عزّام .. طفل على حافة الغياب في زمن الحرب

mainThumb
عزّام.. طفل على حافة الغياب في زمن الحرب

03-06-2025 10:38 AM

printIcon

أخبار اليوم - في تمام الساعة الحادية عشرة وربع من مساء يوم 17 يونيو 2024، وبينما كان الجميع يخلد للنوم على أمل أن يكون الغد أقل قسوة، انقلبت حياة عائلة الشامي رأسًا على عقب؛ صاروخ إسرائيلي مزّق صمت الليل، واستهدف مبنى العائلة في حي الشجاعية، دون سابق إنذار. لم يُسمع صوت القصف – كما يقول ناهض الشامي، والد الطفل عزّام – بل كان أول ما سُمع صرخات الجيران: "ما في حيطان!"، ثم غبار كثيف وركام ينهال فوق رؤوسهم.

استفاق ناهض من بين الركام ليبدأ برفع الأنقاض عن زوجته، التي لم تكن تسأله سوى عن عزّام: "وين عزّام؟"، فأجابها بيأس وهو يحاول طمأنتها: "بخير إن شاء الله"، لكنه لم يكن بجانبه. لم يعرف أين هو، وظنّ أنه إما طار من الطابق الرابع أو استُشهد.

نُقل ناهض إلى المستشفى، وهناك رأى طاقمًا طبيًا يحيط بطفل حالته حرجة جدًا. لم يعرفه من شدة الإصابات التي غيّرت ملامحه، وعندما اقترب أكثر، عرف أنه عزّام… ابنه الوحيد، 9 سنوات ونصف. أخبره الأطباء أن حالته حرجة للغاية، لديه كسران في الجمجمة وكسر في الفك، وقد لا يصمد أكثر من 72 ساعة.

غيبوبة طويلة

منذ تلك الليلة، وعزّام في غيبوبة تامة، لا يُحرّك فيها سوى بعض الحركات اللاإرادية. مكث في مستشفى العربي الأهلي المعمداني 42 يومًا، ثم أُخرج بسبب الضغط الهائل من أعداد المصابين والشهداء على الطواقم والمكان. واليوم، يعيش عزّام على أنبوب تغذية، ويحتاج إلى علاج طبيعي ووظيفي مكثف لا يتوفر مجانًا.

ويشير ناهض إلى أنه يفترض أن يكون عدد الجلسات التي تلقاها عزّام من العلاج الطبيعي قد بلغ 200 جلسة، لكنه لم يتلقَّ سوى 17، وكل جلسة بـ25 شيكلًا، يتحملها والده من حسابه الخاص.

ولا تتوقف المعاناة عند حدود العلاج الطبيعي، فعزّام بحاجة لأدوية شهرية وأخرى طارئة، بعضها غير متوفر، وأخرى منتهية الصلاحية بفعل الحصار وإغلاق المعابر.

عزام.jpg

كما يحتاج إلى قسطرة، وأكياس بول، و"بامبرز"، وإبر مغذية للدماغ من المفترض أن تُعطى بشكل دوري… لكنها مفقودة. ويتطلب طعامًا مهروسًا يُحضَّر عبر خلاط كهربائي… وهي مهمة مرهقة لأب وأم محطمين نفسيًا، في ظل انقطاع الكهرباء منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة.

غيابه كسر البيت

عزّام لم يكن مجرد طفل، بل كان روح المنزل وسندهما. في الصف الثاني الابتدائي، حصل على معدل 99.5%. كان يتحمل المسؤولية، ويخرج أثناء الحرب ليجلب الماء والخبز.

يقول والده لـ "فلسطين أون لاين": "كان سابق عمره… بيحب كرة القدم بشكل مش طبيعي، وكان حارس مرمى، ما يخلي حدا يسجل عليه. عنده 3 أطقم رياضية… هاد ابني اللي اختفى قدامي، وما بقدر أعمله إشي".

في لحظات السكون، يجلس الأب بجانب عزّام، يتحدث إليه، يذكره بأيام اللعب، ويحاول تحفيز دماغه: "بنضل نحكي معاه عشان عقله يضل يشتغل… حتى لو هو مش واعي، بس بنآمن إنه سامعنا".

ويوجه رسالة من قلب موجوع: "منذ أكثر من ثلاثة أشهر، ينتظر عزّام تحويله للعلاج خارج غزة، لكن لا شيء يتحرك".

ويختم ناهض رسالته بقلب يقطر ألمًا: "ارحموا أطفالنا… ما بقدر أوصف شعوري وأنا شايف ابني بهالحالة، كان لازم يكون بيحضّر للعيد، يضحك، يختار خروف، مش مربوط بأنبوب تغذية. الحرب سرقت عمره… وقلبي."

المصدر / فلسطين أون لاين