أخبار اليوم - في صباح حزين كغيره من صباحات قطاع غزة المحاصر، استيقظ الطفل يامن، ابن العامين، وهو يجهش بالبكاء. وعندما سأله والده عن السبب، أجابه ببراءة مؤلمة: 'رأيت حنان.. أخبرتني أنها جائعة وتنتظر أن تُحضِر لها الطعام'.
لكن 'حنان' – شقيقته البكر ذات الاثني عشر ربيعًا – لم تكن إلا ذكرى مؤلمة في منامه، فقد فارقت الحياة يوم الخميس 31 يوليو 2025، بعد صراع مرير مع سوء التغذية والمجاعة التي نهشت جسدها حتى الرحيل.
يقول والدها، محمد عروق (35 عامًا)، بينما يجلس أمام منزله المتواضع في حي الشيخ رضوان: 'لم أعد قادرًا على الحديث أو التفكير، كل شيء انهار منذ أن غابت حنان، كانت تلعب وتضحك وتمنح إخوتها طعامها، رغم أنها الأجدر بالحصول عليه'.
جسد هزيل
'حنان' التي كانت رشيقة ومرحة قبل اندلاع الحرب، تحولت في أشهرها الأخيرة إلى جسد هزيل، فاقد للقدرة على المشي أو حتى الكلام. وبحسب والدها، بدأت معاناتها بإصابتها بإنفلونزا، لكن حالتها سرعان ما تدهورت، وأظهرت الفحوصات أنها تعاني من سوء تغذية حاد ونقص حاد في الدم.
ومع اشتداد الحصار المفروض على القطاع منذ اندلاع الحرب، أُغلقت جميع المعابر، وتوقفت المساعدات الغذائية والطبية عن الدخول، ما أدى إلى تفشي المجاعة في جميع أنحاء غزة، لا سيما في المناطق الأكثر فقرًا وكثافة سكانية.
ورغم استغاثات العائلة، رفضت بعض مراكز العلاج تقديم المساعدة لـ'حنان'، بحجة أنها تجاوزت السن المحددة لخدماتهم، والتي غالبًا ما تقتصر على الأطفال دون سن الخامسة.
ويمضي والدها بحزن: 'كانوا يقولون لنا: اذهبوا إلى مستشفى الرنتيسي، أو إلى الشفاء، أو إلى أصدقاء المريض، فكانت كل جهة ترمينا على الأخرى'.
يوم الرحيل
في الشهرين الأخيرين، تدهورت صحة حنان بشكل مأساوي، فكانت تفقد نحو 5 كيلوغرامات من وزنها أسبوعيًا، وتعاني من آلام مستمرة، ودوار، واختناق دائم.
ويكمل الأب، وقد خانته الدموع: 'رغم كل محاولاتي لتوفير الغذاء، فإن جسدها بات يرفض الطعام، حتى المحاليل الطبية لم تعد تنفع'.
وفي يوم رحيلها، قرر والدها نقلها إلى عيادة شهداء الشيخ رضوان بعد تدهور حالتها صباحًا: 'كنت أحملها بين يدي، لم تكن قادرة على الوقوف، وعندما رآها الطبيب هناك، قال لي: كيف تركتموها هكذا؟ وأحالنا فورًا إلى مستشفى الشفاء'.
وفي المستشفى، حاول فريق طبي تابع لمنظمة 'رحمة حول العالم' إنقاذها، لكن الأوان كان قد فات. ففي تمام الساعة 11 صباحًا، أعلن الأطباء وفاتها.
لم تطلب 'حنان' في أيامها الأخيرة سوى أبسط حقوق الطفولة: الهواء، النوم، و'رحلة إلى البحر'.
يتابع والدها: 'قالت لي قبل أيام: أريد أن أخرج، أشم الهواء، أشعر بخنقة يا أبي. وفي الليلة التي سبقت وفاتها، طلبت الذهاب إلى البحر، ولم أستطع تلبية أمنيتها الأخيرة بسبب القصف الشديد الذي يستهدف الشاطئ من قبل زوارق الاحتلال الحربية'.
وجع الحرمان
وتشير تقارير دولية إلى أن ما جرى لـ'حنان' ليس استثناء. فقد حذّرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من تضاعف معدلات سوء التغذية بين الأطفال دون الخامسة في غزة بين مارس ويونيو 2025، نتيجة استمرار الحصار.
كما أعلنت منظمة الصحة العالمية أن نحو واحد من كل خمسة أطفال دون سن الخامسة في غزة يعاني من سوء تغذية حاد، وأن التأخير المتعمد في إدخال المساعدات الإنسانية أدى إلى 'فقدان أرواح كان يمكن إنقاذها'.
'حنان' التي كان اسمها يرمز إلى الحنان والعطاء، عاشت آخر أيامها في صمت الجوع ووجع الحرمان، وماتت وهي تنظر إلى إخوتها بعين المحبة، محرومة حتى من تذوق لقمة تسد رمقها أو نسمة بحر تنعش جسدها الضعيف.
اليوم، وفي ظل الحصار المستمر والمجاعة المستفحلة، تتكرر مأساة 'حنان' في بيوت كثيرة، في غزة التي لم تعد تجد ما تطعمه لأطفالها سوى الألم.
فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - في صباح حزين كغيره من صباحات قطاع غزة المحاصر، استيقظ الطفل يامن، ابن العامين، وهو يجهش بالبكاء. وعندما سأله والده عن السبب، أجابه ببراءة مؤلمة: 'رأيت حنان.. أخبرتني أنها جائعة وتنتظر أن تُحضِر لها الطعام'.
لكن 'حنان' – شقيقته البكر ذات الاثني عشر ربيعًا – لم تكن إلا ذكرى مؤلمة في منامه، فقد فارقت الحياة يوم الخميس 31 يوليو 2025، بعد صراع مرير مع سوء التغذية والمجاعة التي نهشت جسدها حتى الرحيل.
يقول والدها، محمد عروق (35 عامًا)، بينما يجلس أمام منزله المتواضع في حي الشيخ رضوان: 'لم أعد قادرًا على الحديث أو التفكير، كل شيء انهار منذ أن غابت حنان، كانت تلعب وتضحك وتمنح إخوتها طعامها، رغم أنها الأجدر بالحصول عليه'.
جسد هزيل
'حنان' التي كانت رشيقة ومرحة قبل اندلاع الحرب، تحولت في أشهرها الأخيرة إلى جسد هزيل، فاقد للقدرة على المشي أو حتى الكلام. وبحسب والدها، بدأت معاناتها بإصابتها بإنفلونزا، لكن حالتها سرعان ما تدهورت، وأظهرت الفحوصات أنها تعاني من سوء تغذية حاد ونقص حاد في الدم.
ومع اشتداد الحصار المفروض على القطاع منذ اندلاع الحرب، أُغلقت جميع المعابر، وتوقفت المساعدات الغذائية والطبية عن الدخول، ما أدى إلى تفشي المجاعة في جميع أنحاء غزة، لا سيما في المناطق الأكثر فقرًا وكثافة سكانية.
ورغم استغاثات العائلة، رفضت بعض مراكز العلاج تقديم المساعدة لـ'حنان'، بحجة أنها تجاوزت السن المحددة لخدماتهم، والتي غالبًا ما تقتصر على الأطفال دون سن الخامسة.
ويمضي والدها بحزن: 'كانوا يقولون لنا: اذهبوا إلى مستشفى الرنتيسي، أو إلى الشفاء، أو إلى أصدقاء المريض، فكانت كل جهة ترمينا على الأخرى'.
يوم الرحيل
في الشهرين الأخيرين، تدهورت صحة حنان بشكل مأساوي، فكانت تفقد نحو 5 كيلوغرامات من وزنها أسبوعيًا، وتعاني من آلام مستمرة، ودوار، واختناق دائم.
ويكمل الأب، وقد خانته الدموع: 'رغم كل محاولاتي لتوفير الغذاء، فإن جسدها بات يرفض الطعام، حتى المحاليل الطبية لم تعد تنفع'.
وفي يوم رحيلها، قرر والدها نقلها إلى عيادة شهداء الشيخ رضوان بعد تدهور حالتها صباحًا: 'كنت أحملها بين يدي، لم تكن قادرة على الوقوف، وعندما رآها الطبيب هناك، قال لي: كيف تركتموها هكذا؟ وأحالنا فورًا إلى مستشفى الشفاء'.
وفي المستشفى، حاول فريق طبي تابع لمنظمة 'رحمة حول العالم' إنقاذها، لكن الأوان كان قد فات. ففي تمام الساعة 11 صباحًا، أعلن الأطباء وفاتها.
لم تطلب 'حنان' في أيامها الأخيرة سوى أبسط حقوق الطفولة: الهواء، النوم، و'رحلة إلى البحر'.
يتابع والدها: 'قالت لي قبل أيام: أريد أن أخرج، أشم الهواء، أشعر بخنقة يا أبي. وفي الليلة التي سبقت وفاتها، طلبت الذهاب إلى البحر، ولم أستطع تلبية أمنيتها الأخيرة بسبب القصف الشديد الذي يستهدف الشاطئ من قبل زوارق الاحتلال الحربية'.
وجع الحرمان
وتشير تقارير دولية إلى أن ما جرى لـ'حنان' ليس استثناء. فقد حذّرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من تضاعف معدلات سوء التغذية بين الأطفال دون الخامسة في غزة بين مارس ويونيو 2025، نتيجة استمرار الحصار.
كما أعلنت منظمة الصحة العالمية أن نحو واحد من كل خمسة أطفال دون سن الخامسة في غزة يعاني من سوء تغذية حاد، وأن التأخير المتعمد في إدخال المساعدات الإنسانية أدى إلى 'فقدان أرواح كان يمكن إنقاذها'.
'حنان' التي كان اسمها يرمز إلى الحنان والعطاء، عاشت آخر أيامها في صمت الجوع ووجع الحرمان، وماتت وهي تنظر إلى إخوتها بعين المحبة، محرومة حتى من تذوق لقمة تسد رمقها أو نسمة بحر تنعش جسدها الضعيف.
اليوم، وفي ظل الحصار المستمر والمجاعة المستفحلة، تتكرر مأساة 'حنان' في بيوت كثيرة، في غزة التي لم تعد تجد ما تطعمه لأطفالها سوى الألم.
فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - في صباح حزين كغيره من صباحات قطاع غزة المحاصر، استيقظ الطفل يامن، ابن العامين، وهو يجهش بالبكاء. وعندما سأله والده عن السبب، أجابه ببراءة مؤلمة: 'رأيت حنان.. أخبرتني أنها جائعة وتنتظر أن تُحضِر لها الطعام'.
لكن 'حنان' – شقيقته البكر ذات الاثني عشر ربيعًا – لم تكن إلا ذكرى مؤلمة في منامه، فقد فارقت الحياة يوم الخميس 31 يوليو 2025، بعد صراع مرير مع سوء التغذية والمجاعة التي نهشت جسدها حتى الرحيل.
يقول والدها، محمد عروق (35 عامًا)، بينما يجلس أمام منزله المتواضع في حي الشيخ رضوان: 'لم أعد قادرًا على الحديث أو التفكير، كل شيء انهار منذ أن غابت حنان، كانت تلعب وتضحك وتمنح إخوتها طعامها، رغم أنها الأجدر بالحصول عليه'.
جسد هزيل
'حنان' التي كانت رشيقة ومرحة قبل اندلاع الحرب، تحولت في أشهرها الأخيرة إلى جسد هزيل، فاقد للقدرة على المشي أو حتى الكلام. وبحسب والدها، بدأت معاناتها بإصابتها بإنفلونزا، لكن حالتها سرعان ما تدهورت، وأظهرت الفحوصات أنها تعاني من سوء تغذية حاد ونقص حاد في الدم.
ومع اشتداد الحصار المفروض على القطاع منذ اندلاع الحرب، أُغلقت جميع المعابر، وتوقفت المساعدات الغذائية والطبية عن الدخول، ما أدى إلى تفشي المجاعة في جميع أنحاء غزة، لا سيما في المناطق الأكثر فقرًا وكثافة سكانية.
ورغم استغاثات العائلة، رفضت بعض مراكز العلاج تقديم المساعدة لـ'حنان'، بحجة أنها تجاوزت السن المحددة لخدماتهم، والتي غالبًا ما تقتصر على الأطفال دون سن الخامسة.
ويمضي والدها بحزن: 'كانوا يقولون لنا: اذهبوا إلى مستشفى الرنتيسي، أو إلى الشفاء، أو إلى أصدقاء المريض، فكانت كل جهة ترمينا على الأخرى'.
يوم الرحيل
في الشهرين الأخيرين، تدهورت صحة حنان بشكل مأساوي، فكانت تفقد نحو 5 كيلوغرامات من وزنها أسبوعيًا، وتعاني من آلام مستمرة، ودوار، واختناق دائم.
ويكمل الأب، وقد خانته الدموع: 'رغم كل محاولاتي لتوفير الغذاء، فإن جسدها بات يرفض الطعام، حتى المحاليل الطبية لم تعد تنفع'.
وفي يوم رحيلها، قرر والدها نقلها إلى عيادة شهداء الشيخ رضوان بعد تدهور حالتها صباحًا: 'كنت أحملها بين يدي، لم تكن قادرة على الوقوف، وعندما رآها الطبيب هناك، قال لي: كيف تركتموها هكذا؟ وأحالنا فورًا إلى مستشفى الشفاء'.
وفي المستشفى، حاول فريق طبي تابع لمنظمة 'رحمة حول العالم' إنقاذها، لكن الأوان كان قد فات. ففي تمام الساعة 11 صباحًا، أعلن الأطباء وفاتها.
لم تطلب 'حنان' في أيامها الأخيرة سوى أبسط حقوق الطفولة: الهواء، النوم، و'رحلة إلى البحر'.
يتابع والدها: 'قالت لي قبل أيام: أريد أن أخرج، أشم الهواء، أشعر بخنقة يا أبي. وفي الليلة التي سبقت وفاتها، طلبت الذهاب إلى البحر، ولم أستطع تلبية أمنيتها الأخيرة بسبب القصف الشديد الذي يستهدف الشاطئ من قبل زوارق الاحتلال الحربية'.
وجع الحرمان
وتشير تقارير دولية إلى أن ما جرى لـ'حنان' ليس استثناء. فقد حذّرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من تضاعف معدلات سوء التغذية بين الأطفال دون الخامسة في غزة بين مارس ويونيو 2025، نتيجة استمرار الحصار.
كما أعلنت منظمة الصحة العالمية أن نحو واحد من كل خمسة أطفال دون سن الخامسة في غزة يعاني من سوء تغذية حاد، وأن التأخير المتعمد في إدخال المساعدات الإنسانية أدى إلى 'فقدان أرواح كان يمكن إنقاذها'.
'حنان' التي كان اسمها يرمز إلى الحنان والعطاء، عاشت آخر أيامها في صمت الجوع ووجع الحرمان، وماتت وهي تنظر إلى إخوتها بعين المحبة، محرومة حتى من تذوق لقمة تسد رمقها أو نسمة بحر تنعش جسدها الضعيف.
اليوم، وفي ظل الحصار المستمر والمجاعة المستفحلة، تتكرر مأساة 'حنان' في بيوت كثيرة، في غزة التي لم تعد تجد ما تطعمه لأطفالها سوى الألم.
فلسطين أون لاين
التعليقات