الأضحية والنفس البشرية - قراءة في علم النفس لرانيا أبو شاشية

mainThumb
الأضحية والنفس البشرية - قراءة في علم النفس لرانيا أبو شاشية

03-06-2025 10:25 AM

printIcon

أخبار اليوم - ساره الرفاعي- تتناول مستشارة علم النفس، رانيا أبو شاشية، في تحليل شامل، مفهوم الأضحية من زوايا نفسية متعددة، مسلطة الضوء على رمزيتها ودوافعها وتأثيرها العميق على الهوية الفردية والجماعية، بالإضافة إلى بعدها التربوي والنفسي على الأطفال.

تُفتتح أبو شاشية حديثها بالتركيز على الرمزية النفسية للأضحية، مشيرة إلى أنها تمثل نوعًا من التحرر من الذنب أو الشعور بالتكفير، خاصة في الثقافات الدينية. وترى أن الأضحية رمز لتضحية النفس بالأنا، أي تقديم جزء من الذات في سبيل غاية أسمى، وتشبّهها بفكرة الإشباع النفسي للفرد من خلال العطاء، لا سيما إذا اقترنت بالنية الطيبة والتكافل.

وتنتقل أبو شاشية للحديث عن الأضحية كجزء من الهوية الجماعية، مؤكدة أنها ترسخ الانتماء للمجتمع والدين، حيث يشعر الفرد بأنه طقس مشترك يعزز الروابط الاجتماعية. وتوضح أن هذه الطقوس تُستخدم في تعزيز الهوية الثقافية والدينية، مما يمنح شعورًا بالأمان والانتماء.

وفي التحليل النفسي لفعل التضحية، ترى أبو شاشية أن التضحية بشكل عام تعكس نزعة لاواعية لإرضاء الآخر أو طلب القبول. ولكن في الأضحية الدينية، تتجه هذه التضحية نحو القيم الروحية والرضا الإلهي، مما يجعلها فعلًا ذا طابع سامٍ. وتربط أيضًا بين الأضحية ونموذج الأب الرمزي، كما في نظرية فرويد، حيث تمثل طاعة الإنسان لله نوعًا من طاعة السلطة الأبوية الرمزية العليا.

أما عن البعد التربوي والنفسي للأضحية عند الأطفال، فتشير أبو شاشية إلى أن الأطفال الذين يشاهدون ويشاركون في طقوس الأضحية تتكون لديهم مفاهيم حول الرحمة والعطاء والطاعة والتدين. ومع ذلك، تحذر من أن بعض الأطفال قد يعانون من اضطراب أو حيرة أو صدمة عاطفية عند رؤية الذبح، وهو ما يستدعي التعامل معه بحكمة تربوية ونفسية مناسبة.

وفيما يتعلق بـ الأضحية كفعل تطهير وتنفيس، ومن وجهة نظر التحليل النفسي، توضح الدكتورة أبو شاشية أن الأضحية قد تمثل تفريغًا للمشحونات النفسية المرتبطة بالذنب، الحزن، أو الشعور بالتقصير. وقد يرى البعض فيها نوعًا من التطهير الجماعي الذي يعيد التوازن الداخلي للفرد والمجتمع.

وفي جزء مخصص لـ التأثير النفسي لمشاهدة الأضحية على الطفل، تؤكد أبو شاشية أن معظم الأطفال قد يشعرون بالرهبة والخوف، أو الحزن العاطفي، وقد تطرح لهم بعض التساؤلات الأخلاقية. وتضيف أن الأطفال أذكياء وقد يسألون: "لماذا نذبح الحيوان؟ هل هذا حلال؟ هل هو طيب أم مؤذي؟" وترى أن هذه الأسئلة قد تعبر عن بدء تشكل الحس الأخلاقي عند الطفل، ويجب التعامل معها بجدية وحنان.

وتختتم رانيا أبو شاشية بتقديم الطرق الصحيحة لتفسير الأضحية للطفل، والتي تشمل:
* التمهيد قبل العيد: تهيئة الطفل نفسيًا للمناسبة.
* التركيز على المعاني الجميلة: تفسير الأضحية كرمز للمحبة والطاعة لله ومشاركة الفقراء والمحتاجين.
* عدم إجبار الطفل على مشاهدة الذبح: احترام مشاعره وتفضيلاته.

* الحديث بعد الذبح: إذا شاهد الطفل الأضحية، يجب الجلوس معه بعدها وشرح الموقف بهدوء، مع طلب التعبير عن مشاعره، ومساعدته على فهم المغزى الأعمق، والتأكيد على أن شعوره بالخوف أو الحزن طبيعي.
وتختتم أبو شاشية رسالتها بالقول: "كونوا ملاذ اللطف، العالم سيء بما يكفي."