أخبار اليوم - الموت بالقصف والرصاص أو في أثناء الاعتقال أو الجوع أو البرد أو نقص الرعاية الطبية أو الإنزال الجوي الخطأ للمساعدات الإنسانية، تعددت الأسباب لمصير واحد في غزة التي تعيش فصولا متنوعة من الإبادة الإسرائيلية الجماعية المستمرة منذ أكثر من عامين.
فبعد هدوء نسبي في غزة ناجم عن اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقع في مدينة شرم الشيخ المصرية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عاد نازحون للعودة للسكن في منازلهم المتضررة أو المدمرة جزئيا من القصف والنسف الإسرائيليين.
يقول هؤلاء إن العيش في منزل مدمر جزئيا أو في إحدى زواياه أفضل من العيش في خيام قماشية أو بلاستيكية لا تحمى من مياه الأمطار ولا من برد الشتاء، لكن بعد تساقط الأمطار انهارت تلك المنازل على رؤوس ساكنيها فأصبح "الموت بانهيار المنزل" شكلا جديدا من المعاناة والموت في غزة.
وبحسب جهاز الدفاع المدني تسبب المنخفض الجوي الذي دام 3 أيام بوفاة 7 مواطنين إثر انهيارات في 13 منزلا، وغرق واسع في 27 ألف خيمة.
ينضم هذا العدد لقائمة ضحايا الإبادة الجماعية المستمرة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وحتى اللحظة باستشهاد أكثر من 70000 مواطنا، في حين تسبب الموت بالجوع وسوء التغذية نتيجة الحصار الإسرائيلي باستشهاد 460 مواطنا منهم 150 طفلا.
ونتيجة للسقوط الخاطئ لصناديق المساعدات الإنسانية من طائرات عربية وأوربية في سماء غزة، استشهد 23 مواطنا وأصيب 124 آخرين، كما خطف البرد القارس أرواح 18 طفلا عدا عن استشهاد عشرات آلاف المواطنين نتيجة نقص الرعاية الطبية أو المنع من السفر للعلاج في الخارج.
وليس هذا فحسب بل أحصت مؤسسات حقوقية استشهاد 110 أسرى داخل سجون الاحتلال منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى اللحظة غالبيتهم من غزة.
واقع مأساوي
وانتقد رئيس شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية أمجد الشوا، غياب الضغط الدولي على "إسرائيل" لفتح المعابر والمنافذ الحدودية مع غزة وإدخال جميع مستلزمات الإغاثة والإيواء لإنقاذ الحياة الكارثية.
وأوضح الشوا لـ "فلسطين أون لاين" أن غياب خطة شاملة لإنقاذ المواطنين وتأمين إيواء كريم لهم دفعهم للعودة إلى منازلهم المدمرة جزئيا أو المتضررة من القصف والنسف الإسرائيلي كـ"خيار أفضل من الخيام".
وأشار إلى أن سيطرة جيش الاحتلال على نحو 57% من مساحة القطاع تحرم السكان من خيارات النزوح الآمن وتدفع الكثيرين للبقاء في مساكن مهددة بالانهيار أو خيام عشوائية أو مراكز نزوح مدمرة.
ووصف واقع الحياة المعيشية في الخيام بـ"الصعبة والبائسة" وسط انعدام مقومات الحياة الأساسية وانتشار الأوبئة والأمراض وعدم توفير الظروف الصحية للمرضى والنساء والجرحى.
ورأي أن المنخفض الجوي العميق لم يكشف هشاشة الواقع الإنساني والمعيشي في غزة المدمرة بل أظهر أيضا فشل المجتمع الدولي والهيئات الأممية والمؤسسات الدولية في التدخل والاستجابة العاجلة لإنقاذ 2.3 مليون إنسان.
وأفاد بأن ما دخل إلى غزة من أدوية ومستلزمات طبية لا يتجاوز 10% من الاحتياجات الفعلية وسط عجز دوائي كبير ومنع إدخال الأجهزة الطبية مما ينذر بمزيد من التدهور الصحي.
وفي هذا السياق، رصدت منظمة الصحة العالمية وفاة 1092 مريضا في غزة أثناء انتظار الإجلاء الطبي بين يوليو/تموز 2024 و28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وذلك جراء الحصار الإسرائيلي الخانق والمستمر منذ أكثر من عامين بالتزامن مع حرب الإبادة الجماعية.
وحث الشوا المجتمع الدولي الضغط على سلطات الاحتلال لإزالة القيود المفروضة على عمل وكالة "أونروا" وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى غزة، رغم النص الواضح في البروتوكول الإنساني على إدخال هذه المواد والآليات لتسهيل عمل المؤسسات الإنسانية.
وينص البروتوكول الإنساني لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في القاهرة يناير/ كانون ثان 2025 على إدخال 600 شاحنة مساعدات إلى غزة مع دخول معدات للدفاع المدني وصيانة البنية التحتية.
كما ينص على إدخال 60 ألف كارافان و200 ألف خيمة إلى غزة لاستيعاب النازحين، وينص على أن المساعدات تتضمن مواد إغاثية ومعدات إنسانية من حكومات ومنظمات دولية.
انعدام الوسائل
في المقابل، أكد المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل أن المنخفض الجوي أظهر عمق الكارثة الإنسانية التي يعيشها الناجون من الإبادة الإسرائيلية وسط انعدام للوسائل والأدوات الإغاثية.
وأكد بصل لـ"فلسطين أون لاين" أن إمكانات جهاز الدفاع المدني لا يمكنها مواجهة هذه الكارثة التي يعيشها النازحون في خيام قماشية وبلاستيكية مهترئة، مشددا أن ذلك يتطلب إلزام "إسرائيل" بالبروتوكول الإنساني لاتفاق وقف إطلاق النار.
وذكر أن إغاثة المنكوبين في غزة تتطلب إصلاح البنية التحتية وتحسين الخدمات الصحية وتزويد الدفاع المدني بالآلات والوسائل الحديثة إلى جانب إرسال مساكن مؤقتة "كرفانات" بدلا من الخيام التي لا تقى حر الصيف ولا برد الشتاء.
وأشار إلى أن الأضرار البنائية في عدد كبير من المنازل تجعلها عرضة للانهيار عند تسرب المياه أو استمرار الهطولات المطرية، منوها إلى أن الاستجابة الطارئة لا تعني عدم الاستجابة العاجلة لإعادة إعمار غزة وتحسين الحياة الآدمية للمواطنين الذين يعيشون فصولا كارثية من الإبادة الجماعية.
وحذر بصل قائلا إن لم يتم التدخل الدولي العاجل لإنقاذ الحياة الإنسانية في غزة فستزداد الكارثة الإنسانية وسيزداد أعداد الضحايا جراء القصف الإسرائيلي والأمراض والبرد والمنازل الآيلة للسقوط.
والأسبوع الماضي، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يدعو "إسرائيل" إلى تطبيق فتوى محكمة العدل الدولية بشأن إدخال المساعدات إلى غزة، وحصل على تأييد 139 دولة، ومعارضة 12 دولة تتقدّمها الولايات المتحدة و"إسرائيل".
وكانت محكمة العدل الدولية قد أصدرت فتوى في 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2025، خلصت فيها إلى جملة من الأمور، من بينها أن "إسرائيل" "بصفتها القوة القائمة بالاحتلال مطالَبة بالوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني".
المصدر / فلسطين أون لاين