أخبار اليوم - على الرغم من دخول بعض السلع إلى قطاع غزة أخيرًا، فإن القدرة الشرائية ما زالت شبه معدومة أمام عمال فقدوا مصادر دخلهم، وأسر باتت تعتمد على المساعدات الإنسانية لتأمين أبسط احتياجاتها.
أم أحمد أبو طالب، سيدة خمسينية تتحدث بصوت يملؤه القلق: "كنت أتلقى مخصصات الشؤون الاجتماعية، لكن الحرب وما تبعها من أزمات أوقفت الدعم. الآن لا تتوفر لدينا السيولة النقدية، ورغم حاجتي الملحة لشراء ما أحتاج إليه بعد قرابة خمسة أشهر من المنع الإسرائيلي لإدخال السلع، إلا أنني غير قادرة على ذلك." وأضافت: "ما لدي من مال بالكاد يكفي لشراء بضع كيلوات من الدقيق والزيت والقليل من السكر، بينما نحن بحاجة إلى سلع أخرى أحيانًا نضطر للاستدانة من الجيران أو الاكتفاء بوجبة واحدة في اليوم."
أما أبو يزن الدشت، وهو عامل بناء عاطل عن العمل منذ بدء الحرب، فيصف المشهد في الأسواق بقوله: "كثير من السلع أصبحت للعرض فقط، حيث يكتفي المارة بالنظر إليها وكأنهم في متحف، حتى المواد الأساسية تبقى خارج متناول شريحة واسعة من الأسر" وأضاف: "قبل الحرب كنت أعمل بشكل يومي وأستطيع شراء ما تحتاجه أسرتي، لكن الآن لا عمل ولا دخل، حتى إن رغيف الخبز أصبح عبئًا، وأحيانًا أعود إلى البيت خالي اليدين." وأشار الدشت إلى أن دخول شحنات المساعدات لم يغيّر كثيرًا في الواقع: "ما يصل من مساعدات أحيانًا يتعرض للنهب أو لا يوزع بشكل عادل، فيبقى الكثير من المحتاجين بلا نصيب، ونحن نبحث عن أي وسيلة لتأمين لقمة العيش."
ويضيف الدكتور ماهر الطباع، الاختصاصي الاقتصادي: "الأزمة الاقتصادية في غزة ليست نتيجة الحرب وحدها، بل هي تراكم لعدة عوامل مترابطة القيود المستمرة على الحركة والواردات تحد من قدرة الأسواق على توفير السلع الأساسية، كما أن توقف جزء كبير من النشاط الاقتصادي أدى إلى فقدان آلاف العائلات لمصادر دخلها وارتفاع تكاليف المعيشة في مواجهة انخفاض الدخل جعل القدرة الشرائية شبه معدومة، وأدى إلى اعتماد الأسر بشكل شبه كامل على المساعدات الإنسانية."
ويتابع الطباع: "التقارير الأخيرة تشير إلى أن معدل الفقر في غزة قد يتجاوز 90% بسبب استمرار الحرب وتدهور الاقتصاد، بينما قد تصل معدلات البطالة إلى 75-80% مع توقف معظم القطاعات الإنتاجية وأن حوالي 80% من السكان يعانون انعدام الأمن الغذائي، مقارنة بـ 65% في 2024، ما يعكس تدهور الوضع المعيشي بشكل حاد."
ويؤكد الطباع على ضرورة تدخل عاجل: "هناك حاجة إلى خطة متكاملة تشمل فتح قنوات آمنة لإدخال السلع الأساسية، دعم مباشر للدخل من خلال برامج اجتماعية طارئة، وتحفيز النشاط الاقتصادي المحلي حيثما أمكن فمن دون هذه الإجراءات، ستستمر معدلات الفقر في الارتفاع وستزداد معاناة الأسر، خصوصًا العمال والنساء والشباب الذين يعتمدون على مصادر دخل محدودة."
ويختم الطباع: "المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية يجب أن تتعاون مع الجهات المحلية لضمان وصول المساعدات بشكل عادل، ووضع آليات لمراقبة توزيعها، مع التركيز على القطاعات الأكثر تضررًا لضمان استقرار معيشي."