أخبار اليوم - في اليوم الثالث بعد المئة من استئناف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، كشف المدير العام لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة، الدكتور منير البرش، عن تصاعد أعداد الأطفال الذين يموتون جوعا، مؤكدا أن الاحتلال الإسرائيلي "يتلذذ بقتلهم"، وسط استمرار الحصار وإغلاق المعابر وتجاهل المجتمع الدولي.
قال البرش إن عدد الأطفال الذين استشهدوا نتيجة سوء التغذية الحاد بلغ 66 حتى الآن، آخرهم الطفلة جوري المصري البالغة من العمر 3 أشهر، مشيرا إلى أن الفئات الأكثر هشاشة، وفي مقدمتها الأطفال، أصبحت في صدارة الضحايا.
وأشار إلى أن هذه الأرقام تعكس عمق الأزمة الإنسانية التي يعيشها سكان غزة، مع تعمّد قوات الاحتلال منع إدخال الغذاء والدواء، وإصرارها على إبقاء المعابر مغلقة رغم تصاعد أعداد الضحايا يوما بعد يوم.
وأوضح البرش أن تقارير برنامج الأمن الغذائي العالمي تؤكد أن نحو 1.2 مليون فلسطيني في غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، من بينهم 785 ألف طفل محرومون من الغذاء الصحي، في حين يعاني نحو 70 ألف طفل من سوء تغذية حاد.
وأشار إلى أنه منذ إغلاق المعابر، سُجلت 8923 حالة سوء تغذية بين الأطفال، بينهم أكثر من ألف يعانون من سوء تغذية حاد يهدد حياتهم.
أوضاع كارثية
وقال البرش إن الأوضاع الكارثية لا تقتصر على الأطفال، بل تشمل آلاف المرضى الذين ينتظرون التحويل للعلاج خارج غزة، وقد توفي 546 مريضا حتى الآن بسبب عدم قدرتهم على السفر، في ظل توقف التحويلات الطبية بالكامل.
ورأى أن هناك فرصة حقيقية لإنقاذ الأطفال المصابين بسوء التغذية، شريطة فتح المعابر وإدخال الحليب العلاجي والمستلزمات الطبية، مؤكدا أن الكوادر الصحية في غزة قادرة على تقديم العلاج، لكنها تُحرم من الأدوات اللازمة.
وعبّر عن أسفه قائلا: "إن لم يدخل هذا الحليب، فالمصير هو الموت"، محمّلا الاحتلال مسؤولية التسبب بهذه الوفيات، لا سيما مع تعمّده حرمان الرضّع من الحليب كوسيلة قتل بطيء.
وأشار إلى أن الاحتلال لا يكتفي بمنع الغذاء، بل يستهدف المدنيين الذين يحاولون الوصول إلى المساعدات، مستشهدا بمقتل أحد الأطباء أثناء محاولته جلب الطعام لأطفاله.
وتوقف البرش عند تقرير "هآرتس" الأخير الذي فضح ممارسات جنود الاحتلال، حيث وثق استخدام الجيش الإسرائيلي المدفعية لتفريق الجموع بدلا من الغاز، مما أدى إلى سقوط قتلى ومصابين في محيط مراكز توزيع المساعدات.
استهداف المجوعين
وفي هذا السياق، أفاد مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس باستشهاد فلسطيني وإصابة آخرين بنيران قوات الاحتلال قرب مركز مساعدات شمالي رفح، في حادثة متكررة تستهدف المدنيين في مناطق تجمّع المساعدات.
وقد أعلنت وزارة الصحة في غزة أن 549 فلسطينيا استشهدوا منذ 27 مايو/أيار قرب مراكز توزيع المساعدات، إلى جانب أكثر من 4 آلاف مصاب.
واتهم البرش الاحتلال باتباع سياسة تدمير ممنهجة، مستشهدا بتقارير تفيد بأن الجنود الإسرائيليين يتقاضون مكافآت مالية مقابل تدمير المباني، مؤكدا أن مخيم جباليا "أُبيد عن بكرة أبيه"، وأن سكانه أصبحوا في العراء دون مأوى أو غذاء أو حتى خيام.
وحذّر من أن قطاع غزة دخل مرحلة "ما بعد الكارثة"، حيث يهيم الناس في الشوارع بلا مأوى، في حين يموت الأطفال تباعا في أحضان أمهاتهم، وسط عجز دولي غير مبرر.
ودعا البرش المجتمع الدولي إلى تحرك فوري وفعلي، للضغط على سلطات الاحتلال لفتح المعابر وإنهاء الحصار، قبل أن تلتهم المجاعة من تبقى من أطفال غزة.
الجزيرة