أخبار اليوم – سارة الرفاعي - قال الصحفي الرياضي عوني فريج إن السؤال عمّا بعد الوصول إلى وصافة بطولة كأس العرب في قطر يُعد سؤالًا مشروعًا ومهمًا، خاصة أنه يأتي في سياق سلسلة من الإنجازات التي حققتها الكرة الأردنية خلال السنوات الأخيرة، بدءًا من بطولة آسيا التي أُقيمت في قطر، مرورًا بكأس العرب، وصولًا إلى بلوغ نهائيات كأس العالم، وهو الحلم الذي انتظرته الجماهير الأردنية لسنوات طويلة.
وأوضح فريج أن هذه الإنجازات لا يجوز التعامل معها بوصفها محطات منفصلة أو لحظات فرح عابرة، بل يجب أن تُدرس بعناية فائقة، وأن يُبنى عليها ضمن رؤية واضحة لكيفية تطوير كرة القدم الأردنية، مؤكدًا أن النجاح الذي تحقق في الدوحة مرتين يتطلب ترتيبًا منهجيًا لمرحلة ما بعد الإنجاز، حتى يتحول إلى مسار مستدام لا إلى قمة يتوقف عندها الطموح.
وأشار إلى أن التركيز على المنتخب الأول وحده لم يعد كافيًا، لافتًا إلى أن أعمار عدد من اللاعبين ستصل خلال سنوات قليلة إلى نهاياتها الطبيعية، ما يستوجب الاستثمار الجاد في الجيل الصاعد، وعدم تكرار أخطاء الاكتفاء بمنتخب واحد دون وجود قاعدة متينة من المنتخبات العمرية.
واستشهد فريج بالتجربة المغربية، التي وصفها بالنموذج العربي المتقدم الذي بات يلامس العالمية، مذكرًا بما قدمه المنتخب المغربي في كأس العالم قطر 2022، ومبينًا أن هذا التطور لم يأتِ من فراغ، بل كان نتيجة عمل مؤسسي طويل الأمد، في مقدّمته أكاديمية محمد السادس، التي خرّجت أجيالًا من اللاعبين شكّلوا أعمدة المنتخبات المغربية المختلفة، بما فيها منتخب الشباب الذي تُوّج قبل أشهر قليلة بلقب عالمي بعد أن تفوق على مدارس كروية كبرى.
وأكد أن هذه التجربة يجب أن تكون مصدر إلهام حقيقي للأردن، داعيًا إلى الاستفادة منها في بناء كرة قدم أردنية حديثة وقادرة على الاستمرار، مشيرًا في هذا السياق إلى تجربة مراكز الأمير علي للاعبين، التي أُطلقت قبل سنوات برعاية المرحوم محمود الجوهري، وشملت مختلف محافظات المملكة، وأسهمت في تخريج عدد كبير من اللاعبين المميزين، قبل أن تتوقف لاحقًا.
وبيّن فريج أن هناك مؤشرات على توجه داخل اتحاد كرة القدم لإعادة إحياء فكرة هذه المراكز وتطويرها بأسلوب أكثر حداثة، بما يضمن وجود عمل تراكمي ومنهجي، ويؤسس لمنظومة كروية متدرجة تشمل الصغار والكبار، وتُنتج أكثر من منتخب قادر على المنافسة، لا منتخبًا واحدًا يُحمّل كل الآمال.
وختم فريج بالتأكيد على أن الوصول إلى كأس العالم يجب ألا يكون حلمًا تحقق وانتهى، بل هدفًا دائمًا وحاضرًا في التخطيط الرياضي الأردني، مشددًا على أن الاستمرارية هي المعيار الحقيقي للنجاح، ومتمنيًا التوفيق لكرة القدم الأردنية في مشاركاتها المقبلة، وأن تكون الإنجازات القادمة امتدادًا لما تحقق لا استثناءً عابرًا.