هل تخفي تهديدات الاحتلال أزماته البنيوية؟

mainThumb
هل تخفي تهديدات الاحتلال أزماته البنيوية؟

06-05-2025 11:25 AM

printIcon

أخبار اليوم - لا تنفك حكومة الاحتلال الإسرائيلي، التي يقودها المتطرف بنيامين نتنياهو، عن إطلاق التهديدات بتوسيع العملية العسكرية في قطاع غزة، تزامنًا مع ارتفاع وتيرة الأزمة الداخلية التي يشهدها المجتمع الإسرائيلي، في خطوة يعدها مراقبون "محاولة لامتصاص الضغوط الداخلية التي تتعرض لها الحكومة".

وتزامن مع هذه التهديدات استدعاء الاحتلال أعدادًا كبيرة من جنود الاحتياط للمشاركة في العملية العسكرية، إذ تعكس هذه التحركات حجم العجز الذي تعانيه حكومة نتنياهو من جراء عدم قدرتها على تحقيق ما أسمته "النصر الحاسم" على المقاومة في قطاع غزة، على امتداد العدوان المستمر منذ أكثر من 18 شهرًا.

وكان من المقرر أن يعقد المجلس الوزاري المصغر "الكابينت" جلسة أمس الأحد، لمناقشة الخطة المُعدة لتوسيع العملية العسكرية، لكنه جرى تأجيلها بعد إطلاق المقاومة المسلحة صاروخًا صوب مطار "بن غوريون".

وأفادت وسائل إعلام عبرية بوجود خلافات كبيرة بين المستويات السياسية والعسكرية بشأن توسيع العملية العسكرية في قطاع غزة، الأمر الذي يعكس غياب رؤية إسرائيلية واضحة حول كيفية التعامل مع القطاع في ظل تماسك المقاومة الفلسطينية وتصديها لهجمات الاحتلال.

ويرى محللون أن هذه الخطوة لا تنفصل عن مساعي (إسرائيل) لاستخدام الضغط العسكري كأداة تفاوضية، بينما تحاول تفادي تفكك الائتلاف الحكومي، خاصة مع حساسية مسألة تجنيد الحريديم.

تلكؤ تكتيكي

يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي محمد هلسة أن إعلان توسيع العملية يعكس استمرار المسار الاستراتيجي لحكومة نتنياهو، رغم ما وصفه بـ"التلكؤ التكتيكي" في المرحلة الماضية.

وأوضح هلسة، لـ "فلسطين أون لاين"، أن هذا التباطؤ كان يستهدف تهدئة الداخل الإسرائيلي وإعطاء انطباع بإفساح المجال للمفاوضات بشأن الأسرى، مشيرًا إلى أن جيش الاحتلال أبدى اعتراضه على حالة "المراوحة"، ما دفع بالمؤسسة العسكرية للضغط على نتنياهو للمضي في التصعيد.

وأشار هلسة إلى أن استدعاء الاحتياط يهدف إلى تعويض النقص الحاد في القوات، في ظل رفض تجنيد الحريديم، واستنزاف الجيش النظامي بفعل الخسائر البشرية والنفسية.

وقال: "نتنياهو يمضي في التصعيد بشكل متدرج دون إعلان نوايا احتلال شامل، لتجنّب تبعات داخلية ودولية، والحفاظ على هامش تفاوضي مع الوسطاء الإقليميين والدوليين".

وأضاف أن نتنياهو يفضّل خطاب التصعيد التدريجي، الذي يسمح له بمساحة للمناورة داخليًا وخارجيًا، حيث يحاول امتصاص الغضب الشعبي الإسرائيلي، لا سيّما من أهالي الجنود والأسرى، دون المساس بتماسك ائتلافه الحاكم، خاصة في ظل استمرار إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية.

من جانبه، اعتبر المختص في الشأن الإسرائيلي الدكتور عمر جعارة أن ما يحدث على الأرض يكشف عن أزمة حقيقية في بنية القرار الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن الحديث عن "توسيع العملية" هو "محاولة للخداع النفسي والسياسي"، في وقت بات فيه جيش الاحتلال متوغلاً في معظم مناطق القطاع.

وقال جعارة لـ"فلسطين أون لاين": "نتنياهو يضحك على نفسه، الاحتلال موجود في كل مكان بغزة، لكنه لا يملك تصورًا واضحًا للخروج أو الانتصار، وقياداته العسكرية تقرّ بأن سلاح الجو غير كافٍ للحسم، ما يعكس انعدام الأفق الاستراتيجي".

وأضاف: "المقاومة لم تنهزم ولم ترفع الراية البيضاء، بل ما زالت تسيطر على الأرض وتدير المعركة بكفاءة، وهو ما يجعل الاحتلال في خندق يصعب الخروج منه".

وبيّن أن (إسرائيل) وقعت في مأزق استراتيجي منذ اللحظة الأولى لطوفان الأقصى، حيث اصطدمت قوتها العسكرية بعقيدة صلبة للمقاومة، وفشلت حتى الآن في الحصول على أي من الأسرى دون الدخول في مفاوضات تبادل.

وأكد أن حديث نتنياهو عن توسيع العمليات ما هو إلا غطاء على فشل أكبر: العجز عن الحسم والخروج من القطاع بطريقة تحفظ ماء وجه المؤسسة السياسية والعسكرية.

ويبدو أن إعلان توسيع العملية البرية لا يرقى إلى كونه تحولًا حقيقيًا في استراتيجية الاحتلال، بل هو محاولة لإعادة التموضع سياسيًا وعسكريًا، في ظل فشل ذريع في تحقيق الأهداف المُعلنة. ويبقى السؤال: هل يستطيع نتنياهو مواصلة الرهان على الحرب المفتوحة دون أن تنقلب عليه التحديات الداخلية والخارجية؟

 فلسطين أون لاين