د.هديل شقير/دكتوراة في الإعلام السياسي
أول ما أعلّمه لطلبتي في ألف باء الإعلام أن هناك عناصر يجب أن يستشعرها الإعلامي، أو الصحفي تحديداً، ليمضي قُدماً في أي معلومة ولينتقل بها إلى مستوى أن يجعل منها خبراً، وهي أن يُقدّم تطوراً جديداً على حدث، أو أن يكون هناك جانب إنساني في الحدث، أو أن يكون هناك غرابة في الحدث، أو يهمّ شريحة من الناس. هنا أقف أمام ما نشرته مؤخراً 'ميدل إيست آي' عن جانب من الدور الأردني الداعم لغزة، وأضع ما نُشر تحت المجهر فلا أجد أي عنصر من العناصر الأربعة السابقة. إلاّ إذا اعتبرنا أن العنصر الرابع، أن يهم الحدث شريحة من الناس، قد ينطبق إذا اعتبرنا أن هناك شريحة لا تؤمن بدور الأردن، أو بالأحرى لا يطيب لها هذا الدور.
كما أنني أذكّر دوماً بأن وصولك لمرحلة التأثير في الإعلام يتطلّب منك أن تبدأ ببساطة بنقل الأخبار ثم تنتقل إلى دور أعمق بأن تشبع الجمهور بالمعلومات من باب الوعي، وبعدها ستتمكّن، لأنك حصلت على ثقة الجمهور، من الوصول للمرحلة الثالثة وهي التأثير والتغيير. وهنا يكمن الخطر؛ إذ يمكنك أن تدسّ السم بالعسل بالمقدار الذي ترغب وعلى جرعات متزايدة. هذا الأسلوب الذي أتقنته 'ميدل إيست آي' عندما عززت لدى جمهورها أنها العين التي ترى ما لا يُرى.
في تقريرها الأخير، زعمت 'ميدل إيست آي' أن السلطات الأردنية حققت أرباحاً تصل إلى 400,000 دولار أمريكي لكل عملية إسقاط جوي للمساعدات إلى غزة، مستندةً إلى مصادر مجهولة الهوية. هذا النوع من التقارير، الذي يعتمد على مصادر غير معروفة، يثير تساؤلات جدية حول مصداقية المعلومات ودوافع نشرها، خاصة عندما يتعلق الأمر بمواضيع حساسة تمس الأمن القومي والمواقف الإنسانية لدولة مثل الأردن.
استخدام المصادر المجهولة في الصحافة يجب أن يكون استثناء وليس قاعدة، ويُبرر فقط في الحالات التي يكون فيها الكشف عن الهوية قد يعرض المصدر لخطر حقيقي. لكن عندما يُستخدم هذا الأسلوب لتوجيه اتهامات خطيرة دون تقديم أدلة ملموسة أو وثائق داعمة، فإنه يتحول إلى أداة للتضليل وليس للإعلام المسؤول.
من الجدير بالذكر أن 'ميدل إيست آي' نشرت في السابق تقارير تستهدف الأردن، مثل تقريرها عن اقتراح أردني مزعوم لنقل 3,000 عضو من حركة حماس من غزة، والذي نفته السلطات الأردنية بشدة. هذا النمط المتكرر من التقارير التي تفتقر إلى الشفافية والمصداقية يثير الشكوك حول الأجندة التحريرية للموقع. وحينها يبدو أن عدم الرد الإعلامي الأردني بقوة وكثافة كالتي شهدناها في اليومين الماضيين ولّد مساحةً للتمادي قابلة للتوسع، ممّا يؤكد أن الصمت تجاه مثل هذه الحالات المركّبة من التضليل الممنهج لا يُجدي، فالمسألة تغدو صراع أخبار لا يمكن لنا أن نترك الخبث يفوز بها.
في ظل هذه السياقات، يجب على المؤسسات الإعلامية أن تتحلى بالمسؤولية والموضوعية، وأن تتجنب نشر معلومات غير موثوقة قد تؤثر سلباً على الجهود الإنسانية والدبلوماسية لدول المنطقة. كما يجب على القراء أن يكونوا واعين لمصادر المعلومات التي يتلقونها، وأن يتحققوا من مصداقيتها قبل تبنيها أو نشرها.
في الختام، يبقى الدور الأردني في دعم غزة وشعبها محل تقدير واحترام، ويجب أن يُنظر إليه من خلال الأفعال والحقائق الملموسة، وليس من خلال تقارير مشكوك في صحتها ومصادرها.
د.هديل شقير/دكتوراة في الإعلام السياسي
أول ما أعلّمه لطلبتي في ألف باء الإعلام أن هناك عناصر يجب أن يستشعرها الإعلامي، أو الصحفي تحديداً، ليمضي قُدماً في أي معلومة ولينتقل بها إلى مستوى أن يجعل منها خبراً، وهي أن يُقدّم تطوراً جديداً على حدث، أو أن يكون هناك جانب إنساني في الحدث، أو أن يكون هناك غرابة في الحدث، أو يهمّ شريحة من الناس. هنا أقف أمام ما نشرته مؤخراً 'ميدل إيست آي' عن جانب من الدور الأردني الداعم لغزة، وأضع ما نُشر تحت المجهر فلا أجد أي عنصر من العناصر الأربعة السابقة. إلاّ إذا اعتبرنا أن العنصر الرابع، أن يهم الحدث شريحة من الناس، قد ينطبق إذا اعتبرنا أن هناك شريحة لا تؤمن بدور الأردن، أو بالأحرى لا يطيب لها هذا الدور.
كما أنني أذكّر دوماً بأن وصولك لمرحلة التأثير في الإعلام يتطلّب منك أن تبدأ ببساطة بنقل الأخبار ثم تنتقل إلى دور أعمق بأن تشبع الجمهور بالمعلومات من باب الوعي، وبعدها ستتمكّن، لأنك حصلت على ثقة الجمهور، من الوصول للمرحلة الثالثة وهي التأثير والتغيير. وهنا يكمن الخطر؛ إذ يمكنك أن تدسّ السم بالعسل بالمقدار الذي ترغب وعلى جرعات متزايدة. هذا الأسلوب الذي أتقنته 'ميدل إيست آي' عندما عززت لدى جمهورها أنها العين التي ترى ما لا يُرى.
في تقريرها الأخير، زعمت 'ميدل إيست آي' أن السلطات الأردنية حققت أرباحاً تصل إلى 400,000 دولار أمريكي لكل عملية إسقاط جوي للمساعدات إلى غزة، مستندةً إلى مصادر مجهولة الهوية. هذا النوع من التقارير، الذي يعتمد على مصادر غير معروفة، يثير تساؤلات جدية حول مصداقية المعلومات ودوافع نشرها، خاصة عندما يتعلق الأمر بمواضيع حساسة تمس الأمن القومي والمواقف الإنسانية لدولة مثل الأردن.
استخدام المصادر المجهولة في الصحافة يجب أن يكون استثناء وليس قاعدة، ويُبرر فقط في الحالات التي يكون فيها الكشف عن الهوية قد يعرض المصدر لخطر حقيقي. لكن عندما يُستخدم هذا الأسلوب لتوجيه اتهامات خطيرة دون تقديم أدلة ملموسة أو وثائق داعمة، فإنه يتحول إلى أداة للتضليل وليس للإعلام المسؤول.
من الجدير بالذكر أن 'ميدل إيست آي' نشرت في السابق تقارير تستهدف الأردن، مثل تقريرها عن اقتراح أردني مزعوم لنقل 3,000 عضو من حركة حماس من غزة، والذي نفته السلطات الأردنية بشدة. هذا النمط المتكرر من التقارير التي تفتقر إلى الشفافية والمصداقية يثير الشكوك حول الأجندة التحريرية للموقع. وحينها يبدو أن عدم الرد الإعلامي الأردني بقوة وكثافة كالتي شهدناها في اليومين الماضيين ولّد مساحةً للتمادي قابلة للتوسع، ممّا يؤكد أن الصمت تجاه مثل هذه الحالات المركّبة من التضليل الممنهج لا يُجدي، فالمسألة تغدو صراع أخبار لا يمكن لنا أن نترك الخبث يفوز بها.
في ظل هذه السياقات، يجب على المؤسسات الإعلامية أن تتحلى بالمسؤولية والموضوعية، وأن تتجنب نشر معلومات غير موثوقة قد تؤثر سلباً على الجهود الإنسانية والدبلوماسية لدول المنطقة. كما يجب على القراء أن يكونوا واعين لمصادر المعلومات التي يتلقونها، وأن يتحققوا من مصداقيتها قبل تبنيها أو نشرها.
في الختام، يبقى الدور الأردني في دعم غزة وشعبها محل تقدير واحترام، ويجب أن يُنظر إليه من خلال الأفعال والحقائق الملموسة، وليس من خلال تقارير مشكوك في صحتها ومصادرها.
د.هديل شقير/دكتوراة في الإعلام السياسي
أول ما أعلّمه لطلبتي في ألف باء الإعلام أن هناك عناصر يجب أن يستشعرها الإعلامي، أو الصحفي تحديداً، ليمضي قُدماً في أي معلومة ولينتقل بها إلى مستوى أن يجعل منها خبراً، وهي أن يُقدّم تطوراً جديداً على حدث، أو أن يكون هناك جانب إنساني في الحدث، أو أن يكون هناك غرابة في الحدث، أو يهمّ شريحة من الناس. هنا أقف أمام ما نشرته مؤخراً 'ميدل إيست آي' عن جانب من الدور الأردني الداعم لغزة، وأضع ما نُشر تحت المجهر فلا أجد أي عنصر من العناصر الأربعة السابقة. إلاّ إذا اعتبرنا أن العنصر الرابع، أن يهم الحدث شريحة من الناس، قد ينطبق إذا اعتبرنا أن هناك شريحة لا تؤمن بدور الأردن، أو بالأحرى لا يطيب لها هذا الدور.
كما أنني أذكّر دوماً بأن وصولك لمرحلة التأثير في الإعلام يتطلّب منك أن تبدأ ببساطة بنقل الأخبار ثم تنتقل إلى دور أعمق بأن تشبع الجمهور بالمعلومات من باب الوعي، وبعدها ستتمكّن، لأنك حصلت على ثقة الجمهور، من الوصول للمرحلة الثالثة وهي التأثير والتغيير. وهنا يكمن الخطر؛ إذ يمكنك أن تدسّ السم بالعسل بالمقدار الذي ترغب وعلى جرعات متزايدة. هذا الأسلوب الذي أتقنته 'ميدل إيست آي' عندما عززت لدى جمهورها أنها العين التي ترى ما لا يُرى.
في تقريرها الأخير، زعمت 'ميدل إيست آي' أن السلطات الأردنية حققت أرباحاً تصل إلى 400,000 دولار أمريكي لكل عملية إسقاط جوي للمساعدات إلى غزة، مستندةً إلى مصادر مجهولة الهوية. هذا النوع من التقارير، الذي يعتمد على مصادر غير معروفة، يثير تساؤلات جدية حول مصداقية المعلومات ودوافع نشرها، خاصة عندما يتعلق الأمر بمواضيع حساسة تمس الأمن القومي والمواقف الإنسانية لدولة مثل الأردن.
استخدام المصادر المجهولة في الصحافة يجب أن يكون استثناء وليس قاعدة، ويُبرر فقط في الحالات التي يكون فيها الكشف عن الهوية قد يعرض المصدر لخطر حقيقي. لكن عندما يُستخدم هذا الأسلوب لتوجيه اتهامات خطيرة دون تقديم أدلة ملموسة أو وثائق داعمة، فإنه يتحول إلى أداة للتضليل وليس للإعلام المسؤول.
من الجدير بالذكر أن 'ميدل إيست آي' نشرت في السابق تقارير تستهدف الأردن، مثل تقريرها عن اقتراح أردني مزعوم لنقل 3,000 عضو من حركة حماس من غزة، والذي نفته السلطات الأردنية بشدة. هذا النمط المتكرر من التقارير التي تفتقر إلى الشفافية والمصداقية يثير الشكوك حول الأجندة التحريرية للموقع. وحينها يبدو أن عدم الرد الإعلامي الأردني بقوة وكثافة كالتي شهدناها في اليومين الماضيين ولّد مساحةً للتمادي قابلة للتوسع، ممّا يؤكد أن الصمت تجاه مثل هذه الحالات المركّبة من التضليل الممنهج لا يُجدي، فالمسألة تغدو صراع أخبار لا يمكن لنا أن نترك الخبث يفوز بها.
في ظل هذه السياقات، يجب على المؤسسات الإعلامية أن تتحلى بالمسؤولية والموضوعية، وأن تتجنب نشر معلومات غير موثوقة قد تؤثر سلباً على الجهود الإنسانية والدبلوماسية لدول المنطقة. كما يجب على القراء أن يكونوا واعين لمصادر المعلومات التي يتلقونها، وأن يتحققوا من مصداقيتها قبل تبنيها أو نشرها.
في الختام، يبقى الدور الأردني في دعم غزة وشعبها محل تقدير واحترام، ويجب أن يُنظر إليه من خلال الأفعال والحقائق الملموسة، وليس من خلال تقارير مشكوك في صحتها ومصادرها.
التعليقات