أخبار اليوم - وسط بقايا الخيام الممزقة في مراكز إيواء النازحين المدمّرة منازلهم، تختلط آلام الحرب وتبعاتها بوجع الفقد والحرمان، ليس من ذويهم فحسب، بل أيضًا من الطعام والمياه النظيفة.
في قطاع غزة، الذي يتعرض لحرب إبادة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يعيش آلاف النازحين ظروفًا مأساوية في مراكز إيواء مؤقتة أُقيمت على عجل، عقب موجة التدمير الواسعة التي طالت منازلهم، ودمرت مخيمات وبلدات كاملة.
ورافق ذلك حصارٌ مطبق فرضه جيش الاحتلال منذ بداية الحرب، تبعه إغلاقٌ كامل لمعابر غزة ومنعُ وصول المساعدات الإغاثية مطلع مارس/ آذار 2025. على إثر ذلك، باتت الحياة هنا في القطاع المكتظ سكانيًا تفتقر إلى أبسط ضروريات البقاء؛ فلم يعد لدى غالبية المواطنين، البالغ تعدادهم أكثر من مليوني ومئتي ألف نسمة، طعامٌ ولا ماءٌ نظيف، ولا حتى دواء.
داخل أحد مراكز الإيواء، يعيش محمود عفانة تحت سقف خيمة بالية بالكاد تستطيع أن تَستُر زوجته وبناته الثلاث، أكبرهن أسيل (16 عامًا) وأصغرهن بسنت (9 أعوام).
هذا الشاب، البالغ من العمر (38 عامًا)، لم يكتفِ الاحتلال بتدمير منزله في منطقة تل الزعتر شمالي قطاع غزة، بل أصابه أيضًا خلال قصفٍ مدفعي استهدف مجموعة من المواطنين على شارع صلاح الدين، بالقرب من مفترق الكويتي، أثناء انتظارهم المساعدات الإغاثية في مارس 2024.
أدى القصف حينها إلى بتر ساقه اليسرى من الأعلى، وبات يعتمد على عكازين للتنقل، وحرمته الإصابة من مزاولة أي عمل.
'قبل الحرب، كنت أعمل شيفًا في مطعم، وأُعدّ أشهى المأكولات. الآن لم يعد بإمكاني فعل شيء'، يقول عفانة بصوتٍ متقطع، وكأنه ما زال يعيش تحت تأثير الصدمة.
يضيف لصحيفة 'فلسطين': 'أذكر جيدًا كيف كنت أجلب أفضل الطعام والمأكولات لزوجتي وبناتي. أما اليوم فقد نفد الطحين لدينا، ولم نعد نملك سوى حفنة من العدس ومعلّبات البازلاء.. إننا نجوع حقًّا، ولا نحتمل أكثر من ذلك.'
ولا تقتصر مأساة عفانة على هدم منزله وإصابته وحالة الجوع التي تعانيها أسرته، بل إن قوات جيش الاحتلال تعتقل شقيقيه التوأمين إياد وجهاد (35 عامًا)، وله أيضًا شقيق استُشهد عام 2003، في حين أن والده استُشهد عام 2004.
في الجوار القريب، كانت المسنّة كفاح بعلوشة تجلس على كرسي وتنظر بألم إلى حفيدها أمير، البالغ من العمر 11 عامًا، وهو يتضور جوعًا في مركز لإيواء النازحين.
تقول: 'كنا نعيش في بيت بسيط، لكنه كان يحمينا. في ليلة واحدة دُمّر كل شيء. خرجنا تحت القصف نركض، لم نحمل معنا شيئًا. الآن لا نجد ما نأكله بسبب الحصار وإغلاق المعابر.'
تضيف لـ'فلسطين' وهي تشير إلى وعاءٍ بلاستيكي: 'هذا كل ما لدينا من الماء، نجمعه من عربات المياه.'
وكانت بعلوشة قد فقدت منزلها بعدما دمّر جيش الاحتلال مدينة أبراج الشيخ زايد شمالي القطاع، ولم تجد مأوى لها ولحفيدها سوى خيمة في قلب مدينة غزة، وتحديدًا عند دوار أبو علبة.
وتتحمّل المسنّة بعلوشة مسؤولية تربية حفيدها أمير، بعدما استُشهد شقيقه عدنان ووالدهما حاتم إبّان حرب الإبادة الإسرائيلية. 'أشعر بهمٍّ كبير يلاحقني. هذا الطفل (أمير) لم يأكل منذ يومين سوى نصف رغيف. الطعام لا يكفينا جميعًا، فنقسّمه على الأطفال، أما الكبار فيصبرون.'
ولا يختلف الحال كثيرًا بالنسبة للنازحة سحر عبيد (51 عامًا)، وهي تقيم حاليًا تحت خيمة من النايلون المهترئ في مركز إيواء لجأت إليه مع بناتها الخمس، أكبرهن تبلغ (22 عامًا) وأصغرهن (17 عامًا)، بعد تدمير منزلها في محافظة شمال القطاع.
تتحدث عبيد لـ'فلسطين' عن معاناة النساء في المخيم بلهجة يائسة: 'لا خصوصية لنا، لا دورات مياه كافية، ونضطر أحيانًا للانتظار ساعات لاستخدام مرحاض واحد. النظافة معدومة، والنساء يخفن من الليل.'
تحاول عبيد أن تتمسك بالأمل، لكنها تضيف: 'لا أحد يلتفت إلينا. حتى المنظمات لم تأتِ منذ أيام، ولم نستلم مساعدات إغاثية منذ أشهر. لا نعلم كم سنبقى هكذا بدون طعام، وربما نموت هنا دون أن يعلم بنا أحد.'
في قطاع غزة، الذي بات في نظر أهله بقعةً منسية من الأرض، يعيش المواطنون دون طعام كافٍ، دون ماء صالح للشرب، ودون دواء يخفف أوجاعهم. تتآكل أجساد الأطفال من سوء التغذية، وتغرق النساء في خوفٍ دائم، فيما يتحوّل الرجال إلى أرقامٍ في طوابير التكيات والمساعدات المعدومة.
المصدر / فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - وسط بقايا الخيام الممزقة في مراكز إيواء النازحين المدمّرة منازلهم، تختلط آلام الحرب وتبعاتها بوجع الفقد والحرمان، ليس من ذويهم فحسب، بل أيضًا من الطعام والمياه النظيفة.
في قطاع غزة، الذي يتعرض لحرب إبادة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يعيش آلاف النازحين ظروفًا مأساوية في مراكز إيواء مؤقتة أُقيمت على عجل، عقب موجة التدمير الواسعة التي طالت منازلهم، ودمرت مخيمات وبلدات كاملة.
ورافق ذلك حصارٌ مطبق فرضه جيش الاحتلال منذ بداية الحرب، تبعه إغلاقٌ كامل لمعابر غزة ومنعُ وصول المساعدات الإغاثية مطلع مارس/ آذار 2025. على إثر ذلك، باتت الحياة هنا في القطاع المكتظ سكانيًا تفتقر إلى أبسط ضروريات البقاء؛ فلم يعد لدى غالبية المواطنين، البالغ تعدادهم أكثر من مليوني ومئتي ألف نسمة، طعامٌ ولا ماءٌ نظيف، ولا حتى دواء.
داخل أحد مراكز الإيواء، يعيش محمود عفانة تحت سقف خيمة بالية بالكاد تستطيع أن تَستُر زوجته وبناته الثلاث، أكبرهن أسيل (16 عامًا) وأصغرهن بسنت (9 أعوام).
هذا الشاب، البالغ من العمر (38 عامًا)، لم يكتفِ الاحتلال بتدمير منزله في منطقة تل الزعتر شمالي قطاع غزة، بل أصابه أيضًا خلال قصفٍ مدفعي استهدف مجموعة من المواطنين على شارع صلاح الدين، بالقرب من مفترق الكويتي، أثناء انتظارهم المساعدات الإغاثية في مارس 2024.
أدى القصف حينها إلى بتر ساقه اليسرى من الأعلى، وبات يعتمد على عكازين للتنقل، وحرمته الإصابة من مزاولة أي عمل.
'قبل الحرب، كنت أعمل شيفًا في مطعم، وأُعدّ أشهى المأكولات. الآن لم يعد بإمكاني فعل شيء'، يقول عفانة بصوتٍ متقطع، وكأنه ما زال يعيش تحت تأثير الصدمة.
يضيف لصحيفة 'فلسطين': 'أذكر جيدًا كيف كنت أجلب أفضل الطعام والمأكولات لزوجتي وبناتي. أما اليوم فقد نفد الطحين لدينا، ولم نعد نملك سوى حفنة من العدس ومعلّبات البازلاء.. إننا نجوع حقًّا، ولا نحتمل أكثر من ذلك.'
ولا تقتصر مأساة عفانة على هدم منزله وإصابته وحالة الجوع التي تعانيها أسرته، بل إن قوات جيش الاحتلال تعتقل شقيقيه التوأمين إياد وجهاد (35 عامًا)، وله أيضًا شقيق استُشهد عام 2003، في حين أن والده استُشهد عام 2004.
في الجوار القريب، كانت المسنّة كفاح بعلوشة تجلس على كرسي وتنظر بألم إلى حفيدها أمير، البالغ من العمر 11 عامًا، وهو يتضور جوعًا في مركز لإيواء النازحين.
تقول: 'كنا نعيش في بيت بسيط، لكنه كان يحمينا. في ليلة واحدة دُمّر كل شيء. خرجنا تحت القصف نركض، لم نحمل معنا شيئًا. الآن لا نجد ما نأكله بسبب الحصار وإغلاق المعابر.'
تضيف لـ'فلسطين' وهي تشير إلى وعاءٍ بلاستيكي: 'هذا كل ما لدينا من الماء، نجمعه من عربات المياه.'
وكانت بعلوشة قد فقدت منزلها بعدما دمّر جيش الاحتلال مدينة أبراج الشيخ زايد شمالي القطاع، ولم تجد مأوى لها ولحفيدها سوى خيمة في قلب مدينة غزة، وتحديدًا عند دوار أبو علبة.
وتتحمّل المسنّة بعلوشة مسؤولية تربية حفيدها أمير، بعدما استُشهد شقيقه عدنان ووالدهما حاتم إبّان حرب الإبادة الإسرائيلية. 'أشعر بهمٍّ كبير يلاحقني. هذا الطفل (أمير) لم يأكل منذ يومين سوى نصف رغيف. الطعام لا يكفينا جميعًا، فنقسّمه على الأطفال، أما الكبار فيصبرون.'
ولا يختلف الحال كثيرًا بالنسبة للنازحة سحر عبيد (51 عامًا)، وهي تقيم حاليًا تحت خيمة من النايلون المهترئ في مركز إيواء لجأت إليه مع بناتها الخمس، أكبرهن تبلغ (22 عامًا) وأصغرهن (17 عامًا)، بعد تدمير منزلها في محافظة شمال القطاع.
تتحدث عبيد لـ'فلسطين' عن معاناة النساء في المخيم بلهجة يائسة: 'لا خصوصية لنا، لا دورات مياه كافية، ونضطر أحيانًا للانتظار ساعات لاستخدام مرحاض واحد. النظافة معدومة، والنساء يخفن من الليل.'
تحاول عبيد أن تتمسك بالأمل، لكنها تضيف: 'لا أحد يلتفت إلينا. حتى المنظمات لم تأتِ منذ أيام، ولم نستلم مساعدات إغاثية منذ أشهر. لا نعلم كم سنبقى هكذا بدون طعام، وربما نموت هنا دون أن يعلم بنا أحد.'
في قطاع غزة، الذي بات في نظر أهله بقعةً منسية من الأرض، يعيش المواطنون دون طعام كافٍ، دون ماء صالح للشرب، ودون دواء يخفف أوجاعهم. تتآكل أجساد الأطفال من سوء التغذية، وتغرق النساء في خوفٍ دائم، فيما يتحوّل الرجال إلى أرقامٍ في طوابير التكيات والمساعدات المعدومة.
المصدر / فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - وسط بقايا الخيام الممزقة في مراكز إيواء النازحين المدمّرة منازلهم، تختلط آلام الحرب وتبعاتها بوجع الفقد والحرمان، ليس من ذويهم فحسب، بل أيضًا من الطعام والمياه النظيفة.
في قطاع غزة، الذي يتعرض لحرب إبادة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يعيش آلاف النازحين ظروفًا مأساوية في مراكز إيواء مؤقتة أُقيمت على عجل، عقب موجة التدمير الواسعة التي طالت منازلهم، ودمرت مخيمات وبلدات كاملة.
ورافق ذلك حصارٌ مطبق فرضه جيش الاحتلال منذ بداية الحرب، تبعه إغلاقٌ كامل لمعابر غزة ومنعُ وصول المساعدات الإغاثية مطلع مارس/ آذار 2025. على إثر ذلك، باتت الحياة هنا في القطاع المكتظ سكانيًا تفتقر إلى أبسط ضروريات البقاء؛ فلم يعد لدى غالبية المواطنين، البالغ تعدادهم أكثر من مليوني ومئتي ألف نسمة، طعامٌ ولا ماءٌ نظيف، ولا حتى دواء.
داخل أحد مراكز الإيواء، يعيش محمود عفانة تحت سقف خيمة بالية بالكاد تستطيع أن تَستُر زوجته وبناته الثلاث، أكبرهن أسيل (16 عامًا) وأصغرهن بسنت (9 أعوام).
هذا الشاب، البالغ من العمر (38 عامًا)، لم يكتفِ الاحتلال بتدمير منزله في منطقة تل الزعتر شمالي قطاع غزة، بل أصابه أيضًا خلال قصفٍ مدفعي استهدف مجموعة من المواطنين على شارع صلاح الدين، بالقرب من مفترق الكويتي، أثناء انتظارهم المساعدات الإغاثية في مارس 2024.
أدى القصف حينها إلى بتر ساقه اليسرى من الأعلى، وبات يعتمد على عكازين للتنقل، وحرمته الإصابة من مزاولة أي عمل.
'قبل الحرب، كنت أعمل شيفًا في مطعم، وأُعدّ أشهى المأكولات. الآن لم يعد بإمكاني فعل شيء'، يقول عفانة بصوتٍ متقطع، وكأنه ما زال يعيش تحت تأثير الصدمة.
يضيف لصحيفة 'فلسطين': 'أذكر جيدًا كيف كنت أجلب أفضل الطعام والمأكولات لزوجتي وبناتي. أما اليوم فقد نفد الطحين لدينا، ولم نعد نملك سوى حفنة من العدس ومعلّبات البازلاء.. إننا نجوع حقًّا، ولا نحتمل أكثر من ذلك.'
ولا تقتصر مأساة عفانة على هدم منزله وإصابته وحالة الجوع التي تعانيها أسرته، بل إن قوات جيش الاحتلال تعتقل شقيقيه التوأمين إياد وجهاد (35 عامًا)، وله أيضًا شقيق استُشهد عام 2003، في حين أن والده استُشهد عام 2004.
في الجوار القريب، كانت المسنّة كفاح بعلوشة تجلس على كرسي وتنظر بألم إلى حفيدها أمير، البالغ من العمر 11 عامًا، وهو يتضور جوعًا في مركز لإيواء النازحين.
تقول: 'كنا نعيش في بيت بسيط، لكنه كان يحمينا. في ليلة واحدة دُمّر كل شيء. خرجنا تحت القصف نركض، لم نحمل معنا شيئًا. الآن لا نجد ما نأكله بسبب الحصار وإغلاق المعابر.'
تضيف لـ'فلسطين' وهي تشير إلى وعاءٍ بلاستيكي: 'هذا كل ما لدينا من الماء، نجمعه من عربات المياه.'
وكانت بعلوشة قد فقدت منزلها بعدما دمّر جيش الاحتلال مدينة أبراج الشيخ زايد شمالي القطاع، ولم تجد مأوى لها ولحفيدها سوى خيمة في قلب مدينة غزة، وتحديدًا عند دوار أبو علبة.
وتتحمّل المسنّة بعلوشة مسؤولية تربية حفيدها أمير، بعدما استُشهد شقيقه عدنان ووالدهما حاتم إبّان حرب الإبادة الإسرائيلية. 'أشعر بهمٍّ كبير يلاحقني. هذا الطفل (أمير) لم يأكل منذ يومين سوى نصف رغيف. الطعام لا يكفينا جميعًا، فنقسّمه على الأطفال، أما الكبار فيصبرون.'
ولا يختلف الحال كثيرًا بالنسبة للنازحة سحر عبيد (51 عامًا)، وهي تقيم حاليًا تحت خيمة من النايلون المهترئ في مركز إيواء لجأت إليه مع بناتها الخمس، أكبرهن تبلغ (22 عامًا) وأصغرهن (17 عامًا)، بعد تدمير منزلها في محافظة شمال القطاع.
تتحدث عبيد لـ'فلسطين' عن معاناة النساء في المخيم بلهجة يائسة: 'لا خصوصية لنا، لا دورات مياه كافية، ونضطر أحيانًا للانتظار ساعات لاستخدام مرحاض واحد. النظافة معدومة، والنساء يخفن من الليل.'
تحاول عبيد أن تتمسك بالأمل، لكنها تضيف: 'لا أحد يلتفت إلينا. حتى المنظمات لم تأتِ منذ أيام، ولم نستلم مساعدات إغاثية منذ أشهر. لا نعلم كم سنبقى هكذا بدون طعام، وربما نموت هنا دون أن يعلم بنا أحد.'
في قطاع غزة، الذي بات في نظر أهله بقعةً منسية من الأرض، يعيش المواطنون دون طعام كافٍ، دون ماء صالح للشرب، ودون دواء يخفف أوجاعهم. تتآكل أجساد الأطفال من سوء التغذية، وتغرق النساء في خوفٍ دائم، فيما يتحوّل الرجال إلى أرقامٍ في طوابير التكيات والمساعدات المعدومة.
المصدر / فلسطين أون لاين
التعليقات