أخبار اليوم – سارة الرفاعي
قال د. محمد أبو عمارة إن ضعف الطلبة في اللغة الإنجليزية في الأردن بات ظاهرة واضحة ومقلقة، تستوجب التوقف عندها بجدية، خاصة أن مخرجات التعليم الحالية لا تتوافق مع الأهداف المرجوة ولا مع متطلبات سوق العمل، رغم تكرار الحديث عنها من قبل تربويين ومتخصصين خلال السنوات الماضية.
وأوضح أبو عمارة أن أبرز مظاهر هذا الضعف تتمثل في محدودية قدرة الطلبة على التحدث باللغة الإنجليزية واستخدامها كلغة ثانية في الحياة اليومية، مشيرًا إلى أن أسباب هذه المشكلة متعددة، إلا أن جوهرها يعود إلى ضعف تأهيل المعلمين، إذ إن حصول المعلم على شهادة جامعية في اللغة الإنجليزية لا يعني بالضرورة امتلاكه القدرة على ممارستها والتحدث بها بطلاقة، مؤكدًا أن اللغة ممارسة حية وليست مجرد معرفة نظرية أو كتابة على الورق.
وأضاف أن العديد من المعلمين يفتقرون أيضًا إلى الأدوات التعليمية الحديثة التي تساعد الطلبة على اكتساب المفردات الصحيحة والنطق السليم، وحتى في الحالات التي تتوفر فيها هذه الأدوات، فإنها لا تُستخدم بالشكل المطلوب، حيث ما تزال طرق التدريس التقليدية هي السائدة في عدد كبير من المدارس الحكومية والخاصة.
وأشار أبو عمارة إلى أن المناهج الدراسية الحالية تركز بدرجة كبيرة على الحفظ والقواعد النحوية والاختبارات الكتابية، مقابل ضعف التركيز على مهارات الاستماع والمحادثة، وهو ما يفسر حصول الطلبة على علامات مرتفعة في الامتحانات التحريرية، مقابل ضعف واضح في القدرة على التحدث والتواصل باللغة الإنجليزية. واعتبر أن هذا النهج لا يخدم الهدف الحقيقي من تعلم اللغة، التي يحتاجها الطالب في حياته اليومية، وفي السفر والعمل والتفاعل مع العالم، وليس فقط في قاعات الامتحان.
وبيّن أن عدد حصص اللغة الإنجليزية في المدارس الحكومية، والذي يتراوح بين أربع إلى خمس حصص أسبوعيًا، وحتى في المدارس الخاصة التي تضيف حصة أو حصتين إضافيتين، لا يعد كافيًا لإتقان اللغة، خاصة أن الطالب يتعامل مع اللغة العربية في معظم يومه الدراسي والاجتماعي، ما يجعل فرص ممارسة اللغة الإنجليزية محدودة وغير كافية.
وتطرق أبو عمارة إلى دور الأسرة، لافتًا إلى أن غالبية الأسر الأردنية لا تتقن اللغة الإنجليزية، ما يقلل من فرص ممارسة الطلبة لها خارج المدرسة، حيث يعود الطالب إلى بيئة لغوية عربية بالكامل في المنزل والسوق وبين الأصدقاء، الأمر الذي يضعف كسر حاجز الخوف من استخدام اللغة ويحد من ترسيخها كلغة تواصل.
وأكد أن معالجة هذا الواقع تتطلب تدخلًا مباشرًا من وزارة التربية والتعليم، باعتبارها الجهة صاحبة الولاية، من خلال تعديل المناهج لتصبح تفاعلية وتمنح أولوية لمهارات المحادثة، وزيادة عدد الحصص الصفية، إلى جانب تعزيز الشراكة مع أولياء الأمور لتشجيع الطلبة على ممارسة اللغة عبر متابعة البرامج وقراءة الكتب باللغة الإنجليزية.
ودعا أبو عمارة المدارس إلى تفعيل أنشطة لغوية داعمة، مثل الإذاعة المدرسية باللغة الإنجليزية، وتنظيم أيام مدرسية يُستخدم فيها الحديث باللغة الإنجليزية فقط، إلى جانب دور المعلمين في مختلف المواد القريبة من اللغة في تشجيع الطلبة وتحفيزهم على استخدامها.
وختم أبو عمارة بالقول إن الوضع الحالي غير مرضٍ على الإطلاق، مؤكدًا، من واقع خبرته كرب عمل، أن أقل من نصف الخريجين يمتلكون مستوى جيدًا في اللغة الإنجليزية، وهو ما لا يلبي احتياجات سوق العمل ولا يحقق الأهداف العامة المرجوة من تعليم اللغة الإنجليزية في الأردن.