المشروع الأردني

mainThumb
سهم محمد العبادي

15-02-2024 12:07 PM

printIcon

سهم محمد العبادي


تداولت وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المنصات الأخرى، مادة مكتوبة تحت عنوان ما هو المطلوب من الأردني؟ وكانت الإجابة عن هذا السؤال طويلة ومتشعبة، جميع ما هو مطلوب فيها غايات وأهداف خارج حدود الأردن، في دول محيطة أو بعيدة.


بطبيعة الحال هذا ما عززته الحرب على غزة، فصمت أمة بأكملها أمر طبيعي، ولكن التشكيك وتقزيم الدور الأردني هو الأبرز والهدف لبعضهم، كذلك الطعن في أي موقف أردني، في حين أن مواقف الغالبية العظمى من الدول اختفت فلا يهم، المهم الطعن بكل ما هو أردني.


في تلك القائمة وجدت أن الأردني مطلوب منه أن يوهب نفسه ووطنه لغيره، وأن يحيا ويعيش ويضحي حتى بالأردن لأجل غيره، لكن يمنع عليه أن يعمل لوطنه، وكأننا خلقنا منذورين للغير.
لا ألوم من أصبح يطالبنا بكل شيء وهو جالس مكانه بلا حراك، وأن نحول هذا الوطن وما فيه إلى مكان لخدمة الآخرين، ففي قواميس بعضهم العمل لدول أخرى فرض. أما خدمة الأردن فهي لم ترد في تشريعاتهم وعقيدتهم.


هذا الأمر فرض علينا؛ لأننا لا نملك مشروعا أردنيا نجمع عليه، ونعمل من أجله لتحقيق الإنجازات ورفعة الوطن والمواطن كما بقية الدول التي تعمل لنفسها ومجتمعها، نعم فلا مشروع لدينا ولا قضية لدينا، فكل مطالبنا خدمات عامة، وليست قضية وطن أو مشروع له.


لا بد من الدولة أن تنظر إلى داخل حدود هذا الوطن، وأن يكون لديها مساحة من الحوار الهادف مع مواطنيها لإيجاد مشروع أردني يساهم في ازدهار الوطن، ويجد من يؤمن به يدافع عنه، ويبني عليه حاضره ومستقبل الأجيال، فلا وطن بلا مشروع، ولا شعب بلا أهداف، ولا نريد أن نكون كمن تاه في الصحراء، أو أضاع بوصلته.


لقد عملنا على منظومة التحديث الشامل، سياسيا، اقتصاديا وإداريا، فما الذي تحقق منها حتى الآن؟ وما الذي لمسه المواطن، وأصبح مشروعه ليدافع عنه؟ أين المشروع الاقتصادي الكبير الذي يؤمن به الأردني ليدافع عنه؟ ماذا تغير في الإدارة العامة؟ أين مشروعنا الثقافي والإنساني؟.


كثيرة هي التساؤلات التي لا بد من الإجابة عنها، لكن الأهم أين هو المشروع الأردني الذي يلتف حوله الجميع؟ ولماذا غاب إيمان البعض بهذا الوطن وهويته وتاريخه؟


لقد شاهدنا التفاف الأردنيين حول منتخبهم لكرة القدم وما دار خلال شهر من دعم وإسناد شعبي لهم، فهل هنالك مشروع سياسي، اقتصادي، اجتماعي أو أي مشروع وطني يلتف حوله الجميع؟ حتى اللحظة لا يوجد، رغم وجود ألف ألف مشروع وطني نستطيع البناء عليه، وننذر أنفسنا له، ولكن لا أحد يوجه البوصلة نحوها.


هل تنبهنا لماذا يقدم البعض دولاً أخرى ومصالحها على الأردن ومصالحه؟ ويجعلون من الأردن أولوية أدنى بالنسبة لهم مقارنة مع تلك الدول.


الملخص أننا نحتاج إلى مشروع أردني وطني شامل، في كافة الاتجاهات، وعلى مختلف الصعد، بدءا من تعزيز الهوية الأردنية والانتماء إلى هذا الوطن «قولا وفعلا»، وبناء مشروع الوطن والإنسان الأردني، وصولا إلى الاعتماد على الذات ودولة الإنتاج الحقيقية، لنعيش لأجل الأردن العظيم وتاريخه ومستقبله. نعيش له ولا نتبع أحداً.