أخبار اليوم - تقرير وكالة “رويترز” عن وجود قناة محادثات سرية بين سوريا وإسرائيل بوساطة الإمارات، أمسك بالرئيس السوري أحمد الشرع مع هبوطه باريس في زيارة رسمية أولى، يجريها مع دولة أوروبية.
قائمة المواضيع التي أراد البحث فيها مع مضيفه، الرئيس إيمانويل ماكرون، تضمنت إعمار سوريا، والتعاون الاقتصادي بين الدولتين في مجالات الطاقة والطيران، والعلاقات مع لبنان ودول مجاورة أخرى، وكذا تحديات أمنية للحكم السوري الجديد، وعلى خلفية نشاط عسكري لإسرائيل.
زيارة الرئيس السوري إلى فرنسا بعد خمسة أشهر فقط من استيلائه على الحكم تجسد السرعة التي تغير فيها الأسرة الدولة موقفها منه. الشرع، الذي قضى معظم حياته في صفوف منظمات الجهاد، لا يزال يحتل مكاناً في قائمة الإرهابيين المطلوبين للولايات المتحدة، وعلى رأسها جائزة بمبلغ 10 مليون دولار.
ساعة الرمل النافدة حتى اللحظة التي يحظى بها باعتراف دولي واسع، وتخفيض لعقوبات فرضت على سوريا في عهد نظام الأسد، ودعم إعمارها… تعكس أيضاً نافذة فرص فتحت لتصميم واقع جديد من جانب من يسعى إلى ذلك. في كل حال، ومن فوق كل تسوية تتبلور، يجب أن يحوم تحذير تنبؤي – “هل يغير النمر جلدته؟”.
المصلحة السورية
تقرير وكالة “رويترز” عن الاتصالات السرية بين إسرائيل وسوريا بوساطة الإمارات لا ينبغي أن يفاجئ من يتابع سلوك الرئيس السوري. فقبل شهر، نشر الصحافي البريطاني كريج ماري بأن الشرع تعهد للحكومة البريطانية بتطبيع علاقات سوريا مع إسرائيل حتى نهاية السنة القادمة.
وحسب ذاك التقرير، أبدى الرئيس السوري استعداداً لتسوية تتضمن إقامة علاقات دبلوماسية، حتى بدون طرح انسحاب إسرائيلي في رأس مطالبه. المقابل الأساس الذي ربما يحصل عليه لقاء ذلك، هو إزالة العقوبات ودعم مالي من الغرب.
وحتى اللغة التي اتخذها الناطقون بلسان النظام السوري الجديد فاجأتهم باعتدالها النسبي. واضح أن النظام لا يريد التورط في مغامرات عسكرية مع إسرائيل، خصوصاً في بداية طريقه.
ولكن نهج إسرائيل العام تجاهه تميز بالاشتباه وبالحذر، سواء في ضوء التخوف من تمويه يقوم به الشرع على مواقفه الحقيقية، أم لدور اردوغان في سوريا الذي أخذت مواقفه تجاه إسرائيل بالتطرف.
إذا نجحت تركيا في تثبيت هيمنة في سوريا، فربما توسع نفوذها إلى أكثر من ذلك، وقد تجد نفسها في مواجهة، حتى وإن لم تكن عسكرية في المدى الفوري، مع لاعبين إقليميين مثل إسرائيل والسعودية والإمارات. وثمة تهديد ذو مغزى يحدق باستقرار الأردن في ضوء التعزيز التركي الذي يحصل عليه الإخوان المسلمون في المملكة الهاشمية من جانب جارتهم.
المصلحة الإسرائيلية
لقد فهم ترامب أن مفتاح تحقيق الاستقرار في سوريا موجود في أيدي إسرائيل وتركيا. تصريحه المسلي في هذا الموضوع في المؤتمر الصحافي الذي عقده إلى جانب نتنياهو، انطوى على فكر كامل. خطوات الوساطة من جانب الإمارات بمباركته، جاءت لتسوي توزيع النفوس في الساحة السورية بشكل يضمن المصالح الحيوية ليس فقط لتركيا وإسرائيل بل أيضاً مصالح باقي الدول التي قد تتأثر بذلك: الأردن، السعودية، الإمارات وحتى مصر. في نظره، ستكون لمثل هذه التسوية مساهمة إضافية بإضعاف إيران وليس أقل أهمية من ذلك – في التقدم قدماً برؤياه لشرق أوسط جديد.
النهج الذي يتعين على إسرائيل إبداءه بشأن الخطوات مع سوريا يفترض به قبل كل شيء أن يعطي جواباً لمخاوفها. وعليه، فلا مكان للأحاديث عن انسحابات وتقييد نشاط عسكري أو الموافقة على وجود قدرات عسكرية تتحدى إسرائيل في الأراضي السورية وعن تحالفات واتفاقات عسكرية مع دول معادية لإسرائيل. على إسرائيل أن تتمسك بسياستها التي تقول إننا “سندافع بأنفسنا عن مصالحنا”. وتنطبق الأمور أيضاً على المناطق ذات الصلة في جنوب غرب سوريا. كما أن على إسرائيل أن تبقي على إجراءات وآليات تضمن سلامة الدروز. على إسرائيل أن تطالب بطرد ممثلي منظمات الإرهاب التي تعلم ضدها من سوريا.
إذا ما بذلت جهود عظيمة لإعمار سوريا وإعادة ملايين اللاجئين الذين غادروها عقب الحرب الأهلية، فسيكون ممكناً إدماج حلول لسكان غزة المعنيين بالهجرة. مزايا سوريا في عصر الإعمار قد تجعلها هدفاً كذاباً لذلك.
مئير بن شبات
إسرائيل اليوم 8/5/2025