صالح الشرّاب العبادي
في ظل استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة للعام الثاني على التوالي، ومع دخول المجازر مرحلة أكثر همجية، تُطرح على طاولات التحليل السياسي والعسكري تساؤلات مقلقة حول ما يُسمى بـ”الاتفاق الوشيك” لوقف إطلاق النار، والذي تتباين التقديرات بشأنه ما بين التفاؤل الحذر والتشكيك العميق.
كثير من التحليلات المتداولة في الإعلام العربي تفتقر إلى الحد الأدنى من التوازن والعمق، إذ يبني بعض المحللين استنتاجاتهم على تسريبات غير موثقة أو على رغبات مسبقة، متجاهلين واقع الأرض والوقائع المتحولة يومياً ، فبينما تغص غزة بمشاهد الدمار والمجازر والتهجير والتجويع، تُطلق توقعات ناعمة تتحدث عن هدنة مرتقبة وشكل “شرق أوسط جديد” لا نرى منه سوى المزيد من الدم الفلسطيني.
الحقيقة التي يجب أن تُقال بلا تجميل: نحن أمام غموض استراتيجي متعمد، لا تُعلن فيه النصوص الرسمية، ولا تُفصح الأطراف الكبرى عن فحوى ما يُناقش في الغرف المغلقة ، بل إن ما يُقال في العلن عن “ضغوط أمريكية” على الاحتلال، وعن “خلافات داخلية” في الحكومة الصهيونية، كثيراً ما يتناقض مع ما نشاهده من تصعيد ميداني متواصل. وهنا يكمن مربط الفرس.
فالولايات المتحدة، التي تُقدم مليارات الدولارات لدولة الاحتلال، ليست طرفاً محايداً، بل شريكاً كاملاً في العدوان، سواء عبر الدعم السياسي أو التسليحي أو حماية الاحتلال في المحافل الدولية. وبالتالي، فإن الحديث عن ضغوط أمريكية أو عن توتر بين نتنياهو والبيت الأبيض يبدو أقرب إلى التمنيات منه إلى الواقع.
من جهة أخرى، يصعب اختزال القرار الصهيوني في شخص نتنياهو وحده، رغم أنه يجيد المناورة سياسياً ويستثمر أطول حرب في تاريخ كيانه لأغراض داخلية ، لكن خلف الرجل تقف مؤسسة عسكرية وأمنية تقود العدوان بخطة واضحة تهدف إلى سحق المقاومة، وترى في استمرار الحرب وسيلة لإعادة ترميم صورة الجيش الذي تلقى ضربة قاسية في السابع من أكتوبر.
هنا تبرز خطورة التحليلات التي تُروّج لانقسامات عميقة داخل حكومة الاحتلال، وكأن الخلافات الشكلية بين وزراء الحرب يمكن أن تعطل ماكينة الإبادة ، هذا التبسيط يضلل الجمهور ويمنحه شعوراً زائفاً بأن “النهاية قريبة” أو أن “الخلافات ستُسقط العدوان” ، في حين أن الحقيقة تُشير إلى توافق صهيوني مؤسساتي على استمرار الحرب، حتى تحقيق الحد الأدنى من أهداف استراتيجية لم تتحقق حتى الآن.
في المقابل، لا بد أن نقر بأن التحليل السياسي والعسكري ليس نبوءة، بل أداة لفهم السيناريوهات المحتملة. وعلينا أن نتعامل مع “الهدنة المعلنة” لا كموقف نهائي، بل كأحد أوجه المعركة السياسية، التي لا تقل تعقيداً عن الحرب الميدانية ، فكم من اتفاق سابق أُعلن بشروط فضفاضة، وسُرعان ما انقلبت نتائجه إلى نكسة جديدة للشعب الفلسطيني.
من هنا، فإن واجب المحلل ليس التسرع في التبشير أو التهويل، بل أن يبني توقعاته على ميزان القوة، وعلى قراءة دقيقة للتناقض بين الخطاب العلني والممارسة السرية ، وعلينا أن ندرك أننا أمام عدو لا يحترم المواثيق، وحليف دولي لا يتوقف عن ازدواجية المعايير، وميدان متغير لا يُدار فقط بالبندقية بل أيضاً بالعقل والوعي والمعلومة الدقيقة.
غزة اليوم لا تنتظر تحليلات ساذجة ولا خطابات انتصار فارغة، بل تحتاج منّا موقفاً أخلاقياً وتحليلاً مسؤولاً، يُبقي البوصلة متجهة نحو الحقيقة، ويحصّن الوعي من الانخداع بالسراب الإعلامي. أما الرهان على الحل من داخل مؤسسات العدو أو عبر ضغوط حلفائه، فهو رهان خاسر، ما لم يُرفق بتحرك شعبي ورسمي ضاغط، يفرض على الاحتلال معادلات الردع والانسحاب والاعتراف.
والدايم الله.
صالح الشرّاب العبادي
في ظل استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة للعام الثاني على التوالي، ومع دخول المجازر مرحلة أكثر همجية، تُطرح على طاولات التحليل السياسي والعسكري تساؤلات مقلقة حول ما يُسمى بـ”الاتفاق الوشيك” لوقف إطلاق النار، والذي تتباين التقديرات بشأنه ما بين التفاؤل الحذر والتشكيك العميق.
كثير من التحليلات المتداولة في الإعلام العربي تفتقر إلى الحد الأدنى من التوازن والعمق، إذ يبني بعض المحللين استنتاجاتهم على تسريبات غير موثقة أو على رغبات مسبقة، متجاهلين واقع الأرض والوقائع المتحولة يومياً ، فبينما تغص غزة بمشاهد الدمار والمجازر والتهجير والتجويع، تُطلق توقعات ناعمة تتحدث عن هدنة مرتقبة وشكل “شرق أوسط جديد” لا نرى منه سوى المزيد من الدم الفلسطيني.
الحقيقة التي يجب أن تُقال بلا تجميل: نحن أمام غموض استراتيجي متعمد، لا تُعلن فيه النصوص الرسمية، ولا تُفصح الأطراف الكبرى عن فحوى ما يُناقش في الغرف المغلقة ، بل إن ما يُقال في العلن عن “ضغوط أمريكية” على الاحتلال، وعن “خلافات داخلية” في الحكومة الصهيونية، كثيراً ما يتناقض مع ما نشاهده من تصعيد ميداني متواصل. وهنا يكمن مربط الفرس.
فالولايات المتحدة، التي تُقدم مليارات الدولارات لدولة الاحتلال، ليست طرفاً محايداً، بل شريكاً كاملاً في العدوان، سواء عبر الدعم السياسي أو التسليحي أو حماية الاحتلال في المحافل الدولية. وبالتالي، فإن الحديث عن ضغوط أمريكية أو عن توتر بين نتنياهو والبيت الأبيض يبدو أقرب إلى التمنيات منه إلى الواقع.
من جهة أخرى، يصعب اختزال القرار الصهيوني في شخص نتنياهو وحده، رغم أنه يجيد المناورة سياسياً ويستثمر أطول حرب في تاريخ كيانه لأغراض داخلية ، لكن خلف الرجل تقف مؤسسة عسكرية وأمنية تقود العدوان بخطة واضحة تهدف إلى سحق المقاومة، وترى في استمرار الحرب وسيلة لإعادة ترميم صورة الجيش الذي تلقى ضربة قاسية في السابع من أكتوبر.
هنا تبرز خطورة التحليلات التي تُروّج لانقسامات عميقة داخل حكومة الاحتلال، وكأن الخلافات الشكلية بين وزراء الحرب يمكن أن تعطل ماكينة الإبادة ، هذا التبسيط يضلل الجمهور ويمنحه شعوراً زائفاً بأن “النهاية قريبة” أو أن “الخلافات ستُسقط العدوان” ، في حين أن الحقيقة تُشير إلى توافق صهيوني مؤسساتي على استمرار الحرب، حتى تحقيق الحد الأدنى من أهداف استراتيجية لم تتحقق حتى الآن.
في المقابل، لا بد أن نقر بأن التحليل السياسي والعسكري ليس نبوءة، بل أداة لفهم السيناريوهات المحتملة. وعلينا أن نتعامل مع “الهدنة المعلنة” لا كموقف نهائي، بل كأحد أوجه المعركة السياسية، التي لا تقل تعقيداً عن الحرب الميدانية ، فكم من اتفاق سابق أُعلن بشروط فضفاضة، وسُرعان ما انقلبت نتائجه إلى نكسة جديدة للشعب الفلسطيني.
من هنا، فإن واجب المحلل ليس التسرع في التبشير أو التهويل، بل أن يبني توقعاته على ميزان القوة، وعلى قراءة دقيقة للتناقض بين الخطاب العلني والممارسة السرية ، وعلينا أن ندرك أننا أمام عدو لا يحترم المواثيق، وحليف دولي لا يتوقف عن ازدواجية المعايير، وميدان متغير لا يُدار فقط بالبندقية بل أيضاً بالعقل والوعي والمعلومة الدقيقة.
غزة اليوم لا تنتظر تحليلات ساذجة ولا خطابات انتصار فارغة، بل تحتاج منّا موقفاً أخلاقياً وتحليلاً مسؤولاً، يُبقي البوصلة متجهة نحو الحقيقة، ويحصّن الوعي من الانخداع بالسراب الإعلامي. أما الرهان على الحل من داخل مؤسسات العدو أو عبر ضغوط حلفائه، فهو رهان خاسر، ما لم يُرفق بتحرك شعبي ورسمي ضاغط، يفرض على الاحتلال معادلات الردع والانسحاب والاعتراف.
والدايم الله.
صالح الشرّاب العبادي
في ظل استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة للعام الثاني على التوالي، ومع دخول المجازر مرحلة أكثر همجية، تُطرح على طاولات التحليل السياسي والعسكري تساؤلات مقلقة حول ما يُسمى بـ”الاتفاق الوشيك” لوقف إطلاق النار، والذي تتباين التقديرات بشأنه ما بين التفاؤل الحذر والتشكيك العميق.
كثير من التحليلات المتداولة في الإعلام العربي تفتقر إلى الحد الأدنى من التوازن والعمق، إذ يبني بعض المحللين استنتاجاتهم على تسريبات غير موثقة أو على رغبات مسبقة، متجاهلين واقع الأرض والوقائع المتحولة يومياً ، فبينما تغص غزة بمشاهد الدمار والمجازر والتهجير والتجويع، تُطلق توقعات ناعمة تتحدث عن هدنة مرتقبة وشكل “شرق أوسط جديد” لا نرى منه سوى المزيد من الدم الفلسطيني.
الحقيقة التي يجب أن تُقال بلا تجميل: نحن أمام غموض استراتيجي متعمد، لا تُعلن فيه النصوص الرسمية، ولا تُفصح الأطراف الكبرى عن فحوى ما يُناقش في الغرف المغلقة ، بل إن ما يُقال في العلن عن “ضغوط أمريكية” على الاحتلال، وعن “خلافات داخلية” في الحكومة الصهيونية، كثيراً ما يتناقض مع ما نشاهده من تصعيد ميداني متواصل. وهنا يكمن مربط الفرس.
فالولايات المتحدة، التي تُقدم مليارات الدولارات لدولة الاحتلال، ليست طرفاً محايداً، بل شريكاً كاملاً في العدوان، سواء عبر الدعم السياسي أو التسليحي أو حماية الاحتلال في المحافل الدولية. وبالتالي، فإن الحديث عن ضغوط أمريكية أو عن توتر بين نتنياهو والبيت الأبيض يبدو أقرب إلى التمنيات منه إلى الواقع.
من جهة أخرى، يصعب اختزال القرار الصهيوني في شخص نتنياهو وحده، رغم أنه يجيد المناورة سياسياً ويستثمر أطول حرب في تاريخ كيانه لأغراض داخلية ، لكن خلف الرجل تقف مؤسسة عسكرية وأمنية تقود العدوان بخطة واضحة تهدف إلى سحق المقاومة، وترى في استمرار الحرب وسيلة لإعادة ترميم صورة الجيش الذي تلقى ضربة قاسية في السابع من أكتوبر.
هنا تبرز خطورة التحليلات التي تُروّج لانقسامات عميقة داخل حكومة الاحتلال، وكأن الخلافات الشكلية بين وزراء الحرب يمكن أن تعطل ماكينة الإبادة ، هذا التبسيط يضلل الجمهور ويمنحه شعوراً زائفاً بأن “النهاية قريبة” أو أن “الخلافات ستُسقط العدوان” ، في حين أن الحقيقة تُشير إلى توافق صهيوني مؤسساتي على استمرار الحرب، حتى تحقيق الحد الأدنى من أهداف استراتيجية لم تتحقق حتى الآن.
في المقابل، لا بد أن نقر بأن التحليل السياسي والعسكري ليس نبوءة، بل أداة لفهم السيناريوهات المحتملة. وعلينا أن نتعامل مع “الهدنة المعلنة” لا كموقف نهائي، بل كأحد أوجه المعركة السياسية، التي لا تقل تعقيداً عن الحرب الميدانية ، فكم من اتفاق سابق أُعلن بشروط فضفاضة، وسُرعان ما انقلبت نتائجه إلى نكسة جديدة للشعب الفلسطيني.
من هنا، فإن واجب المحلل ليس التسرع في التبشير أو التهويل، بل أن يبني توقعاته على ميزان القوة، وعلى قراءة دقيقة للتناقض بين الخطاب العلني والممارسة السرية ، وعلينا أن ندرك أننا أمام عدو لا يحترم المواثيق، وحليف دولي لا يتوقف عن ازدواجية المعايير، وميدان متغير لا يُدار فقط بالبندقية بل أيضاً بالعقل والوعي والمعلومة الدقيقة.
غزة اليوم لا تنتظر تحليلات ساذجة ولا خطابات انتصار فارغة، بل تحتاج منّا موقفاً أخلاقياً وتحليلاً مسؤولاً، يُبقي البوصلة متجهة نحو الحقيقة، ويحصّن الوعي من الانخداع بالسراب الإعلامي. أما الرهان على الحل من داخل مؤسسات العدو أو عبر ضغوط حلفائه، فهو رهان خاسر، ما لم يُرفق بتحرك شعبي ورسمي ضاغط، يفرض على الاحتلال معادلات الردع والانسحاب والاعتراف.
والدايم الله.
التعليقات