أخبار اليوم - تؤكد مؤشرات الأداء الاقتصادي في الشهور التسعة الأولى من عام 2025 أن القطاع الصناعي الأردني يعيش مرحلة استقرار ونمو متصاعد، بعدما ارتفعت أرباح الشركات الصناعية بنسبة 15.8% لتسجل نحو 564 مليون دينار، ما يعكس متانة هذا القطاع وقدرته على تجاوز التحديات.
ويشير الكاتب الاقتصادي عصام قضماني إلى أن هذه النتائج ليست حالة طارئة، بل ثمرة توجه استراتيجي بدأ يتبلور ضمن خطة التحديث الاقتصادي التي تضع الصناعة في قلب المشروع التنموي، معتبراً أن الحكومة تستطيع أن تعمل بثقة في ظل الأنظمة العالمية الراهنة، بعدما أثبتت خطواتها نجاحاً واضحاً في مجال دعم الصناعة والتحفيز التصديري.
ويرى قضماني أن الصناعة الوطنية أثبتت خلال السنوات الماضية أنها القطاع الأكثر قدرة على خلق فرص العمل وتحقيق القيمة المضافة، كما أنها مصدر رئيس للعملات الأجنبية، داعياً إلى أن يكون دعمها واجباً وطنياً لا شعاراً اقتصادياً.
وفي المقابل، يلفت الكاتب إلى أن الصناعة الأردنية ما تزال تواجه قيوداً متراكمة في الأسواق الخارجية، أبرزها قواعد المنشأ الأوروبية التي تحد من انسياب الصادرات، والدعم المكثف في دول الخليج العربي، إلى جانب رخص السلع القادمة من الشرق الأقصى نتيجة تدني كلف العمالة فيها. ويؤكد أن هذه العوامل تستدعي مراجعة الاتفاقيات التجارية القائمة وتفعيل مبدأ المعاملة بالمثل، لضمان حماية المنتج الأردني من المنافسة غير العادلة.
ويحذّر المقال من استمرار الخلل في الميزان التجاري، إذ لا تتجاوز صادرات الأردن ثلث مستورداته، وهو ما وصفه بأنه “وضع شاذ” يبرّر اتخاذ إجراءات استثنائية مؤقتة لتصويب المسار ودعم الصادرات. ويرى أن الأردن، بصفته بلداً صغيراً في حجم التجارة العالمية، قادر على اتخاذ خطوات تصحيحية دون أن يثير اعتراضات دولية أو يؤثر في توازنات السوق العالمية.
ويُبرز المقال أيضاً تجربة الصناعة الوطنية خلال أزمة جائحة كورونا، التي أثبتت فيها المصانع الأردنية قدرتها على سد احتياجات السوق المحلي بمنتجات وطنية، مؤكداً أن تلك المرحلة كانت دليلاً عملياً على أهمية الصناعة كركيزة للأمن الاقتصادي والاجتماعي.
ويخلص التحليل إلى أن الصناعة الأردنية باتت رمزاً لقدرة الاقتصاد الوطني على الصعود رغم ضيق الموارد، وأن تفعيل مبدأ المعاملة بالمثل أصبح ضرورة لحماية مكاسبها ودعم تنافسيتها في الأسواق الخارجية.
نص المقال كما ورد بقلم الصحفي عصام قضماني – صحيفة الرأي
في بيانات الشهور التسعة الأولى من هذه السنة تقدمت الشركات الصناعية في الربحية.
أرباح قطاع الصناعة ارتفعت بنسبة 15.8% ليسجل 564 مليون دينار في الشهور التسعة الأولى من العام الحالي.
إجمالاً كان أداء الشركات جيداً، فقد ارتفعت أرباح الشركات المدرجة في بورصة عمّان بنسبة 10.9% في أول تسعة شهور من العام 2025، وأشارت البيانات إلى أن صافي أرباح الشركات المدرجة في الشهور التسعة الأولى من العام الحالي بلغت 1.716 مليار دينار. كما ارتفعت أرباح البنوك المدرجة بنسبة 6.4% لتسجل 956 مليون دينار، وأرباح قطاع الخدمات بنسبة 4.1% إلى 136 مليون دينار للفترة ذاتها.
تستطيع الحكومة أن تعمل في ظل الأنظمة العالمية الراهنة التي تطمئن إلى أن خطواتها في خطة التحديث، خصوصاً في مجال الصناعة، تحقق نجاحاً، ولا زالت الشركات الصناعية التصديرية أمامها آفاق كبيرة لفتح أسواق جديدة صاعدة.
دعم الصناعة الوطنية ضرورة، لا بل واجب، لأنها كثيفة العمالة ولأنها تحقق قيمة مضافة ولأنها مصدر مهم للعملات الأجنبية.
ما بقي هو تفعيل مبدأ المعاملة بالمثل، ولكن هناك قيود أخرى – قواعد المنشأ في الحالة الأوروبية، والدعم المكثف في حالة دول الخليج العربي، ورخص الصناعات القادمة من الشرق الأقصى بسبب تدني أجور العمال.
لا يستطيع الأردن أن يكون منغلقاً أمام المستوردات، فكثير من السلع التي ينتجها الأردن بكثافة ويتمتع فيها بمزايا، لا بد من النظر في الاتفاقات التجارية المجحفة التي تجعل صادرات الأردن لا تزيد عن ثلث المستوردات، وهو وضع شاذ يبرر الإجراءات الاستثنائية المؤقتة.
الأردن بلد صغير، وصادراته (عدا البوتاس والفوسفات) لا تشكل جزءاً ملموساً من التجارة العالمية، وأية مخالفات أردنية للقواعد التي تحكم التبادل التجاري لن تثير أحداً ليشكو منها.
القطاع الصناعي صاعد وقد أثبت قدرته على النهوض في ظل أزمة كورونا، وحلّت منتجاته بجدارة في محل السلع المستوردة.