أخبار اليوم - رغم أن قانون العمل يحظر تشغيل الأطفال والأحداث، إلا أن مشاهد عملهم تتكرر في كل عملية انتخابية، إذ يزجهم مترشحون في الأغوار الشمالية سواء للانتخابات النيابية أو انتخابات البلديات أو انتخابات مجالس المحافظات، في أعمال الترويج الدعائي لهم، وذلك بالعمل على توزيع صورهم ومنشوراتهم الانتخابية داخل وخارج مقراتهم الانتخابية، والعمل على تعليق اليافطات في الأماكن التي تشكل خطرا على حياتهم.
ويلجأ هؤلاء المترشحون إلى الأطفال، لتخفيف الكلف المالية على أنفسهم، لا سيما أن الأطفال يقبلون بالعمل لساعات طويلة وبأجور زهيدة، حيث يعملون لوقت متأخر ليلا، بينما تنص المادة (7) من تعليمات الهيئة المستقلة للانتخاب، الخاصة بقواعد حملات الدعاية الانتخابية على "الامتناع عن استغلال الأطفال أو تشغيلهم في الأعمال التي من شأنها أن تشكل خطرا على سلامتهم".
الطفل أكرم البالغ من العمر 10 أعوام، يعمل على توزيع المنشورات الدعائية لأحد المترشحين عند إشارات ضوئية حتى ساعات الليل، ويقوم بتعليق اليافطات على مداخل ومخارج البلدة ومناطق اللواء، كما يقوم بتركيبها على أسطح المنازل والمحلات التجارية، مؤكدا أنه عمل شاق بالنسبة له ويعرضه للعديد من المخاطر، إلا أنه مضطر للمضي به لتحصيل دخل يساعد به أسرته.
أما الطفل محمد العلي (13 عاما)، فيقول إنه يوزع نشرات دعائية لمترشح، ويتقاضى 5 دنانير في اليوم مقابل عمله الذي يتمثل في توزيع صور للمترشح في مقره و"البروشور" الانتخابي أمام المساجد والمدارس، وأحيانا على المنازل، إلى جانب تعليق لافتات دعائية انتخابية على أعمدة كهربائية أو على الأشجار والمحلات التجارية.
ولا يخفي الطفل خالد علي ابن الـ13 عاما، رغبته بالحصول على المال لتغطية جزء من مصاريفه اليومية، مبينا أن ما يمنحه إياه والده من مصروف لا يكفيه.
وأكد أن عمله في الدعاية الانتخابية لأحد المترشحين ليس برغبة منه، أو حبا في مثل هذا العمل أو تشجيعا للمترشح، بل من أجل الحصول على المال، وفي حال قيام مترشح آخر بدفع أجر أكبر له، فهو مستعد للذهاب إلى العمل معه، لأن العملية عرض وطلب.
يثير ذلك انتقادات العديد من المهتمين بالشأن العام، وسط استهجانهم من دفع الأطفال لتنفيذ مثل هذه المهام من قبل مترشحين يفترض بهم أن يكونوا ملمين بالقوانين وملتزمين بها، إلى جانب ضرورة أن يعكسوا صورة أخلاقية جاذبة عنهم، ذلك أن تشغيل الأطفال بهذه الطريقة يعد سلوكا استغلاليا غير مقبول.
وثمة من يشير إلى أن استغلال المترشحين لتنفيذ مهام الدعاية الانتخابية لهم، يتم من خلال أطفال فقراء ومحتاجين، مطالبين الجهات الرقابية بمعاقبة مرتكبي هذه الأفعال، وتشديد الرقابة على المقار الانتخابية.
الأربعيني محمد الفايز، يرى أن غالبية الأطفال الذين يعملون مع مترشحين، يتسربون من مدارسهم لانشغالهم بتنفيذ أعمال الدعاية للمترشحين الذين يستغلونهم في هذه الأعمال، مقابل مبالغ وأجور زهيدة، أعلاها 5 دنانير للطفل في اليوم.
وأكد الفايز، أن بعض أولئك الأطفال يعملون مع المترشحين من دون علم أهاليهم، رغم أن ذلك العمل قد يؤدي إلى وقوع العديد من المشاكل الاجتماعية بين أهالي المنطقة، خصوصا أن العملية الانتخابية هذه المرة مختلفة عن المرات السابقة، إذ إنها أوسع وأكثر سخونة، ما قد يجعل الأطفال أكثر عرضة للاستغلال من قبل الخارجين على القانون.
وحاولت "الغد" الحصول على توضيحات من الهيئة المستقلة للانتخاب، إلا أنها لم تجب.