أخبار اليوم - صوّت مجلس الأمن الدولي فجر الثلاثاء، لصالح قرار أميركي يدعم خطة دونالد ترامب للسلام في غزة التي تتضمن نشر قوة دولية ومسارا إلى دولة فلسطينية.
وصوّت 13 عضوا في المجلس لصالح النص الذي وصفه السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز بأنه "تاريخي وبناء".
وامتنعت روسيا والصين عن التصويت لكن لم تستخدم أي منهما حق النقض.
وأطلق الأميركيون رسميا الأسبوع الفائت مفاوضات داخل مجلس الأمن الدولي الذي يضم 15 عضوا بشأن نص يشكل متابعة لوقف إطلاق النار في الحرب المستمرة منذ عامين بين إسرائيل وحماس، وتأييدا لخطة ترامب.
أبرز ما ورد في القرار
ويرحب القرار بإنشاء مجلس السلام باعتباره "هيئة إدارية انتقالية ذات شخصية قانونية دولية تتولى وضع إطار العمل وتنسيق التمويل لإعادة تنمية غزة وفقا للخطة الشاملة، ريثما تستكمل السلطة الفلسطينية برنامجها الإصلاحي بشكل مرض، ويكون بمقدورها استعادة زمام السيطرة على غزة بشكل آمن وفعال".
وجاء في القرار أنه بعد تنفيذ برنامج إصلاح السلطة الفلسطينية، "قد تتوافر الظروف أخيرا لتهيئة مسار موثوق يتيح للفلسطينيين تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية".
وورد في القرار أن الولايات المتحدة ستعمل على إقامة حوار بين إسرائيل والفلسطينيين للاتفاق على آفاق العمل السياسي بغية التعايش في سلام وازدهار.
ويأذن القرار للدول الأعضاء التي تتعاون مع مجلس السلام ولمجلس السلام "بإنشاء قوة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار في غزة تُنشر تحت قيادة موحدة يقبلها مجلس السلام، وتتألف من قوات تسهم بها الدول المشاركة".
وينص القرار على أن يظل الإذن الصادر لكل من مجلس السلام وأشكال الوجود المدني والأمني الدولي ساريا حتى 31 كانون الأول 2027، رهنا باتخاذ مجلس الأمن إجراءات أخرى، وأن يكون أي تجديد للإذن الصادر للقوة الدولية بالتعاون والتنسيق الكاملين مع مصر وإسرائيل والدول الأعضاء الأخرى التي تواصل العمل مع القوة الدولية.
الولايات المتحدة
وعقب التصويت، وصف السفير الأميركي مايك والتز القرار بأنه "تاريخي وبنّاء"، مضيفا أنه يمثل خطوة مهمة أخرى نحو "غزة مستقرة قادرة على الازدهار".
وأضاف أن القرار يوفر للدول المساهمة بقوات الإطار الذي تحتاجه للمضي قدما بتشكيل "قوة الاستقرار الدولية"، وللمؤسسات المالية العالمية الآليات التي تحتاجها لتوجيه الاستثمارات لدعم إعادة إعمار غزة وتنميتها.
وأضاف والتز أن الأمن "هو الأكسجين الذي تحتاجه الحوكمة والتنمية للعيش والازدهار"، مضيفا أن القوة ستدعم نزع السلاح من غزة، "والحفاظ على سلامة المدنيين الفلسطينيين".
وأضاف "نعتقد أن الاستثمار الذي سيتبع اعتماد القرار اليوم سينعش اقتصاد غزة، ويوفر للفلسطينيين فرصة بدلا من إثقال كاهلهم بالاعتماد الدائم على المساعدات".
وقال السفير الأميركي إن خطة الرئيس ترامب المكونة من عشرين نقطة تمثل بداية "لمنطقة قوية ومستقرة ومزدهرة، موحدة في رفض طريق العنف والكراهية والإرهاب"، مضيفا أن "هذا القرار اليوم هو مجرد البداية".
الجزائر
أما الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة السفير عمار بن جامع قال إن بلاده قررت دعم القرار الذي يهدف إلى وقف إطلاق النار وتهيئة الظروف التي تمكن الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير وإقامة الدولة.
وأكد أن "السلام الحقيقي في الشرق الأوسط لا يمكن تحقيقه بدون العدالة للشعب الفلسطيني الذي انتظر عقودا من أجل إقامة دولته المستقلة".
وشدد على مجموعة من النقاط بما فيها أن هذ القرار يمثل جزءا إضافيا من الإطار العام الذي يشكل عقيدة الأمم المتحدة لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأنه "يجب قراءة هذا القرار بكامله. فملحقه جزء لا يتجزأ منه، وعلى جميع الأطراف الالتزام به".
ويتضمن ملحق القرار خطة الرئيس ترامب المكونة من 20 نقطة.
وأعرب بن جامع عن أمله في أن يفتح تنفيذ خطة السلام هذه أفقا حقيقيا للشعب الفلسطيني ليحقق حقه في تقرير المصير وإقامة الدولة، "حق يجمع الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، ويضع حدا نهائيا للمعاناة".
وأضاف أن المطلوب الآن هو "إرادة جماعية وصادقة وحاسمة من المجتمع الدولي" لتنفيذ الخطة.
المملكة المتحدة
مندوب المملكة المتحدة جيمس كاريوكي قال إن القرار، الذي صوت لصالحه، هو نقطة انطلاق مهمة لتنفيذ خطة السلام من أجل الفلسطينيين والإسرائيليين والمنطقة ولطي صفحة عامين مدمرين من الحرب على القطاع، للتوجه نحو السلام الدائم.
وشكر كاريوكي الرئيس الأميركي على قيادته والولايات المتحدة على طرح هذا القرار.
وأكد أهمية البناء على هذا الزخم ليتم نشر قوة الاستقرار الدولية بشكل عاجل "لدعم وقف إطلاق النار وتجنب حدوث فجوة قد تستغلها حماس".
كما شدد على ضرورة تعزيز الجهود لدعم العمل الإنساني الذي تقوم به الأمم المتحدة، بما يتطلب فتح جميع المعابر وضمان أن تتمكن الوكالات الإنسانية والمنظمات غير الحكومية من العمل بدون عوائق.
باكستان
من جانبه، قال السفير الباكستاني عاصم افتخار أحمد إن بلاده دعمت القرار لوقف إراقة الدماء وضمان الإغاثة الإنسانية واسعة النطاق والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة.
وأضاف أن القرار الذي اعتمد اليوم "لا يغير أو يقلل من شأن" قرارات المجلس السابقة بشأن قضية فلسطين، مضيفا أن حق تقرير المصير ينطبق بالتساوي على الشعب الفلسطيني، وهو "حق أصيل وغير مشروط".
وأكد أن مجلس السلام هو "آلية إشراف انتقالية ذات ولاية مؤقتة"، مؤكدا أن السلام "لا يمكن تحقيقه بتجاوز الفلسطينيين".
وأكد أحمد ضرورة عدم ضم الأراضي أو التهجير القسري في غزة والضفة الغربية تحت أي ظرف من الظروف، مضيفا أنه لكسر دائرة العنف، "من الضروري للغاية إنهاء الاحتلال وإيجاد أفق سياسي يُمهد الطريق لقيام الدولة الفلسطينية من خلال عملية سياسية موثوقة ومحددة زمنيا".
فرنسا
مندوب فرنسا الدائم لدى الأمم المتحدة جيروم بونافون قال إن بلاده صوتت لصالح القرار "من أجل تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحا للسكان، ودعم جهود السلام الجارية حاليا".
وأوضح أنه من خلال هذا التصويت، تعتزم فرنسا دعم الزخم السياسي الذي يهدف إلى وضع حد دائم للحرب في غزة، وتوفير مساعدات إنسانية تتناسب مع الاحتياجات لمنع تجدد العنف، واستعادة الأمن للسكان، وتهيئة الظروف لأفق سياسي موثوق في إسرائيل وفلسطين.
وأكد أن تنفيذ القرار ينبغي أن يُؤطر في سياق سياسي وقانوني واضح، واستنادا إلى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والمعايير المتفق عليها دوليا، وإعلان نيويورك.
وأكد أن بلاده بالتصويت لصالح هذا القرار فإنها تختار "تحمل المسؤولية تجاه السكان المدنيين الذين لهم الحق في الحماية والذين تضررت حياتهم في منطقة تتطلع إلى استعادة السلام والاستقرار".
ودعا جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها، بما في ذلك بموجب القانون الدولي، دون تأخير.
وقال إن المجلس ينبغي أن يكون مستعدا للاجتماع وفقا للتطورات على الأرض، لضمان التقدم السليم خلال المراحل المنصوص عليها في القرار، لا سيما النشر السليم لقوة الاستقرار الدولية المؤقتة.
روسيا
وبعد امتناعه عن التصويت، قال السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا إن بلاده لم تستطع دعم القرار، الذي لا يؤكد على حل الدولتين، مضيفا أن هذه "ليست مسألة نظرية، بل مسألة عملية للغاية، وهو ذو أهمية خاصة بالنظر إلى أننا تلقينا تصريحات عامة لا لبس فيها من أعلى مستويات القيادة الإسرائيلية، تفيد بأنه من غير المقبول إقامة دولة فلسطينية".
وأضاف أنه يبدو أن القرار يسمح لمجلس السلام وقوة الاستقرار الدولية بالتصرف باستقلالية مطلقة "دون أي اعتبار لموقف أو رأي" السلطة الفلسطينية، مما قد يرسخ فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية.
وقال "إنه يذكرنا بالممارسات الاستعمارية والانتداب البريطاني في عصبة الأمم على فلسطين، عندما لم يُؤخذ رأي الفلسطينيين أنفسهم في الاعتبار".
كما أثار نيبينزيا تساؤلات حول تفويض القوة الدولية، التي لم يكن من المفترض في البداية أن تشارك في نزع سلاح غزة، مما قد يحولها "إلى طرف في النزاع يتجاوز حدود حفظ السلام".
وقال السفير الروسي إن بلاده أحيطت علما بموقف رام الله، وكذلك موقف العديد من الدول العربية والإسلامية الأخرى، التي أيدت مشروع القرار الأميركي، وبالتالي قررت عدم تقديم مشروع القرار الذي أعدته، وامتنعت عن التصويت على القرار الأميركي.
وقال إن اليوم هو "يوم حزين لمجلس الأمن"، مضيفا أن اعتماد هذا القرار قد قوض نزاهة المجلس وصلاحياته، وأعرب عن أمله في أن يثبت خطأ بلاده تجاه مشروع القرار.
وأضاف "الآن، تقع مسؤولية تنفيذ خطة الرئيس ترامب بالكامل على عاتق واضعيها وداعميها".
الصين
مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة فو تسونغ قال، بعد امتناعه عن التصويت، إن القرار يحدد ترتيبات حوكمة غزة بعد الحرب، "لكن يبدو أن فلسطين غائبة عنه تماما، وأن السيادة الفلسطينية وملكية الفلسطينيين لا تنعكسان بشكل كامل".
وأضاف "من دواعي القلق بشكل خاص أن مشروع القرار لم يؤكد صراحة الالتزام الراسخ بحل الدولتين كإجماع دولي".
وشدد على ضرورة احترام أي ترتيبات لما بعد الحرب إرادة الشعب الفلسطيني، وأن تفسح المجال كاملا للدور الحيوي للسلطة الوطنية الفلسطينية.
وأكد تسونغ أن الأمم المتحدة تتمتع بخبرات وقدرات واسعة في مجال التعافي وإعادة الإعمار الاقتصادي بعد الصراع، ولذلك ينبغي أن تلعب دورا حيويا في إدارة غزة بعد الحرب، "لكن مشروع القرار لم يتضمن أي ترتيب من هذا القبيل".
وأشار إلى أنه على الرغم من طرح العديد من الأسئلة والمقترحات بشأن مشروع القرار إلا أن معظمها لم يؤخذ في الاعتبار، مضيفا "نشعر بخيبة أمل عميقة إزاء هذا النهج".
وقال إنه رغم كل هذا ومخاوف الصين بشأن نص القرار، وبالنظر إلى الوضع الهش والخطير في غزة، امتنعت بلاده عن التصويت. لكنه أضاف "تظل مخاوفنا قائمة".