"عربات جدعون" .. بداية مرحلة جديدة من الإبادة في غزة

mainThumb
"عربات جدعون".. بداية مرحلة جديدة من الإبادة في غزة

18-05-2025 11:18 AM

printIcon

أخبار اليوم - قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 250 فلسطينيًا، وتسبب بإصابة العشرات ووقوع عدد من المفقودين، معظمهم من الأطفال والنساء، في سلسلة مجازر وحشية ارتكبها خلال اليومين الماضيين ضد منازل مأهولة بالمدنيين في محافظات قطاع غزة، بالتزامن مع إطلاقه أولى مراحل عمليته العسكرية تحت اسم "عربات جدعون"، لتحقيق أهداف الحرب المستمرة منذ 19 شهرًا.

ووفقًا للمتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، محمود بصل، فإن طواقم الإسعاف انتشلت 50 شهيدًا، دون أن تتمكن من العثور على أكثر من 50 آخرين لا يزالون تحت الأنقاض جراء قصف الاحتلال فجر الجمعة، الذي استهدف 11 منزلًا مأهولًا شمال القطاع، مشيرًا إلى أن الطواقم لم تعد قادرة على الاستجابة للاتصالات الواردة من جميع المحافظات.

وأحصت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" مقتل 45 طفلًا خلال اليومين الماضيين، معتبرة أن ذلك "تذكير مدمر آخر بأن الأطفال في غزة يعانون أولًا وقبل كل شيء، مضطرين للجوع يومًا بعد يوم، ليكونوا ضحايا لهجمات عشوائية".

ميدانيًا، تواصل قوات الاحتلال تنفيذ عمليات عسكرية ميدانية ونسف أحياء سكنية في رفح، وخان يونس، ودير البلح، والشجاعية، وحي التفاح، وشمال القطاع، وأعلن جيش الاحتلال مساء الجمعة بدء تنفيذ ضربات واسعة وتحريك قوات للسيطرة على مواقع استراتيجية داخل غزة، ضمن المرحلة الافتتاحية للعملية العسكرية المسماة "عربات جدعون".

وتهدف العملية، بحسب بيان الجيش، إلى "تحقيق جميع أهداف الحرب". في المقابل، لا تزال مباحثات وقف إطلاق النار في العاصمة القطرية متعثرة دون تقدم ملموس، بسبب رفض رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الاستجابة لطلب الوسطاء الموافقة على "شرط وقف الحرب".

في ظل ذلك، تتفاقم الأزمة الإنسانية الخانقة التي يعانيها نحو 2.4 مليون فلسطيني في غزة، يواجهون "شبح المجاعة" بسبب استمرار إغلاق جميع المعابر والمنافذ الحدودية منذ 11 أسبوعًا، في حين أفادت الأمم المتحدة بأن المساعدات الإنسانية متوقفة منذ الثاني من مارس/آذار الماضي بسبب منع سلطات الاحتلال دخول أي شاحنات.

وأكدت الأمم المتحدة أن نحو 90% من السكان يعتمدون على المساعدات الإغاثية كمصدر رئيسي للعيش، في ظل نسب بطالة هي الأعلى عالميًا، وصلت إلى 83%، ومعدلات فقر تجاوزت 90% وسط تدهور اقتصادي متواصل منذ سنوات.

وقالت منظمة "أطباء بلا حدود" إن (إسرائيل) تسببت في كارثة إنسانية متعمدة في غزة، مؤكدة: "نشهد حاليًا تهيئة الظروف للقضاء على الفلسطينيين في غزة"، مضيفة أن القطاع أصبح "جحيمًا على الأرض للفلسطينيين".

من جهته، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن الاحتلال يصعّد من وتيرة الإبادة الجماعية في غزة، من خلال تنفيذ الهجوم "الأوسع والأكثر فتكًا" منذ بدء حرب الإبادة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وأوضح الأورومتوسطي في بيان صحفي، أمس، أن (إسرائيل) تعتمد سياسة الأرض المحروقة والتدمير الشامل لما تبقى من الأحياء والبنية التحتية، في نهج مستمر منذ أكثر من 19 شهرًا، يتسم بالقتل الجماعي والتجويع والتدمير الممنهج لمقومات الحياة، والاستهداف المتعمد للمدنيين في منازلهم ومراكز الإيواء والمرافق الحيوية.

وأشار إلى أن هذه السياسة تهدف إلى "إفناء المجتمع الفلسطيني في غزة ومحو أي إمكانية لعودته أو إعادة بنائه ومنع استمرار وجود السكان"، مطالبًا بإنشاء آلية دولية مستقلة لحفظ الأدلة المتعلقة بجريمة الإبادة، تتولى توثيق الأدلة الرقمية وصور الأقمار الصناعية وشهادات الضحايا والناجين لاستخدامها أمام الهيئات القضائية الدولية.

مواصلة الإبادة

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي ياسين عز الدين، أن إطلاق جيش الاحتلال عمليته الجديدة "عربات جدعون" يمثل استمرارًا لحرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة، وإعادة إنتاج للهجمات الوحشية السابقة مثل "خطة الجنرالات".

وأوضح لصحيفة "فلسطين" أن جيش الاحتلال يحاول "منح الوهم" بأنه سينجح هذه المرة في كسر إرادة الشعب الفلسطيني ودفعه للاستسلام أو الهجرة القسرية.

وأشار إلى أن المجازر التي شهدتها أحياء شمال غزة خلال اليومين الماضيين تمثل تمهيدًا لهجوم بري وحشي محكوم عليه بالفشل، كما حدث في العمليات السابقة، بفعل صمود المقاومة وكمائنها العسكرية.

وكان جيش الاحتلال قد بدأ في أكتوبر الماضي تطبيق "خطة الجنرالات" التي تضمنت قصفًا جويًا ومدفعيًا مكثفًا، وإطلاق نار من الطائرات والآليات العسكرية، وتفجير أحياء سكنية بالكامل، وفرض حصار وتجويع لأكثر من 200 ألف مواطن صامد في منازلهم شمال القطاع.

وتهدف الخطة إلى "إجلاء السكان خلال أسابيع، وفرض حصار على المنطقة، لدفع المقاومين في مدينة غزة للاستسلام أو الموت جوعًا"، لكنها فشلت أمام صمود المواطنين وفعالية المقاومة.

وفي ما يتعلق بالانتقادات داخل جيش الاحتلال والمجتمع الإسرائيلي، أشار عز الدين إلى أنها لن تعيق تنفيذ العملية العسكرية، خاصة مع تمسك أصحاب القرار – نتنياهو ووزير الاستيطان المتطرف بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير – بخياراتهم ورفضهم توصيات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

ورجح أن المقاومة أعدّت مفاجآت ستكبد جيش الاحتلال خسائر فادحة، مؤكدًا أن عملية "عربات جدعون" قد تنقلب إلى كارثة على (إسرائيل) وجيشها.

وشدد عز الدين على ضرورة استنزاف الاحتلال في جميع الجبهات، خاصة الضفة الغربية التي شهدت مؤخرًا عمليات فدائية ضد أهداف إسرائيلية، معتبرًا أن تصاعد هذه العمليات سيعرقل إرسال قوات من الجيش إلى غزة.

عربيًا، دعا عز الدين إلى تصعيد الحراك الشعبي في الدول العربية والإسلامية للضغط على الأنظمة الرسمية.

ورغم أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب جمع تريليونات الدولارات خلال جولته الخليجية مؤخرًا، وقال إن "الكثيرين في غزة يتضورون جوعًا"، فإنه لم ينجح في إعلان وقف حرب الإبادة أو حتى الضغط لإنهاء حرب التجويع التي تستخدمها (إسرائيل) كسلاح ضد المدنيين.

في المقابل، دفعت التطورات المأساوية في غزة بقيادات سبع دول أوروبية أمس إلى دعوة (إسرائيل) للدخول في مفاوضات جدية لإنهاء الحرب، مطالبين برفع الحصار المفروض على القطاع.

المصدر / فلسطين أون لاين