نيويورك تايمز: تصاعد الألم الاقتصادي يدفع الإيرانيين إلى الشوارع

mainThumb
نيويورك تايمز: تصاعد الألم الاقتصادي يدفع الإيرانيين إلى الشوارع

30-12-2025 01:42 PM

printIcon

أخبار اليوم - قالت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لبن هوبارد، وسنم ماهوزي، وليلى نكونازار، إن إيران تشهد احتجاجات جديدة بسبب التضخم القياسي وانهيار العملة، ما زاد الضغوط المعيشية على الأسر وأجبر الحكومة، بقيادة مسعود بزشكيان، على الإقرار بضيق الخيارات الاقتصادية. ويعزو خبراء الأزمة إلى سوء الإدارة والعقوبات وحرب يونيو، محذرين من استمرار التضخم وخطر الانزلاق نحو سيناريوهات شبيهة بفنزويلا، في ظل تشديد سياسة “الضغط الأقصى” التي تنتهجها إدارة دونالد ترامب.

وخرج متظاهرون إلى شوارع العاصمة طهران ومدن إيرانية أخرى يوم الاثنين احتجاجًا على الارتفاع الحاد في التضخم وانهيار العملة الوطنية، وهو ما أدخل الأسواق في حالة فوضى وأحدث فجوات كبيرة في ميزانيات الأسر.

وقد هوت العملة إلى أدنى مستوى قياسي لها مقابل الدولار الأمريكي خلال عطلة نهاية الأسبوع، فيما ارتفع معدل التضخم السنوي إلى 42.2 بالمئة في ديسمبر.

وفي خضم الاضطراب، استقال رئيس البنك المركزي الإيراني، محمد رضا فرزين، يوم الاثنين، بانتظار موافقة الرئيس على الاستقالة، بحسب ما أفادت به وسائل إعلام محلية. وكان من المقرر أن يخلفه وزير الاقتصاد السابق، عبد الناصر همتي.

وأقرّ الرئيس مسعود بزشكيان بحجم الأزمة خلال حديثه أمام البرلمان يوم الأحد بشأن مشروع موازنة عام 2026.

وقال: “يقولون: ارفعوا الرواتب. من أين سنأتي بالمال؟” محمّلًا قرارات اتخذتها حكومات وبرلمانات ومسؤولون سابقون مسؤولية الوضع القائم.

ويشكّل الاضطراب الاقتصادي تحديًا جديدًا أمام قادة إيران وهم يسعون للحفاظ على السيطرة على بلد يبلغ عدد سكانه 92 مليون نسمة، في وقت تتعافى فيه البلاد من هجمات إسرائيلية وأمريكية استهدفت منشآتها النووية في يونيو، ومن حملة “الضغط الأقصى” التي تنتهجها إدارة ترامب بهدف التوصل إلى اتفاق جديد بشأن البرنامج النووي الإيراني.

وشهدت إيران موجات متكررة من الاحتجاجات منذ عام 2017، غذّتها الأوضاع الاقتصادية المتدهورة والجفاف ومطالب أخرى، ولم يكن واضحًا على الفور ما إذا كانت هذه الاحتجاجات الجديدة ستتوسع وتنتشر إلى مدن إضافية.

وكانت قوات الأمن الإيرانية قد قمعت احتجاجات سابقة باستخدام القوة المميتة والاعتقالات، ما يرفع من المخاطر التي يواجهها من يعبّرون علنًا عن شكاواهم. وأظهرت مقاطع فيديو نُشرت على الإنترنت يوم الاثنين قوات الأمن وهي تطلق الغاز المسيل للدموع لتفريق بعض الاحتجاجات في طهران وعلى الأقل في مدينتين أخريين.

ويعزو خبراء تفاقم المعاناة الاقتصادية في إيران إلى مجموعة من العوامل، تتراوح بين سوء الإدارة والسياسات التي تُبقي الاقتصاد مغلقًا. كما أسهمت الجهود المكثفة التي تبذلها إدارة ترامب للحد من مبيعات النفط الإيرانية إلى الخارج، إضافة إلى الحرب مع إسرائيل في يونيو -التي لجأت خلالها الحكومة إلى البنوك الإيرانية لتغطية تكاليفها- في تدهور الأوضاع الاقتصادية.

وقال أمير حسين مهداوي، طالب دكتوراة في العلوم السياسية بجامعة كونيتيكت والمتخصص في دراسة الاقتصاد الإيراني، إن لدى الحكومة خيارات محدودة لمعالجة الأزمة بسرعة.

وأضاف أن بإمكانها تغيير علاقتها مع الولايات المتحدة مقابل تخفيف العقوبات، أو خفض الإنفاق الحكومي بشكل حاد، لكن أيًا من الخيارين لا يبدو مرجحًا.

وقال مهداوي: “في الوقت الراهن، يتزايد خطر استمرار التضخم المرتفع، وتكرار تجارب حديثة مثل فنزويلا والأرجنتين”.

وعكست موازنة عام 2026 المقترحة مأزق الحكومة، إذ أظهرت انخفاضًا كبيرًا في عائدات النفط وزيادة الاعتماد على الإيرادات الضريبية. وذكرت وكالة “تسنيم” شبه الرسمية أن البرلمان رفض الموازنة المقترحة يوم الاثنين.

ولم ترد وزارتا الاقتصاد والخارجية على الفور على طلبات للتعليق.

وكان لانهيار العملة وقعٌ مؤلم على الإيرانيين العاديين، الذين شاهدوا قيمة رواتبهم ومدخراتهم تتراجع في الوقت الذي قفزت فيه أسعار السلع والخدمات.

وقال أميد، وهو مدير مبيعات يبلغ 42 عامًا في طهران، إن قيمة دخله الشهري انخفضت من ما يعادل 300 دولار إلى 200 دولار فقط خلال شهرين، ما تسبب له بقلق شديد.

وأضاف أنه يخشى عدم قدرته على تغطية نفقات العلاج لوالديه المسنين، أو إصلاح سيارته إذا تعطلت.

وقال: “في هذه الأيام، حتى الخروج مع الأصدقاء أصبح مقيدًا، إذ نحسب باستمرار -كأننا آلات حاسبة بشرية- ما إذا كنا نستطيع تحمّل كلفة فنجان قهوة بسيط”.

من جهتها، قالت مريم، وهي موظفة في بنك بطهران وتبلغ 41 عامًا، إن آخرين يرونها من الطبقة المتوسطة العليا، رغم أن راتبها بات يغطي فقط ثلثي نفقاتها الشهرية.

وتحدث كل من مريم وأميد عبر الهاتف، وطلبا الاكتفاء بذكر اسميهما الأولين فقط خشية التعرض لإجراءات انتقامية من الحكومة.

وقالت مريم إنها نادرًا ما تتناول الطعام خارج المنزل، وتتجنب شراء اللحوم الحمراء أو دعوة الضيوف لتناول الطعام.

وأضافت: “ارتفعت الأسعار إلى حد أنه خلال الأيام القليلة الماضية، عندما كان لدي ضيوف، كنت أحسب الأرقام باستمرار لأتأكد من أنني لن أنفد من المال قبل نهاية الشهر”.