرائيليين، مثل هجوم سليمان خاطر عام 1985 الذي استهدف سياحا، وعملية أيمن حسن عام 1990، التي قتلت ضابطا ورقيبين وسائقا، وموظفا في الجيش مات متأثرا بجراحه.


ما تؤكده العملية الأخيرة أن حارس الحدود المصري، الذي لم يُعلن اسمه بعد، خطط بشكل دقيق للعملية، وأنه كان يعرف المنطقة جيدا، بما في ذلك موقع المراقبة الذي قتل فيه الجنديين.


ما تؤكده العملية أيضا أنه رغم السنوات الطويلة التي مرت منذ عام 1979، العام الذي وقعت فيه معاهدة السلام الإسرائيلية مع القاهرة، ورغم الخراب العربيّ الشامل، والحروب الأهلية، وعسف أنظمة الاستبداد، ما زال ما يجري في فلسطين، وما ترتكبه إسرائيل، وحكومتها العنصرية ضد أهلها، عاملا مؤثرا وفاعلا في الشعور القومي العربي، إلى حد أن شخصا مثل المهاجم المصريّ يقرّر أن يضحّي بحياته كوسيلة للاعتراض على الجرائم الإسرائيلية، كما على «التعاون الأمني» والسلام الكاذب، ومعاهدات التطبيع.

(القدس العربي)