أخبار اليوم - أكدت الدكتورة لينا الطبّال، أستاذة العلوم السياسية والقانون الدولي في فرنسا، أن مواقف الدول الأوروبية تشهد تحوّلًا في الخطاب السياسي تجاه (إسرائيل)، ولا سيما بعد تصريحات صدرت عن دول تُعد من أوثق حلفائها داخل الاتحاد الأوروبي. وشدّدت في الوقت نفسه على أن وقف الإبادة الجماعية في غزة يحتاج إلى خطوات ملموسة على الأرض.
وقالت الطبّال في حوار مع صحيفة 'فلسطين': إن هذه المواقف تمثّل بداية تصدّع في جدار الحصانة السياسية الذي طالما تمتعت به (إسرائيل) في أوروبا، وتهشّم صورة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو دوليًا، وتؤدي إلى ارتباك داخلي في (إسرائيل).
ودعت الخبيرة العربية في الشؤون السياسية والقانونية إلى ضرورة تبنّي الفلسطينيين والعرب خطة مقاومة سياسية ذكية ومستمرة، لا ردود فعل عاطفية متقطعة، حتى تتحوّل الكلمات الأوروبية إلى أدوات فعل حقيقي توقف المجزرة وتؤسس للعدالة.
وقد شهدت مواقف الدول الأوروبية تجاه (إسرائيل) تقلبات واضحة. فقد أبدت دول حليفة لها، مثل فرنسا وألمانيا وهولندا، انتقادات غير مسبوقة؛ إذ وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء الماضي، ما يحدث في غزة بأنه 'مأساة إنسانية'، واصفًا ما يفعله نتنياهو بأنه 'عار'. كما دعا المستشار الألماني فريدريش ميرتس، ووزير خارجيته يوهان فاديقول، إلى التوقف عن ربط انتقاد (إسرائيل) باللاسامية.
وفي تطوّر لافت، أعلنت أول من أمس، دول أوروبية مركزية، من بينها السويد وفرنسا وهولندا، أنها بصدد مراجعة العلاقات مع (إسرائيل) في ضوء استمرار العدوان على غزة، والتدهور الإنساني الحاد الناتج عن منع دخول المساعدات.
كسر 'التابو'
ورأت الطبّال أن التصريحات الأخيرة تمثّل بداية تحوّل في الخطاب السياسي الأوروبي تجاه (إسرائيل)، وإن لم ترقَ بعد إلى مستوى التغيير الفعلي في السياسات. غير أنها المرة الأولى التي يتحدث فيها قادة أوروبيون بلغة أخلاقية وقانونية واضحة، ويكسرون 'التابو' التاريخي حول نقد (إسرائيل).
وأشارت إلى أن هذه التصريحات تعكس ضغطًا شعبيًّا متصاعدًا، وتراجعًا في فاعلية الخطاب الإسرائيلي التقليدي. لكنها نبهت إلى أن هذه التحركات تظل حتى الآن رمزية، في انتظار ترجمتها إلى قرارات سياسية ملزمة.
وفيما يخص التصريحات الفرنسية والألمانية الصادرة عن أعلى هرم السلطة في الدولتين، قالت الطبّال إن عدة متغيرات ساهمت في صدورها، رغم تاريخ دعمهما الثابت لـ(إسرائيل). أوّل هذه المتغيرات، برأيها، هو حجم الفظائع المتواصلة في غزة، وعدد الضحايا المدنيين، وخاصة الأطفال، الذي تجاوز الخطوط الحمراء الأخلاقية حتى في الخطاب الغربي، ما دفع بعض القادة إلى الانتقاد.
كما أن موجات الاحتجاج تنامت في الشارع الأوروبي، وارتفعت أصوات داخل الإعلام والنخب تنتقد الصمت الرسمي، ما ولّد ضغطًا داخليًّا على الحكومات. وثالث المتغيرات، احتدام المنافسة السياسية الداخلية في بعض الدول، إذ بدأت قوى سياسية تستثمر في الخطاب السياسي والقانوني لتعزيز شعبيتها، ما ينعكس على مواقف قادتها تجاه (إسرائيل).
تآكل المصداقية وعقدة التاريخ
وأشارت الطبّال، في المتغير الرابع، إلى تآكل مصداقية (إسرائيل)، خاصة بسبب استخدامها المفرط للقوة وتجاهلها الصريح للقانون الدولي، بما في ذلك قرارات المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما جعل من الصعب على شركائها الأوروبيين تبرير دعمهم غير المشروط لها.
لكنها استدركت بالقول إن هذه المواقف ما زالت حذرة ومحسوبة، ولم تتحول بعد إلى سياسة خارجية متّسقة تنهي عقودًا من الانحياز الأوروبي لـ(إسرائيل)، وذلك لأن أوروبا ما تزال أسيرة لعقدة التاريخ مع (إسرائيل) ولوبياتها، إضافة إلى توازناتها مع واشنطن، مما يجعل التحوّل بطيئًا ومحدودًا.
وتوقعت الطبّال أن نشهد في قادم الأيام مواقف أوروبية أكثر تطورًا، لكنها رأت أن ذلك مرهون بعدة عوامل متداخلة، منها استمرار الجرائم في غزة، فكلما تصاعدت الوحشية، ازداد الضغط على الحكومات الأوروبية للتحرك. وكذلك فإن تنامي الغضب الشعبي، عبر التظاهرات الواسعة في العواصم الأوروبية، يدفع النخب السياسية إلى إعادة النظر في الخطاب التقليدي تجاه (إسرائيل).
ومن بين العوامل، قرارات القضاء الدولي ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين؛ فمع صدور قرارات عن المحكمة الجنائية الدولية أو محكمة العدل الدولية، سيصبح من الصعب على أوروبا تجاهلها دون تقويض منظومتها القانونية.
ونوّهت في هذا السياق إلى صعود أصوات سياسية جديدة، من أحزاب يسارية وأحزاب الخضر وبعض التيارات الليبرالية، باتت تتبنى مواقف أكثر نقدًا تجاه (إسرائيل)، وقد تشكّل رافعة لتغيير السياسات التقليدية.
دلالات عميقة
وعدّت الطبّال دعوة برلمان بروكسل قبل أيام لتنفيذ مذكرات التوقيف الدولية بحق نتنياهو، خطوة رمزية لكنها تحمل دلالات سياسية عميقة داخل السياق البلجيكي والأوروبي. مشيرة إلى أن هذه الدعوة تُحرج الحكومة البلجيكية وتدفعها إلى توضيح موقفها من مذكرات المحكمة الجنائية الدولية، خاصة أن بلجيكا دولة موقّعة على نظام روما.
وأكدت أن تنامي دور البرلمانات المحلية يبرز أن السلطات الإقليمية في أوروبا، مثل برلمان بروكسل، باتت أكثر جرأة في تبنّي مواقف أخلاقية وإنسانية، حتى إن لم تكن صاحبة قرار تنفيذي مباشر.
وأشارت إلى أن هذه الدعوة تمنح الشرعية لحملات الضغط الشعبي، وتفتح الباب أمام رفع دعاوى أو المطالبة بمنع مجرمي الحرب من دخول أوروبا. واعتبرت أن بلجيكا من الدول الأوروبية المتقدمة في مواقفها الحقوقية، وقد تحفّز هذه الخطوة برلمانات في إسبانيا أو إيرلندا أو فرنسا على اتخاذ مواقف مشابهة.
ولفتت إلى أن هذه الدعوة وإن لم تغيّر السياسة البلجيكية فورًا، إلا أنها قد تمهّد لتحول أوسع، وتُربك حسابات (إسرائيل) وحلفائها داخل أوروبا، خصوصًا إذا تكررت في برلمانات أخرى.
عزلة دولية
وشددت الطبّال على أن هذه الدعوات والمواقف تؤثر بشكل متزايد على نتنياهو وائتلافه الحاكم، وإن لم تكن ذات طابع مباشر أو فوري، فإنها تخلق ضغطًا داخليًا وخارجيًا يمكن أن يُضعف شرعيته السياسية والدبلوماسية.
وأوضحت أن تأثيرات هذا التحول في المواقف تؤدي إلى عزلة دولية متنامية، مشيرة إلى أن نتنياهو يواجه اليوم ما يشبه الحصار السياسي الرمزي في العواصم الغربية، بعدما كان يُستقبل كحليف مركزي. لافتة إلى أن مذكرات التوقيف جعلت من تحركاته عبئًا دبلوماسيًّا.
كما أشارت إلى أن تنامي المواقف الغربية المنتقدة لنتنياهو يؤدي إلى تشقق في 'صورة الحصانة'، فمجرد طرح اسمه كمجرم حرب يُسقط هالة 'الزعيم الذي لا يُلمس'، ويضعف موقعه حتى داخل الأوساط الصهيونية المعتدلة والدولية.
تهشيم الصورة
كما تحدث هذه المواقف ارتباكًا داخل الائتلاف الإسرائيلي، خصوصًا أن بعض مكونات حكومة اليمين المتطرف بدأت تدرك أن التصعيد المستمر في غزة يكلف (إسرائيل) ثمنًا استراتيجيًا باهظًا، وأن استمرار نتنياهو بات يُهدد مستقبل علاقات (إسرائيل) الخارجية.
ونوّهت الطبّال إلى تحوّل المزاج العام في الغرب تجاه (إسرائيل) ونتنياهو، وهو ما اعتبرته الأخطر على المدى البعيد، لأن نتنياهو لم يعد يواجه فقط قرارات حكومية، بل أيضًا تراجعًا في التعاطف الشعبي الغربي مع الرواية الإسرائيلية. وتابعت أن هذه المواقف، وإن لم تُسقط نتنياهو فورًا، فإنها تهشّم صورته على الصعيد الدولي، وتزرع بذور التغيير السياسي على المستوى الداخلي.
وعند سؤالها عمّا إذا كانت هذه المواقف كافية لوقف الإبادة في غزة، أجابت الطبّال: رغم أهميتها الرمزية والسياسية، فإنها ليست كافية وحدها، لكنها تمثل بداية تصدّع في جدار الحصانة السياسية الذي طالما تمتعت به (إسرائيل) في أوروبا.
وشدّدت على أن وقف الإبادة في غزة بشكل جدي، يحتاج إلى خطوات ملموسة، كوقف تصدير السلاح لـ(إسرائيل)، وفرض عقوبات، ودعم جهود المحكمة الجنائية الدولية، وممارسة ضغط مباشر لوقف إطلاق النار.
المصدر / فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - أكدت الدكتورة لينا الطبّال، أستاذة العلوم السياسية والقانون الدولي في فرنسا، أن مواقف الدول الأوروبية تشهد تحوّلًا في الخطاب السياسي تجاه (إسرائيل)، ولا سيما بعد تصريحات صدرت عن دول تُعد من أوثق حلفائها داخل الاتحاد الأوروبي. وشدّدت في الوقت نفسه على أن وقف الإبادة الجماعية في غزة يحتاج إلى خطوات ملموسة على الأرض.
وقالت الطبّال في حوار مع صحيفة 'فلسطين': إن هذه المواقف تمثّل بداية تصدّع في جدار الحصانة السياسية الذي طالما تمتعت به (إسرائيل) في أوروبا، وتهشّم صورة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو دوليًا، وتؤدي إلى ارتباك داخلي في (إسرائيل).
ودعت الخبيرة العربية في الشؤون السياسية والقانونية إلى ضرورة تبنّي الفلسطينيين والعرب خطة مقاومة سياسية ذكية ومستمرة، لا ردود فعل عاطفية متقطعة، حتى تتحوّل الكلمات الأوروبية إلى أدوات فعل حقيقي توقف المجزرة وتؤسس للعدالة.
وقد شهدت مواقف الدول الأوروبية تجاه (إسرائيل) تقلبات واضحة. فقد أبدت دول حليفة لها، مثل فرنسا وألمانيا وهولندا، انتقادات غير مسبوقة؛ إذ وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء الماضي، ما يحدث في غزة بأنه 'مأساة إنسانية'، واصفًا ما يفعله نتنياهو بأنه 'عار'. كما دعا المستشار الألماني فريدريش ميرتس، ووزير خارجيته يوهان فاديقول، إلى التوقف عن ربط انتقاد (إسرائيل) باللاسامية.
وفي تطوّر لافت، أعلنت أول من أمس، دول أوروبية مركزية، من بينها السويد وفرنسا وهولندا، أنها بصدد مراجعة العلاقات مع (إسرائيل) في ضوء استمرار العدوان على غزة، والتدهور الإنساني الحاد الناتج عن منع دخول المساعدات.
كسر 'التابو'
ورأت الطبّال أن التصريحات الأخيرة تمثّل بداية تحوّل في الخطاب السياسي الأوروبي تجاه (إسرائيل)، وإن لم ترقَ بعد إلى مستوى التغيير الفعلي في السياسات. غير أنها المرة الأولى التي يتحدث فيها قادة أوروبيون بلغة أخلاقية وقانونية واضحة، ويكسرون 'التابو' التاريخي حول نقد (إسرائيل).
وأشارت إلى أن هذه التصريحات تعكس ضغطًا شعبيًّا متصاعدًا، وتراجعًا في فاعلية الخطاب الإسرائيلي التقليدي. لكنها نبهت إلى أن هذه التحركات تظل حتى الآن رمزية، في انتظار ترجمتها إلى قرارات سياسية ملزمة.
وفيما يخص التصريحات الفرنسية والألمانية الصادرة عن أعلى هرم السلطة في الدولتين، قالت الطبّال إن عدة متغيرات ساهمت في صدورها، رغم تاريخ دعمهما الثابت لـ(إسرائيل). أوّل هذه المتغيرات، برأيها، هو حجم الفظائع المتواصلة في غزة، وعدد الضحايا المدنيين، وخاصة الأطفال، الذي تجاوز الخطوط الحمراء الأخلاقية حتى في الخطاب الغربي، ما دفع بعض القادة إلى الانتقاد.
كما أن موجات الاحتجاج تنامت في الشارع الأوروبي، وارتفعت أصوات داخل الإعلام والنخب تنتقد الصمت الرسمي، ما ولّد ضغطًا داخليًّا على الحكومات. وثالث المتغيرات، احتدام المنافسة السياسية الداخلية في بعض الدول، إذ بدأت قوى سياسية تستثمر في الخطاب السياسي والقانوني لتعزيز شعبيتها، ما ينعكس على مواقف قادتها تجاه (إسرائيل).
تآكل المصداقية وعقدة التاريخ
وأشارت الطبّال، في المتغير الرابع، إلى تآكل مصداقية (إسرائيل)، خاصة بسبب استخدامها المفرط للقوة وتجاهلها الصريح للقانون الدولي، بما في ذلك قرارات المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما جعل من الصعب على شركائها الأوروبيين تبرير دعمهم غير المشروط لها.
لكنها استدركت بالقول إن هذه المواقف ما زالت حذرة ومحسوبة، ولم تتحول بعد إلى سياسة خارجية متّسقة تنهي عقودًا من الانحياز الأوروبي لـ(إسرائيل)، وذلك لأن أوروبا ما تزال أسيرة لعقدة التاريخ مع (إسرائيل) ولوبياتها، إضافة إلى توازناتها مع واشنطن، مما يجعل التحوّل بطيئًا ومحدودًا.
وتوقعت الطبّال أن نشهد في قادم الأيام مواقف أوروبية أكثر تطورًا، لكنها رأت أن ذلك مرهون بعدة عوامل متداخلة، منها استمرار الجرائم في غزة، فكلما تصاعدت الوحشية، ازداد الضغط على الحكومات الأوروبية للتحرك. وكذلك فإن تنامي الغضب الشعبي، عبر التظاهرات الواسعة في العواصم الأوروبية، يدفع النخب السياسية إلى إعادة النظر في الخطاب التقليدي تجاه (إسرائيل).
ومن بين العوامل، قرارات القضاء الدولي ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين؛ فمع صدور قرارات عن المحكمة الجنائية الدولية أو محكمة العدل الدولية، سيصبح من الصعب على أوروبا تجاهلها دون تقويض منظومتها القانونية.
ونوّهت في هذا السياق إلى صعود أصوات سياسية جديدة، من أحزاب يسارية وأحزاب الخضر وبعض التيارات الليبرالية، باتت تتبنى مواقف أكثر نقدًا تجاه (إسرائيل)، وقد تشكّل رافعة لتغيير السياسات التقليدية.
دلالات عميقة
وعدّت الطبّال دعوة برلمان بروكسل قبل أيام لتنفيذ مذكرات التوقيف الدولية بحق نتنياهو، خطوة رمزية لكنها تحمل دلالات سياسية عميقة داخل السياق البلجيكي والأوروبي. مشيرة إلى أن هذه الدعوة تُحرج الحكومة البلجيكية وتدفعها إلى توضيح موقفها من مذكرات المحكمة الجنائية الدولية، خاصة أن بلجيكا دولة موقّعة على نظام روما.
وأكدت أن تنامي دور البرلمانات المحلية يبرز أن السلطات الإقليمية في أوروبا، مثل برلمان بروكسل، باتت أكثر جرأة في تبنّي مواقف أخلاقية وإنسانية، حتى إن لم تكن صاحبة قرار تنفيذي مباشر.
وأشارت إلى أن هذه الدعوة تمنح الشرعية لحملات الضغط الشعبي، وتفتح الباب أمام رفع دعاوى أو المطالبة بمنع مجرمي الحرب من دخول أوروبا. واعتبرت أن بلجيكا من الدول الأوروبية المتقدمة في مواقفها الحقوقية، وقد تحفّز هذه الخطوة برلمانات في إسبانيا أو إيرلندا أو فرنسا على اتخاذ مواقف مشابهة.
ولفتت إلى أن هذه الدعوة وإن لم تغيّر السياسة البلجيكية فورًا، إلا أنها قد تمهّد لتحول أوسع، وتُربك حسابات (إسرائيل) وحلفائها داخل أوروبا، خصوصًا إذا تكررت في برلمانات أخرى.
عزلة دولية
وشددت الطبّال على أن هذه الدعوات والمواقف تؤثر بشكل متزايد على نتنياهو وائتلافه الحاكم، وإن لم تكن ذات طابع مباشر أو فوري، فإنها تخلق ضغطًا داخليًا وخارجيًا يمكن أن يُضعف شرعيته السياسية والدبلوماسية.
وأوضحت أن تأثيرات هذا التحول في المواقف تؤدي إلى عزلة دولية متنامية، مشيرة إلى أن نتنياهو يواجه اليوم ما يشبه الحصار السياسي الرمزي في العواصم الغربية، بعدما كان يُستقبل كحليف مركزي. لافتة إلى أن مذكرات التوقيف جعلت من تحركاته عبئًا دبلوماسيًّا.
كما أشارت إلى أن تنامي المواقف الغربية المنتقدة لنتنياهو يؤدي إلى تشقق في 'صورة الحصانة'، فمجرد طرح اسمه كمجرم حرب يُسقط هالة 'الزعيم الذي لا يُلمس'، ويضعف موقعه حتى داخل الأوساط الصهيونية المعتدلة والدولية.
تهشيم الصورة
كما تحدث هذه المواقف ارتباكًا داخل الائتلاف الإسرائيلي، خصوصًا أن بعض مكونات حكومة اليمين المتطرف بدأت تدرك أن التصعيد المستمر في غزة يكلف (إسرائيل) ثمنًا استراتيجيًا باهظًا، وأن استمرار نتنياهو بات يُهدد مستقبل علاقات (إسرائيل) الخارجية.
ونوّهت الطبّال إلى تحوّل المزاج العام في الغرب تجاه (إسرائيل) ونتنياهو، وهو ما اعتبرته الأخطر على المدى البعيد، لأن نتنياهو لم يعد يواجه فقط قرارات حكومية، بل أيضًا تراجعًا في التعاطف الشعبي الغربي مع الرواية الإسرائيلية. وتابعت أن هذه المواقف، وإن لم تُسقط نتنياهو فورًا، فإنها تهشّم صورته على الصعيد الدولي، وتزرع بذور التغيير السياسي على المستوى الداخلي.
وعند سؤالها عمّا إذا كانت هذه المواقف كافية لوقف الإبادة في غزة، أجابت الطبّال: رغم أهميتها الرمزية والسياسية، فإنها ليست كافية وحدها، لكنها تمثل بداية تصدّع في جدار الحصانة السياسية الذي طالما تمتعت به (إسرائيل) في أوروبا.
وشدّدت على أن وقف الإبادة في غزة بشكل جدي، يحتاج إلى خطوات ملموسة، كوقف تصدير السلاح لـ(إسرائيل)، وفرض عقوبات، ودعم جهود المحكمة الجنائية الدولية، وممارسة ضغط مباشر لوقف إطلاق النار.
المصدر / فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - أكدت الدكتورة لينا الطبّال، أستاذة العلوم السياسية والقانون الدولي في فرنسا، أن مواقف الدول الأوروبية تشهد تحوّلًا في الخطاب السياسي تجاه (إسرائيل)، ولا سيما بعد تصريحات صدرت عن دول تُعد من أوثق حلفائها داخل الاتحاد الأوروبي. وشدّدت في الوقت نفسه على أن وقف الإبادة الجماعية في غزة يحتاج إلى خطوات ملموسة على الأرض.
وقالت الطبّال في حوار مع صحيفة 'فلسطين': إن هذه المواقف تمثّل بداية تصدّع في جدار الحصانة السياسية الذي طالما تمتعت به (إسرائيل) في أوروبا، وتهشّم صورة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو دوليًا، وتؤدي إلى ارتباك داخلي في (إسرائيل).
ودعت الخبيرة العربية في الشؤون السياسية والقانونية إلى ضرورة تبنّي الفلسطينيين والعرب خطة مقاومة سياسية ذكية ومستمرة، لا ردود فعل عاطفية متقطعة، حتى تتحوّل الكلمات الأوروبية إلى أدوات فعل حقيقي توقف المجزرة وتؤسس للعدالة.
وقد شهدت مواقف الدول الأوروبية تجاه (إسرائيل) تقلبات واضحة. فقد أبدت دول حليفة لها، مثل فرنسا وألمانيا وهولندا، انتقادات غير مسبوقة؛ إذ وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء الماضي، ما يحدث في غزة بأنه 'مأساة إنسانية'، واصفًا ما يفعله نتنياهو بأنه 'عار'. كما دعا المستشار الألماني فريدريش ميرتس، ووزير خارجيته يوهان فاديقول، إلى التوقف عن ربط انتقاد (إسرائيل) باللاسامية.
وفي تطوّر لافت، أعلنت أول من أمس، دول أوروبية مركزية، من بينها السويد وفرنسا وهولندا، أنها بصدد مراجعة العلاقات مع (إسرائيل) في ضوء استمرار العدوان على غزة، والتدهور الإنساني الحاد الناتج عن منع دخول المساعدات.
كسر 'التابو'
ورأت الطبّال أن التصريحات الأخيرة تمثّل بداية تحوّل في الخطاب السياسي الأوروبي تجاه (إسرائيل)، وإن لم ترقَ بعد إلى مستوى التغيير الفعلي في السياسات. غير أنها المرة الأولى التي يتحدث فيها قادة أوروبيون بلغة أخلاقية وقانونية واضحة، ويكسرون 'التابو' التاريخي حول نقد (إسرائيل).
وأشارت إلى أن هذه التصريحات تعكس ضغطًا شعبيًّا متصاعدًا، وتراجعًا في فاعلية الخطاب الإسرائيلي التقليدي. لكنها نبهت إلى أن هذه التحركات تظل حتى الآن رمزية، في انتظار ترجمتها إلى قرارات سياسية ملزمة.
وفيما يخص التصريحات الفرنسية والألمانية الصادرة عن أعلى هرم السلطة في الدولتين، قالت الطبّال إن عدة متغيرات ساهمت في صدورها، رغم تاريخ دعمهما الثابت لـ(إسرائيل). أوّل هذه المتغيرات، برأيها، هو حجم الفظائع المتواصلة في غزة، وعدد الضحايا المدنيين، وخاصة الأطفال، الذي تجاوز الخطوط الحمراء الأخلاقية حتى في الخطاب الغربي، ما دفع بعض القادة إلى الانتقاد.
كما أن موجات الاحتجاج تنامت في الشارع الأوروبي، وارتفعت أصوات داخل الإعلام والنخب تنتقد الصمت الرسمي، ما ولّد ضغطًا داخليًّا على الحكومات. وثالث المتغيرات، احتدام المنافسة السياسية الداخلية في بعض الدول، إذ بدأت قوى سياسية تستثمر في الخطاب السياسي والقانوني لتعزيز شعبيتها، ما ينعكس على مواقف قادتها تجاه (إسرائيل).
تآكل المصداقية وعقدة التاريخ
وأشارت الطبّال، في المتغير الرابع، إلى تآكل مصداقية (إسرائيل)، خاصة بسبب استخدامها المفرط للقوة وتجاهلها الصريح للقانون الدولي، بما في ذلك قرارات المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما جعل من الصعب على شركائها الأوروبيين تبرير دعمهم غير المشروط لها.
لكنها استدركت بالقول إن هذه المواقف ما زالت حذرة ومحسوبة، ولم تتحول بعد إلى سياسة خارجية متّسقة تنهي عقودًا من الانحياز الأوروبي لـ(إسرائيل)، وذلك لأن أوروبا ما تزال أسيرة لعقدة التاريخ مع (إسرائيل) ولوبياتها، إضافة إلى توازناتها مع واشنطن، مما يجعل التحوّل بطيئًا ومحدودًا.
وتوقعت الطبّال أن نشهد في قادم الأيام مواقف أوروبية أكثر تطورًا، لكنها رأت أن ذلك مرهون بعدة عوامل متداخلة، منها استمرار الجرائم في غزة، فكلما تصاعدت الوحشية، ازداد الضغط على الحكومات الأوروبية للتحرك. وكذلك فإن تنامي الغضب الشعبي، عبر التظاهرات الواسعة في العواصم الأوروبية، يدفع النخب السياسية إلى إعادة النظر في الخطاب التقليدي تجاه (إسرائيل).
ومن بين العوامل، قرارات القضاء الدولي ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين؛ فمع صدور قرارات عن المحكمة الجنائية الدولية أو محكمة العدل الدولية، سيصبح من الصعب على أوروبا تجاهلها دون تقويض منظومتها القانونية.
ونوّهت في هذا السياق إلى صعود أصوات سياسية جديدة، من أحزاب يسارية وأحزاب الخضر وبعض التيارات الليبرالية، باتت تتبنى مواقف أكثر نقدًا تجاه (إسرائيل)، وقد تشكّل رافعة لتغيير السياسات التقليدية.
دلالات عميقة
وعدّت الطبّال دعوة برلمان بروكسل قبل أيام لتنفيذ مذكرات التوقيف الدولية بحق نتنياهو، خطوة رمزية لكنها تحمل دلالات سياسية عميقة داخل السياق البلجيكي والأوروبي. مشيرة إلى أن هذه الدعوة تُحرج الحكومة البلجيكية وتدفعها إلى توضيح موقفها من مذكرات المحكمة الجنائية الدولية، خاصة أن بلجيكا دولة موقّعة على نظام روما.
وأكدت أن تنامي دور البرلمانات المحلية يبرز أن السلطات الإقليمية في أوروبا، مثل برلمان بروكسل، باتت أكثر جرأة في تبنّي مواقف أخلاقية وإنسانية، حتى إن لم تكن صاحبة قرار تنفيذي مباشر.
وأشارت إلى أن هذه الدعوة تمنح الشرعية لحملات الضغط الشعبي، وتفتح الباب أمام رفع دعاوى أو المطالبة بمنع مجرمي الحرب من دخول أوروبا. واعتبرت أن بلجيكا من الدول الأوروبية المتقدمة في مواقفها الحقوقية، وقد تحفّز هذه الخطوة برلمانات في إسبانيا أو إيرلندا أو فرنسا على اتخاذ مواقف مشابهة.
ولفتت إلى أن هذه الدعوة وإن لم تغيّر السياسة البلجيكية فورًا، إلا أنها قد تمهّد لتحول أوسع، وتُربك حسابات (إسرائيل) وحلفائها داخل أوروبا، خصوصًا إذا تكررت في برلمانات أخرى.
عزلة دولية
وشددت الطبّال على أن هذه الدعوات والمواقف تؤثر بشكل متزايد على نتنياهو وائتلافه الحاكم، وإن لم تكن ذات طابع مباشر أو فوري، فإنها تخلق ضغطًا داخليًا وخارجيًا يمكن أن يُضعف شرعيته السياسية والدبلوماسية.
وأوضحت أن تأثيرات هذا التحول في المواقف تؤدي إلى عزلة دولية متنامية، مشيرة إلى أن نتنياهو يواجه اليوم ما يشبه الحصار السياسي الرمزي في العواصم الغربية، بعدما كان يُستقبل كحليف مركزي. لافتة إلى أن مذكرات التوقيف جعلت من تحركاته عبئًا دبلوماسيًّا.
كما أشارت إلى أن تنامي المواقف الغربية المنتقدة لنتنياهو يؤدي إلى تشقق في 'صورة الحصانة'، فمجرد طرح اسمه كمجرم حرب يُسقط هالة 'الزعيم الذي لا يُلمس'، ويضعف موقعه حتى داخل الأوساط الصهيونية المعتدلة والدولية.
تهشيم الصورة
كما تحدث هذه المواقف ارتباكًا داخل الائتلاف الإسرائيلي، خصوصًا أن بعض مكونات حكومة اليمين المتطرف بدأت تدرك أن التصعيد المستمر في غزة يكلف (إسرائيل) ثمنًا استراتيجيًا باهظًا، وأن استمرار نتنياهو بات يُهدد مستقبل علاقات (إسرائيل) الخارجية.
ونوّهت الطبّال إلى تحوّل المزاج العام في الغرب تجاه (إسرائيل) ونتنياهو، وهو ما اعتبرته الأخطر على المدى البعيد، لأن نتنياهو لم يعد يواجه فقط قرارات حكومية، بل أيضًا تراجعًا في التعاطف الشعبي الغربي مع الرواية الإسرائيلية. وتابعت أن هذه المواقف، وإن لم تُسقط نتنياهو فورًا، فإنها تهشّم صورته على الصعيد الدولي، وتزرع بذور التغيير السياسي على المستوى الداخلي.
وعند سؤالها عمّا إذا كانت هذه المواقف كافية لوقف الإبادة في غزة، أجابت الطبّال: رغم أهميتها الرمزية والسياسية، فإنها ليست كافية وحدها، لكنها تمثل بداية تصدّع في جدار الحصانة السياسية الذي طالما تمتعت به (إسرائيل) في أوروبا.
وشدّدت على أن وقف الإبادة في غزة بشكل جدي، يحتاج إلى خطوات ملموسة، كوقف تصدير السلاح لـ(إسرائيل)، وفرض عقوبات، ودعم جهود المحكمة الجنائية الدولية، وممارسة ضغط مباشر لوقف إطلاق النار.
المصدر / فلسطين أون لاين
التعليقات