أخبار اليوم - عبر مجموعات فيسبوك و"حالات واتساب"، تدير بعض النساء الأردنيات ما يمكن وصفه بـ"اقتصاد نسوي رقمي"، وهن وسيطات غير رسميات لمواقع تجارية عالمية مثل "شي إن"، و"تيمو"، و"أي هيرب" وغيرها، يجمعن طلبات الزبائن ويقمن بتحويلها إلى طرود تتجاوز قيمتها مئات الدنانير سنويا.
خلف هذه الواجهة البسيطة، يوجد اقتصاد رقمي غير مرئي لم ينشأ من فراغ، بل نمت جذوره في تربة تحديات سوق العمل الأردني للنساء.
يزدهر الاقتصاد النسوي غير المنظم، بحسب ما وصفه خبراء لـ"الغد"، في بلد لا تتجاوز فيه نسبة مشاركة المرأة الاقتصادية 14 % وفقا لتقارير البنك الدولي، وهي من أدنى النسب عالميا.
وتزداد الصورة ضبابية عند النظر إلى الفئة الأكثر تعليما، حيث تكشف أرقام دائرة الإحصاءات العامة أن نسبة البطالة بين الإناث من حملة درجة البكالوريوس تصل إلى 32.9 %. في الوقت الذي ينتعش فيه التسوق الإلكتروني عبر الإنترنت بشكل لافت، واستقبل الأردن نحو 1.7 مليون طرد في عام 2023 وحده، فقد وجدت الكثير من النساء في هذا السوق الرقمي حلا بديلا لمشاكلهن الاقتصادية.
خلف واجهة الأرباح والطلبات التي لا تتوقف، تكمن قصة أخرى عن رأس مال يُستثمر من المدخرات الشخصية، وليال طويلة من القلق، إذ كانت معظم الوسيطات بالكاد يجدن وقتا للرد على أسئلتنا أثناء إعداد التقرير، وغالبا ما يعتذرن بسبب انشغالهن بالعمل، يكرسن وقتهن لمتابعة الطلبات طوال اليوم، وفي كثير من الأيام لا يجدن الوقت لعائلاتهن.
يتلخص دور الوسيطة، حسب شهادات من قابلنا من الوسيطات والزبونات، في إدارة طلبات الزبونات من مواقع عالمية مثل "شي إن" أو "أي هيرب"، وجمع الطلبات ودفع قيمتها مسبقا من حسابها الشخصي، ثم توزيعها على زبوناتها.
حيث يعتمد مكسب الوسيطة على فرق السعر أو الخصومات التي تحصل عليها عند الشراء بكميات كبيرة.
من ماجستير علم النفس إلى وسيطة
بعد تجربتها الشخصية في الشراء عبر "شي إن" وكسب نقاط شراء إضافية، وجدت منى الأمر مربحا ومسليا في الوقت ذاته. تحولت التجربة بعد ذلك إلى مشروع تدير منه فريقا كاملا مكونا من ثماني وسيطات مبتدئات، بعضهن طالبات في مرحلة التوجيهي.
تشارك مجد "الغد" ما وراء كواليس هذا العمل الذي يبدو بسيطا. قد تصل قيمة الطلبات التي تديرها في موسم الذروة مثل الأعياد والصيف إلى 5000 دينار شهريا، في حين تَرْكُد في فصول أخرى مثل الشتاء، حسب تعبير مجد: "بالشتا إحنا بنموت".
تصف مجد لـ"الغد" عملها بأنه "متعب جدا جدا"، ومع هذا تفضله على أي وظيفة أخرى كونه يتيح لها العمل من المنزل، وبالتالي البقاء بقرب أطفالها، وخاصة أنها لم تجد فرصة عمل في سوق العمل الأردني، فحتى أثناء مقابلتنا لمجد كانت تجيب على أسئلتنا تارة وتقطع حديثها معنا تارة أخرى لتشرح مسألة لأطفالها أو تذكرهم بحل واجب، لتعود وتكمل لنا حديثها بابتسامة متعبة وبروح طموحة غير يائسة.
تبين لمجد أن هذه الشركة المنزلية لا تخلو من المخاطر، فبسبب طبيعة عمل الوسيطة التي تعتمد على الدفع المسبق من حسابها الشخصي، تصبح هدفا سهلا لعمليات النصب، إما من الزبون أو من شركات التوصيل، وتشرح مجد: "تتم عملية النصب ببساطة إما من زبونة تطلب بضاعة ثم ترفض استلامها وتختفي وتتنصل من عملية الدفع بأساليب متنوعة إما من خلال حظرها أو تغيير مكانها، أو من بعض شركات التوصيل التي قد تستلم المبلغ من الزبونة ولا تسلمه للوسيطة"، تقدر مجد خسائرها من عمليات النصب بـ1000 دينار أردني.
تضطر الوسيطات، عند وقوعهن ضحايا لعمليات النصب، إلى محاولة الهروب من الخسائر من خلال إعادة عرض البضاعة للبيع أحيانا. وعند سؤالنا إياهن عن تقديم الشكوى، أجابت إحداهن بأنها تجد صعوبة وتخشى "المرمطة" بين أروقة المحاكم.
لخصت مجد مطلبها الأساسي لتيسير هذا العمل في توفير مظلة قانونية تحمي عملهن، على الأقل لمنع تعرضهن للنصب والإفلات من العقاب، مؤكدة أن أكبر تحد يواجه الوسيطات هو غياب القانون المنظم والحماية، قائلة: "للأسف، لا يوجد قانون ينصفنا".
الوسيطات: عمل محفوف بالمخاطر ومغامرة مادية
واجهت علا، كغيرها، واقعا اقتصاديا صعبا، لكن قصتها تميزت؛ فهي تخوض تحدي الوساطة الإلكترونية لمواجهة البطالة بعد تخرجها. وبدلا من انتظار فرصة قد لا تأتي، قررت علا أن تصنع فرصتها بنفسها ضمن "اقتصاد نسوي مواز" برز بين أوساط الشابات منذ عام 2019، وذلك وفقا لتقديرات أجمعت عليها الوسيطات والزبونات اللواتي قابلتهن "الغد".
توضح علا أن هذا الاقتصاد صار الحل البديل للوظائف التقليدية لم يكن سهلا أو مجانيا، فهو مشروع حقيقي يتطلب استثمارا نقديا "يصل إلى رأس مال لا يقل عن 2000 دينار"، مشيرة إلى أن هذا المبلغ ضروري لتغطية عمل الوساطة.
تعمل علا بشكل فردي على العكس من مجد التي تدير فريقا كاملا، وتعتمد في تحقيق ربحها على الاستفادة من الخصومات التي تقدمها المواقع العالمية للطلبيات الكبيرة، وهي بذلك توفر على الزبونات تكاليف الجمرك والشحن المرتفعة.
رغم نجاحها المادي في المساعدة برفع مصدر دخل أسرتها، فإنها تدخل نفس دهاليز الخطر والقلق والاحتيال التي تدخلها مجد. وقد أشارت إلى أنها وقعت مرات عديدة ضحية للاحتيال أثناء عملها، وتتحملن هي وزميلاتها كامل هذه الخسائر.
"عملنا يقوم على جذب الزبائن وكسب الثقة"
لا تبدأ كل قصة في عالم الوساطة الإلكترونية باستثمار آلاف الدنانير لمواجهة البطالة كما فعلت علا، بل من الممكن أن يكون هذا العالم جاذبا حتى للعاملات بوظائف ثابتة لغاية تحسين الدخل، مثل ما حصل مع تبارك، وهي وسيطة ناشئة تعمل مع تطبيق "تيمو". لم يكن الأمر مشروعا تجاريا مخططا له، بل حلا عمليا لمجموعة من صديقات العمل. تتحدث تبارك عن أول طلبية: "كنا نجمع طلباتنا الشخصية معا، فكان أسهل أن أقوم أنا بالطلب للجميع". وسرعان ما تحولت الطلبية العفوية بتشجيع من الصديقات والزوج إلى مشروع تجاري لتبارك.
تكشف تبارك لـ"الغد" عن إستراتيجيتها لدخول هذا السوق المزدحم، والمنافسة تتصاعد يوما بعد يوم، وهو عدم فرض عمولة على الزبائن في البداية. تقول: "الهدف كان جذب الزبائن وبناء سمعة وثقة.
هذا التنازل عن الربح المباشر هو تكتيك تتبعه الكثير من الناشئات لكسب مكان لهن في سوق تعتمد فيه السمعة على كل شيء".
ترى تبارك أن السبب الرئيس للاعتماد على الوسيطات في الطلب من المواقع العالمية رغم تطور وسائل الدفع الإلكتروني، هو الحد الأدنى المرتفع للزبائن الذي تفرضه المواقع على الطلبات، موضحة: "الموقع قد يطلب منك الشراء بمائة دينار للحصول على خصم، لكن ليس كل الناس تريد الشراء بهذا المبلغ. قد تحتاج زبونة لقطعة بخمسة دنانير فقط، وهنا يأتي دور الوسيطة التي تجمع هذه الطلبات الصغيرة".
على الرغم من ازدهار الاقتصاد الموازي ووضوح أثره الاجتماعي، ما تزال الوسيطات (العاملات في هذا المجال) يعملن في فراغ قانوني يجعلهن عرضة للخسارة دون ضمان لحقوقهن. إن غياب التنظيم لا يهدد أموالهن فحسب، بل يكشف أيضا عن ثغرة في سياسات تمكين المرأة، التي تكتفي بالشعارات دون مواكبة التحولات الجديدة في سوق العمل الرقمي.
غياب القانون المنظم للعمل
يُفسّر الخبير الاقتصادي حسام عايش انتشار ظاهرة "وسيطات شي إن" وغيرها من أنشطة الوساطة الإلكترونية بأنه نتيجة لأزمة هيكلية في سوق العمل الأردني، لا سيما بين النساء، أكثر مما هي ظاهرة عابرة أو جديدة.
يشرح عايش أن هذه الفرص "كانت متاحة قبل التفكير في أي تنظيم، والتنظيم عادة يأتي لاحقا بعد أن تتكرس الظاهرة في السوق". فمع ضعف المشاركة الاقتصادية للمرأة نحو 14 % وارتفاع البطالة بين الإناث 33 %، وتصل بين الجامعيات إلى نحو 80 %، برز هذا النشاط كنافذة دخل آمنة وسهلة، يمكن ممارستها من المنزل دون تكاليف أو التزامات تنقل.
ويعتبر عايش أن هذا النشاط هو شكل من أشكال التمكين الاقتصادي "غير المقصود"، لكنه أيضا دليل على فشل السياسات في خلق فرص عمل رسمية لائقة بالنساء، في ظل استمرار فجوة الأجور التي تصل إلى 20-30 % في بعض القطاعات. ويرى عايش أن توسع هذا "الاقتصاد الموازي الرقمي" يحرّك الإنفاق ويمنح النساء استقلالا ماليا، لكنه في الوقت نفسه يؤثر على الإيرادات الضريبية والقطاعات التجارية التقليدية.
لذا، يدعو إلى دمج هذا النشاط تدريجيا وبمرونة في الاقتصاد الرسمي عبر فرض ضريبة رمزية تبدأ بـ1 % وتصل إلى 5 % على مدى سنوات، بدلا من ملاحقته أو معاقبته، وذلك لضمان حماية العاملات واستفادة الدولة من هذا القطاع المتنامي.
ويصف عايش هذه الظاهرة بأنها "اقتصاد رقمي نسوي غير مكتشف بعد من الحكومة"، لكنه موجود ومؤثر، ويمتلك إمكانات كبيرة للنمو في ظل تراجع فرص العمل التقليدية، مبينا أنه رغم انتشار ظاهرة الوسيطات في الأردن، فإن هذا العمل ما يزال يجري خارج أي إطار قانوني واضح.
وفي منشور قامت "الغد" بنشره عبر مجموعة تضم عددا من السيدات الأردنيات على مواقع التواصل الاجتماعي، لاستطلاع آرائهن حول تفضيل الطلب عبر وسيطة أو مباشرة من الموقع، سرعان ما تواردت التعليقات من وسيطات من مختلف مناطق المملكة، ما يعكس حجم انتشار هذه الظاهرة واتساع قاعدة العاملات فيها، عدا عن أن ليس جميعهن يمتلكن عدد زبونات محدود، إلا أن بعضهن وعبر رصدنا توصلنا لصفحات عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي يتمتعن بقاعدة متابعة واسعة تصل إلى آلاف.
عدم الاعتراف من الشركات العالمية.. شكل آخر من التحديات
وهو أن المواقع والتطبيقات العالمية التي تعتمد عليها الوسيطات في الوساطة لا تعترف رسميا بعمليات الشراء الجماعي أو إعادة البيع عبر أفراد، إذ تُمنح تراخيص الاستخدام عادة لأغراض شخصية فقط. فعلى سبيل المثال، يُعدّ موقع "شي إن" من أبرز المنصات التي تعتمد عليها الوسيطات في عملهن، إلا أن شروط استخدامه تنص بوضوح على أن الشراء مخصص للاستخدام الشخصي، وليس لإعادة البيع.
ما يعني أن الوسيطات في الأردن يُعتبرن زبونات عاديات أمام هذه المواقع، وليسن شريكات أو ممثلات تجاريات لها، الأمر الذي يجعلهن خارج أي حماية قانونية أو تنظيم رسمي.
من وجهة نظر الزبونات، تبدو الراحة والثقة أساس التعامل مع الوسيطات. تقول تقى خالد، وهي زبونة دائمة لتطبيقات التسوق العالمية، إنها تفضل الطلب من خلال الوسيطات لأنهن يقمن بكل الخطوات نيابة عنها، من الشراء وحتى التوصيل، مما يجنبها الدخول في تفاصيل الجمارك والشحن.
وتوضح أن اختيارها للوسيطات لا يكون عشوائيا، بل يعتمد على الثقة والتجربة، مضيفة: "لا أتعامل مع أي وسيطة، بل مع من جربتهن من صديقاتي".
وتصف تجربتها بأنها مريحة وآمنة إلى حد كبير، إذ لا تدفع المبلغ إلا بعد استلام الطلبية.
ترى تقى، ورغم رضاها العام عن التجربة، أن غياب آلية واضحة لتقديم الشكاوى يشكل نقطة ضعف، "حتى لو اشتكيت، لا أعتقد أن شيئا سيتغير". ومع ذلك، لا تؤيد وقف هذا النوع من العمل، بل تدعو إلى تنظيمه، مؤكدة: "إذا مُنع التعامل مع الوسيطات، فسأتكبد جهدا وكلفة إضافية كبيرة" لأن هذه الخدمة وفرت عليّ الكثير من الوقت والعناء.
فارق الأسعار الصادم في الشراء
على صعيد آخر تروي لنا الزبونة حلا وجهة نظر مغايرة عن التعامل مع الوسيطات، تستذكر رحلتها مع عالم وسيطات "شي إن" في عام 2019، مدفوعة بالخوف من التعامل المباشر مع موقع إلكتروني أجنبي.
تبين حلا: "كانت فكرة الوسيطة تبدو أكثر أمانا وسهولة، فالدفع عند الاستلام يضمن عدم وجود خسارة مالية، وأكبر مشكلة قد أواجهها هي خطأ بسيط في القياس".
لكن هذه التجربة التي بدت مريحة في البداية، تحولت إلى صدمة، على حد تعبيرها، فعندما انتقلت للعيش في دولة أخرى وقررت تجربة الطلب المباشر لأول مرة، تشرح حلا: "اكتشفت أن التكلفة أقل بكثير، وأن هناك عالما كاملا من الخصومات التي لم أكن أعرف بوجودها، مثل أكواد الخصم الموسمية وخصومات الأعياد التي هي من حق الزبون أساسا".
لم تقتصر المفاجأة على التكلفة فقط، لاحظت حلا أن عملية التوصيل عبر الوسيطة في الأردن كانت تمر بسلسلة طويلة من الإجراءات من التجميع إلى الفرز ثم إعادة التوصيل، مما كان يؤخر وصول الطلبية لأسابيع، بينما يصلها الطلب المباشر خلال أيام قليلة.
من خلال مقارنتها بين التجربتين، تدعو حلا إلى تسهيل قوانين الجمارك والشحن في الأردن لتشجيع الزبائن على الطلب المباشر.
كما توجه رسالة مباشرة للوسيطات: "أدعو الوسيطات لتخفيف الأنانية وعدم استغلال جهل الزبونات".
فحسب رأيها، يمكن للوسيطة تحقيق ربح معقول من خلال خصم الطلبات الكبيرة، لكن يجب أن تبقى الخصومات الموسمية والشخصية من حق الزبونة.
تستذكر حلا تجاربها السابقة حيث كانت تدفع عمولات إضافية، مثل طلب دفع دينار عن كل عشرة دنانير، وتحدثت عن طلبية بقيمة 300 دينار دفعتها بالسعر الكامل دون أي خصم يُذكر من خلال الوسيطة.
"هون وقتها انضحك عليّ وندمت وقررت ما أوصي على شيء من "شي إن" وأنا في الأردن!".
عمل سهل.. لكن فيه منافسة شرسة
تعزو الخبيرة الاجتماعية أمل عواودة انتشار ظاهرة الوسيطات بين النساء إلى سهولة هذا النوع من العمل ومرونته، إذ لا يتطلب وظيفة رسمية أو التزاما بساعات عمل محددة.
وتوضح أن ارتفاع معدلات البطالة بين النساء يدفع كثيرات للبحث عن أي مصدر دخل إضافي، ما يجعل هذا العمل خيارا متاحا في ظل محدودية الفرص، لافتة إلى أن التقليد بين الفتيات يشكل عاملا رئيسا في توسّع الظاهرة، إذ تميل بعض النساء إلى خوض التجربة بعد رؤية أخريات يحققن نجاحا فيها، ما يؤدي إلى منافسة محتدمة قد تتطور إلى صراع بين الوسيطات على العملاء والفرص.
وهذا ما لفتت إليه الوسيطة علا معتبرة إياه تحديا آخر يواجهها اليوم، وهو المنافسة الشرسة حاليا بسبب كثرة عدد الوسيطات بشكل كبير، وبالتالي أصبح الربح يقل تدريجيا.
وتحذر عواودة من أن هذا القطاع غير منظم قانونيا أو اجتماعيا، ما يعرض العاملات فيه إلى الاحتيال والابتزاز وضياع الحقوق، في ظل غياب التأمين الصحي والضمان الاجتماعي.
وتشدد على ضرورة مأسسة هذا النوع من الأنشطة ووضع إطار قانوني يضمن للعاملات حقوقهن ويحد من الاستغلال.
كما ترى عواودة أن بناء شبكات تضامن نسائية قد يشكل وسيلة لتمكين النساء اقتصاديا وتوفير فرص عمل مرنة، غير أن غياب التنظيم يجعل هذه الشبكات عرضة للفوضى والصراعات الداخلية التي تضعف أثرها وتحد من جديتها في حماية حقوق العاملات.
وترى عواودة أن الحل يكمن في تحويل هذا السوق من غير منظم إلى منظم عبر خطوات تدريجية تشمل تسجيل هذه الأنشطة رسميا، وإخضاعها لشروط وأحكام المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بما يضمن للعاملات حقوقهن القانونية والاجتماعية، لكنها تؤكد في الوقت نفسه أن تحقيق ذلك يتطلب جهدا تشريعيا وتنسيقا مؤسسيا واسعا، إضافة إلى تقبُّل العاملات أنفسهن لفكرة التنظيم الرسمي، باعتباره خطوة ضرورية لتأمين بيئة عمل آمنة ومستدامة.
بين الحاجة إلى دخل إضافي ورغبة في الاستقلال، وجدت النساء في الوساطة الإلكترونية نافذة إلى سوق رقمي يملؤه الأمل والمخاطرة في آن واحد. فبين كل طرد يصل إلى زبونة، هناك قصة جهد وقلق واستثمار بلا حماية.
ومع اتساع هذا الاقتصاد النسوي غير المنظم، تبرز الحاجة إلى إطار قانوني يعترف به ويحمي العاملات فيه من الاحتيال والاستغلال، بدلا من تركه في منطقة رمادية تبتلع الجهد بلا ضمان.
(الغد - ساره بواعنة)