الروسان: الضفة الغربية أمام مرحلة إحلال صامت تعيد إنتاج نكبة 1948 بأدوات جديدة

mainThumb
الروسان: الضفة الغربية أمام مرحلة إحلال صامت تعيد إنتاج نكبة 1948 بأدوات جديدة

29-12-2025 06:19 PM

printIcon

(أخبار اليوم – سارة الرفاعي)

قال الخبير العسكري أيمن الروسان إن الضفة الغربية تشهد في الآونة الأخيرة تصاعدًا غير مسبوق في اعتداءات المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم، شملت مصادرة الأراضي، وإحراق المنازل والمزروعات، واعتداءات جسدية أودت بحياة عدد من المدنيين، معتبرًا أن ما يجري يؤشر إلى دخول الضفة الغربية مرحلة إحلال صامت تعيد إنتاج نكبة عام 1948 بأدوات وأساليب مختلفة.

وأوضح الروسان أن المشروع الإحلالي ارتبط تاريخيًا بعمليات تهجير واسعة ومباشرة أحدثت تغييرًا جذريًا في الخريطة السكانية، بينما تتخذ المقاربة الحالية طابعًا أكثر تعقيدًا يقوم على سياسات استنزاف طويلة الأمد، من خلال تقويض مقومات الحياة اليومية، وإضعاف قدرة الفلسطينيين على الصمود عبر قضم متدرج ومتواصل، مؤكدًا أن هذا المسار، رغم انخفاض حدّته الشكلية، يحمل آثارًا تراكمية قد تقود إلى نتائج مماثلة من حيث التفريغ السكاني وفرض الوقائع بالقوة.

وبيّن الروسان أن تصاعد عنف المستوطنين وتنظيماتهم في الضفة الغربية يكشف عن مشروع إحلالي متكامل يتركز بصورة أساسية في المنطقة (ج)، التي ما تزال خاضعة لسيطرة الا حـتـ.ـلا ل، رغم ما نصّت عليه اتفاقيات أوسلو من ترتيبات انتقالية، موضحًا أن هذا المشروع يهدف إلى خلق واقع جغرافي وسياسي جديد يصعب التراجع عنه مستقبلًا.

وأشار إلى أن المستوطنات تحولت إلى محور مركزي في برامج اليمين الصهيوني، وتحمل أبعادًا دينية وقانونية وسياسية وأمنية، حيث يستند المشروع الاستيطاني إلى مزيج من الرؤية التوراتية وتوظيف التاريخ لتبرير التوسع، ما يدفع المستوطنين إلى التعامل مع الاستيطان باعتباره واجبًا دينيًا، في وقت عملت فيه القيادات الصهيونية على تحويل هذه الرؤية إلى سياسات دولة عبر دعم الاستيطان، والتنسيق العسكري مع المستوطنين، واستخدام أدوات الإدارة المدنية في مناطق (ج) لفرض القيود والهدم ومنع التطوير الفلسطيني.

ولفت الروسان إلى أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية تجاوز حتى عام 2020 أكثر من 400 ألف مستوطن، إضافة إلى نحو 30 ألفًا يقيمون في بؤر استيطانية، غالبيتهم في المنطقة (ج) التي تشكّل قرابة 60 في المئة من مساحة الضفة الغربية، مؤكدًا أن هذه الأرقام تكشف زيف الرواية الصهيونية التي تحاول ربط ما يجري بأحداث السابع من أكتوبر، رغم أن الضفة الغربية لم تكن طرفًا فيها، في وقت يواصل فيه الا حـتـ.ـلا ل القتل والمصادرة والتقطيع الجغرافي.

وأكد أن المرحلة الراهنة تفرض توحيد الموقف الفلسطيني لإيجاد آليات عملية لحماية الأهالي من اعتداءات المستوطنين وأجهزة الا حـتـ.ـلا ل، خاصة في ظل ما شهدته الضفة الغربية منذ بدء حرب الإبادة على غزة من استشهاد أكثر من ألف فلسطيني، وإصابة ما يقارب 11 ألفًا، واعتقال ما يزيد على 21 ألفًا آخرين.

وشدد الروسان على أن المصارحة الفلسطينية تمثل ضرورة وطنية لإنقاذ المشروع الوطني، معتبرًا أن أي مقاربة لمستقبل القضية دون تحقيق الوحدة الفلسطينية تبقى طرحًا نظريًا معزولًا عن الواقع، داعيًا إلى إعادة بناء المرجعيات السياسية الفلسطينية بما يراعي التحولات الإقليمية والدولية، وبلورة خطاب وطني موحد يعكس تطلعات الشعب الفلسطيني ويعزز قدرته على مواجهة المرحلة المقبلة.