أخبار اليوم - السؤال قد يبدو بسيطًا، لكنه يفتح بابًا كبيرًا على واقع معقّد: إذا قررت الحكومة يومًا إعفاء شاملًا من مخالفات السير، هل يعني ذلك أن الشارع سيهدأ، وأن السائق سيعود تلقائيًا إلى الالتزام؟ أم أن الفكرة ستُفهم عند الناس كرسالة عكسية: “امشِ اليوم… وبُكرة بنشطب”؟
النقاش الذي يدور بين المواطنين حول هذا السؤال يذهب مباشرة إلى نقطة حساسة: الناس ليست ضد القانون من حيث المبدأ، كثيرون يكررونها بوضوح: “المخالفة حق إذا كانت عادلة، وإذا كانت تمنع الخطر وتحمي الأرواح”. المشكلة، كما يراها الناس، تبدأ عندما يتحول القانون من وسيلة تنظيم إلى شعور يومي بالضغط، وعندما تصبح المخالفة رقمًا يساوي نصف راتب، أو تتضاعف فوق بعضها بين “ونش” و“أرضيات” ورسوم، فتتحول المسألة عند المواطن من “خطأ يجب إصلاحه” إلى “كمين لا مخرج منه”.
هنا ينقسم الناس إلى رأيين واضحين. فريق يقول: الإعفاء الشامل قد يُصلح جزءًا من الأزمة النفسية والمالية، ويعطي الناس فرصة “تصفير” والعودة من جديد، خصوصًا لمن تراكمت عليهم المخالفات وصار الترخيص مستحيلًا عمليًا. هؤلاء يرون أن الإعفاء قد يكون خطوة تهدئة ضرورية، لأن واقع المعيشة ضاغط، ولأن كثيرين وصلوا لمرحلة صار فيها امتلاك سيارة عبئًا لا وسيلة. ويضيفون أن الإعفاء، إذا ترافق مع آلية تقسيط عادلة لاحقًا، أو تخفيضات مدروسة، قد يشجع الناس على ترتيب أوضاعهم بدل الهروب الدائم من الترخيص.
في المقابل، هناك فريق آخر يرد بعصبية أحيانًا: “ليش أعفي؟” ويقول إن المشكلة عندنا سلوك قبل أن تكون قرارات، وإن جزءًا من الفوضى المرورية سببه استسهال المخالفة، والاستهتار، والقيادة بعقلية “أنا مستعجل… غيري يتحمل”. هؤلاء يخافون من أن أي إعفاء شامل سيفهمه البعض كجائزة مجانية على المخالفة، وأنه سيعطي شعورًا بأن الأمور تُحل بالعفو لا بالالتزام، وبالتالي تعود المخالفات بعد شهرين أضعافًا.
لكن الحقيقة، كما يقرأها كثيرون، أن المسألة ليست “إعفاء أو لا”. لأن السؤال الحقيقي أعمق: لماذا لا يلتزم السائق أصلًا؟ هل لأن القانون غير عادل؟ أم لأن التطبيق غير متوازن؟ أم لأن الشارع نفسه صار مكانًا يضغط على السائق في كل شيء: دخل ضعيف، مصاريف يومية، طرق متعبة، إشارات مزدحمة، وكاميرات تُرى أحيانًا كفكرة جباية أكثر منها فكرة سلامة؟
الناس هنا تميّز بين “مخالفة لأنك كدت تقتل أحدًا” و“مخالفة لأنك دخلت مسربًا غلط في شارع مغلق نصفه بحفريات”، بين “مخالفة سرعة متهورة” و“مخالفة شكلية لا تُقنع حتى من كتبها”. هذا التمييز هو الذي يصنع القناعة بالالتزام. لأن الإنسان بطبيعته يطيع القانون عندما يشعر أنه منطقي، ويقاومه عندما يشعر أنه سلاح ضده.
ومن النقاط التي تتكرر كثيرًا في كلام المواطنين موضوع “الونش” و“الأرضيات”. هناك شعور منتشر أن الحجز لا يعاقب المخالفة بقدر ما يعاقب الفقر. لأن من معه يدفع يطلع سيارته خلال ساعة، ومن لا يملك يدخل في دوامة تتضخم يومًا بعد يوم. وهذا تحديدًا ما يجعل البعض يقول إن الإعفاء الشامل قد يكون مفيدًا، لكن بشرط واحد: أن يتبعه إصلاح للطريقة التي تُدار بها العقوبة، وأن تُفصل السلامة المرورية عن أي مسارات فيها تنفيع أو مبالغات.
أما عن الالتزام بعد الإعفاء، فالصورة الواقعية تقول: نعم، جزء سيلتزم إذا شعر أن الدولة تعاملت معه بعدالة وأنها أعطته فرصة معقولة. وجزء آخر قد لا يتغير إذا بقيت الثقافة المرورية نفسها، وإذا بقيت المخالفة في نظره “قدَرًا” وليس نتيجة. لذلك، الإعفاء وحده لا يصنع التزامًا، لكنه قد يصنع بداية جديدة إذا رافقته قواعد أوضح، واعتراضات أسهل على المخالفات الخاطئة، وقيم مخالفة متناسبة مع الدخل، وتطبيق لا يترك المواطن يشعر أنه وحده من يدفع دائمًا.
وبالنهاية، لو بدنا نكون صريحين: الالتزام ما يجي بالخوف وحده، يجي بالقناعة. والقناعة ما تولد في شارع يشعر فيه الناس أن القانون يُطبق عليهم فقط، بينما همومهم تتراكم عليهم من كل اتجاه. السؤال إذن لا يتوقف عند “هل سيلتزم السائق؟” بل يمتد إلى سؤال أكبر: هل نحن نريد قانون سير يخفف الحوادث ويهذب الشارع… أم نريد نظامًا يضاعف الأرقام ويترك الناس تتخانق مع بعضها كل يوم؟
أخبار اليوم - السؤال قد يبدو بسيطًا، لكنه يفتح بابًا كبيرًا على واقع معقّد: إذا قررت الحكومة يومًا إعفاء شاملًا من مخالفات السير، هل يعني ذلك أن الشارع سيهدأ، وأن السائق سيعود تلقائيًا إلى الالتزام؟ أم أن الفكرة ستُفهم عند الناس كرسالة عكسية: “امشِ اليوم… وبُكرة بنشطب”؟
النقاش الذي يدور بين المواطنين حول هذا السؤال يذهب مباشرة إلى نقطة حساسة: الناس ليست ضد القانون من حيث المبدأ، كثيرون يكررونها بوضوح: “المخالفة حق إذا كانت عادلة، وإذا كانت تمنع الخطر وتحمي الأرواح”. المشكلة، كما يراها الناس، تبدأ عندما يتحول القانون من وسيلة تنظيم إلى شعور يومي بالضغط، وعندما تصبح المخالفة رقمًا يساوي نصف راتب، أو تتضاعف فوق بعضها بين “ونش” و“أرضيات” ورسوم، فتتحول المسألة عند المواطن من “خطأ يجب إصلاحه” إلى “كمين لا مخرج منه”.
هنا ينقسم الناس إلى رأيين واضحين. فريق يقول: الإعفاء الشامل قد يُصلح جزءًا من الأزمة النفسية والمالية، ويعطي الناس فرصة “تصفير” والعودة من جديد، خصوصًا لمن تراكمت عليهم المخالفات وصار الترخيص مستحيلًا عمليًا. هؤلاء يرون أن الإعفاء قد يكون خطوة تهدئة ضرورية، لأن واقع المعيشة ضاغط، ولأن كثيرين وصلوا لمرحلة صار فيها امتلاك سيارة عبئًا لا وسيلة. ويضيفون أن الإعفاء، إذا ترافق مع آلية تقسيط عادلة لاحقًا، أو تخفيضات مدروسة، قد يشجع الناس على ترتيب أوضاعهم بدل الهروب الدائم من الترخيص.
في المقابل، هناك فريق آخر يرد بعصبية أحيانًا: “ليش أعفي؟” ويقول إن المشكلة عندنا سلوك قبل أن تكون قرارات، وإن جزءًا من الفوضى المرورية سببه استسهال المخالفة، والاستهتار، والقيادة بعقلية “أنا مستعجل… غيري يتحمل”. هؤلاء يخافون من أن أي إعفاء شامل سيفهمه البعض كجائزة مجانية على المخالفة، وأنه سيعطي شعورًا بأن الأمور تُحل بالعفو لا بالالتزام، وبالتالي تعود المخالفات بعد شهرين أضعافًا.
لكن الحقيقة، كما يقرأها كثيرون، أن المسألة ليست “إعفاء أو لا”. لأن السؤال الحقيقي أعمق: لماذا لا يلتزم السائق أصلًا؟ هل لأن القانون غير عادل؟ أم لأن التطبيق غير متوازن؟ أم لأن الشارع نفسه صار مكانًا يضغط على السائق في كل شيء: دخل ضعيف، مصاريف يومية، طرق متعبة، إشارات مزدحمة، وكاميرات تُرى أحيانًا كفكرة جباية أكثر منها فكرة سلامة؟
الناس هنا تميّز بين “مخالفة لأنك كدت تقتل أحدًا” و“مخالفة لأنك دخلت مسربًا غلط في شارع مغلق نصفه بحفريات”، بين “مخالفة سرعة متهورة” و“مخالفة شكلية لا تُقنع حتى من كتبها”. هذا التمييز هو الذي يصنع القناعة بالالتزام. لأن الإنسان بطبيعته يطيع القانون عندما يشعر أنه منطقي، ويقاومه عندما يشعر أنه سلاح ضده.
ومن النقاط التي تتكرر كثيرًا في كلام المواطنين موضوع “الونش” و“الأرضيات”. هناك شعور منتشر أن الحجز لا يعاقب المخالفة بقدر ما يعاقب الفقر. لأن من معه يدفع يطلع سيارته خلال ساعة، ومن لا يملك يدخل في دوامة تتضخم يومًا بعد يوم. وهذا تحديدًا ما يجعل البعض يقول إن الإعفاء الشامل قد يكون مفيدًا، لكن بشرط واحد: أن يتبعه إصلاح للطريقة التي تُدار بها العقوبة، وأن تُفصل السلامة المرورية عن أي مسارات فيها تنفيع أو مبالغات.
أما عن الالتزام بعد الإعفاء، فالصورة الواقعية تقول: نعم، جزء سيلتزم إذا شعر أن الدولة تعاملت معه بعدالة وأنها أعطته فرصة معقولة. وجزء آخر قد لا يتغير إذا بقيت الثقافة المرورية نفسها، وإذا بقيت المخالفة في نظره “قدَرًا” وليس نتيجة. لذلك، الإعفاء وحده لا يصنع التزامًا، لكنه قد يصنع بداية جديدة إذا رافقته قواعد أوضح، واعتراضات أسهل على المخالفات الخاطئة، وقيم مخالفة متناسبة مع الدخل، وتطبيق لا يترك المواطن يشعر أنه وحده من يدفع دائمًا.
وبالنهاية، لو بدنا نكون صريحين: الالتزام ما يجي بالخوف وحده، يجي بالقناعة. والقناعة ما تولد في شارع يشعر فيه الناس أن القانون يُطبق عليهم فقط، بينما همومهم تتراكم عليهم من كل اتجاه. السؤال إذن لا يتوقف عند “هل سيلتزم السائق؟” بل يمتد إلى سؤال أكبر: هل نحن نريد قانون سير يخفف الحوادث ويهذب الشارع… أم نريد نظامًا يضاعف الأرقام ويترك الناس تتخانق مع بعضها كل يوم؟
أخبار اليوم - السؤال قد يبدو بسيطًا، لكنه يفتح بابًا كبيرًا على واقع معقّد: إذا قررت الحكومة يومًا إعفاء شاملًا من مخالفات السير، هل يعني ذلك أن الشارع سيهدأ، وأن السائق سيعود تلقائيًا إلى الالتزام؟ أم أن الفكرة ستُفهم عند الناس كرسالة عكسية: “امشِ اليوم… وبُكرة بنشطب”؟
النقاش الذي يدور بين المواطنين حول هذا السؤال يذهب مباشرة إلى نقطة حساسة: الناس ليست ضد القانون من حيث المبدأ، كثيرون يكررونها بوضوح: “المخالفة حق إذا كانت عادلة، وإذا كانت تمنع الخطر وتحمي الأرواح”. المشكلة، كما يراها الناس، تبدأ عندما يتحول القانون من وسيلة تنظيم إلى شعور يومي بالضغط، وعندما تصبح المخالفة رقمًا يساوي نصف راتب، أو تتضاعف فوق بعضها بين “ونش” و“أرضيات” ورسوم، فتتحول المسألة عند المواطن من “خطأ يجب إصلاحه” إلى “كمين لا مخرج منه”.
هنا ينقسم الناس إلى رأيين واضحين. فريق يقول: الإعفاء الشامل قد يُصلح جزءًا من الأزمة النفسية والمالية، ويعطي الناس فرصة “تصفير” والعودة من جديد، خصوصًا لمن تراكمت عليهم المخالفات وصار الترخيص مستحيلًا عمليًا. هؤلاء يرون أن الإعفاء قد يكون خطوة تهدئة ضرورية، لأن واقع المعيشة ضاغط، ولأن كثيرين وصلوا لمرحلة صار فيها امتلاك سيارة عبئًا لا وسيلة. ويضيفون أن الإعفاء، إذا ترافق مع آلية تقسيط عادلة لاحقًا، أو تخفيضات مدروسة، قد يشجع الناس على ترتيب أوضاعهم بدل الهروب الدائم من الترخيص.
في المقابل، هناك فريق آخر يرد بعصبية أحيانًا: “ليش أعفي؟” ويقول إن المشكلة عندنا سلوك قبل أن تكون قرارات، وإن جزءًا من الفوضى المرورية سببه استسهال المخالفة، والاستهتار، والقيادة بعقلية “أنا مستعجل… غيري يتحمل”. هؤلاء يخافون من أن أي إعفاء شامل سيفهمه البعض كجائزة مجانية على المخالفة، وأنه سيعطي شعورًا بأن الأمور تُحل بالعفو لا بالالتزام، وبالتالي تعود المخالفات بعد شهرين أضعافًا.
لكن الحقيقة، كما يقرأها كثيرون، أن المسألة ليست “إعفاء أو لا”. لأن السؤال الحقيقي أعمق: لماذا لا يلتزم السائق أصلًا؟ هل لأن القانون غير عادل؟ أم لأن التطبيق غير متوازن؟ أم لأن الشارع نفسه صار مكانًا يضغط على السائق في كل شيء: دخل ضعيف، مصاريف يومية، طرق متعبة، إشارات مزدحمة، وكاميرات تُرى أحيانًا كفكرة جباية أكثر منها فكرة سلامة؟
الناس هنا تميّز بين “مخالفة لأنك كدت تقتل أحدًا” و“مخالفة لأنك دخلت مسربًا غلط في شارع مغلق نصفه بحفريات”، بين “مخالفة سرعة متهورة” و“مخالفة شكلية لا تُقنع حتى من كتبها”. هذا التمييز هو الذي يصنع القناعة بالالتزام. لأن الإنسان بطبيعته يطيع القانون عندما يشعر أنه منطقي، ويقاومه عندما يشعر أنه سلاح ضده.
ومن النقاط التي تتكرر كثيرًا في كلام المواطنين موضوع “الونش” و“الأرضيات”. هناك شعور منتشر أن الحجز لا يعاقب المخالفة بقدر ما يعاقب الفقر. لأن من معه يدفع يطلع سيارته خلال ساعة، ومن لا يملك يدخل في دوامة تتضخم يومًا بعد يوم. وهذا تحديدًا ما يجعل البعض يقول إن الإعفاء الشامل قد يكون مفيدًا، لكن بشرط واحد: أن يتبعه إصلاح للطريقة التي تُدار بها العقوبة، وأن تُفصل السلامة المرورية عن أي مسارات فيها تنفيع أو مبالغات.
أما عن الالتزام بعد الإعفاء، فالصورة الواقعية تقول: نعم، جزء سيلتزم إذا شعر أن الدولة تعاملت معه بعدالة وأنها أعطته فرصة معقولة. وجزء آخر قد لا يتغير إذا بقيت الثقافة المرورية نفسها، وإذا بقيت المخالفة في نظره “قدَرًا” وليس نتيجة. لذلك، الإعفاء وحده لا يصنع التزامًا، لكنه قد يصنع بداية جديدة إذا رافقته قواعد أوضح، واعتراضات أسهل على المخالفات الخاطئة، وقيم مخالفة متناسبة مع الدخل، وتطبيق لا يترك المواطن يشعر أنه وحده من يدفع دائمًا.
وبالنهاية، لو بدنا نكون صريحين: الالتزام ما يجي بالخوف وحده، يجي بالقناعة. والقناعة ما تولد في شارع يشعر فيه الناس أن القانون يُطبق عليهم فقط، بينما همومهم تتراكم عليهم من كل اتجاه. السؤال إذن لا يتوقف عند “هل سيلتزم السائق؟” بل يمتد إلى سؤال أكبر: هل نحن نريد قانون سير يخفف الحوادث ويهذب الشارع… أم نريد نظامًا يضاعف الأرقام ويترك الناس تتخانق مع بعضها كل يوم؟
التعليقات