أخبار اليوم - بيدين متشققتين من الغبار، يغرس يحيى كرم 'الطُرية' في الركام، يرفع الحصى والمسامير والحديد، ثم يجرفها بـ'الكريك' جانبا، محاولا إيجاد مساحة صغيرة تكفي لخيمة تؤويه مع أسرته المكونة من ثمانية أفراد.
بعد سنتين من النزوح القسري وحرب الإبادة، لا يزال الأربعيني كرم يعمل بلا توقف فوق أنقاض كانت يوما منازل وطرقات، يحفر الأرض بأدوات بسيطة بعدما حُرم —مثل مئات الآلاف من النازحين في غزة— من أي آلية أو معدّة تساعده على رفع الركام وإيجاد مأوى جديد ولو مؤقتا.
'أنا بوسع عشان أنصب خيمة، بقيم الردم بالطرية.. هنا كان كوم ركام، حاولنا نزيله بالطرية والكريك، وبنرفع الحصى والحجار، وبنحط رمل نظيف عشان ما نتعطل من أي مخلفات مؤذية'، يمسح كرم عرقه، متحدثا مع 'فلسطين أون لاين'.
وكان كرم يسكن في شرق حي التفاح بمدينة غزة، لكن القصف والعدوان البري أزاحا البيت والحياة معا. 'نزحنا، راحت الدار والحياة، واجينا هنا'، يقولها بصوت متعب.
ويضيف: 'حاليا ما بنقدر نوصل هناك، المنطقة صارت خارج الخط الأصفر، وممنوع حد يخشها، الاحتلال حاطط باطون'.
اختار الرجل بقعة من الأرض وسط مدينة غزة، رغم صعوبتها وامتلائها بالحديد والأنقاض، وبدأ بيديه تسويتها.
يشير إلى أطفاله الستة، الذين تبلغ أكبرهم 15 عاما، قائلا وهو ينفض الغبار عن كتفيه: إنه يتحمل هذه المشاق لئلا تبقى أسرته دون مأوى.
منذ أربعة أيام، لا يتوقف عن هذا العمل، مستخدما أدوات بسيطة كـ'المجرفة' اليدوية أو ما تعرف محليا بـ'الكريك'.
ويتابع: 'اليوم بدك تجيب كباش (جرافة) بدك 5 أو 6 آلاف شيكل، والسولار غالي، ما بتقدر على المصاريف هادي'.
وفي ظل منع إدخال المعدات والآليات، يجد النازحون أنفسهم أمام خيار واحد: أن يرفعوا الركام بأيديهم، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
لكن كرم يعمل بحذر، في ظل احتمالات وجود مخلفات احتلالية حربية أيضا، مبينا أنه سيلجأ إلى الجهات المختصة في حال العثور على أي منها.
70 مليون طنا من الركام
في أرض مجاورة، يعمل نازح خمسيني على استصلاح مكان يقيم أيضا عليه خيمة تؤوي أسرته، مستخدما أدوات بدائية.
وتسلب محاولاته لتسوية الأرض طاقته، إلى حد يقول معه لـ 'فلسطين أون لاين'، إنه بالكاد يقوى على الحديث، بعد مسلسل نزوح قسري وتشريد وفقد وتجويع وتعطيش فرضه الاحتلال لسنتين متتاليتين.
وخلفت حرب الإبادة الجماعية 70 مليون طنا من الركام و20 ألف جسم متفجر لم ينفجر بعد في غزة، التي تواجه أكبر كارثة إنشائية وإنسانية في التاريخ الحديث، بحسب بيان سابق للمكتب الإعلامي الحكومي.
ووفق معطيات رسمية، ألقى الاحتلال أكثر من (200 ألف طن من المتفجرات) على قطاع غزة، وهدم الاحتلال البنية التحتية المدنية بنسبة (90%)، وسيطر على أكثر من (80%) من مساحة القطاع بالاجتياح والنار والتهجير القسري، قبل دخول اتفاق وقف حرب الإبادة حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول.
وبموجب الاتفاق، انسحب جيش الاحتلال من قرابة نصف مساحة القطاع، خلف ما بات يعرف بـ'الخط الأصفر'، المرتبط بالمرحلة الأولى من اتفاق وقف الحرب، المبرم بوساطة مصرية قطرية تركية ورعاية أمريكية.
وتواجه عمليات إزالة الركام معوقات جسيمة أبرزها غياب المعدات والآليات الثقيلة نتيجة منع الاحتلال الإسرائيلي إدخالها، وإغلاق المعابر بشكل كامل.
وبينما يحاول كرم، أن يبني مأوى مؤقتا فوق الردم، يهمس بحسرة: 'الحجر بيتعوض، لكن العلم عند الله وقتيش الإعمار، نفسنا يعمرولنا.. جاي علينا شتا، ولا في شوادر ولا خيم».
يشير إلى خيمته الممزقة منذ تسعة أشهر، ثم يعود ليكمل العمل بصمت، يزيح حفنة ركام أخرى، كأنما يزيح ثقل الحرب عن صدره.
المصدر / فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - بيدين متشققتين من الغبار، يغرس يحيى كرم 'الطُرية' في الركام، يرفع الحصى والمسامير والحديد، ثم يجرفها بـ'الكريك' جانبا، محاولا إيجاد مساحة صغيرة تكفي لخيمة تؤويه مع أسرته المكونة من ثمانية أفراد.
بعد سنتين من النزوح القسري وحرب الإبادة، لا يزال الأربعيني كرم يعمل بلا توقف فوق أنقاض كانت يوما منازل وطرقات، يحفر الأرض بأدوات بسيطة بعدما حُرم —مثل مئات الآلاف من النازحين في غزة— من أي آلية أو معدّة تساعده على رفع الركام وإيجاد مأوى جديد ولو مؤقتا.
'أنا بوسع عشان أنصب خيمة، بقيم الردم بالطرية.. هنا كان كوم ركام، حاولنا نزيله بالطرية والكريك، وبنرفع الحصى والحجار، وبنحط رمل نظيف عشان ما نتعطل من أي مخلفات مؤذية'، يمسح كرم عرقه، متحدثا مع 'فلسطين أون لاين'.
وكان كرم يسكن في شرق حي التفاح بمدينة غزة، لكن القصف والعدوان البري أزاحا البيت والحياة معا. 'نزحنا، راحت الدار والحياة، واجينا هنا'، يقولها بصوت متعب.
ويضيف: 'حاليا ما بنقدر نوصل هناك، المنطقة صارت خارج الخط الأصفر، وممنوع حد يخشها، الاحتلال حاطط باطون'.
اختار الرجل بقعة من الأرض وسط مدينة غزة، رغم صعوبتها وامتلائها بالحديد والأنقاض، وبدأ بيديه تسويتها.
يشير إلى أطفاله الستة، الذين تبلغ أكبرهم 15 عاما، قائلا وهو ينفض الغبار عن كتفيه: إنه يتحمل هذه المشاق لئلا تبقى أسرته دون مأوى.
منذ أربعة أيام، لا يتوقف عن هذا العمل، مستخدما أدوات بسيطة كـ'المجرفة' اليدوية أو ما تعرف محليا بـ'الكريك'.
ويتابع: 'اليوم بدك تجيب كباش (جرافة) بدك 5 أو 6 آلاف شيكل، والسولار غالي، ما بتقدر على المصاريف هادي'.
وفي ظل منع إدخال المعدات والآليات، يجد النازحون أنفسهم أمام خيار واحد: أن يرفعوا الركام بأيديهم، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
لكن كرم يعمل بحذر، في ظل احتمالات وجود مخلفات احتلالية حربية أيضا، مبينا أنه سيلجأ إلى الجهات المختصة في حال العثور على أي منها.
70 مليون طنا من الركام
في أرض مجاورة، يعمل نازح خمسيني على استصلاح مكان يقيم أيضا عليه خيمة تؤوي أسرته، مستخدما أدوات بدائية.
وتسلب محاولاته لتسوية الأرض طاقته، إلى حد يقول معه لـ 'فلسطين أون لاين'، إنه بالكاد يقوى على الحديث، بعد مسلسل نزوح قسري وتشريد وفقد وتجويع وتعطيش فرضه الاحتلال لسنتين متتاليتين.
وخلفت حرب الإبادة الجماعية 70 مليون طنا من الركام و20 ألف جسم متفجر لم ينفجر بعد في غزة، التي تواجه أكبر كارثة إنشائية وإنسانية في التاريخ الحديث، بحسب بيان سابق للمكتب الإعلامي الحكومي.
ووفق معطيات رسمية، ألقى الاحتلال أكثر من (200 ألف طن من المتفجرات) على قطاع غزة، وهدم الاحتلال البنية التحتية المدنية بنسبة (90%)، وسيطر على أكثر من (80%) من مساحة القطاع بالاجتياح والنار والتهجير القسري، قبل دخول اتفاق وقف حرب الإبادة حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول.
وبموجب الاتفاق، انسحب جيش الاحتلال من قرابة نصف مساحة القطاع، خلف ما بات يعرف بـ'الخط الأصفر'، المرتبط بالمرحلة الأولى من اتفاق وقف الحرب، المبرم بوساطة مصرية قطرية تركية ورعاية أمريكية.
وتواجه عمليات إزالة الركام معوقات جسيمة أبرزها غياب المعدات والآليات الثقيلة نتيجة منع الاحتلال الإسرائيلي إدخالها، وإغلاق المعابر بشكل كامل.
وبينما يحاول كرم، أن يبني مأوى مؤقتا فوق الردم، يهمس بحسرة: 'الحجر بيتعوض، لكن العلم عند الله وقتيش الإعمار، نفسنا يعمرولنا.. جاي علينا شتا، ولا في شوادر ولا خيم».
يشير إلى خيمته الممزقة منذ تسعة أشهر، ثم يعود ليكمل العمل بصمت، يزيح حفنة ركام أخرى، كأنما يزيح ثقل الحرب عن صدره.
المصدر / فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - بيدين متشققتين من الغبار، يغرس يحيى كرم 'الطُرية' في الركام، يرفع الحصى والمسامير والحديد، ثم يجرفها بـ'الكريك' جانبا، محاولا إيجاد مساحة صغيرة تكفي لخيمة تؤويه مع أسرته المكونة من ثمانية أفراد.
بعد سنتين من النزوح القسري وحرب الإبادة، لا يزال الأربعيني كرم يعمل بلا توقف فوق أنقاض كانت يوما منازل وطرقات، يحفر الأرض بأدوات بسيطة بعدما حُرم —مثل مئات الآلاف من النازحين في غزة— من أي آلية أو معدّة تساعده على رفع الركام وإيجاد مأوى جديد ولو مؤقتا.
'أنا بوسع عشان أنصب خيمة، بقيم الردم بالطرية.. هنا كان كوم ركام، حاولنا نزيله بالطرية والكريك، وبنرفع الحصى والحجار، وبنحط رمل نظيف عشان ما نتعطل من أي مخلفات مؤذية'، يمسح كرم عرقه، متحدثا مع 'فلسطين أون لاين'.
وكان كرم يسكن في شرق حي التفاح بمدينة غزة، لكن القصف والعدوان البري أزاحا البيت والحياة معا. 'نزحنا، راحت الدار والحياة، واجينا هنا'، يقولها بصوت متعب.
ويضيف: 'حاليا ما بنقدر نوصل هناك، المنطقة صارت خارج الخط الأصفر، وممنوع حد يخشها، الاحتلال حاطط باطون'.
اختار الرجل بقعة من الأرض وسط مدينة غزة، رغم صعوبتها وامتلائها بالحديد والأنقاض، وبدأ بيديه تسويتها.
يشير إلى أطفاله الستة، الذين تبلغ أكبرهم 15 عاما، قائلا وهو ينفض الغبار عن كتفيه: إنه يتحمل هذه المشاق لئلا تبقى أسرته دون مأوى.
منذ أربعة أيام، لا يتوقف عن هذا العمل، مستخدما أدوات بسيطة كـ'المجرفة' اليدوية أو ما تعرف محليا بـ'الكريك'.
ويتابع: 'اليوم بدك تجيب كباش (جرافة) بدك 5 أو 6 آلاف شيكل، والسولار غالي، ما بتقدر على المصاريف هادي'.
وفي ظل منع إدخال المعدات والآليات، يجد النازحون أنفسهم أمام خيار واحد: أن يرفعوا الركام بأيديهم، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
لكن كرم يعمل بحذر، في ظل احتمالات وجود مخلفات احتلالية حربية أيضا، مبينا أنه سيلجأ إلى الجهات المختصة في حال العثور على أي منها.
70 مليون طنا من الركام
في أرض مجاورة، يعمل نازح خمسيني على استصلاح مكان يقيم أيضا عليه خيمة تؤوي أسرته، مستخدما أدوات بدائية.
وتسلب محاولاته لتسوية الأرض طاقته، إلى حد يقول معه لـ 'فلسطين أون لاين'، إنه بالكاد يقوى على الحديث، بعد مسلسل نزوح قسري وتشريد وفقد وتجويع وتعطيش فرضه الاحتلال لسنتين متتاليتين.
وخلفت حرب الإبادة الجماعية 70 مليون طنا من الركام و20 ألف جسم متفجر لم ينفجر بعد في غزة، التي تواجه أكبر كارثة إنشائية وإنسانية في التاريخ الحديث، بحسب بيان سابق للمكتب الإعلامي الحكومي.
ووفق معطيات رسمية، ألقى الاحتلال أكثر من (200 ألف طن من المتفجرات) على قطاع غزة، وهدم الاحتلال البنية التحتية المدنية بنسبة (90%)، وسيطر على أكثر من (80%) من مساحة القطاع بالاجتياح والنار والتهجير القسري، قبل دخول اتفاق وقف حرب الإبادة حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول.
وبموجب الاتفاق، انسحب جيش الاحتلال من قرابة نصف مساحة القطاع، خلف ما بات يعرف بـ'الخط الأصفر'، المرتبط بالمرحلة الأولى من اتفاق وقف الحرب، المبرم بوساطة مصرية قطرية تركية ورعاية أمريكية.
وتواجه عمليات إزالة الركام معوقات جسيمة أبرزها غياب المعدات والآليات الثقيلة نتيجة منع الاحتلال الإسرائيلي إدخالها، وإغلاق المعابر بشكل كامل.
وبينما يحاول كرم، أن يبني مأوى مؤقتا فوق الردم، يهمس بحسرة: 'الحجر بيتعوض، لكن العلم عند الله وقتيش الإعمار، نفسنا يعمرولنا.. جاي علينا شتا، ولا في شوادر ولا خيم».
يشير إلى خيمته الممزقة منذ تسعة أشهر، ثم يعود ليكمل العمل بصمت، يزيح حفنة ركام أخرى، كأنما يزيح ثقل الحرب عن صدره.
المصدر / فلسطين أون لاين
التعليقات