أخبار اليوم - اعتقدت أسرة نزار بكرون أن لجوءها إلى خيمة في قطعة أرض تملكها بشارع الثورة في غزة سيحمل لها الأمان المنشود، لكن ما حدث لم يكن في الحسبان؛ إذ اخترقت الشظايا الخيمة وأجساد أبنائها وهم نائمون، فسقطوا بين شهيد وجريح، بينهم الطفل يوسف الذي يصارع اليوم خطر بتر قدمه مع غياب الرعاية الطبية اللازمة في غزة.
يعود نزار بذاكرته إلى يوم الخامس والعشرين من مايو، اليوم الذي سيبقى ذكرى أليمة في حياته، حين قصف الاحتلال الإسرائيلي عمارة البرقوني المجاورة لأرض عائلته، فتساقطت الشظايا والأنقاض فوقهم، ليستشهد والده ربحي (62 عامًا)، وابنه ربحي (8 أعوام)، وابنته أولينا (10 أعوام).
كما أصيبت والدته بجراح ما زالت تمنعها من المشي حتى اللحظة، وأصيبت أيضًا ابنته أيالا (6 أعوام) وابنه آدم (12 عامًا)، وقد تعافيا بشكل ملحوظ، فيما بقيت زوجته تعاني من جروحها بعد إصابتها بثلاثة كسور في يدها أدت إلى فقدانها مفصل الكوع.
ولم تكن تلك الإصابة الوحيدة، فقد تعرضت أيضًا لإصابة في الرأس أفقدتها التركيز بشكل شبه كامل، حتى إنها لا تدرك حتى اللحظة ما حل بالأسرة، وغير قادرة على رعاية أطفالها، خاصة يوسف (عامان) الذي يعاني من إصابة بليغة في قدمه.
يقول نزار لصحيفة "فلسطين": "ترتد لزوجتي ذاكرتها لعدة دقائق ثم تعود لفقدان الوعي وعدم إدراك ما حولها. أخبرنا الأطباء أنها بحاجة إلى عام تقريبًا كي تستعيد وعيها وإدراكها".
وحتى ذلك الحين، يبقى يوسف في صراع مع الألم ومخاوف البتر، تخوضه معه أسرته كلها التي تخشى أن يفقد الطفل الصغير قدمه في ظل انعدام الإمكانيات الطبية في غزة.
يتابع نزار: "مكث يوسف فترة طويلة في مستشفى الشفاء، حيث أجريت له عمليات جراحية متواصلة في محاولة لإنقاذ رجله اليسرى من البتر. طُلب مني التوقيع على عملية بتر، لكنني رفضت أملًا في أن تتاح له فرصة للعلاج بالخارج، إلا أنه حتى اللحظة لم يتمكن من السفر".
ويضيف أن عامل الوقت يقف عائقًا أمام تحسن حالة يوسف الصحية، فكلما تم الإسراع في تسفيره كان التحسن أكبر. "تم نقل يوسف إلى مستشفى أطباء بلا حدود في الزوايدة، حيث مكث هناك قرابة ثلاثة أشهر متواصلة، وما زال يتلقى العلاج حتى الآن".
ويواصل نزار بصوت مثقل بالهم: "اضطررت لتركه عند جدته لأمه التي تقيم في المحافظة الوسطى، إذ لا أستطيع دفع نحو مئة شيكل يوميًا للتنقل بين غزة والوسطى لمتابعة علاجه، بينما زوجتي ووالدتي ما زالتا مصابتين وعاجزتين عن رعايته".
يعاني يوسف من التهابات شديدة في رجله وصلت إلى العظم والأنسجة، وهو عاجز عن الحركة، ما يجعله في حالة عصبية دائمة ويحتاج إلى رعاية نفسية وصحية مكثفة.
ولا يطلب نزار سوى أمر واحد: أن تسارع المنظمات الصحية الدولية في تسفير يوسف قبل فوات الأوان. يقول بحرقة:
"يكفيني أنني فقدت اثنين من أبنائي، لا أريد أن يفقد يوسف مستقبله. أرجو أن تصل صرختي هذه إلى المعنيين ليُسارعوا بتسفيره لتلقي العلاج في الخارج".