أخبار اليوم - أصدرت غرفة صناعة الأردن تقريرًا تحليليًا متخصصًا تناول تطورات مديونية الأفراد في الأردن وانعكاساتها المباشرة على الطلب المحلي وأداء القطاع الصناعي، مؤكدة أن ارتفاع عبء الدين بات أحد العوامل الرئيسة التي تقيد الاستهلاك المحلي وتضغط على استدامة النمو الصناعي.
وأوضح التقرير أن السوق المحلي يشكّل الركيزة الأساسية لاستقرار الصناعة الوطنية، ومصدرًا رئيسيًا لتصريف الإنتاج والحفاظ على فرص العمل، لا سيما في القطاعات الصناعية كثيفة العمالة، إلا أن تنامي مديونية الأسر وارتفاع عبء خدمة الدين الشهري أدّيا إلى تآكل الدخل المتاح للإنفاق، ما أوجد ما يمكن وصفه بـ "طلب محلي مقيّد بالديون".
وبيّنت غرفة صناعة الأردن، استنادًا إلى بيانات البنك المركزي الأردني، أن رصيد القروض الممنوحة للأفراد ارتفع من نحو 8.7 مليار دينار في عام 2016 إلى قرابة 14 مليار دينار في نهاية عام 2024، بالتزامن مع ارتفاع عدد المقترضين إلى أكثر من 1.23 مليون مقترض، وهو ما يعكس توسع الاعتماد على التمويل البنكي لتغطية الاحتياجات السكنية والاستهلاكية.
وأوضحت غرفة صناعة الأردن أن مديونية الأفراد في المملكة وصلت إلى مستويات تفوق ضعف معدلاتها في الدول النامية، وهي أعلى بكثير مقارنة بمستوياتها في الدول المجاورة.
وأشارت الغرفة إلى أن صندوق النقد الدولي يؤكد أن ارتفاع مديونية الأفراد يُثبط النمو الاقتصادي على المدى المتوسط والبعيد، على الرغم من أثره الإيجابي المحتمل على النمو قصير الأجل.
كما أشار التقرير إلى أن نسبة عبء المديونية الشهرية للأفراد (DBR) بلغت نحو 43.1% في نهاية عام 2024، ما يعني أن ما يقارب نصف دخل المقترضين يُعاد توجيهه لسداد الالتزامات المالية بدلًا من إنفاقه في السوق المحلي، الأمر الذي انعكس على مستويات الاستهلاك، وزاد من حساسية المستهلك تجاه الأسعار، وأضعف الطلب على السلع الصناعية.
وأكدت الغرفة في تقريرها أن ضعف الطلب المحلي لا يعكس تراجعًا في قدرة الصناعة الوطنية أو جودة المنتج الأردني، بل هو نتيجة مباشرة لضغوط مالية متراكمة على المستهلكين، انعكست على حجم المبيعات الداخلية، والطاقة التشغيلية للمصانع، وقدرتها على التوسع والاستثمار، رغم امتلاك القطاع طاقات إنتاجية قادرة على تلبية احتياجات السوق المحلي.
كما حذرت غرفة صناعة الأردن من تداعيات هذا الواقع على مستوى التشغيل، خاصة في الصناعات المرتبطة بالسلع الاستهلاكية والمعمرة، والتي توظف شريحة واسعة من العمالة، مشيرة إلى أن القطاع الصناعي يشغّل نحو 268 ألف عامل، ما يجعل أي تراجع في الطلب المحلي عامل ضغط مباشر على سوق العمل والدخل.
وأكدت الغرفة أن معالجة ضعف الطلب المحلي تتطلب مقاربة شمولية لا تقتصر على سياسات جانب العرض، بل تشمل سياسات متوازنة تعالج جانب الطلب، وفي مقدمتها حماية الدخل المتاح للأفراد، وتخفيف الأعباء التمويلية، وتطوير أدوات تمويل مسؤولة وموجهة لدعم شراء المنتجات الصناعية الوطنية، دون المساس بمتطلبات الاستقرار المالي.
وختمت غرفة صناعة الأردن تقريرها بالتأكيد على أن تنشيط الطلب المحلي يشكّل ركيزة أساسية لتعظيم مساهمة القطاع الصناعي في النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، وتعزيز الأمن الاقتصادي والاجتماعي، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي ويعزز مناعة الاقتصاد الوطني.