من داعمين إلى مُستهدَفين .. أنصار لبوتين تحوّلوا إلى «أعداء»

mainThumb
من داعمين إلى مُستهدَفين... أنصار لبوتين تحوّلوا إلى «أعداء»

06-11-2025 03:36 PM

printIcon

أخبار اليوم- يقول محللون إن هناك حملة تطهير تجري داخل النظام الروسي، حيث بدأت الفصائل المتنافسة الموالية للكرملين في الانقلاب بعضها على بعض.

من بين هؤلاء سيرغي ماركوف، وهو كاتب ومحلل سياسي مؤيد للكرملين أشاد لسنوات بالرئيس فلاديمير بوتين باعتباره أحد أعظم رجال التاريخ في ظهوراته الإعلامية الخارجية. والمدوّن العسكري، وجامع التبرعات للجنود الروس، رومان أليخين. إلى جانب تاتيانا مونتيان، الناشطة من أصل أوكراني والمعلقة في شبكة «آر تي» الحكومية الروسية، والتي عبرت عن أسفها مراراً لعدم شن روسيا غزوها الشامل في وقت أبكر، وفقاً لما نقلته صحيفة «الغارديان».

كان أولئك الأشخاص ضمن الشخصيات التي ازدهرت في روسيا في السنوات الأخيرة، حيث كان الولاء المطلق والحماس العسكري للحرب في أوكرانيا يكافأ بالمال، والمكانة، والنفوذ.

ومع ذلك، وجد الكثير من أولئك الأشخاص الموالين للكرملين أنفسهم مؤخراً مستهدفين من قبل الدولة التي أشادوا بها سابقاً، والتي حوّلت آلياتها القمعية إلى بعض أنصار النظام في الداخل.

وتم تصنيف ماركوف وأليخين بأنهما ضمن «عملاء أجانب» هذا العام، وهو تصنيف كان يُستخدم سابقاً ضد الأصوات المناهضة لبوتين.

ويحمل هذا التصنيف دلالة سلبية تعود إلى الحقبة السوفياتية، إذ يُلزم الناس بتعريف أنفسهم بوصفهم عملاء أجانب في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى تعريضهم لقيود مالية خانقة.

وصُنفت مونتيان الأسبوع الماضي على أنها «إرهابية ومتطرفة»، وهي تسمية تُطلق عادةً على من يعتبرهم الكرملين أخطر أعدائه.

ويقول المحللون إن هذه القضايا مجتمعةً تشير إلى اتجاه جديد: تطهير ليس فقط للمعارضين، بل أيضاً لمؤيدي النظام نفسه، حيث تنقلب الفصائل المتنافسة داخل النظام على بعضها البعض.

وقالت إيكاترينا شولمان، الخبيرة السياسية الروسية: «أولاً، تم استهداف الأصوات المناهضة للحرب. والآن، لم يبق أي منها، ولا يمكن إيقاف الآلة القمعية».

ولم تقدم موسكو أي تفسير رسمي لهذه الحملة القمعية، ويبدو أن كل حالة قد حدثت وفق تداعيات مختلفة.

ويُعتقد أن ماركوف، المعروف بعلاقاته الوثيقة مع النخب السياسية الأذربيجانية، قد فقد مكانته بعد تدهور العلاقات بين موسكو وباكو بشكل كبير.

أما أليخين، فقد اتُهم بإساءة استخدام الأموال التي جمعها للقوات الروسية بعد أن تفاخر بشرائه سيارة فاخرة جديدة، وساعة باهظة الثمن على وسائل التواصل الاجتماعي. وبالمثل، واجهت مونتيان تدقيقاً بشأن اختلاس الأموال التي جُمعت للجنود.

لكن المراقبين يقولون إن وراء هذه الأسباب الظاهرة صدعاً أعمق.

معسكران متنافسان
وتصف شولمان الانقسام بأنه صراع بين معسكرين متنافسين –مروجي الدعاية المخضرمين المرتبطين ارتباطاً وثيقاً بوزارة الدفاع والكرملين، والمعروفين باسم «الموالين»، وحركة الوطنيين المتشددين أو المدونين العسكريين، والمعروفين باسم مدوني Z، نسبةً إلى الحرف الذي أصبح رمزاً للغزو.

وتتكون هذه الحركة من مئات المدونين البارزين، والنشطاء المتطوعين الذين جمعوا الأموال، واشتروا الطائرات المسيرة، والمركبات، وقدموا الإمدادات مباشرة إلى الجبهات الأمامية للحرب. وقد ظهرت بعد غزو بوتين لأوكرانيا في 2022، عندما أصبح من الواضح أن الجيش كان يعجز عن توفير حتى أبسط المعدات والدعم.

وقد انتقد «المدونون العسكريون» في بعض الأحيان الطريقة التي تتم بها إدارة الحرب، ودفع استقلالهم النسبي عن الدولة موسكو إلى تأييد الهجمات ضدهم.

وقالت شولمان: «الأنظمة الاستبدادية تخشى أي نوع من الحركات الشعبية». وأضافت: «أي حركة حقيقية، بما في ذلك الحركة المؤيدة للحرب، تُعتبر عقبة، وخطراً محتملاً».

وسبق للكرملين أن تحرك لكبح جماح بعض الحركات المؤيدة للحرب التي خرجت عن سيطرته، وأبرزها سجن المعلق اليميني المتطرف الشهير إيغور غيركين عام 2024.

المال يؤجج الخلاف
وبرز المال بوصفه نقطة خلاف أخرى بين مؤيدي النظام في روسيا.

ويقول إيفان فيليبوف، الباحث والكاتب الروسي: «جوهر الصراع بينهم هو معركة على الموارد».

وشرح كيف أن فلاديمير سولوفيوف، وهو مروج دعاية تلفزيونية قوي، ووجه عام لمعسكر «الموالين» ذوي العلاقات الوثيقة بوزارة الدفاع، كان قد قاد جهود تطهير حركة الوطنيين المتشددين، أو المدونين العسكريين المؤيدين للحرب، غاضباً من أن العديد منهم جمعوا أموالاً أكثر للجبهة من جمعيته الخيرية المعتمدة من الدولة.

وقال فيليبوف: «كان من المضحك أن نشاهد كيف يكتشف أولئك الذين لم يعترضوا قط على سجن الليبراليين فجأةً أن العدالة في روسيا انتقائية، وأنه يمكن زج أي شخص في السجن دون سبب».

وتتوقع شولمان المزيد من الاعتقالات. وقالت الخبيرة السياسية إنه بعد أن سجن أو نفي معظم المعارضين المناهضين للحرب في روسيا، فإن النظام الآن «مُلزم بالبحث عن أعداء جدد».

وقالت: «على الجهاز القمعي الروسي أن يُكمل حصته. يجب أن تُغذّي آلة القمع نفسها بنفسها».