أمينة العبد الهادي

mainThumb

09-03-2023 12:07 PM

printIcon
سهم محمد العبادي

في يوم المرأة العالمي، تداعت بعض مؤسسات المجتمع المدني لتصويره بأنه أقرب إلى يوم عبودية وجرائم قتل وتنكيل بالمرأة، لدرجة أصبحت أشك أن النساء يتعرضن لتعذيب ممنهج ولمقابر جماعية، وان الوأد قد عاد من جديد.

في احتفالية الأمس كان الحديث عن تمكين المرأة، وهو مصطلح لم يستخدم بمعناه الحقيقي بل يستخدم لأن تتمكن المرأة من القفز عن المواثيق الالهية بحثا عن قوانين تفتح لها باب الحرية الغربية لتنفيذ أجندات جمعيات معروفة المصدر والتمويل.

بالعودة لهذا اليوم، نستذكر تضحيات الأردنيات اللواتي وقفن جنبا إلى جنب مع رجالهن لبناء هذا الوطن ومجتمعه، فعملن على الدوام في تكوين الأسرة والمساهمة في العمل لتعين بيتها وأسرتها على تخطي صعوبات الحياة.

ما زال حديث الأردنيين عن عليا الضمور أم الشهيدين، وبندر ومشخص المجالي، خضرة المدادحة، موزة العبيدات، نساء النعيمات وبيع ذهبهن لشراء مدفع خلال الثورة العربية الكبرى، نساء الحجايا اللواتي استشهدن في معارك ضد الاحتلال العثماني، معركة "حد الدقيق" عندما استشهدن بنات الطفيلة في المعركة وكان تمويل السلاح من ذهبهن، نساء عيرا ويرقا ممن حملن الذخيرة على رؤوسهن في معركة الكرامة وقدمن الأرزاق للجيش طيلة المعركة، ولا ننتهي بأمهات الشهداء وزوجاتهم من الأردنيات حتى يومنا هذا، فالأردنيات يصنعن التاريخ على مر الدهر.

تاريخ الأردنيات عظيم، يكتب بالعز والفخر، نجحن في كل أعمالهن وأسرهن، واستطاعن بناء أسر أنجبت الرجال الذين يحملون المسؤولية تجاه وطنهم ليومنا هذا.
أقرب الأمثلة على الأردنيات أمينة العبد الهادي، تلك السيدة التي ارتبطت بابن عمها وحملت معه متاعب الحياة لتنجب اثني عشر فردا، جميعهم جامعيين ما بين حملة شهادات الدكتوراة والهندسة والضباط والصحفيين والإداريين، كانت تعمل على الاهتمام بأسرتها وإخراج أفضل جيل للمجتمع متسلحا بكل الخصال الحميدة والعلم.
لم يكن همها مرتبطا بمطالبات منظمات التمويل الأجنبي، ولا تعرف طريق المؤتمرات وال آن جي أوز، كان هدفها عائلتها زوجها وأبنائها، وأن تكون رسالتها في الحياة صالحة وترضي الله، كانت المعلمة لهم في التدريس والمرافقة لهم عند المرض وأول الفرح لهما عند الفرح.

كانت تعلم معنى أن تكون زوجة وأم وسيدة منزل، استطاعت خلال خمسين عاما أن تكون سيدة بيتها وبيوت أبنائها، وهاتفها آخر الليل ا يلف جميع بيوت الأبناء لتطمئن عليهم، وطيبة "الملفي والملقى"، تكرم الضيف وتحترم الجار وبعيد الدار.

مع زوجها- رحمه الله- كانت الزوجة والصديقة والأقرب له بكل شيء، تعرف معنى الاحترام والتقدير بحضوره وغيابه، لم تصدر منها الإساءة يوما، وبعد وفاته جعلت من نفسها امتدادا له ولإتمام رسالته في الحياة، ولم تكن رسالتهما سهلة ومفروشة بالورود بل كانت في غاية الصعوبة لكنهما استطاعا أن يصلا لغايتهما وهدفهما في الحياة.

اذكر يوما بعد وفاة زوجها بعام، أن ذهبت في زيارة لمنزل ابنها الأكبر لتنام لديه مدة أسبوع، في اليوم التالي طلبت العودة لمنزلها في القرية، وعند الاستفسار عن السبب، أجابت "أخاف أبوك يزعل، أبوك ما يحب أنام برا الدار"، تحترم زوجها وهو في رحاب الرحمن الرحيم، تحترم كل المواثيق التي شرعها الله بينهما، لم تطالب يوما بما نسمعه حاليا من إعدام لكافة المواثيق المقدسة، حتى أصبح الزواج في عصرنا ومع مطالبات الجمعيات وسيداو أقرب إلى أن تكون "عقد إيجار" منه كعقد زواج لا حياة فيه ولا احترام، وتزايد حالات الطلاق خير دليل.

أمينة العبد الهادي، مثال للأردنية المكافحة التي نعتز ونفتخر بها ومثلها الكثير من أمهاتنا الأردنيات، اللواتي يعرفن أن المرأة سيدة مجتمعها وحملة رسالة في كافة مواقعهن.

أمينة العبد الهادي هي أمي بكل فخر واعتزاز، هي أم سهم وأنا ابنها وخادمها.