أخبار اليوم - مثلما كان بالإمكان التوقع مسبقاً، أوضح ترامب سلم أولوياته أمس؛ فهو لا يرى أي مشكلة في بيع الطائرات القتالية المتقدمة من نوع إف35 للسعودية. على الأقل بصورة علنية، هو لا يربط بين صفقة الشراء الكبرى المخطط عقدها وبين اتفاق تطبيع مستقبلي بين السعودية وإسرائيل، وإن كان ما زال يجب أخذ مفاجآت ترامب في الحسبان.
في الوقت نفسه، الرئيس مصمم على التقدم في تنفيذ خطته في قطاع غزة. بهذا الشأن، هو يحمل معه – حتى بعد المصادقة على خطته في مجلس الأمن أول أمس – أخباراً مختلطة من ناحية نتنياهو. وحتى الآن، مثلما في القضية السعودية، هناك أمور واضحة: ترامب يهتم بالمصالح الأمريكية بالأساس، ولا تشابه بين النتيجة النهائية وبين وعود النصر الكثيرة التي نثرها نتنياهو بخصوص الساحات المختلفة.
قال ترامب أمس المفهوم ضمناً بالنسبة لنا: السعوديون حلفاء “رائعون”، لذلك هو ينوي بيعهم طائرات إف 35. في هذه الأثناء على الأقل، لا يذكر في هذا السياق رغبته في التوصل إلى اتفاق تطبيع. يبدو أن نتنياهو يحتاج في هذه المرحلة إلى ذلك أكثر من الشريك المحتمل، بن سلمان، الذي وصل أول أمس لزيارة إلى واشنطن.
للجمهور السعودي تحفظات شديدة من إسرائيل إزاء أفعالها في غزة أثناء الحرب. سيتعين على بن سلمان أن يقرر هل يتجاهل النقد العام في بلاده. ربما يعتقد أنه يحظى بتحقيق طموحاته من الولايات المتحدة بدون المضي بعملة التطبيع مع إسرائيل. أمس، قال بن سلمان بأنه لن يفحص انضمام بلاده إلى اتفاقات إبراهيم إلا في حالة تم ضمان مسار واضح لإقامة دولة فلسطينية، في حين أن ترامب عاد وكرر وعده عدة مرات بأن إسرائيل ستكون مسرورة عندما سئل عن صفقة الطائرات.
في كل الحالات، صرخات النجدة بشأن فقدان تفوق إسرائيل الجوي في الشرق الأوسط مبكرة جداً إلى حد ما. قبل خمسة أشهر، أثبتت إسرائيل تفوقها الجوي المطلق عندما هاجمت طائراتها بدون إزعاج، طلعة وراء أخرى وخلال 12 يوماً، في أرجاء إيران كلها. يرتبط هذا الإنجاز بطائرات إف35 التي حصلت عليها من الولايات المتحدة، لكن لا يفسر بهذا الأمر فقط. لا يوجد اليوم معادل في الشرق الأوسط لقدرات التخطيط والتنفيذ التي يملكها سلاح الجو الإسرائيلي. بالتأكيد، السعوديون ليسوا راكبي جمال فحسب، كما وصفهم قبل فترة قصيرة الوزير سموتريتش باحتقار، ولكن سيمر وقت طويل إلى أن ينجحوا هم أو حتى الأتراك في إغلاق الفجوة المهنية.
صفقة طائرات مشابهة بين الولايات المتحدة والإمارات بموافقة صامتة من نتنياهو، عقدت في 2020 على خلفية اتفاقات إبراهيم، لكنها لم تتحقق بسبب خوف جهاز الأمن الأمريكي من تسريب معلومات حساسة عن الطائرة المتقدمة من الإمارات إلى الصين. هذه المرة يصعب التصديق بأن ترامب سيتنازل على خلفية الهدية الاقتصادية التي يعتقد أنها تنتظره الآن، إذا وقعت كل الاتفاقات الأمنية والاقتصادية مع السعودية.
ما تحتاجه إسرائيل في الظروف الحالية هو التعويض. هذا ما حدث أيضاً في السابق في إطار الالتزام القانوني للإدارات الأمريكية بمبدأ كيو.إم.إي، الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل. لقد حصلت على سلاح دقيق ومنظومات قتالية متقدمة، وحصلت على قدرة عالية للوصول إلى المعلومات الاستخبارية كتعويض عن تزويد أمريكا بالسلاح لدول لم تعتبر أعداء مباشرين لها. كان لها ما تقدمه في المقابل أيضاً. السؤال هو: ما هي قدرة المساومة الحالية لنتنياهو أمام ترامب؟ الرئيس في الواقع يمتدح رئيس الحكومة بشكل دائم، وحتى إنه تدخل بشكل فظ لصالحه في الإجراءات القانونية ضده، ولكن من الواضح من هو الذي يقول الكلمة الأخيرة.
وهذا ينطبق أيضاً على قرار الأمم المتحدة بشأن تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة. هذه بالضبط الأمور التي حارب نتنياهو وحرض ضدها خلال ثلاثة عقود. كما يبدو، ربما تكون إسرائيل راضية: صيغة القرار تتضمن نزع سلاح حماس، وبعد العودة المفاجئة للعشرين مخطوفاً الأحياء (وكل الجثث، باستثناء ثلاثة حتى الآن)، فإنها تملك القليل من الموانع لفعل ذلك. ولكن هناك توجهات لا تتساوق مع الرسائل التي سوقها نتنياهو، وربما أيضاً ليس مع المصلحة الإسرائيلية. هذه خطوة رئيسية قبيل تدويل النزاع، وإذا نجحت مهمة القوة، فمن المرجح طرح المطالبة بمحاولة تطبيق نموذج مشابه أيضاً في الضفة الغربية. صيغة القرار تضع صلاحيات واسعة في يد ترامب، وفي المقابل، لا تبقي أي دور للسلطة الفلسطينية. ثمة خطر من أن الفشل الأمريكي في نشر القوة سيؤدي إلى تراجع سريع، بصورة تعقد الوضع. أما بالنسبة لرؤية اليمين العبثية بشأن ضم قطاع غزة والضفة الغربية، فيبدو أنه لم يبق منها شيء حالياً.
في الوقت الذي ينشغل فيه الائتلاف بشن حرب على المستشارة القانونية للحكومة، ويؤجج أنصاره بمؤامرات ضد المدعية العامة العسكرية السابقة، ثمة تطورات مهمة تحدث على المستوى الاستراتيجي. من الملح أكثر للوزراء الانشغال بتشكيل لجنة عبثية، التي يفترض أنها ستحقق في إخفاقات الحرب، بدلاً من فحص تأثيرها على وضع إسرائيل الإقليمي. نتنياهو بمناوراته يحقق إنجازات سياسية محددة على الصعيد الداخلي، أما على الصعيد الدولي فقد تتلاشى إنجازات الحرب التي تحققت على حساب خسائر فادحة. ويرتبط هذا بشكل مباشر بتصميم رئيس الحكومة على إطالة الحرب على مدى سنتين مع نشر أوهام في أوساط مؤيديه.
في ذلك القرار المجنون؛ أي مهاجمة كبار قادة حماس في قطر في أيلول الماضي، أدى نتنياهو بشكل مباشر إلى اتخاذ قرار من قبل ترامب بفرض صفقة على الطرفين لإنهاء الحرب. بالنسبة للمخطوفين، كانت هذه بشرى ممتازة. من ناحية الحكومة، وقعت أمور مشجعة على نحو أقل: نتنياهو أجبر على الاعتذار علناً أمام قطر، وترامب تعهد بحلف دفاع مع القطريين، ويفحص فعل ذلك مع السعودية أيضاً – في حين أن الاتفاق في غزة يهيئ دوراً حاسماً في القطاع لحكومتي قطر وتركيا، الدولتين الأكثر عداء لإسرائيل، ورعاة مخضرمين لحماس وحركة الإخوان المسلمين.
عاموس هرئيل
هآرتس 19/11/2025
أخبار اليوم - مثلما كان بالإمكان التوقع مسبقاً، أوضح ترامب سلم أولوياته أمس؛ فهو لا يرى أي مشكلة في بيع الطائرات القتالية المتقدمة من نوع إف35 للسعودية. على الأقل بصورة علنية، هو لا يربط بين صفقة الشراء الكبرى المخطط عقدها وبين اتفاق تطبيع مستقبلي بين السعودية وإسرائيل، وإن كان ما زال يجب أخذ مفاجآت ترامب في الحسبان.
في الوقت نفسه، الرئيس مصمم على التقدم في تنفيذ خطته في قطاع غزة. بهذا الشأن، هو يحمل معه – حتى بعد المصادقة على خطته في مجلس الأمن أول أمس – أخباراً مختلطة من ناحية نتنياهو. وحتى الآن، مثلما في القضية السعودية، هناك أمور واضحة: ترامب يهتم بالمصالح الأمريكية بالأساس، ولا تشابه بين النتيجة النهائية وبين وعود النصر الكثيرة التي نثرها نتنياهو بخصوص الساحات المختلفة.
قال ترامب أمس المفهوم ضمناً بالنسبة لنا: السعوديون حلفاء “رائعون”، لذلك هو ينوي بيعهم طائرات إف 35. في هذه الأثناء على الأقل، لا يذكر في هذا السياق رغبته في التوصل إلى اتفاق تطبيع. يبدو أن نتنياهو يحتاج في هذه المرحلة إلى ذلك أكثر من الشريك المحتمل، بن سلمان، الذي وصل أول أمس لزيارة إلى واشنطن.
للجمهور السعودي تحفظات شديدة من إسرائيل إزاء أفعالها في غزة أثناء الحرب. سيتعين على بن سلمان أن يقرر هل يتجاهل النقد العام في بلاده. ربما يعتقد أنه يحظى بتحقيق طموحاته من الولايات المتحدة بدون المضي بعملة التطبيع مع إسرائيل. أمس، قال بن سلمان بأنه لن يفحص انضمام بلاده إلى اتفاقات إبراهيم إلا في حالة تم ضمان مسار واضح لإقامة دولة فلسطينية، في حين أن ترامب عاد وكرر وعده عدة مرات بأن إسرائيل ستكون مسرورة عندما سئل عن صفقة الطائرات.
في كل الحالات، صرخات النجدة بشأن فقدان تفوق إسرائيل الجوي في الشرق الأوسط مبكرة جداً إلى حد ما. قبل خمسة أشهر، أثبتت إسرائيل تفوقها الجوي المطلق عندما هاجمت طائراتها بدون إزعاج، طلعة وراء أخرى وخلال 12 يوماً، في أرجاء إيران كلها. يرتبط هذا الإنجاز بطائرات إف35 التي حصلت عليها من الولايات المتحدة، لكن لا يفسر بهذا الأمر فقط. لا يوجد اليوم معادل في الشرق الأوسط لقدرات التخطيط والتنفيذ التي يملكها سلاح الجو الإسرائيلي. بالتأكيد، السعوديون ليسوا راكبي جمال فحسب، كما وصفهم قبل فترة قصيرة الوزير سموتريتش باحتقار، ولكن سيمر وقت طويل إلى أن ينجحوا هم أو حتى الأتراك في إغلاق الفجوة المهنية.
صفقة طائرات مشابهة بين الولايات المتحدة والإمارات بموافقة صامتة من نتنياهو، عقدت في 2020 على خلفية اتفاقات إبراهيم، لكنها لم تتحقق بسبب خوف جهاز الأمن الأمريكي من تسريب معلومات حساسة عن الطائرة المتقدمة من الإمارات إلى الصين. هذه المرة يصعب التصديق بأن ترامب سيتنازل على خلفية الهدية الاقتصادية التي يعتقد أنها تنتظره الآن، إذا وقعت كل الاتفاقات الأمنية والاقتصادية مع السعودية.
ما تحتاجه إسرائيل في الظروف الحالية هو التعويض. هذا ما حدث أيضاً في السابق في إطار الالتزام القانوني للإدارات الأمريكية بمبدأ كيو.إم.إي، الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل. لقد حصلت على سلاح دقيق ومنظومات قتالية متقدمة، وحصلت على قدرة عالية للوصول إلى المعلومات الاستخبارية كتعويض عن تزويد أمريكا بالسلاح لدول لم تعتبر أعداء مباشرين لها. كان لها ما تقدمه في المقابل أيضاً. السؤال هو: ما هي قدرة المساومة الحالية لنتنياهو أمام ترامب؟ الرئيس في الواقع يمتدح رئيس الحكومة بشكل دائم، وحتى إنه تدخل بشكل فظ لصالحه في الإجراءات القانونية ضده، ولكن من الواضح من هو الذي يقول الكلمة الأخيرة.
وهذا ينطبق أيضاً على قرار الأمم المتحدة بشأن تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة. هذه بالضبط الأمور التي حارب نتنياهو وحرض ضدها خلال ثلاثة عقود. كما يبدو، ربما تكون إسرائيل راضية: صيغة القرار تتضمن نزع سلاح حماس، وبعد العودة المفاجئة للعشرين مخطوفاً الأحياء (وكل الجثث، باستثناء ثلاثة حتى الآن)، فإنها تملك القليل من الموانع لفعل ذلك. ولكن هناك توجهات لا تتساوق مع الرسائل التي سوقها نتنياهو، وربما أيضاً ليس مع المصلحة الإسرائيلية. هذه خطوة رئيسية قبيل تدويل النزاع، وإذا نجحت مهمة القوة، فمن المرجح طرح المطالبة بمحاولة تطبيق نموذج مشابه أيضاً في الضفة الغربية. صيغة القرار تضع صلاحيات واسعة في يد ترامب، وفي المقابل، لا تبقي أي دور للسلطة الفلسطينية. ثمة خطر من أن الفشل الأمريكي في نشر القوة سيؤدي إلى تراجع سريع، بصورة تعقد الوضع. أما بالنسبة لرؤية اليمين العبثية بشأن ضم قطاع غزة والضفة الغربية، فيبدو أنه لم يبق منها شيء حالياً.
في الوقت الذي ينشغل فيه الائتلاف بشن حرب على المستشارة القانونية للحكومة، ويؤجج أنصاره بمؤامرات ضد المدعية العامة العسكرية السابقة، ثمة تطورات مهمة تحدث على المستوى الاستراتيجي. من الملح أكثر للوزراء الانشغال بتشكيل لجنة عبثية، التي يفترض أنها ستحقق في إخفاقات الحرب، بدلاً من فحص تأثيرها على وضع إسرائيل الإقليمي. نتنياهو بمناوراته يحقق إنجازات سياسية محددة على الصعيد الداخلي، أما على الصعيد الدولي فقد تتلاشى إنجازات الحرب التي تحققت على حساب خسائر فادحة. ويرتبط هذا بشكل مباشر بتصميم رئيس الحكومة على إطالة الحرب على مدى سنتين مع نشر أوهام في أوساط مؤيديه.
في ذلك القرار المجنون؛ أي مهاجمة كبار قادة حماس في قطر في أيلول الماضي، أدى نتنياهو بشكل مباشر إلى اتخاذ قرار من قبل ترامب بفرض صفقة على الطرفين لإنهاء الحرب. بالنسبة للمخطوفين، كانت هذه بشرى ممتازة. من ناحية الحكومة، وقعت أمور مشجعة على نحو أقل: نتنياهو أجبر على الاعتذار علناً أمام قطر، وترامب تعهد بحلف دفاع مع القطريين، ويفحص فعل ذلك مع السعودية أيضاً – في حين أن الاتفاق في غزة يهيئ دوراً حاسماً في القطاع لحكومتي قطر وتركيا، الدولتين الأكثر عداء لإسرائيل، ورعاة مخضرمين لحماس وحركة الإخوان المسلمين.
عاموس هرئيل
هآرتس 19/11/2025
أخبار اليوم - مثلما كان بالإمكان التوقع مسبقاً، أوضح ترامب سلم أولوياته أمس؛ فهو لا يرى أي مشكلة في بيع الطائرات القتالية المتقدمة من نوع إف35 للسعودية. على الأقل بصورة علنية، هو لا يربط بين صفقة الشراء الكبرى المخطط عقدها وبين اتفاق تطبيع مستقبلي بين السعودية وإسرائيل، وإن كان ما زال يجب أخذ مفاجآت ترامب في الحسبان.
في الوقت نفسه، الرئيس مصمم على التقدم في تنفيذ خطته في قطاع غزة. بهذا الشأن، هو يحمل معه – حتى بعد المصادقة على خطته في مجلس الأمن أول أمس – أخباراً مختلطة من ناحية نتنياهو. وحتى الآن، مثلما في القضية السعودية، هناك أمور واضحة: ترامب يهتم بالمصالح الأمريكية بالأساس، ولا تشابه بين النتيجة النهائية وبين وعود النصر الكثيرة التي نثرها نتنياهو بخصوص الساحات المختلفة.
قال ترامب أمس المفهوم ضمناً بالنسبة لنا: السعوديون حلفاء “رائعون”، لذلك هو ينوي بيعهم طائرات إف 35. في هذه الأثناء على الأقل، لا يذكر في هذا السياق رغبته في التوصل إلى اتفاق تطبيع. يبدو أن نتنياهو يحتاج في هذه المرحلة إلى ذلك أكثر من الشريك المحتمل، بن سلمان، الذي وصل أول أمس لزيارة إلى واشنطن.
للجمهور السعودي تحفظات شديدة من إسرائيل إزاء أفعالها في غزة أثناء الحرب. سيتعين على بن سلمان أن يقرر هل يتجاهل النقد العام في بلاده. ربما يعتقد أنه يحظى بتحقيق طموحاته من الولايات المتحدة بدون المضي بعملة التطبيع مع إسرائيل. أمس، قال بن سلمان بأنه لن يفحص انضمام بلاده إلى اتفاقات إبراهيم إلا في حالة تم ضمان مسار واضح لإقامة دولة فلسطينية، في حين أن ترامب عاد وكرر وعده عدة مرات بأن إسرائيل ستكون مسرورة عندما سئل عن صفقة الطائرات.
في كل الحالات، صرخات النجدة بشأن فقدان تفوق إسرائيل الجوي في الشرق الأوسط مبكرة جداً إلى حد ما. قبل خمسة أشهر، أثبتت إسرائيل تفوقها الجوي المطلق عندما هاجمت طائراتها بدون إزعاج، طلعة وراء أخرى وخلال 12 يوماً، في أرجاء إيران كلها. يرتبط هذا الإنجاز بطائرات إف35 التي حصلت عليها من الولايات المتحدة، لكن لا يفسر بهذا الأمر فقط. لا يوجد اليوم معادل في الشرق الأوسط لقدرات التخطيط والتنفيذ التي يملكها سلاح الجو الإسرائيلي. بالتأكيد، السعوديون ليسوا راكبي جمال فحسب، كما وصفهم قبل فترة قصيرة الوزير سموتريتش باحتقار، ولكن سيمر وقت طويل إلى أن ينجحوا هم أو حتى الأتراك في إغلاق الفجوة المهنية.
صفقة طائرات مشابهة بين الولايات المتحدة والإمارات بموافقة صامتة من نتنياهو، عقدت في 2020 على خلفية اتفاقات إبراهيم، لكنها لم تتحقق بسبب خوف جهاز الأمن الأمريكي من تسريب معلومات حساسة عن الطائرة المتقدمة من الإمارات إلى الصين. هذه المرة يصعب التصديق بأن ترامب سيتنازل على خلفية الهدية الاقتصادية التي يعتقد أنها تنتظره الآن، إذا وقعت كل الاتفاقات الأمنية والاقتصادية مع السعودية.
ما تحتاجه إسرائيل في الظروف الحالية هو التعويض. هذا ما حدث أيضاً في السابق في إطار الالتزام القانوني للإدارات الأمريكية بمبدأ كيو.إم.إي، الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل. لقد حصلت على سلاح دقيق ومنظومات قتالية متقدمة، وحصلت على قدرة عالية للوصول إلى المعلومات الاستخبارية كتعويض عن تزويد أمريكا بالسلاح لدول لم تعتبر أعداء مباشرين لها. كان لها ما تقدمه في المقابل أيضاً. السؤال هو: ما هي قدرة المساومة الحالية لنتنياهو أمام ترامب؟ الرئيس في الواقع يمتدح رئيس الحكومة بشكل دائم، وحتى إنه تدخل بشكل فظ لصالحه في الإجراءات القانونية ضده، ولكن من الواضح من هو الذي يقول الكلمة الأخيرة.
وهذا ينطبق أيضاً على قرار الأمم المتحدة بشأن تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة. هذه بالضبط الأمور التي حارب نتنياهو وحرض ضدها خلال ثلاثة عقود. كما يبدو، ربما تكون إسرائيل راضية: صيغة القرار تتضمن نزع سلاح حماس، وبعد العودة المفاجئة للعشرين مخطوفاً الأحياء (وكل الجثث، باستثناء ثلاثة حتى الآن)، فإنها تملك القليل من الموانع لفعل ذلك. ولكن هناك توجهات لا تتساوق مع الرسائل التي سوقها نتنياهو، وربما أيضاً ليس مع المصلحة الإسرائيلية. هذه خطوة رئيسية قبيل تدويل النزاع، وإذا نجحت مهمة القوة، فمن المرجح طرح المطالبة بمحاولة تطبيق نموذج مشابه أيضاً في الضفة الغربية. صيغة القرار تضع صلاحيات واسعة في يد ترامب، وفي المقابل، لا تبقي أي دور للسلطة الفلسطينية. ثمة خطر من أن الفشل الأمريكي في نشر القوة سيؤدي إلى تراجع سريع، بصورة تعقد الوضع. أما بالنسبة لرؤية اليمين العبثية بشأن ضم قطاع غزة والضفة الغربية، فيبدو أنه لم يبق منها شيء حالياً.
في الوقت الذي ينشغل فيه الائتلاف بشن حرب على المستشارة القانونية للحكومة، ويؤجج أنصاره بمؤامرات ضد المدعية العامة العسكرية السابقة، ثمة تطورات مهمة تحدث على المستوى الاستراتيجي. من الملح أكثر للوزراء الانشغال بتشكيل لجنة عبثية، التي يفترض أنها ستحقق في إخفاقات الحرب، بدلاً من فحص تأثيرها على وضع إسرائيل الإقليمي. نتنياهو بمناوراته يحقق إنجازات سياسية محددة على الصعيد الداخلي، أما على الصعيد الدولي فقد تتلاشى إنجازات الحرب التي تحققت على حساب خسائر فادحة. ويرتبط هذا بشكل مباشر بتصميم رئيس الحكومة على إطالة الحرب على مدى سنتين مع نشر أوهام في أوساط مؤيديه.
في ذلك القرار المجنون؛ أي مهاجمة كبار قادة حماس في قطر في أيلول الماضي، أدى نتنياهو بشكل مباشر إلى اتخاذ قرار من قبل ترامب بفرض صفقة على الطرفين لإنهاء الحرب. بالنسبة للمخطوفين، كانت هذه بشرى ممتازة. من ناحية الحكومة، وقعت أمور مشجعة على نحو أقل: نتنياهو أجبر على الاعتذار علناً أمام قطر، وترامب تعهد بحلف دفاع مع القطريين، ويفحص فعل ذلك مع السعودية أيضاً – في حين أن الاتفاق في غزة يهيئ دوراً حاسماً في القطاع لحكومتي قطر وتركيا، الدولتين الأكثر عداء لإسرائيل، ورعاة مخضرمين لحماس وحركة الإخوان المسلمين.
عاموس هرئيل
هآرتس 19/11/2025
التعليقات