أخبار اليوم - بين أصوات الطائرات وصراخ الأطفال وأنقاض البيوت، كان المواطن مازن التتر، البالغ من العمر 52 عامًا من سكان قطاع غزة، يواجه قدرًا مضاعفًا من الألم. لم تكتفِ الحرب الإسرائيلية على غزة بحرمانه من الأمان، بل اختطفته من بين أهله، واعتقلته قوات الاحتلال خلال واحدة من أعنف جولات التصعيد، ليبدأ رحلة جديدة خلف القضبان، لا تقل قسوة عن جحيم الحرب.
يقول مازن، الذي أُفرج عنه ضمن اتفاق وقف إطلاق النار، لصحيفة 'فلسطين': 'كنا نعيش رعب القصف والدمار، ثم وجدت نفسي في سجون الاحتلال. شعرت أنني انفصلت عن الواقع، لا أدري إن كنت سأعود، أو إن كان هناك بيت لأعود إليه أصلًا'.
اعتُقل مازن من المدرسة الماليزية الواقعة بين منطقتي المغراقة ومخيم النصيرات، حيث كان نازحًا مع عائلته بعدما اشتد القصف في محيط منزله.
وبشكل مفاجئ، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي المنطقة التي لجأت إليها عائلته بعد النزوح، فاعتدت بالضرب على المدنيين، وعصبت أعين الرجال وأصدرت أوامر عسكرية صارمة. في لحظات قليلة وجد مازن نفسه مكبّل اليدين، متنقّلًا بين مراكز التحقيق والسجون.
ويضيف مازن: 'في السادس من يناير 2024 ذهب ابني إبراهيم (17 عامًا) لإنقاذ ابن عمه الذي عاد إلى البيت، وعندما علمنا أن الاحتلال أطلق النار عليه، ذهب إليه شقيقه محمد (20 عامًا) وتأخر في عودته. كنت أترقب بزوغ يوم جديد لأبحث عنهما وأطمئن عليهما، خاصة بعدما وصلتني أخبار أنهما استُشهدا معًا'.
وفي صبيحة اليوم التالي، ومع الإشارات الأولى لبزوغ الفجر، اقتحم الجيش المدرسة وطلب من جميع المتواجدين تسليم أنفسهم، ومن بينهم مازن. جُرّد الرجال والشبان من ملابسهم وقُيدوا واقتيدوا إلى التحقيق الميداني، حيث تعرضوا للتعذيب والضرب المبرح.
ويتابع مازن: 'تم نقلنا لاحقًا إلى البركسات في منطقة غلاف غزة، ولم يُسمح لأي شخص بارتداء أكثر من بلوزة واحدة رغم البرد القارس الذي كنا نعانيه في فصل الشتاء'.
ويذكر أنه في كل أسبوع كانت إدارة مصلحة السجون تنفذ حملات قمع ضد الأسرى، مشيرًا إلى أن أحد الجنود اعتدى عليه بالضرب بحذائه على صدره، ما اضطره للبقاء طريح الفراش لمدة ثلاثين يومًا.
ويكمل: 'لم يكن هناك تهمة واضحة، كانوا يسألون عن كل شيء.. عن العائلة، عن الحي، عن الانتماءات وفي النهاية يوجهوا تهمة لمن لا تهمة له الانتماء إلى منظمة ارهابية، وكانت التحقيقات تتخللها فترات من التعذيب النفسي والجسدي، والبرد والجوع اللذان كانا جزءاً من العقاب '.
ويشير مازن إلى أن الاحتلال تعمد ممارسة سياسة الإهمال الطبي، حيث أصيب ومن معه في سجن النقب بأمراض جلدية كالجرب والدمامل.
رغم قسوة السجن، كانت غزة في قلبه، يتابع: 'كل دقيقة خلف القضبان، كنت أفكر في عائلتي، هل هي بخير؟ هل البيت لا يزال قائماً؟ هل إخوتي أحياء؟ وأفكر في أبنائي إبراهيم ومحمد اللذان لم أدفنهما'.
ويوضح أنه رغم كل الآلام التي يعيشها الأسير في الأسر من تجويع وتنكيل ومرض، فإنه كان يعيش فصل جديد من الألم في حرمانهم من معرفة أي أخبار عن أحداث غزة ، فاستشهد شقيقه قبل عام ولم يعلم إلا عندما أفرج عنه.
بعد أسابيع من الاعتقال، وفي إطار صفقة تبادل، تنفس مازن الحرية مجددا، لكن العودة لم تكن كما تخيّل.
ويسرد مازن: 'على حين غفلة ودون أن نعلم بأي أخبار عن الصفقة جاء أحد الجنود يحمل كشوفات وبدا ينادي على أسماء أسرى وكنت من بينهم حينها علمت أن صفقة ما في الأفق، مشاعر لا توصف، فرح كبير أن تعود لتجتمع مع أهلك وتتخلص من العذاب'.
'خرجتُ لأكتشف أن بيتنا قُصف، وعائلتي نزحت عدة مرات إلى مكان لا يصلح للعيش، شعرت أنني خرجت من سجن صغير إلى سجن أكبر اسمه الحصار والشتات والدمار'.
اليوم، يحاول مازن أن يتعافى من آثار التجربة، لا زالت الكوابيس تلاحقه خاصة مع حجم الدمار الذي وجده، ولا زالت معاناته النفسية عالقة في تفاصيل الليل.
ويختم: 'ما حدث لي ليس استثناء، كثيرون اعتُقلوا بلا سبب، وغزة كلها أسيرة كانت تحت القصف والحصار، لكننا نتمسك بالحياة، مهما حاولوا أن يسلبوها'.
فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - بين أصوات الطائرات وصراخ الأطفال وأنقاض البيوت، كان المواطن مازن التتر، البالغ من العمر 52 عامًا من سكان قطاع غزة، يواجه قدرًا مضاعفًا من الألم. لم تكتفِ الحرب الإسرائيلية على غزة بحرمانه من الأمان، بل اختطفته من بين أهله، واعتقلته قوات الاحتلال خلال واحدة من أعنف جولات التصعيد، ليبدأ رحلة جديدة خلف القضبان، لا تقل قسوة عن جحيم الحرب.
يقول مازن، الذي أُفرج عنه ضمن اتفاق وقف إطلاق النار، لصحيفة 'فلسطين': 'كنا نعيش رعب القصف والدمار، ثم وجدت نفسي في سجون الاحتلال. شعرت أنني انفصلت عن الواقع، لا أدري إن كنت سأعود، أو إن كان هناك بيت لأعود إليه أصلًا'.
اعتُقل مازن من المدرسة الماليزية الواقعة بين منطقتي المغراقة ومخيم النصيرات، حيث كان نازحًا مع عائلته بعدما اشتد القصف في محيط منزله.
وبشكل مفاجئ، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي المنطقة التي لجأت إليها عائلته بعد النزوح، فاعتدت بالضرب على المدنيين، وعصبت أعين الرجال وأصدرت أوامر عسكرية صارمة. في لحظات قليلة وجد مازن نفسه مكبّل اليدين، متنقّلًا بين مراكز التحقيق والسجون.
ويضيف مازن: 'في السادس من يناير 2024 ذهب ابني إبراهيم (17 عامًا) لإنقاذ ابن عمه الذي عاد إلى البيت، وعندما علمنا أن الاحتلال أطلق النار عليه، ذهب إليه شقيقه محمد (20 عامًا) وتأخر في عودته. كنت أترقب بزوغ يوم جديد لأبحث عنهما وأطمئن عليهما، خاصة بعدما وصلتني أخبار أنهما استُشهدا معًا'.
وفي صبيحة اليوم التالي، ومع الإشارات الأولى لبزوغ الفجر، اقتحم الجيش المدرسة وطلب من جميع المتواجدين تسليم أنفسهم، ومن بينهم مازن. جُرّد الرجال والشبان من ملابسهم وقُيدوا واقتيدوا إلى التحقيق الميداني، حيث تعرضوا للتعذيب والضرب المبرح.
ويتابع مازن: 'تم نقلنا لاحقًا إلى البركسات في منطقة غلاف غزة، ولم يُسمح لأي شخص بارتداء أكثر من بلوزة واحدة رغم البرد القارس الذي كنا نعانيه في فصل الشتاء'.
ويذكر أنه في كل أسبوع كانت إدارة مصلحة السجون تنفذ حملات قمع ضد الأسرى، مشيرًا إلى أن أحد الجنود اعتدى عليه بالضرب بحذائه على صدره، ما اضطره للبقاء طريح الفراش لمدة ثلاثين يومًا.
ويكمل: 'لم يكن هناك تهمة واضحة، كانوا يسألون عن كل شيء.. عن العائلة، عن الحي، عن الانتماءات وفي النهاية يوجهوا تهمة لمن لا تهمة له الانتماء إلى منظمة ارهابية، وكانت التحقيقات تتخللها فترات من التعذيب النفسي والجسدي، والبرد والجوع اللذان كانا جزءاً من العقاب '.
ويشير مازن إلى أن الاحتلال تعمد ممارسة سياسة الإهمال الطبي، حيث أصيب ومن معه في سجن النقب بأمراض جلدية كالجرب والدمامل.
رغم قسوة السجن، كانت غزة في قلبه، يتابع: 'كل دقيقة خلف القضبان، كنت أفكر في عائلتي، هل هي بخير؟ هل البيت لا يزال قائماً؟ هل إخوتي أحياء؟ وأفكر في أبنائي إبراهيم ومحمد اللذان لم أدفنهما'.
ويوضح أنه رغم كل الآلام التي يعيشها الأسير في الأسر من تجويع وتنكيل ومرض، فإنه كان يعيش فصل جديد من الألم في حرمانهم من معرفة أي أخبار عن أحداث غزة ، فاستشهد شقيقه قبل عام ولم يعلم إلا عندما أفرج عنه.
بعد أسابيع من الاعتقال، وفي إطار صفقة تبادل، تنفس مازن الحرية مجددا، لكن العودة لم تكن كما تخيّل.
ويسرد مازن: 'على حين غفلة ودون أن نعلم بأي أخبار عن الصفقة جاء أحد الجنود يحمل كشوفات وبدا ينادي على أسماء أسرى وكنت من بينهم حينها علمت أن صفقة ما في الأفق، مشاعر لا توصف، فرح كبير أن تعود لتجتمع مع أهلك وتتخلص من العذاب'.
'خرجتُ لأكتشف أن بيتنا قُصف، وعائلتي نزحت عدة مرات إلى مكان لا يصلح للعيش، شعرت أنني خرجت من سجن صغير إلى سجن أكبر اسمه الحصار والشتات والدمار'.
اليوم، يحاول مازن أن يتعافى من آثار التجربة، لا زالت الكوابيس تلاحقه خاصة مع حجم الدمار الذي وجده، ولا زالت معاناته النفسية عالقة في تفاصيل الليل.
ويختم: 'ما حدث لي ليس استثناء، كثيرون اعتُقلوا بلا سبب، وغزة كلها أسيرة كانت تحت القصف والحصار، لكننا نتمسك بالحياة، مهما حاولوا أن يسلبوها'.
فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - بين أصوات الطائرات وصراخ الأطفال وأنقاض البيوت، كان المواطن مازن التتر، البالغ من العمر 52 عامًا من سكان قطاع غزة، يواجه قدرًا مضاعفًا من الألم. لم تكتفِ الحرب الإسرائيلية على غزة بحرمانه من الأمان، بل اختطفته من بين أهله، واعتقلته قوات الاحتلال خلال واحدة من أعنف جولات التصعيد، ليبدأ رحلة جديدة خلف القضبان، لا تقل قسوة عن جحيم الحرب.
يقول مازن، الذي أُفرج عنه ضمن اتفاق وقف إطلاق النار، لصحيفة 'فلسطين': 'كنا نعيش رعب القصف والدمار، ثم وجدت نفسي في سجون الاحتلال. شعرت أنني انفصلت عن الواقع، لا أدري إن كنت سأعود، أو إن كان هناك بيت لأعود إليه أصلًا'.
اعتُقل مازن من المدرسة الماليزية الواقعة بين منطقتي المغراقة ومخيم النصيرات، حيث كان نازحًا مع عائلته بعدما اشتد القصف في محيط منزله.
وبشكل مفاجئ، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي المنطقة التي لجأت إليها عائلته بعد النزوح، فاعتدت بالضرب على المدنيين، وعصبت أعين الرجال وأصدرت أوامر عسكرية صارمة. في لحظات قليلة وجد مازن نفسه مكبّل اليدين، متنقّلًا بين مراكز التحقيق والسجون.
ويضيف مازن: 'في السادس من يناير 2024 ذهب ابني إبراهيم (17 عامًا) لإنقاذ ابن عمه الذي عاد إلى البيت، وعندما علمنا أن الاحتلال أطلق النار عليه، ذهب إليه شقيقه محمد (20 عامًا) وتأخر في عودته. كنت أترقب بزوغ يوم جديد لأبحث عنهما وأطمئن عليهما، خاصة بعدما وصلتني أخبار أنهما استُشهدا معًا'.
وفي صبيحة اليوم التالي، ومع الإشارات الأولى لبزوغ الفجر، اقتحم الجيش المدرسة وطلب من جميع المتواجدين تسليم أنفسهم، ومن بينهم مازن. جُرّد الرجال والشبان من ملابسهم وقُيدوا واقتيدوا إلى التحقيق الميداني، حيث تعرضوا للتعذيب والضرب المبرح.
ويتابع مازن: 'تم نقلنا لاحقًا إلى البركسات في منطقة غلاف غزة، ولم يُسمح لأي شخص بارتداء أكثر من بلوزة واحدة رغم البرد القارس الذي كنا نعانيه في فصل الشتاء'.
ويذكر أنه في كل أسبوع كانت إدارة مصلحة السجون تنفذ حملات قمع ضد الأسرى، مشيرًا إلى أن أحد الجنود اعتدى عليه بالضرب بحذائه على صدره، ما اضطره للبقاء طريح الفراش لمدة ثلاثين يومًا.
ويكمل: 'لم يكن هناك تهمة واضحة، كانوا يسألون عن كل شيء.. عن العائلة، عن الحي، عن الانتماءات وفي النهاية يوجهوا تهمة لمن لا تهمة له الانتماء إلى منظمة ارهابية، وكانت التحقيقات تتخللها فترات من التعذيب النفسي والجسدي، والبرد والجوع اللذان كانا جزءاً من العقاب '.
ويشير مازن إلى أن الاحتلال تعمد ممارسة سياسة الإهمال الطبي، حيث أصيب ومن معه في سجن النقب بأمراض جلدية كالجرب والدمامل.
رغم قسوة السجن، كانت غزة في قلبه، يتابع: 'كل دقيقة خلف القضبان، كنت أفكر في عائلتي، هل هي بخير؟ هل البيت لا يزال قائماً؟ هل إخوتي أحياء؟ وأفكر في أبنائي إبراهيم ومحمد اللذان لم أدفنهما'.
ويوضح أنه رغم كل الآلام التي يعيشها الأسير في الأسر من تجويع وتنكيل ومرض، فإنه كان يعيش فصل جديد من الألم في حرمانهم من معرفة أي أخبار عن أحداث غزة ، فاستشهد شقيقه قبل عام ولم يعلم إلا عندما أفرج عنه.
بعد أسابيع من الاعتقال، وفي إطار صفقة تبادل، تنفس مازن الحرية مجددا، لكن العودة لم تكن كما تخيّل.
ويسرد مازن: 'على حين غفلة ودون أن نعلم بأي أخبار عن الصفقة جاء أحد الجنود يحمل كشوفات وبدا ينادي على أسماء أسرى وكنت من بينهم حينها علمت أن صفقة ما في الأفق، مشاعر لا توصف، فرح كبير أن تعود لتجتمع مع أهلك وتتخلص من العذاب'.
'خرجتُ لأكتشف أن بيتنا قُصف، وعائلتي نزحت عدة مرات إلى مكان لا يصلح للعيش، شعرت أنني خرجت من سجن صغير إلى سجن أكبر اسمه الحصار والشتات والدمار'.
اليوم، يحاول مازن أن يتعافى من آثار التجربة، لا زالت الكوابيس تلاحقه خاصة مع حجم الدمار الذي وجده، ولا زالت معاناته النفسية عالقة في تفاصيل الليل.
ويختم: 'ما حدث لي ليس استثناء، كثيرون اعتُقلوا بلا سبب، وغزة كلها أسيرة كانت تحت القصف والحصار، لكننا نتمسك بالحياة، مهما حاولوا أن يسلبوها'.
فلسطين أون لاين
التعليقات