أخبار اليوم - لا صوت يعلو فوق صوت الانتقادات الموجهة إلى الفرنسي كريم بنزيما، قائد اتحاد جدة، بعد ليلة الفيحاء التي تحولت من فرصة لاستعادة الثقة إلى محطة جديدة في مسلسل الشكوك حول دوره وتأثيره داخل كتيبة العميد.
فبنزيما، الذي جاء إلى السعودية صيف 2023 محملاً بآمال جماهير الاتحاد وتطلعاتهم، وجد نفسه مجددًا في مواجهة الغضب بعد أن أهدر ركلة جزاء حاسمة كادت تمنح فريقه الفوز وتعيده إلى صدارة دوري روشن.
ويقدم موقع كووورة سلسلة أسبوعية بعنوان "تحت الضغط"، تستهدف تسليط الضوء على لاعب أو مدرب يجد نفسه في مواجهة مباشرة مع غضب أو انتقادات جماهيره.
صدمة الفيحاء.. ركلة أخرجت الاتحاد من الوصافة
كانت كل الظروف مهيأة لأن تكون ليلة اتحاد جدة، الجمعة الماضية، على ملعب مدينة المجمعة الرياضية. حيث أن النتيجة تشير إلى تعادل (1-1)، والكرة في ركلة جزاء بالدقيقة 88، بعد أن تعرض بنزيما نفسه للإعاقة داخل المنطقة.
وتقدم القائد الفرنسي للتنفيذ، لكنه سدد كرة ضعيفة أرضية على يسار الحارس موسكيرا، الذي لم يكتفِ بالتصدي بل أمسك بها بثبات، ليُطلق العنان لخيبة جماهير الاتحاد الحاضرة.
ذلك الخطأ لم يكن مجرد إهدار، بل تحول إلى عنوان عريض لفقدان نقطتين ثمينتين تسببتا في تراجع الاتحاد إلى المركز الخامس برصيد 10 نقاط، بعد أن كان في وصافة الجدول خلف النصر، بينما صعد الفيحاء إلى المركز العاشر بـ8 نقاط.
أرقام مخيبة.. بنزيما خارج الخدمة
الإحصائيات لم تُنصف كريم بنزيما، بل كشفت حجم معاناته الفنية في مواجهة الفيحاء. فخلال 90 دقيقة كاملة، بدا القائد الفرنسي بعيدًا تمامًا عن مستواه المعتاد، إذ أنهى المباراة دون أي هدف أو صناعة حقيقية، وأهدر ركلة جزاء حاسمة كانت كفيلة بمنح الاتحاد الانتصار في الدقائق الأخيرة.
ولم تتوقف إخفاقاته عند ذلك، فقد أضاع ثلاث فرص محققة للتسجيل، وفقد الكرة ثماني مرات، لينال في النهاية تقييمًا ضعيفًا بلغ 6.3 من 10، كأحد أسوأ لاعبي اللقاء. وهي أرقام متواضعة لا تليق بتاريخ نجم بحجم بنزيما.
عقدة ركلات الجزاء.. لعنة لا تتوقف
لم تكن ركلة الفيحاء مجرد حادثة عابرة، بل امتدادًا لمشكلة مزمنة تُطارد بنزيما منذ انضمامه إلى العميد.
فالإحصائيات تؤكد أنه سدد 7 ركلات جزاء منذ صيف 2023، سجل منها ركلتين فقط أمام أبها والخليج، بنسبة نجاح لا تتجاوز 28.5%، بينما أضاع 5 ركلات كاملة أمام الأهلي المصري، الوحدة، والفيحاء (3 مرات).
اللافت أن الحارس موسكيرا أصبح ثاني أكثر من تصدى له (مرتين)، بعد الإسباني سيرجيو هيريرا، الذي حرمه من ثلاث ركلات متتالية حين كان بنزيما لاعبًا لريال مدريد!
آخر ركلة ناجحة لبنزيما تعود إلى نوفمبر 2023 أمام الخليج في فوز الاتحاد (4-2)، أي أن الصيام امتد لعامين تقريبًا عن تسجيل أي ركلة ناجحة، لتتحول إلى عقدة نفسية واضحة أمام المرمى.
جماهير الاتحاد تُحمّل بنزيما مسؤولية التعثر
لم تمر إضاعة كريم بنزيما لركلة الجزاء مرور الكرام، إذ فجّرت المباراة موجة غضب واسعة بين جماهير اتحاد جدة، التي صبت جام غضبها على قائد الفريق، متهمةً إياه بالأنانية والتكبّر داخل الملعب.
ورأت الجماهير أن بنزيما فضّل مصلحته الشخصية على مصلحة النادي، بإصراره على تنفيذ الركلة رغم فشله المتكرر في مثل هذه المواقف، حتى أصبحت ركلات الترجيح "عقدة مستمرة" له منذ قدومه إلى الاتحاد.
كما تساءلت الأصوات الاتحادية عن غياب الحسم الإداري والفني في هذا الملف، مؤكدة أن الوقت قد حان لمنع النجم الفرنسي من تنفيذ الركلات، بعدما أصبح كل ظهور له خلف الكرة مصدر قلق للجماهير.
وتداول المشجعون أرقامًا اعتبروها “كارثية”، إذ لم يُعرف عن أي لاعب في دوري روشن أنه أهدر ركلات جزاء أكثر من بنزيما، الذي أضاع خمس ركلات منذ انضمامه إلى الفريق.
واعتبرت جماهير العميد أن القائد الفرنسي فقد شغفه القديم، ولم يعد يمتلك الرغبة أو الجدية في التعويض بعد كل إخفاق، على عكس ما يفعل نجوم كبار مثل كريستيانو رونالدو الذي يتحول فوره إلى حماس متقد بعد أي خطأ مشابه.
في المقابل، حمّل بعض المشجعين تراجع مستوى بنزيما إلى عوامل نفسية وضغوط خارجية، خصوصًا بعد دخوله في أجواء التوتر التي تحيط بالفريق خلال الفترة الأخيرة، ما جعل أداءه باهتًا يفتقد للروح والقيادة التي انتظرها منه أنصار الاتحاد. وبدا المشهد العام وكأن العلاقة بين بنزيما وجماهير العميد تمرّ بمرحلة توتر حقيقية، بعدما تزايدد الانتقادات.
الغياب القسري.. والفرصة الأخيرة أمام الشرطة
وكأن ما حدث في الفيحاء لم يكن كافيًا، جاء إعلان الاتحاد عن إصابة بنزيما ليزيد من تعقيد المشهد قبل المواجهة الآسيوية المرتقبة أمام الشرطة العراقي في دوري أبطال آسيا للنخبة.
النادي أكد عبر بيان رسمي أن قائده يعاني من كدمة في الساق اليمنى، ويخضع لبرنامج تأهيلي مكثف، وهو ما يتسبب في غيابه عن اللقاء الحاسم.
ويُدرك المدرب البرتغالي سيرجيو كونسيساو أن فريقه في موقف لا يحتمل الأخطاء، بعد خسارتيه السابقتين أمام شباب الأهلي والوحدة الإماراتيين، حيث يقبع الاتحاد في المركز الحادي عشر بلا نقاط. ويعتبر أي تعثر جديد سيضع الفريق تحت ضغط أكثر من قبل الجماهير الاتحادية.
بين المجد والهاوية
من الصعب إنكار القيمة الفنية والتاريخية لكريم بنزيما، فهو أحد أبرز المهاجمين في جيله، وأسطورة ريال مدريد السابق. لكن في جدة، يمر القائد الفرنسي بمرحلة دقيقة، يبدو فيها وكأنه فقد بوصلته.
وفي ظل كل هذا الضغط، تبقى الحقيقة أن بنزيما يقف اليوم أمام مفترق طرييق إما أن يستعيد هيبته ويثبت أنه لا يزال قادرًا على حمل شارة الاتحاد،
أو أن تستمر سلسلة الإخفاقات التي قد تضع نهاية غير سعيدة لمسيرته في الملاعب السعودية.