أخبار اليوم - ضبطت القوات اليمنية قارباً على سواحل محافظة لحج غرب عدن، يحمل شحنة جديدة من المعدات العسكرية وأجهزة الطائرات المسيّرة، كانت في طريقها إلى الجماعة الحوثية، في عملية جديدة تؤكد استمرار تدفق الدعم الإيراني للجماعة التي صعّدت أخيراً من هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن.
وأفاد المركز الإعلامي لـ«ألوية العمالقة»، في بيان، بأن الحملة الأمنية المشتركة بقيادة العميد حمدي شكري، قائد «الفرقة الثانية - عمالقة»، تمكنت من ضبط القارب قبالة سواحل منطقة رأس العارة بمحافظة لحج وعلى متنه 3 من عناصر التهريب، مشيراً إلى أن المضبوطات شملت معدات عسكرية متقدمة، بينها مكونات طائرات مسيّرة وأجهزة مراقبة وتجسس ورقائق إلكترونية عالية التقنية.
وأوضح البيان أن الشحنة احتوت كاميرات عالية الدقة للطيران المسيّر لأغراض الاستطلاع الليلي والنهاري، وأجهزة اتصال لاسلكي، وأدوات تحكم عن بُعد، إلى جانب وحدات تتبُّع ملاحية وأنظمة تشغيل إلكترونية، وبطاريات طاقة عالية السعة، وألياف كربون تُستخدم في تصنيع وتوجيه الطائرات المسيّرة. وأضاف البيان أن النيابة الجزائية المختصة أشرفت ميدانياً على عملية الضبط والتحريز.
وتُعدّ هذه العملية الثالثة من نوعها خلال الأسابيع الأخيرة؛ إذ ضبطت السلطات اليمنية في أغسطس (آب) الماضي شحنة مماثلة من أجهزة التجسس والطائرات المسيّرة ضمن حاويات مشبوهة في ميناء عدن، بالتزامن مع تقرير لفريق خبراء الأمم المتحدة كشف عن شبكة تهريب أسلحة تربط الحوثيين بـ«تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» و«حركة الشباب» الصومالية.
وقالت مصادر أمنية حينها إن الشحنة السابقة كانت تضم محركات نفاثة ومعدات تصنيع طائرات مسيّرة متكاملة، ولم تكن تحمل أي وثائق رسمية تُثبت وجهتها، قبل أن تؤكد التحقيقات أن مصدرها إيران.
تهريب متواصل
وفي عملية أخرى قبل أسابيع، اعترضت القوات اليمنية على الساحل الغربي قارباً محملاً بأكثر من 700 طن من الأسلحة المتقدمة، كانت متجهة إلى مناطق سيطرة الحوثيين؛ مما أعاد إلى الواجهة ملف التهريب البحري الذي يشكل أحد شرايين الإمداد الحيوية للجماعة المدعومة من طهران.
وكان «مركز أبحاث التسليح خلال النزاعات»، وهو مؤسسة دولية مقرها لندن، قد ذكر في تقرير حديث له أن الحوثيين حصلوا على أسلحة إيرانية متطورة عبر شبكات تهريب معقّدة، وأن تلك الأسلحة تشمل أنظمة دفاع جوي وصواريخ مضادة للسفن ومكونات تُستخدم في هجمات الطائرات المسيّرة.
وأشار «المركز» إلى أن تحليلات فنية أجريت على شحنة صودرت قرب باب المندب أظهرت أن جزءاً كبيراً من الأسلحة يرتبط مباشرة بشبكات إمداد إيرانية سبق توثيقها في العراق ولبنان وسوريا، مؤكداً أن استمرار هذا الدعم مكّن الحوثيين من توسيع نطاق عملياتهم البحرية والجوية، بما في ذلك الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر.
وتأتي عملية الضبط الأخيرة في وقت تزداد فيه التحذيرات الدولية من تداعيات الهجمات الحوثية المتكررة على السفن، التي بلغت أكثر من 220 هجوماً خلال العامين الماضيين، وفق إحصاءات غربية.
وتؤكد هذه العمليات، وفق مصادر حكومية يمنية، أن الجماعة الحوثية تواصل بناء ترسانة متطورة من الأسلحة البحرية والجوية بفضل الدعم الإيراني، في تحدٍّ لقرارات مجلس الأمن، وتوظفها لخدمة أهداف تتجاوز الحدود اليمنية.
ويرى مراقبون أن استمرار ضبط شحنات الأسلحة المتجهة إلى الحوثيين يعكس «تصاعد الجهود الميدانية والاستخباراتية» للقوات اليمنية، لكنه في الوقت ذاته يسلّط الضوء على «مدى تغلغل شبكات التهريب الإيرانية»، التي تحاول - رغم الرقابة الدولية - تزويد وكلائها بالسلاح لزعزعة استقرار المنطقة وإطالة أمد الصراع.
أداة لإيران
في السياق السياسي، قال وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، إن «الهجمات التي تنفذها الجماعة الحوثية ضد السفن التجارية وناقلات النفط في خطوط الملاحة الدولية ليست استجابة لتطورات غزة كما تزعم الجماعة، بل تنفيذ مباشر لأجندة إيران».
وأضاف الإرياني في تصريحات رسمية أن «تصاعد هذه الهجمات منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 يعكس محاولات طهران لتأكيد حضورها ونفوذها في الممرات البحرية الاستراتيجية، واستخدام الحوثيين ورقة ضغط في صراعها مع المجتمع الدولي».
وأوضح أن «الهجوم الذي شنّته الجماعة في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي على السفينة الهولندية في خليج عدن، بعد أيام فقط من تفعيل (آلية الزناد) وطي صفحة الاتفاق النووي الإيراني، دليل جديد على أن الحوثيين يتحركون بأوامر مباشرة من طهران»، مضيفاً أن النظام الإيراني «يستخدم الميليشيا لابتزاز وتهديد المجتمع الدولي كلما اشتد عليه الخناق أو تراجعت قدرته على المناورة».
وأكد الوزير اليمني أن اقتراب حرب غزة من نهايتها عقب إعلان خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، واستمرار الضغوط الدولية على محور إيران، سيكشفان عن حقيقة الجماعة الحوثية بوصفها «أداة تابعة لمشروع (ولاية الفقيه)، لا تمتّ بأي صلة لمصالح اليمنيين أو نصرة الفلسطينيين».
ودعا الإرياني المجتمع الدولي، وفي مقدمته الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، إلى «تحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية في تصنيف الحوثيين (جماعة إرهابية) تهدد الأمن والسلم الدوليين، واتخاذ موقف حازم يضمن أمن وسلامة خطوط الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن».
وشدد الوزير اليمني على ضرورة دعم الحكومة الشرعية في معركتها لحماية الممرات البحرية وصون السيادة اليمنية، مؤكداً أن استمرار التهريب الإيراني يهدد بتوسيع دائرة الصراع الإقليمي ويفتح الباب أمام فوضى بحرية غير مسبوقة.