أخبار اليوم - أكد إعلاميون وأكاديميون ضرورة أن يكون الإعلام مصدرا موثوقا للمعلومات الصحية والطبية، لارتباطها الوثيق بحياة الناس وسلامتهم، خاصة في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت ساحة مفتوحة لشريحة واسعة من المؤثرين وأصحاب الحسابات التجارية.
وأوضحوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن تعميم هيئة الإعلام على وسائل الإعلام بضرورة التحقق من مزاولة المهن الصحية والطبية خلال استضافة متحدثين لتقديم النصائح والاستشارات في هذا المجال، يشكل ركيزة لحماية الجمهور من المعلومات المغلوطة والممارسات المبنية على أسس غير علمية، ما ينعكس على تقديم محتوى موثوق يعزز الوعي الصحي ويقي من انتشار المعلومات غير الصحيحة التي قد تعرض الأفراد والمجتمع لمخاطر حقيقية.
وقال نقيب الصحفيين الزميل طارق المومني، إن هذا التعميم يأتي في إطاره الطبيعي وينسجم مع أحكام القوانين، خاصة في ظل حالة الفوضى التي تشهدها وسائل التواصل الاجتماعي بالحديث في بعض الاختصاصات من قبل أشخاص لا علاقة لهم بها، ما يحدث إرباكا في المجتمع، ويؤدي إلى ترويج حالات غير حقيقية بقصد التكسب والارتزاق فصلا عن ترويج منتجات تلحق الضرر بالصحة.
وأشار إلى أن ما ذهب إليه التعميم بطلب من نقابة الأطباء، يجب أن ينسحب على كل النقابات المهنية التي يجب أن تدافع عن مهنتها ومنتسبيها، وهو ما تنص عليه القوانين الناظمة لعملها.
وأكد المومني أن هذا الإجراء يحمي المجتمع والمهن، ويعزز مصداقية ودور الإعلام المهني المحترف الرقابي الذي يجب أن يتحقق من هوية من يتم استضافتهم على مختلف الوسائل، خصوصا في قضايا الصحة العامة بكل تفاصيلها، للحيلولة دون التضليل، وذلك لما للإعلام من تأثير في الرأي العام وتوجيهه.
وأوضح أن نقابة الصحفيين كانت سباقة في محاربة من ينتحل صفة صحفي أو إعلامي خلافا لأحكام القانون ونفذت خطوات عملية بذلك حتى وصلت بالإحالة للقضاء، وستواصل دورها في هذا الاتجاه لحماية المهنة ومنتسبيها والمجتمع.
من جهته، قال نائب عميد كلية الإعلام في جامعة اليرموك الدكتور علي الحديد، إن مهمة الإعلام كشف الحقائق ومحاربة التزييف وإبدائها للرأي العام، مؤكدا ضرورة إفساح المجال للمتحدثين الموثوقين والمتخصصين في مجالاتهم، لأن ما يقدمونه يؤثر على الاستمالات العقلية للجمهور ويبني معرفتهم حول أمر ما ويحوله إلى سلوك لديهم.
ولفت إلى وجود محتوى يعرض عبر وسائل الإعلام هدفه التجارة والتسويق واستغلال حاجة الجمهور للمعرفة الصحية، ما قد يؤدي إلى انتشار مفاهيم خاطئة أو استخدام علاجات غير معتمدة قد تضر بالصحة، وقد تصل إلى فقد الحياة.
وبين الحديد، أن التسويق الطبي بطرق مضللة يضعف الوعي الصحي، ويشوه الدور الحقيقي للإعلام المبني على الحقائق، مؤكدا ضرورة تحقق وسائل الإعلام والجمهور من مصادر المعلومات، والاعتماد على المختصين قبل اتباع أي نصيحة صحية.
بدوره، قال أستاذ الإعلام الرقمي المشارك في جامعة الشرق الأوسط، الدكتور محمود الرجبي، إن استضافة متحدثين متخصصين موثوقين في المجال الصحي يشكل خطوة ضرورية لتعزيز حماية الصحة العامة ومهنية الرسالة الإعلامية.
وأكد أن ذلك يحد من ظاهرة المؤثرين غير المؤهلين الذين يقدمون نصائح علاجية قد تكون مضللة أو خطرة، أو تنحنى إلى الجانب التجاري البحت، خاصة إذا علمنا أن المحتوى الرقمي في غالبه يعتمد على الإثارة واستجلاب التفاعل، ما قد يؤدي إلى تقديم معلومات غير صحيحة أو مضرة بالصحة.
وأوضح أن تعميم هيئة الإعلام يركز على رسالة واضحة تستوجب على المنصات الجادة عدم استضافة إلا مختصين يحملون تصريح مزاولة المهنة، مؤكدا أن ذلك يعزز ثقة الجمهور في المحتوى الصحي ويقلل من "ضجيج" الآراء العشوائية، بشرط أن تظل المعايير مهنية وشفافة وألا تتحول إلى أداة انتقائية لتفضيل ضيوف على آخرين لاعتبارات غير مهنية.
وقال الرجبي، إن دور الإعلام لا يقتصر فقط على الالتزام بالتعميم، بل شرح فلسفته للجمهور، وتثقيف الناس على السؤال عن خبرة المتحدث، وجهة ترخيصه، وتضارب المصالح المحتمل مع شركات الأدوية أو مراكز التجميل، مشيرا إلى أهمية التوعية الصحية وتزويد الجمهور الأردني والعربي بمحتوى يستند إلى العلم والمنطق والمراجع الطبية المعتمدة.
--(بترا)