أخبار اليوم - بينما كان الصحفي إسلام الكومي (36 عامًا) يستعد لأداء صلاة المغرب داخل منزله المستأجر في حي الصبرة بمدينة غزة، باغتته مدفعية الاحتلال الإسرائيلي بقذيفة مباشرة سقطت على المنزل، لتُفتح صفحة مأساوية جديدة في سجل الجرائم المتواصلة بحق المدنيين في قطاع غزة.
إسلام، الذي كان منزله الأصلي في شارع رقم (8) قد دُمّرمن جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023، لم يتوقع أن يلاحقه القصف مجددًا، بعدما ظنّ أن الحي الجديد قد يمنحه وأسرته قليلًا من الأمان.
عند سقوط القذيفة مساء الاثنين الماضي– وفق رواية شقيقه يوسف – هرع إسلام إلى أطفاله الثلاثة: أنس، صهيب، ومحمود، وزوجته، ليجدهم جميعًا مصابين بجراح متفاوتة بين المتوسطة والخطيرة. وسط هول المشهد ودماء أحبته، حاول تقديم الإسعافات الأولية لهم، ثم اتصل بشقيقه طالبًا المساعدة، وأبلغه أن منزله قُصف وأن أسرته مصابة.
يقول يوسف الكومي لـ 'فلسطين أون لاين': 'خرج شقيقي إسلام من المنزل يركض في الشوارع بحثًا عن من يساعده أو عن سيارة إسعاف، لكن الحي كان قد تحول إلى منطقة أشباح بفعل القصف. خلال بحثه وجد سيدة مسنّة مصابة بشظايا، فحملها ووضعها على جانب الطريق وطلب منها الانتظار، ثم واصل بحثه عن منقذين'.
لكن الاحتلال كان له بالمرصاد؛ فقذيفة أخرى استهدفته مباشرة، ليسقط مضرجًا بدمائه وقد أصيب في رأسه وجسده، ليرتقي شهيدًا في ذات اللحظة.
بعد دقائق وصلت سيارات الإسعاف، ونقلت إسلام وعددًا من المصابين إلى مستشفى الشفاء، فيما أُسعفت زوجته وأطفاله الثلاثة الذين وُصفت جراحهم ما بين المتوسطة والخطيرة. حاولت العائلة – كما يروي يوسف – التواصل معه لاحقًا، لكن هاتفه كان مغلقًا بلا إشارة، ليكتشفوا في النهاية أنه يرقد جثمانًا في ثلاجات مستشفى الشفاء.
قلب نابض
لم يكن إسلام مجرد صحفي ينقل الخبر، بل كان قلبًا نابضًا بالناس. عرفه زملاؤه شابًا هادئًا، حسن الخلق، أنيق المظهر، عمل مدققًا لغويًا ومحررًا صحفيًا في منصات عدة بغزة، وشارك في تغطية الأحداث بتزويد الصحفيين المحليين والدوليين بالمعلومات الميدانية، وعلى رأسهم الشهيد أنس الشريف، مراسل قناة الجزيرة.
ويقول شقيقه: 'كان على تواصل دائم مع الصحفيين، يوثق أحوال الناس وما يجري في أحياء غزة، خصوصًا في حي الصبرة والمناطق المجاورة، رغم التهديدات والمخاطر المتزايدة'. ويشير إلى أن إسلام كان يشعر في أيامه الأخيرة بقرب أجله، إذ قال له في مكالمة: 'أريد أن أرحل من هذا المنزل، أشعر بالخطر'، لكنّه رفض الانتقال إلى حي الشيخ رضوان خشية أن يكون أقرب إلى مواقع التوغل الإسرائيلي.
تنقل إسلام منذ بدء الحرب بين مناطق متفرقة جنوبًا ووسطًا، وبعد اتفاق وقف إطلاق النار في 19 يناير 2024، عاد إلى منزله في شارع (8) ليجده قد دُمّر بالكامل، فاضطر للسكن قرب مسجد علي بن أبي طالب في حي الصبرة، ثم انتقل لاحقًا إلى المنزل الذي ارتقى بجواره.
بين فقدين
بلحظة استشهاده، التحق إسلام بشقيقه محمود الذي سبقه شهيدًا عام 2012، عندما استهدفته طائرات الاحتلال برفقة زملائه الصحفيين في قناة الأقصى، لتفقد الأسرة اثنين من أبنائها في سبيل الكلمة والصورة والحقيقة.
ولم يقتصر دوره على الصحافة، فقد عمل أيضًا في المجال الإنساني؛ إذ كان يساهم في إيصال المياه الصحية للنازحين، وسعى لتأسيس تكية خيرية لتوفير الطعام للمحتاجين في الحي، لكن الحلم توقّف عند قذيفة غادرة استهدفته وهو يحاول إنقاذ المصابين.
مرمى النيران
وباغتيال الصحفي الكومي، ارتفع عدد الصحفيين الشهداء منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023 إلى 239 شهيدًا، وفق ما أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الذي أكد أن الاحتلال يرتكب جرائم ممنهجة ضد الصحفيين، داعيًا الاتحادات الصحفية الدولية والعربية لاتخاذ موقف حازم إزاء هذه الانتهاكات.
أما وزارة الصحة في غزة، فأعلنت أن إجمالي عدد الشهداء منذ السابع من أكتوبر 2023 بلغ 62,064 شهيدًا، فيما أصيب 156,573 آخرون، بينما بلغ عدد الشهداء منذ استئناف العدوان في 18 مارس 2025 حتى الآن 10,518 شهيدًا و44,532 إصابة.
رحل إسلام كما عاش: قريبًا من الناس، منحازًا للحقيقة، نبيلاً في الموقف والكلمة. لم يحمل سلاحًا، بل قلمًا، لكن الاحتلال يرى الحقيقة خطرًا لا يُحتمل.
فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - بينما كان الصحفي إسلام الكومي (36 عامًا) يستعد لأداء صلاة المغرب داخل منزله المستأجر في حي الصبرة بمدينة غزة، باغتته مدفعية الاحتلال الإسرائيلي بقذيفة مباشرة سقطت على المنزل، لتُفتح صفحة مأساوية جديدة في سجل الجرائم المتواصلة بحق المدنيين في قطاع غزة.
إسلام، الذي كان منزله الأصلي في شارع رقم (8) قد دُمّرمن جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023، لم يتوقع أن يلاحقه القصف مجددًا، بعدما ظنّ أن الحي الجديد قد يمنحه وأسرته قليلًا من الأمان.
عند سقوط القذيفة مساء الاثنين الماضي– وفق رواية شقيقه يوسف – هرع إسلام إلى أطفاله الثلاثة: أنس، صهيب، ومحمود، وزوجته، ليجدهم جميعًا مصابين بجراح متفاوتة بين المتوسطة والخطيرة. وسط هول المشهد ودماء أحبته، حاول تقديم الإسعافات الأولية لهم، ثم اتصل بشقيقه طالبًا المساعدة، وأبلغه أن منزله قُصف وأن أسرته مصابة.
يقول يوسف الكومي لـ 'فلسطين أون لاين': 'خرج شقيقي إسلام من المنزل يركض في الشوارع بحثًا عن من يساعده أو عن سيارة إسعاف، لكن الحي كان قد تحول إلى منطقة أشباح بفعل القصف. خلال بحثه وجد سيدة مسنّة مصابة بشظايا، فحملها ووضعها على جانب الطريق وطلب منها الانتظار، ثم واصل بحثه عن منقذين'.
لكن الاحتلال كان له بالمرصاد؛ فقذيفة أخرى استهدفته مباشرة، ليسقط مضرجًا بدمائه وقد أصيب في رأسه وجسده، ليرتقي شهيدًا في ذات اللحظة.
بعد دقائق وصلت سيارات الإسعاف، ونقلت إسلام وعددًا من المصابين إلى مستشفى الشفاء، فيما أُسعفت زوجته وأطفاله الثلاثة الذين وُصفت جراحهم ما بين المتوسطة والخطيرة. حاولت العائلة – كما يروي يوسف – التواصل معه لاحقًا، لكن هاتفه كان مغلقًا بلا إشارة، ليكتشفوا في النهاية أنه يرقد جثمانًا في ثلاجات مستشفى الشفاء.
قلب نابض
لم يكن إسلام مجرد صحفي ينقل الخبر، بل كان قلبًا نابضًا بالناس. عرفه زملاؤه شابًا هادئًا، حسن الخلق، أنيق المظهر، عمل مدققًا لغويًا ومحررًا صحفيًا في منصات عدة بغزة، وشارك في تغطية الأحداث بتزويد الصحفيين المحليين والدوليين بالمعلومات الميدانية، وعلى رأسهم الشهيد أنس الشريف، مراسل قناة الجزيرة.
ويقول شقيقه: 'كان على تواصل دائم مع الصحفيين، يوثق أحوال الناس وما يجري في أحياء غزة، خصوصًا في حي الصبرة والمناطق المجاورة، رغم التهديدات والمخاطر المتزايدة'. ويشير إلى أن إسلام كان يشعر في أيامه الأخيرة بقرب أجله، إذ قال له في مكالمة: 'أريد أن أرحل من هذا المنزل، أشعر بالخطر'، لكنّه رفض الانتقال إلى حي الشيخ رضوان خشية أن يكون أقرب إلى مواقع التوغل الإسرائيلي.
تنقل إسلام منذ بدء الحرب بين مناطق متفرقة جنوبًا ووسطًا، وبعد اتفاق وقف إطلاق النار في 19 يناير 2024، عاد إلى منزله في شارع (8) ليجده قد دُمّر بالكامل، فاضطر للسكن قرب مسجد علي بن أبي طالب في حي الصبرة، ثم انتقل لاحقًا إلى المنزل الذي ارتقى بجواره.
بين فقدين
بلحظة استشهاده، التحق إسلام بشقيقه محمود الذي سبقه شهيدًا عام 2012، عندما استهدفته طائرات الاحتلال برفقة زملائه الصحفيين في قناة الأقصى، لتفقد الأسرة اثنين من أبنائها في سبيل الكلمة والصورة والحقيقة.
ولم يقتصر دوره على الصحافة، فقد عمل أيضًا في المجال الإنساني؛ إذ كان يساهم في إيصال المياه الصحية للنازحين، وسعى لتأسيس تكية خيرية لتوفير الطعام للمحتاجين في الحي، لكن الحلم توقّف عند قذيفة غادرة استهدفته وهو يحاول إنقاذ المصابين.
مرمى النيران
وباغتيال الصحفي الكومي، ارتفع عدد الصحفيين الشهداء منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023 إلى 239 شهيدًا، وفق ما أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الذي أكد أن الاحتلال يرتكب جرائم ممنهجة ضد الصحفيين، داعيًا الاتحادات الصحفية الدولية والعربية لاتخاذ موقف حازم إزاء هذه الانتهاكات.
أما وزارة الصحة في غزة، فأعلنت أن إجمالي عدد الشهداء منذ السابع من أكتوبر 2023 بلغ 62,064 شهيدًا، فيما أصيب 156,573 آخرون، بينما بلغ عدد الشهداء منذ استئناف العدوان في 18 مارس 2025 حتى الآن 10,518 شهيدًا و44,532 إصابة.
رحل إسلام كما عاش: قريبًا من الناس، منحازًا للحقيقة، نبيلاً في الموقف والكلمة. لم يحمل سلاحًا، بل قلمًا، لكن الاحتلال يرى الحقيقة خطرًا لا يُحتمل.
فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - بينما كان الصحفي إسلام الكومي (36 عامًا) يستعد لأداء صلاة المغرب داخل منزله المستأجر في حي الصبرة بمدينة غزة، باغتته مدفعية الاحتلال الإسرائيلي بقذيفة مباشرة سقطت على المنزل، لتُفتح صفحة مأساوية جديدة في سجل الجرائم المتواصلة بحق المدنيين في قطاع غزة.
إسلام، الذي كان منزله الأصلي في شارع رقم (8) قد دُمّرمن جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023، لم يتوقع أن يلاحقه القصف مجددًا، بعدما ظنّ أن الحي الجديد قد يمنحه وأسرته قليلًا من الأمان.
عند سقوط القذيفة مساء الاثنين الماضي– وفق رواية شقيقه يوسف – هرع إسلام إلى أطفاله الثلاثة: أنس، صهيب، ومحمود، وزوجته، ليجدهم جميعًا مصابين بجراح متفاوتة بين المتوسطة والخطيرة. وسط هول المشهد ودماء أحبته، حاول تقديم الإسعافات الأولية لهم، ثم اتصل بشقيقه طالبًا المساعدة، وأبلغه أن منزله قُصف وأن أسرته مصابة.
يقول يوسف الكومي لـ 'فلسطين أون لاين': 'خرج شقيقي إسلام من المنزل يركض في الشوارع بحثًا عن من يساعده أو عن سيارة إسعاف، لكن الحي كان قد تحول إلى منطقة أشباح بفعل القصف. خلال بحثه وجد سيدة مسنّة مصابة بشظايا، فحملها ووضعها على جانب الطريق وطلب منها الانتظار، ثم واصل بحثه عن منقذين'.
لكن الاحتلال كان له بالمرصاد؛ فقذيفة أخرى استهدفته مباشرة، ليسقط مضرجًا بدمائه وقد أصيب في رأسه وجسده، ليرتقي شهيدًا في ذات اللحظة.
بعد دقائق وصلت سيارات الإسعاف، ونقلت إسلام وعددًا من المصابين إلى مستشفى الشفاء، فيما أُسعفت زوجته وأطفاله الثلاثة الذين وُصفت جراحهم ما بين المتوسطة والخطيرة. حاولت العائلة – كما يروي يوسف – التواصل معه لاحقًا، لكن هاتفه كان مغلقًا بلا إشارة، ليكتشفوا في النهاية أنه يرقد جثمانًا في ثلاجات مستشفى الشفاء.
قلب نابض
لم يكن إسلام مجرد صحفي ينقل الخبر، بل كان قلبًا نابضًا بالناس. عرفه زملاؤه شابًا هادئًا، حسن الخلق، أنيق المظهر، عمل مدققًا لغويًا ومحررًا صحفيًا في منصات عدة بغزة، وشارك في تغطية الأحداث بتزويد الصحفيين المحليين والدوليين بالمعلومات الميدانية، وعلى رأسهم الشهيد أنس الشريف، مراسل قناة الجزيرة.
ويقول شقيقه: 'كان على تواصل دائم مع الصحفيين، يوثق أحوال الناس وما يجري في أحياء غزة، خصوصًا في حي الصبرة والمناطق المجاورة، رغم التهديدات والمخاطر المتزايدة'. ويشير إلى أن إسلام كان يشعر في أيامه الأخيرة بقرب أجله، إذ قال له في مكالمة: 'أريد أن أرحل من هذا المنزل، أشعر بالخطر'، لكنّه رفض الانتقال إلى حي الشيخ رضوان خشية أن يكون أقرب إلى مواقع التوغل الإسرائيلي.
تنقل إسلام منذ بدء الحرب بين مناطق متفرقة جنوبًا ووسطًا، وبعد اتفاق وقف إطلاق النار في 19 يناير 2024، عاد إلى منزله في شارع (8) ليجده قد دُمّر بالكامل، فاضطر للسكن قرب مسجد علي بن أبي طالب في حي الصبرة، ثم انتقل لاحقًا إلى المنزل الذي ارتقى بجواره.
بين فقدين
بلحظة استشهاده، التحق إسلام بشقيقه محمود الذي سبقه شهيدًا عام 2012، عندما استهدفته طائرات الاحتلال برفقة زملائه الصحفيين في قناة الأقصى، لتفقد الأسرة اثنين من أبنائها في سبيل الكلمة والصورة والحقيقة.
ولم يقتصر دوره على الصحافة، فقد عمل أيضًا في المجال الإنساني؛ إذ كان يساهم في إيصال المياه الصحية للنازحين، وسعى لتأسيس تكية خيرية لتوفير الطعام للمحتاجين في الحي، لكن الحلم توقّف عند قذيفة غادرة استهدفته وهو يحاول إنقاذ المصابين.
مرمى النيران
وباغتيال الصحفي الكومي، ارتفع عدد الصحفيين الشهداء منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023 إلى 239 شهيدًا، وفق ما أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الذي أكد أن الاحتلال يرتكب جرائم ممنهجة ضد الصحفيين، داعيًا الاتحادات الصحفية الدولية والعربية لاتخاذ موقف حازم إزاء هذه الانتهاكات.
أما وزارة الصحة في غزة، فأعلنت أن إجمالي عدد الشهداء منذ السابع من أكتوبر 2023 بلغ 62,064 شهيدًا، فيما أصيب 156,573 آخرون، بينما بلغ عدد الشهداء منذ استئناف العدوان في 18 مارس 2025 حتى الآن 10,518 شهيدًا و44,532 إصابة.
رحل إسلام كما عاش: قريبًا من الناس، منحازًا للحقيقة، نبيلاً في الموقف والكلمة. لم يحمل سلاحًا، بل قلمًا، لكن الاحتلال يرى الحقيقة خطرًا لا يُحتمل.
فلسطين أون لاين
التعليقات