(أخبار اليوم – ساره الرفاعي)
قال الدكتور محمد أبو عمارة إن اليوم العالمي للغة العربية، الذي يصادف الثامن عشر من كانون الأول من كل عام، يُعد مناسبة للتذكير بمكانة العربية وأثرها الحضاري، لا سيما بعد اعتمادها لغة رسمية عالمية عام 1973، مؤكدًا أن هذا الاعتماد الأممي لا يضيف قيمة حقيقية للغة بقدر ما يسلّط الضوء على تاريخها وعمقها وتأثيرها الإنساني.

وأوضح أبو عمارة أن اللغة العربية تتميز بخصوصية فريدة بين لغات العالم، إذ حافظت على ثباتها عبر آلاف السنين، بخلاف معظم اللغات الأخرى التي شهدت تحولات جذرية خلال فترات زمنية أقصر، مشيرًا إلى أن الدراسات اللغوية المقارنة تُظهر تغيّر اللغات الأجنبية بنسب كبيرة خلال قرون قليلة.

واستشهد أبو عمارة باللغة الإنجليزية، موضحًا أن القارئ المعاصر يعجز عن فهم نسبة كبيرة من نصوص الكاتب ويليام شكسبير المكتوبة قبل نحو أربعة قرون، ما يؤكد أن الإنجليزية تغيّرت بأكثر من سبعين بالمئة خلال تلك المدة، بينما يستطيع الناطق بالعربية قراءة الشعر الجاهلي وفهمه بدرجة عالية، وهو ما يعكس قوة البنية اللغوية العربية واستمراريتها.

وبيّن أن القرآن الكريم أسهم في حفظ اللغة العربية وصونها، باعتبارها لغة الوحي، ولغة الصحابة، ولغة أهل الجنة، مؤكدًا أن العربية لا تزال قادرة على التعبير الدقيق والجمالي والإبداعي في مختلف المجالات، من الأدب والشعر إلى الفكر والعلوم.
وأشار أبو عمارة إلى أن سعة العربية تتجلى في قدرتها على التعبير عن المعنى الواحد بمفردات وصيغ متعددة، على عكس كثير من اللغات التي تكتفي بمصطلح واحد للغرض ذاته، معتبرًا أن هذا الثراء دليل قوة لا ضعف.

وانتقد أبو عمارة ما وصفه بتراجع الاعتزاز بالعربية لدى بعض الناطقين بها، ولا سيما في المحافل الرسمية، حيث يُستعاض عنها بلغات أجنبية بدعوى السهولة، مؤكدًا أن التحضر الحقيقي يكمن في الاعتزاز باللغة الأم، وأن احترام الذات يبدأ باحترام اللسان الذي نعبّر به عن هويتنا.

وختم بالتأكيد على أن أي ضعف يُلحظ اليوم في استخدام العربية يعود إلى ضعف مستخدميها لا إلى اللغة نفسها، داعيًا جميع الناطقين بها إلى الاعتزاز بها واستخدامها بثقة في مختلف المجالات، مشددًا على أن العربية ستبقى قوية بقدر ما يحسن أبناؤها حملها والدفاع عنها.