الأردن وكازاخستان: شراكات واعدة تعيد رسم مستقبل المجالات الاقتصادية الاستراتيجية

mainThumb
الأردن وكازاخستان: شراكات واعدة تعيد رسم مستقبل المجالات الاقتصادية الاستراتيجية

26-08-2025 11:38 AM

printIcon

أخبار اليوم - تتسع آفاق الشراكة بين الأردن وكازاخستان، في مجالات استراتيجية تمتد من الصناعات الدوائية إلى الخدمات الاستشارية والسياحة وغيرها.

ويتمثل التقارب في الرؤى الاقتصادية، من خلال سعي كازاخستان لتنويع اقتصادها ضمن خطتها الطموحة 2050، يقابله ما يمتلكه الأردن من خبرات متراكمة وسمعة إقليمية متميزة في قطاعات الدواء، التعليم، التدريب والخدمات.

وأكد معنيون بالشأن الاقتصادي أن هذه المقومات تجعل من تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين فرصة لإرساء التعاون المتوازن الذي يقوم على تنويع القطاعات وتكامل المصالح.

وقالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن التعاون بين الأردن وكازاخستان يمثل فرصة استراتيجية لتعزيز الروابط الاقتصادية وتوسيع آفاق الشراكة بما يتجاوز تبادل السلع التقليدية وبما ينسجم مع التوجهات المشتركة نحو تنويع مصادر النمو الاقتصادي والاستفادة من المزايا التنافسية التي يمتلكها كل طرف، بما يسهم في بناء جسور تعاون أكثر استدامة وفعالية.

وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 2.9 مليون دولار في 2024، إذ سجلت الصادرات الوطنية إلى كازاخستان تراجعا خلال 2024، مقارنة بنفس الفترة من 2023 لتصل إلى ما يقارب 1.3 مليون دولار، فيما سجلت مستوردات الأردن من كازاخستان نموا خلال نفس الفترة بنحو 22 بالمئة مقارنة بنفس الفترة من 2023 لتصل إلى نحو 1.5 مليون دولار.

وبحسب موقع بيانات موقع مركز التجارة الدولية حول الفرص التصديرية للأردن غير المستغلة إلى كازاخستان، بلغ حجم الفرص غير المستغلة نحو مليوني دولار، بقيمة 800 ألف دولار في منتجات الألبسة، وبقيمة 248 ألف دولار في المنتجات الصيدلانية، ونحو 138 ألف دولار في الخضار والفواكه والمنتجات الغذائية، ونحو 134 ألف دولار في المنتجات الكيماوية، ونحو 51 ألف دولار في منتجات الآلات والكهرباء.

وقال النائب الأول لرئيس غرفة تجارة الأردن وممثل قطاع الخدمات والاستشارات جمال الرفاعي، إن قطاع الاستشارات الإدارية، يمثل فرصة استراتيجية لتعزيز التعاون الاقتصادي بين الأردن وكازاخستان في ظل محدودية حجم التبادل التجاري القائم حاليا واعتماده بنحو رئيسي على تبادل السلع.

وأشار إلى أن من أبرز المعيقات التي تحول دون زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، ترتبط بالجانب اللوجستي، مؤكدا أهمية التوجه نحو تجارة الخدمات وتسويق الخبرات الأردنية في مجالات الاستشارات الإدارية والتدريب وبناء القدرات والاستشارات المتخصصة، وهي قطاعات حققت فيها الشركات الأردنية سمعة متميزة على المستويين الإقليمي والدولي.

وأضاف، إن هذه القدرات تتوافق مع توجهات كازاخستان الحديثة، خاصة في ظل خطتها 2050، التي تركز على التحول الرقمي وتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط والغاز وتطوير البنية التحتية ورفع كفاءة العمالة الوطنية.
ولفت إلى أن الأردن يمتلك خبرات واسعة يمكن أن تسهم في دعم خطط كازاخستان في مجالات إدارة المؤسسات الصحية والمالية الإسلامية وغيرها.

من جهتها، قالت الأمين العام للاتحاد الأردني لمنتجي الدوائية حنان السبول، إن تشجيع التعاون المشترك بين الصناعات الدوائية الأردنية والكازاخية يحتاج إلى عدة إجراءات من القطاعين العام والخاص.

وأوضحت أنه لتحقيق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي، يعمل الاتحاد الأردني لمنتجي الأدوية على تمكين قطاع الصناعة الدوائية الأردنية من زيادة صادراته من خلال التوسع في أسواق تصديرية جديدة وزيادة نفاذ الأدوية الأردنية في الأسواق الحالية، كما يعمل على استقطاب الاستثمارات المباشرة في القطاع لخلق مزيد من فرص العمل للأردنيين.

وأكدت أن السوق الدوائية المحلية لكازاخستان تجاوزت قيمتها ملياري دولار أميركي، وعلى الرغم من وجود العديد من شركات الأدوية المحلية إلا أن السوق الدوائية هناك ما تزال تعتمد بنحو كبير على الاستيراد، حيث يعتبر أحد الأسواق المحتملة لتصدير الأدوية الأردنية، مبينة ضرورة دراسة فرص الاستثمار والتصنيع المشترك خاصة في ضوء الخطط الاستراتيجية التي وضعتها كازاخستان خلال السنوات الثلاث الأخيرة لاستقطاب شركات الأدوية العالمية للتصنيع المباشر هناك.

وقالت إن كازاخستان منحت العديد من الحوافز لشركات الأدوية بما في ذلك عقود شراء طويلة الأجل تصل أحيانا لعشر سنوات، لتقليل المخاطر على المستثمرين، ما ساهم في استقطاب العديد من شركات الأدوية العالمية من تركيا، كوريا الجنوبية، اليابان، سويسرا وألمانيا وغيرها للتصنيع المحلي، كما ان هناك العديد من المصانع أنشأت وبعضها تحت الإنشاء.

وتابعت السبول، أنه من خلال العلاقات المتميزة بين البلدين ولفتح الآفاق أمام الدواء الأردني هناك لا بد من التركيز على تسهيل وتسريع إجراءات تسجيل الأدوية الأردنية في كازاخستان وتشبيك شركات الأدوية مع مستوردي الأدوية هناك من خلال تبادل زيارات محددة الأهداف ومخطط لها للوقوف على مجالات التعاون وتحديد الشركاء المناسبين من كلا الطرفين، إضافة إلى تعزيز بيئة الاستثمار في الأردن.

بدوره، أكد رئيس النقابة اللوجستية الأردنية، نبيل الخطيب، ضرورة تعزيز مستوى التبادل التجاري بين البلدين، خاصة ما يتعلق ببعد المسافة وما يترتب عليها، مبينا ضرورة توفير وسائط نقل مباشرة بين البلدين من خلال خط طيران مباشر من وإلى كازاخستان وتسهيل تأشيرات السفر وخفض تكاليف الشحن.

من جانبه، دعا رئيس جمعية التمور الأردنية أنور حداد، الى إنشاء خطوط شحن ثابتة ومنتظمة، سواء بحرية عبر تركيا وبحر قزوين أو جوية أسبوعية مباشرة وإبرام عقود سنوية مع شركات النقل ومشغلي الخطوط لضمان استمرارية التزويد، وتبسيط الإجراءات الجمركية وتخفيض الرسوم، بما يعزز القدرة التنافسية للمنتجات.

وأكد حداد، ضرورة توحيد أنماط المستندات والبيانات المرفقة بالمنتجات، بحيث تكون بلغة مشتركة مفهومة للطرفين مثل الإنجليزية إلى جانب العربية أو الروسية، وتعزيز التنسيق الموسمي للإنتاج الزراعي بين البلدين لتقليل الفوائض المتزامنة والاستفادة المثلى من الفرص التجارية.

من ناحيته، قال الخبير السياحي، الأستاذ في كلية السياحة والفندقة بالجامعة الأردنية بالعقبة الدكتور إبراهيم الكردي، إن كازاخستان تمثل سوقا واعدة بالنسبة للسياحة الأردنية، خاصة وأن لديها قاعدة سكانية كبيرة ومستوى دخل متزايد، إضافة إلى اهتمام مواطنيها المتنامي بالسفر واكتشاف الوجهات التاريخية والدينية والطبيعية.

وأضاف إن الأردن بدوره يمتلك منتجا سياحيا متنوعا يجمع بين البعد الديني والثقافي والطبيعي والعلاجي، وهو ما يجعله قادرا على استقطاب السائح الكازاخي الباحث عن تجربة متكاملة.


وأشار إلى أن التفكير بفتح خط جوي مباشر أو حتى تسيير رحلات عارضة (Charter) في المواسم السياحية يمكن أن يكون خطوة استراتيجية لتعزيز التدفقات السياحية بين البلدين ويجعل الوجهات المنافسة أكثر جاذبية.

وبين الكردي، أنه يمكن تعزيز السياحة المشتركة من خلال تفعيل الاتفاقيات السياحية وتكثيف التعاون بين مكاتب السياحة والسفر في البلدين، وأن تنظيم برامج سياحية مشتركة والترويج عبر المعارض الدولية ووسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي سيكون له الدور البارز في زيادة الوعي بالوجهة الأردنية لدى السائح الكازاخي والعكس صحيح بالنسبة للأردنيين الراغبين في زيارة كازاخستان.


ودعا إلى الاستفادة من نقاط الجذب الخاصة بكل بلد، فالأردن يتميز بالبعد الديني (المغطس، القدس القريبة، مقامات الصحابة) والطبيعة الفريدة (البحر الميت، وادي رم، البترا)، فيما تمتلك كازاخستان مساحات واسعة من الطبيعة البكر، والمنتجعات الشتوية والموروث الثقافي الآسيوي، لافتا إلى أن هذا التنوع يمكن أن يفتح المجال أمام تبادل الوفود السياحية وتنظيم رحلات ذات طابع ثقافي وتعليمي وعلاجي ورياضي.

وأشار إلى أن تنويع الأسواق السياحية يعتبر ركيزة أساسية لاستدامة القطاع السياحي الأردني، إذ لا يمكن الاعتماد فقط على الأسواق التقليدية مثل أوروبا أو الدول المجاورة، فالسوق الكازاخية وسائر أسواق آسيا الوسطى تمثل فرصا جديدة تعزز مناعة القطاع ضد الأزمات والتقلبات السياسية أو الاقتصادية في الأسواق التقليدية وتفتح المجال لزيادة أعداد الزوار بشكل مستدام.

وأكد الكردي، أن تعزيز السياحة بين البلدين ليس مجرد مسألة اقتصادية بحتة، بل هو أيضا وسيلة لتعميق العلاقات الثنائية وبناء جسور من التبادل الثقافي والمعرفي.