الحكومة توافق على خطة طوارئ للأطباء البيطريين للسيطرة على الحيوانات الضالة
الحكومة توافق على خطة طوارئ للأطباء البيطريين للسيطرة على الحيوانات الضالة
06-10-2025 06:31 PM
أبو زنيد : التعقيم هو الحل العلمي والإنساني
- خفض عدد الكلاب داخل المدن بشكل تدريجي
- 70 بالمئة من حالات العقر في الأردن سببها كلاب ضالة
- إنشاء مراكز إيواء مؤقتة في كل محافظة ضمن خطة وطنية طويلة الأمد
أخبار اليوم - في تطور مهم نحو احتواء أزمة الكلاب الضالة في الأردن وافقت الحكومة على خطة طوارئ قدمتها نقابة الأطباء البيطريين الأردنيين بهدف السيطرة السريعة على توالد الكلاب الضالة والحد من خطورتها في المناطق الحضرية وذلك ضمن خطة طوارئ سريعة تمهيدا لإطلاق خطة وطنية شاملة وطويلة الأمد.
وجاءت هذه الخطوة عقب تصاعد الضغط الشعبي وتحول ملف الكلاب الضالة إلى قضية رأي عام، إثر تكرار حالات العقر في المدن، وما يشكله من تهديد للصحة والسلامة العامة.
وبحسب ما أكده نائب نقيب نقابة الأطباء البيطريين الأردنيين الدكتور غضنفر أبو زنيد في مقابلة خاصة مع "الرأي"، فقد كانت النقابة هي الجهة التي تولت إعداد مقترح علمي وعملي لحل المشكلة، استند إلى بروتوكولات منظمة الصحة العالمية، وارتكز على مبدأ التعقيم والحد من التكاثر بدلا من الإعدام الجماعي، باعتباره الحل الأكثر إنسانية وفعالية بيئيا وصحيا.
وتابع بأنه بناء على إيعاز دولة رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان للجهات المعنية، فقد تم التواصل مع نقابة الأطباء البيطريين، حيث قدمت النقابة مقترح مشروع السيطرة على الكلاب الكنعانية وتحقيق التوازن البيئي، وقد أعطى رئيس الوزراء موافقته على الشق السريع من الخطة (خطة الطوارئ).
وتقوم خطة الطوارئ التي تحتاج عدة أشهر للبدء فيها وفق أبو زنيد، على التعاقد المباشر مع عيادات مرخصة وأطباء بيطريين في القطاع الخاص، بهدف إجراء عمليات التعقيم والتحصين للكلاب الضالة داخل المراكز البيطرية القائمة، دون الحاجة لانتظار إنشاء بنى تحتية حكومية جديدة.
وتشمل العملية فحص الكلاب والتأكد من سلامتها الصحية، وزرع شريحة إلكترونية وتعليق بطاقة تعريفية على الأذن، وإعطاؤها المطاعيم اللازمة ضد داء الكلب، وإجراء عمليات استئصال تناسلية (تعقيم)، بالإضافة إلى إعادة الكلاب إلى مناطقها التي أخذت منها بعد التأهيل.
وأكد أبو زنيد أن النقابة ستتولى الدور الرقابي والإشرافي على العيادات المشاركة، كما ستقوم بتقديم تقارير يومية ودورية إلى أمانة عمان والجهات المعنية عن سير العمل وعدد الكلاب المعالجة، لضمان الشفافية ودقة التنفيذ.
وتبرز نقابة الأطباء البيطريين الأردنيين في هذا المشروع كما ذكر كـ"بيت الاختصاص" الأول، في مجال التعامل مع الكلاب الضالة، حيث تولت إعداد المقترح، وتقديمه للجهات الرسمية، وهي الجهة المخولة فنيا بالإشراف على التنفيذ، سواء في الخطة القصيرة أو في النموذج طويل الأمد.
وقال أبو زنيد أن المشروع "يمثل تحولا نوعيا في طريقة التعامل مع مشكلة الكلاب الضالة"، مضيفا أن الهدف ليس فقط تقليص الأعداد، بل تحقيق توازن بيئي وسلوك امن لهذه الحيوانات، بما ينعكس إيجابا على سلامة المواطنين.
وبالتوازي مع خطة الطوارئ، أوضح أن النقابة قدمت أيضا مقترحا لخطة وطنية طويلة الأمد، والتي ستباشر بإعدادها في حال تم الإيعاز بتجهيزها، وتشمل إنشاء مراكز إيواء مؤقتة في كل محافظة، تتضمن غرف عمليات، وفرق ميدانية لجمع ونقل الكلاب، إلا أن هذه الخطة تتطلب تمويلا كبيرا ومخصصات مالية لم تحدد بعد، نظرا لارتفاع تكلفة المعدات الجراحية، والمستلزمات الطبية، وغرف العزل، وشبكات النقل الخاصة.
وبين أبو زنيد أن عددا من الجهات الرسمية تشارك في هذا المشروع الوطني أبرزها، أمانة عمان، وزارة الإدارة المحلية، وزارة الزراعة، وزارة الداخلية، وزارة التخطيط، وزارة المالية، مؤسسة سمو الأميرة عالية، الشرطة البيئية، والبلديات المحلية.
ونوه إلى أن الخطة تهدف بشكل عام إلى الحد من حالات العقر والعدوى، وخفض عدد الكلاب داخل المدن بشكل تدريجي، وتهدئة السلوك العدائي للكلاب من خلال التعقيم، ناهيك عن نشر التوعية حول الرفق بالحيوان والتعامل الامن مع الكلاب.
وأكد أن النقابة تعتزم تنفيذ حملات توعوية في المدارس والمجتمعات المحلية، ضمن برنامج متكامل للتثقيف حول الحيواناتالضالة وطرق التعامل السلمي معها.
وأشار أبو زنيد أن النقابة بمجلسها وهيئتها العامة من الطبيبات والأطباء البيطريين، تعد المرجعية العلمية والطبية المختصة في التعامل مع الحيوانات، وتحديدا في قضية الكلاب الضالة، مشددا على أن النقابة تقدم الرأي العلمي والعملي بعيدا عن التجاذبات بين المجتمع المحلي وجمعيات الرفق بالحيوان.
وأضاف أن النقابة تطرح الرأي العلمي المدروس أمام صناع القرار، للمساهمة في اتخاذ قرارات عملية وعلمية وحضارية للسيطرة على ظاهرة انتشار الكلاب الضالة، وتحقيق التوازن البيئي، وحماية الإنسان والحيوان على حد سواء.
وأوضح أبو زنيد أن الكلاب الكنعانية (البلدية) تعد من أقدم سلالات الرعي في المنطقة، وقد عرفت في آسيا والشرق الأوسط ومصر منذ الاف السنين، مبينا أن هذه الكلاب تعرف بذكائها العالي، وخفة حركتها، واعتمادها على نفسها، وهي في طبيعتها ليست عدوانية بل ودودة، ولكن عند تنمية غريزة الخوف لديها، قد تتحول إلى عدائية.
وقدم أبو زنيد تقييما علميا لأنماط السلوك العدواني لدى الكلاب الكنعانية، على النحو الاتي، الكلاب المسالمة (90%) لا تشكل خطرا، وغالبا ما تكون ودودة، والكلاب العدوانية ذات الشخصية القوية والتي لا تخاف بسهولة، ويفضل عدم استفزازها، كذلك الكلاب العدوانية ذات الشخصية الضعيفة وهي كثيرة النباح، وسهلة الإخافة، وأخيرا الكلاب المصابة بداء الكلب (السعار) حيث تظهر عليها أعراض واضحة كإفراز اللعاب، واحمرار العين، والنباح العالي، وهي الأخطر.
وتابع بأن هذا التصنيف مهم جدا أثناء تنفيذ برامج التعقيم، إذ يجب التفريق بين الكلاب المصابة والكلاب السليمة عند التعامل معها ميدانيا.
وعن التوصيف العلمي لظاهرة الكلاب الضالة حاليا في الأردن وتقييم انتشارها، قال أن "الكلاب الكنعانية السائبة تعد جزءا من الحياة البرية والمخزون البيئي في الأردن، لكن بسبب اختلال التوازن البيئي لعدة أسباب، ظهرت الظاهرة بشكل متفاقم، وأصبحت تشكل مصدر قلق حقيقي للمواطنين.
وتابع أبو زنيد قائلا "كنت قد حذرت منذ أكثر من ثلاث سنوات من تفاقم هذه الظاهرة، وطالبت باتخاذ قرار سريع للسيطرة عليها، دون تأخير أو حسابات مالية، لأن نداء الطبيعة مثل الموج العالي، ويجب التدخل لإعادة التوازن البيئي بالطرق العلمية فقط".
ولفت إلى أن غياب الإحصائيات الدقيقة حول عدد الكلاب الضالة في المدن والمناطق المختلفة، يشكل عقبة كبيرة أمام تقييم حجم المشكلة ووضع خطة عمل فعالة، متمنيا من الجهات المعنية الإسراع بإجراء إحصائية وطنية شاملة لتحديد العدد، وبالتالي تقدير حجم العمل والمدة الزمنية اللازمة، ورصد الميزانيات المناسبة.
وأوضح أبو زنيد أنه حسب إحصائيات وزارة الصحة المعلنة فإن التقارير الطبية تشير إلى تصاعد في عدد حالات العقر خلال الأعوام الماضية، وخاصة في 2023، حيث شكلت الكلاب الضالة 70% من حالات العقر المسجلة.
وأشار إلى أبرز المخاطر الصحية المرتبطة بها، هي حالات العقر والتي تتراوح من خدوش سطحية إلى جروح عميقة تستوجب تدخلا طبيا فوريا، بالإضافة لحالات الوفاة (حالة أو حالتين سنويا نتيجة إصابة بداء الكلب)، كذلك أمراض بكتيرية مثل الباستوريلا، السالمونيلا، والكزاز، وعدوى فطرية مثل السعفة الجلدية.
وأكد أبو زنيد على أهمية غسل الجروح بالماء والصابون والتوجه مباشرة لأقرب مركز صحي لتلقي العلاج واللقاحات الضرورية.
ووجه أبو زنيد عدة نصائح مهمة للمواطنين أهمها، تثقيف الأبناء حول سلوكيات الكلاب وكيفية التعامل معها من خلال مصادر علمية موثوقة، وعدم إلقاء النفايات خارج الحاويات، لأنها مصدر جذب رئيسي للكلاب الضالة، وعدم استخدام العنف لأنه يزيد عدوانية الكلاب، بالإضافة للتبليغ عن الكلاب الخطرة من خلال القنوات الرسمية، واستخدام أجهزة الموجات فوق الصوتية لطرد الكلاب في حال الخطر، وهي أجهزة رخيصة وامنة.
كما وجه رسالة إلى ناشطي حقوق الحيوان قائلا "نحن نقدر إنسانيتكم، ولكن نرجو عدم المساهمة عن غير قصد في تعميق المشكلة من خلال إطعام الكلاب داخل الأحياء السكنية، لأن هذا السلوك يغير طبيعة الكلاب، ويحولها إلى مقيمة دائمة في الأحياء بدلا من التنقل والبحث عن طعامها كما فطرت عليه".
وأوضح أن هذا التغيير في السلوك أدى إلى اختلال التوازن البيئي، وانتشار الزواحف والقوارض داخل المناطق السكنية، مما تسبب في مشاكل صحية وبيئية إضافية، مشددا على أن الحل الأنسب هو توزيع الطعام في أطراف المدن، بعيدا عن الأحياء السكنية.
وفي رسالة إلى صناع القرار، نوه أبو زنيد إلى أن مشروع السيطرة على الكلاب الضالة وإعادة التوازن البيئي هو مشروع وطني عملاق، يحتاج إلى تضافر جهود جميع الجهات الرسمية، فكل تأخير في إطلاق المشروع يزيد من تفاقم الظاهرة، فهناك حاجة إلى ضمان ديمومة العمل، وتوفير الأدوات، وتبني خطة طوارئ سريعة، يتبعها مشروع طويل الأمد ومستدام.
ودعا إلى التزام البلديات بنقل النفايات بشكل يومي، واستبدال الحاويات المفتوحة بأخرى مغلقة، وتوفير التمويل اللازم لمراكز العلاج والعيادات المتخصصة، وتعزيز التنسيق بين كافة الجهات، البلديات، أمانة عمان، وزارات الصحة والداخلية والزراعة وغيرها.