أخبار اليوم - غالبًا ما تكون البدايات مليئة بالوعود الجميلة والتفاصيل المبهرة، لكن النهايات لا تسير دائمًا على نفس الخط؛ فهي تتشكل وفقًا لتفاصيل القصة، وظروف بطلها.
وهكذا بدأت قصة انتقال المدافع الإسباني إيمريك لابورت إلى النصر قبل عامين، قادما من مانشستر سيتي، حيث حضر وسط ضجة إعلامية وموجة من التطلعات الجماهيرية التي كانت تعقد عليه الكثير من الآمال لترميم الخط الخلفي.
وأكد لابورت فور توقيع عقود انضمامه إلى النصر أنه "جاء ليساعد النادي على تحقيق الألقاب وتقديم كل ما لديه"، ولكن سرعان ما تلاشت الوعود وبدأت الأزمات في الظهور واحدة تلو الأخرى، ليدخل في طريق مسدود مع النادي.
طموحات محطمة
عندما تعاقد النصر مع لابورت في صيف 2023، كان واحدا من أفضل مدافعي العالم ويحظى باهتمام العديد من الأندية الكبرى، ولكنه فضل خوض التجربة السعودية، نظرا لعدة عوامل أبرزها المغريات المالية.
قدوم لابورت إلى صفوف "العالمي" جعل الجماهير تتنبأ بنهاية الأزمة الدفاعية، ونجح بالفعل في الظهور بصورة رائعة خلال بداية موسم 2023-2024، ولكن سرعان ما تراجع المستوى بهفوات قاتلة متبوعة بسوء تمركز.
وعقب نهاية الموسم الأول، بدأت الانتقادات الجماهير والإعلامية في مهاجمة لابورت والمطالبة بالتخلص منه في صيف 2024، ولكن إدارة النادي تمسكت باستمراره حتى نهاية عقده.
في الوقت نفسه، تمسك المدافع الإسباني بالاستمرار من أجل الحصول على رواتبه كاملة، ولكن الوضع ازداد سوءا بمستوى كارثي متبوعا بالعديد من الأزمات، في الوقت الذي فشل فيه النادي في تحقيق أي لقب محلي وقاري للموسم الثاني تواليا.
ومع قدوم المدرب البرتغالي الجديد جورجي جيسوس خلال الشهر الماضي، فإن لابورت خرج من حساباته بصورة رسمية، بالإضافة للتعاقد مع إنيجو مارتينيز مدافع برشلونة في صفقة مجانية.
جذور الأزمة
بعيدا عن المستوى المتراجع الذي قدمه لابورت خلال الموسمين الماضيين، فهناك العديد من الأسباب الرئيسية التي أدت لخروج اللاعب من حسابات جيسوس، تزامنا مع رغبته في فسخ عقده.
بداية الأزمة تعود لعدم تكيف اللاعب في البداية مع بيئة النصر، وما يبرهن على ذلك تصريحاته التي انتقد فيها دوري روشن ورفض مقارنته بالدوريات الأوروبية خلال يناير/كانون ثان 2024، وهو ما تسبب في انتقادات حادة.
ولم تقتصر الأسباب على ذلك فحسب، بل تمتد إلى توتر علاقة لابورت مع المدرب الإيطالي السابق ستيفانو بيولي، بعدما رفض تنفيذ تعليماته في إحدى التدريبات، ليتم استبعاده من التشكيلة الأساسية في ليلة السقوط ضد كاواساكي الياباني (2-3) في نصف نهائي نخبة آسيا.
وعندما قرر بيولي الاستعانة به كبديل، ظهر لابورت وكأنه لم يلعب كرة القدم من قبل، إذ تسبب في الهدف الثالث برعونة غريبة، ليتم استبعاده بعدها في آخر 5 جولات في دوري روشن.
رغبة وتهديد
بعد نهاية الموسم الماضي، أبلغ لابورت إدارة النصر برغبته في الرحيل والعودة لناديه الأم أتلتيك بيلباو، بهدف تعزيز مكانته في قائمة إسبانيا المشاركة في كأس العالم 2026.
طلب لابورت لقى ترحيبا كبيرا من الإدارة النصراوية، وارتفعت أسهم الرحيل بعد قدوم جيسوس الذي أبدى رغبته في التخلص من اللاعب والتعاقد مع مدافع جديد.
وبدأت المفاوضات بين اللاعب والإدارة حول الطريقة التي ترضي الطرفين في عملية الانفصال، ولكن الأزمة تكمن في تمسك كل طرف بمصالحه المالية، مما يصعب التوصل إلى اتفاق سريع.
في المقابل، هدد النادي لاعبه بعدم الموافقة على فسخ عقده مع إمكانية قيده في القائمة المشاركة بدوري أبطال آسيا 2، لتجنب أي أزمة قانونية.
ويأتي ذلك في الوقت الذي يسعى فيه بيلباو للحصول على المخالصة المالية الخاصة باللاعب من أجل قيده بقائمة الموسم الجديد.
طريق مسدود
تصاعدت وتيرة الأحداث حتى وصلت إلى أقصى درجات التوتر خلال الأيام الأخيرة، رغم التقارير التي أكدت اقتراب اللاعب من العودة لبيلباو.
لابورت متمسك حتى آخر لحظة بالحصول على رواتبه المتبقية مع النصر ثم فسخ العقد، ولكن الإدارة تسعى للانفصال بالتراضي، نظرا لدفع 27.50 مليون يورو قيمة التعاقد معه قبل عامين، بالإضافة لراتبه المرتفع، دون تحقيق أي استفادة فنية.
وما تسبب في وصول الأمور إلى طريق مسدود، هو سوء تعامل اللاعب باحترافية مع النادي خاصة خلال موسمه الأخير، برعونة في الأداء وأزمات متكررة، بالإضافة لرغبته في الحصول على عقده كاملا.
وبالتالي، فإن النصر والمدافع الإسباني في موقف صعب، خاصة وأن استمراره سيتسبب في ابتعاده عن القائمة المحلية وقيده في بطولة آسيا فقط، وهو ما يعني خسارة مكانه في قائمة "لاروخا" المونديالية بنسبة كبيرة.
وبالنسبة للنصر، فإن النادي سيكون مطالبا بدفع رواتبه بشكل طبيعي حتى نهاية عقده في صيف 2026، مما يساهم في نزيف جديد لخزينة "العالمي".
لكن بالنظر لموقف لابورت، فمن المتوقع أن يتنازل عن جزء كبير من راتبه أو الاستسلام لرغبة النادي من أجل الرحيل، خاصة وأنه استفاد ماديا بشكل كبير خلال الموسم الماضيين.