أخبار اليوم - في شارع عمر المختار، القلب التجاري النابض سابقًا لمدينة غزة، يقف التاجر محمد أبو داير أمام ما تبقى من متجره الذي كان قبل الحرب يعج بالحياة. لافتة محروقة معلقة على نصف حائط متهدم، ورائحة الرماد تعبق في المكان، كأنها شهادة موت معلقة على أبواب الذاكرة.
'كان المحل يطعمني ويطعم أولادي وأحفادي، واليوم صرت أبحث عن كيس دقيق ولا أجده،' يقول أبو داير بصوت خافت، ويشيح بوجهه كي لا تُرى دموعه.
قبل اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية الممتدة للشهر الثاني والعشرين، كانت غزة بالكاد تتنفس اقتصاديًا. ومع استمرارها، لم تُدمر (إسرائيل) البنية التحتية فحسب، بل سحقت أيضًا سوق العمل، واجتثت مصادر الدخل من جذورها. أكثر من 300 ألف موظف وعامل باتوا بلا وظائف، وفق تقديرات غير رسمية، في حين تتعمد سلطات الاحتلال منع دخول المساعدات، وتفرض حصارًا خانقًا على ما تبقى من مظاهر الحياة.
في حي التفاح، يتحدث الشاب سائد حمادة (31 عامًا)، وقد تحول من صاحب ورشة نجارة ناجحة إلى نازح يعيش مع زوجته وطفليه في مدرسة أصبحت إلى مركز للإيواء.
'كانت الورشة حلمي، اشتغلت عليها 7 سنين حتى كبرت وصار لها صيت. وظفت معي 3 شبان، واليوم لم يبق ورشة ولا خشب ولا أدوات. الطيران الإسرائيلي حولها لتراب خلال دقيقتين.' يضيف وهو يشير إلى صورة التقطها داخل المنجرة بهاتفه قبل أيام من القصف: 'كل واحد فينا كان يطعم بيته، الآن أصبحنا نعيش على المساعدات التي لم تعد أصلاً ويتحكم الاحتلال بدخولها، وإذا وصلت ما تكفي لأيام.'
لم تكن المرأة الغزية بمنأى عن هذا الانهيار. هناء عودة، خريجة جامعية وأم لثلاثة أطفال، كانت تعمل في إحدى رياض الأطفال الخاصة في مدينة غزة. 'الروضة تم تدميرها بالكامل، والجهة المشغلة سكرت نشاطها نهائيًا بعد ما حرق المبنى بسبب القصف الإسرائيلي. ما ضل عندي مصدر دخل، وجوزي كمان كان يعمل سائقًا، وسيارته دمرت في أول أيام الحرب.'
تؤكد دعاء أن أصعب ما في الأمر هو العجز أمام أطفالها. 'مش قادرة أشتري لهم حليب أو فوط، وأحيانًا أبقى طيلة الليل أفكر كيف بدنا نكمل يومنا التالي.'
إلى الغرب من مدينة غزة، يجلس محمد أبو عقلين، على الرصيف يحدق في الفراغ بعدما كان يعمل في محلٍ تجاري متخصص في بيع الأحذية الرجالية بكافة أنواعها.
'المحل الذي أعمل فيه تم تدميره بالكامل. كان معي عدد كبير من العمال لكن بسبب الحرب وعمليات القصف، خسرنا كل شي. اليوم ببيع أي شيء ألاقيه: مشط، بطارية، حتى أقلام مستعملة.'
لا يقتصر الألم على فقدان الوظائف، بل تعمّق أكثر مع منع الاحتلال دخول المساعدات الإنسانية، حتى الغذائية منها. فبعد قرار إغلاق معابر الإمداد، بات سكان غزة تحت وطأة المجاعة الفعلية.
'المشكلة لم تعد ترتبط بالعمل أو المال. اليوم نخوض صراعًا على لقمة خبز. أصحاب المصانع والمتاجر والعربات وحتى البسطات صاروا بلا شيء، والحرب سلبتهم كل مقومات الإنتاج والدخل. ولما لجأوا للمساعدات، أغلق الاحتلال الطرق أمامهم.' قال المواطن محمد عطاالله.
في غزة اليوم، لا يسأل الناس عن الوظيفة، بل عن النجاة. لا يخطط الشباب لمشاريع، بل يبحثون عن نقاط توزيع الطحين والمياه، فيما يشير الواقع إلى أن كارثة اقتصادية إنسانية متواصلة تُنذر بما هو أسوأ، طالما أن آلة الحرب لا تزال تعمل بلا توقف، وطالما أن الحصار يُطبق أنفاس الحياة.
'اللي بنيناه في 20 سنة، دُمر في يومين.. لكن مشكلتنا مش بس في الدمار، المشكلة إنه ما في أمل بإعادة الإعمار، ولا حتى بإدخال رغيف خبز بكرامة،' يختم عطاالله حديثه بنبرة ألم غلفت صوته.
المصدر / فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - في شارع عمر المختار، القلب التجاري النابض سابقًا لمدينة غزة، يقف التاجر محمد أبو داير أمام ما تبقى من متجره الذي كان قبل الحرب يعج بالحياة. لافتة محروقة معلقة على نصف حائط متهدم، ورائحة الرماد تعبق في المكان، كأنها شهادة موت معلقة على أبواب الذاكرة.
'كان المحل يطعمني ويطعم أولادي وأحفادي، واليوم صرت أبحث عن كيس دقيق ولا أجده،' يقول أبو داير بصوت خافت، ويشيح بوجهه كي لا تُرى دموعه.
قبل اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية الممتدة للشهر الثاني والعشرين، كانت غزة بالكاد تتنفس اقتصاديًا. ومع استمرارها، لم تُدمر (إسرائيل) البنية التحتية فحسب، بل سحقت أيضًا سوق العمل، واجتثت مصادر الدخل من جذورها. أكثر من 300 ألف موظف وعامل باتوا بلا وظائف، وفق تقديرات غير رسمية، في حين تتعمد سلطات الاحتلال منع دخول المساعدات، وتفرض حصارًا خانقًا على ما تبقى من مظاهر الحياة.
في حي التفاح، يتحدث الشاب سائد حمادة (31 عامًا)، وقد تحول من صاحب ورشة نجارة ناجحة إلى نازح يعيش مع زوجته وطفليه في مدرسة أصبحت إلى مركز للإيواء.
'كانت الورشة حلمي، اشتغلت عليها 7 سنين حتى كبرت وصار لها صيت. وظفت معي 3 شبان، واليوم لم يبق ورشة ولا خشب ولا أدوات. الطيران الإسرائيلي حولها لتراب خلال دقيقتين.' يضيف وهو يشير إلى صورة التقطها داخل المنجرة بهاتفه قبل أيام من القصف: 'كل واحد فينا كان يطعم بيته، الآن أصبحنا نعيش على المساعدات التي لم تعد أصلاً ويتحكم الاحتلال بدخولها، وإذا وصلت ما تكفي لأيام.'
لم تكن المرأة الغزية بمنأى عن هذا الانهيار. هناء عودة، خريجة جامعية وأم لثلاثة أطفال، كانت تعمل في إحدى رياض الأطفال الخاصة في مدينة غزة. 'الروضة تم تدميرها بالكامل، والجهة المشغلة سكرت نشاطها نهائيًا بعد ما حرق المبنى بسبب القصف الإسرائيلي. ما ضل عندي مصدر دخل، وجوزي كمان كان يعمل سائقًا، وسيارته دمرت في أول أيام الحرب.'
تؤكد دعاء أن أصعب ما في الأمر هو العجز أمام أطفالها. 'مش قادرة أشتري لهم حليب أو فوط، وأحيانًا أبقى طيلة الليل أفكر كيف بدنا نكمل يومنا التالي.'
إلى الغرب من مدينة غزة، يجلس محمد أبو عقلين، على الرصيف يحدق في الفراغ بعدما كان يعمل في محلٍ تجاري متخصص في بيع الأحذية الرجالية بكافة أنواعها.
'المحل الذي أعمل فيه تم تدميره بالكامل. كان معي عدد كبير من العمال لكن بسبب الحرب وعمليات القصف، خسرنا كل شي. اليوم ببيع أي شيء ألاقيه: مشط، بطارية، حتى أقلام مستعملة.'
لا يقتصر الألم على فقدان الوظائف، بل تعمّق أكثر مع منع الاحتلال دخول المساعدات الإنسانية، حتى الغذائية منها. فبعد قرار إغلاق معابر الإمداد، بات سكان غزة تحت وطأة المجاعة الفعلية.
'المشكلة لم تعد ترتبط بالعمل أو المال. اليوم نخوض صراعًا على لقمة خبز. أصحاب المصانع والمتاجر والعربات وحتى البسطات صاروا بلا شيء، والحرب سلبتهم كل مقومات الإنتاج والدخل. ولما لجأوا للمساعدات، أغلق الاحتلال الطرق أمامهم.' قال المواطن محمد عطاالله.
في غزة اليوم، لا يسأل الناس عن الوظيفة، بل عن النجاة. لا يخطط الشباب لمشاريع، بل يبحثون عن نقاط توزيع الطحين والمياه، فيما يشير الواقع إلى أن كارثة اقتصادية إنسانية متواصلة تُنذر بما هو أسوأ، طالما أن آلة الحرب لا تزال تعمل بلا توقف، وطالما أن الحصار يُطبق أنفاس الحياة.
'اللي بنيناه في 20 سنة، دُمر في يومين.. لكن مشكلتنا مش بس في الدمار، المشكلة إنه ما في أمل بإعادة الإعمار، ولا حتى بإدخال رغيف خبز بكرامة،' يختم عطاالله حديثه بنبرة ألم غلفت صوته.
المصدر / فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - في شارع عمر المختار، القلب التجاري النابض سابقًا لمدينة غزة، يقف التاجر محمد أبو داير أمام ما تبقى من متجره الذي كان قبل الحرب يعج بالحياة. لافتة محروقة معلقة على نصف حائط متهدم، ورائحة الرماد تعبق في المكان، كأنها شهادة موت معلقة على أبواب الذاكرة.
'كان المحل يطعمني ويطعم أولادي وأحفادي، واليوم صرت أبحث عن كيس دقيق ولا أجده،' يقول أبو داير بصوت خافت، ويشيح بوجهه كي لا تُرى دموعه.
قبل اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية الممتدة للشهر الثاني والعشرين، كانت غزة بالكاد تتنفس اقتصاديًا. ومع استمرارها، لم تُدمر (إسرائيل) البنية التحتية فحسب، بل سحقت أيضًا سوق العمل، واجتثت مصادر الدخل من جذورها. أكثر من 300 ألف موظف وعامل باتوا بلا وظائف، وفق تقديرات غير رسمية، في حين تتعمد سلطات الاحتلال منع دخول المساعدات، وتفرض حصارًا خانقًا على ما تبقى من مظاهر الحياة.
في حي التفاح، يتحدث الشاب سائد حمادة (31 عامًا)، وقد تحول من صاحب ورشة نجارة ناجحة إلى نازح يعيش مع زوجته وطفليه في مدرسة أصبحت إلى مركز للإيواء.
'كانت الورشة حلمي، اشتغلت عليها 7 سنين حتى كبرت وصار لها صيت. وظفت معي 3 شبان، واليوم لم يبق ورشة ولا خشب ولا أدوات. الطيران الإسرائيلي حولها لتراب خلال دقيقتين.' يضيف وهو يشير إلى صورة التقطها داخل المنجرة بهاتفه قبل أيام من القصف: 'كل واحد فينا كان يطعم بيته، الآن أصبحنا نعيش على المساعدات التي لم تعد أصلاً ويتحكم الاحتلال بدخولها، وإذا وصلت ما تكفي لأيام.'
لم تكن المرأة الغزية بمنأى عن هذا الانهيار. هناء عودة، خريجة جامعية وأم لثلاثة أطفال، كانت تعمل في إحدى رياض الأطفال الخاصة في مدينة غزة. 'الروضة تم تدميرها بالكامل، والجهة المشغلة سكرت نشاطها نهائيًا بعد ما حرق المبنى بسبب القصف الإسرائيلي. ما ضل عندي مصدر دخل، وجوزي كمان كان يعمل سائقًا، وسيارته دمرت في أول أيام الحرب.'
تؤكد دعاء أن أصعب ما في الأمر هو العجز أمام أطفالها. 'مش قادرة أشتري لهم حليب أو فوط، وأحيانًا أبقى طيلة الليل أفكر كيف بدنا نكمل يومنا التالي.'
إلى الغرب من مدينة غزة، يجلس محمد أبو عقلين، على الرصيف يحدق في الفراغ بعدما كان يعمل في محلٍ تجاري متخصص في بيع الأحذية الرجالية بكافة أنواعها.
'المحل الذي أعمل فيه تم تدميره بالكامل. كان معي عدد كبير من العمال لكن بسبب الحرب وعمليات القصف، خسرنا كل شي. اليوم ببيع أي شيء ألاقيه: مشط، بطارية، حتى أقلام مستعملة.'
لا يقتصر الألم على فقدان الوظائف، بل تعمّق أكثر مع منع الاحتلال دخول المساعدات الإنسانية، حتى الغذائية منها. فبعد قرار إغلاق معابر الإمداد، بات سكان غزة تحت وطأة المجاعة الفعلية.
'المشكلة لم تعد ترتبط بالعمل أو المال. اليوم نخوض صراعًا على لقمة خبز. أصحاب المصانع والمتاجر والعربات وحتى البسطات صاروا بلا شيء، والحرب سلبتهم كل مقومات الإنتاج والدخل. ولما لجأوا للمساعدات، أغلق الاحتلال الطرق أمامهم.' قال المواطن محمد عطاالله.
في غزة اليوم، لا يسأل الناس عن الوظيفة، بل عن النجاة. لا يخطط الشباب لمشاريع، بل يبحثون عن نقاط توزيع الطحين والمياه، فيما يشير الواقع إلى أن كارثة اقتصادية إنسانية متواصلة تُنذر بما هو أسوأ، طالما أن آلة الحرب لا تزال تعمل بلا توقف، وطالما أن الحصار يُطبق أنفاس الحياة.
'اللي بنيناه في 20 سنة، دُمر في يومين.. لكن مشكلتنا مش بس في الدمار، المشكلة إنه ما في أمل بإعادة الإعمار، ولا حتى بإدخال رغيف خبز بكرامة،' يختم عطاالله حديثه بنبرة ألم غلفت صوته.
المصدر / فلسطين أون لاين
التعليقات