أخبار اليوم - مع استمرار حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة منذ أكثر من 19 شهرًا، وتشديد الاحتلال حصاره على القطاع عبر إغلاق المعابر ومنع إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية، تحذر الجهات الصحية من كارثة وشيكة تهدد حياة آلاف المرضى والجرحى، وسط انهيار شبه تام لمنظومة المختبرات الطبية وبنوك الدم في غزة.
ووصفت مديرة وحدة المختبرات وبنوك الدم في قطاع غزة، صوفيا زعرب، واقع المختبرات في القطاع بأنه "كارثي جدًا ويفوق الوصف"، مؤكدةً أن الاحتلال أحدث دمارًا واسعًا في البنية التحتية الصحية، وتسبب في شلل شبه تام لخدمات التحاليل الطبية ونقل الدم.
وقالت زعرب، لـ "فلسطين أون لاين": "استئناف حرب الإبادة مرة أخرى في مارس/آذار الماضي، بالتزامن مع إغلاق المعابر بالكامل، منع دخول أي مواد مخبرية أو محاليل، وهو ما جعلنا نواجه الأزمة بالإمكانات القليلة المتوفرة لدينا. نحاول ترميم الموجود، لكننا نعمل في ظروف مستحيلة".
وحذّرت من توقف عمل المختبرات خلال الأيام القليلة المقبلة، في حال استمرار إغلاق المعابر ومنع إدخال المستلزمات الطبية والأدوات المخبرية اللازمة لإجراء الفحوصات، قائلةً: "بعد ذلك، لن نستطيع نقل الدم أو إجراء أي فحص، ما يعني انهيارًا كاملًا للمنظومة الصحية في غزة".
وأوضحت أن معظم أجهزة المختبرات، خصوصًا أجهزة العدّ الدموي الكامل (CBC)، إما تعرضت للتدمير المباشر بفعل القصف الإسرائيلي أو أصبحت متهالكة بسبب غياب قطع الغيار اللازمة لصيانتها.
وأضافت: "نعاني من نقص تام في مستلزمات التحاليل الكيميائية وفحوصات الفيروسات والهرمونات، وجميعها أوشكت على النفاد. ومختبر قسم الميكروبيولوجي في مجمع ناصر الطبي في خان يونس جنوب القطاع، توقف بالكامل لعدم توفر المواد اللازمة لتشغيله، رغم أهميته الكبيرة في ظل تزايد الإصابات والجروح".
سوء التغذية والتبرع
كشفت زعرب أن بنك الدم في غزة يحتاج إلى نحو 400 وحدة دم يوميًا، وهي كمية لا يمكن تغطيتها حاليًا بسبب أمراض سوء التغذية المنتشرة بين المواطنين، ما أدى إلى ضعف القدرة على التبرع.
وقالت: "المتبرعون منهكون جسديًا، ويومياً نطلق مناشدات للتبرع، كما أطلقنا نداءً عاجلًا لأحرار العالم لتوفير أكياس الدم ومستلزماتها"، مشيرةً إلى أنه جرى التواصل مع وزارة الصحة في الضفة، وتم تجهيز وحدات دم جاهزة، لكن الاحتلال منع تنسيق دخولها.
وتابعت: "ليست المشكلة فقط في وحدات الدم، بل في المستلزمات الأساسية مثل أكياس الدم، وأجهزة فحص تطابق الدم بين المتبرع والمريض، ومواد فحص الفيروسات. إذا لم يتم إدخال هذه المواد فورًا، فلن نتمكن من نقل الدم أو إجراء أي فحص مخبري".
ووفق زعرب، هناك 50 مختبرًا طبيًا يتبع لوزارة الصحة موزعة على المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية، خرج أكثر من 55% منها عن الخدمة بسبب التدمير المباشر أو الإخلاءات القسرية.
ونبّهت إلى أن ما لا يزيد عن 30% فقط من المختبرات يعمل حاليًا بكفاءة محدودة.
وذكرت أنه في محافظة خان يونس، يعمل فقط مختبر مستشفى ناصر الحكومي، بينما تم إغلاق باقي المختبرات، وفي المحافظة الوسطى، لا تزال ثلاثة مختبرات في مستشفى شهداء الأقصى وبعض مراكز الرعاية الأولية تقدم خدماتها. أما في شمال القطاع، فتبقى مختبرات الشفاء والرنتيسي وبعض المختبرات التابعة للمؤسسات الأهلية مثل "أصدقاء المريض" والمستشفى الأهلي العربي (المعمداني).
وبيّنت زعرب أنه عندما يتقدم مواطنون للتبرع بالدم، يتم التأكد من أنهم لائقون بدنيًا وصحيًا وخالون من الأمراض المزمنة، ولم يتبرعوا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وذلك من خلال إجراء فحص نسبة الهيموغلوبين في الدم.
وأضافت: "المرضى يعانون من ضعف شديد في الدم، وانخفاض في نسبة الهيموغلوبين، مع أعراض كصداع حاد ودوخة، لذلك يتم سحب عينات من هؤلاء الأشخاص عند قدومهم للتبرع بالدم".
وشددت على أن "الفرق الطبية لا تزال تبذل كل ما بوسعها لتأمين الاحتياجات الأساسية، رغم نقص الإمكانيات المتوفرة في القطاع".
ووجهت زعرب نداءً عاجلًا للمجتمع الدولي وكل أحرار العالم بضرورة الضغط على الاحتلال لوقف حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وفتح المعابر الحدودية مع القطاع فورًا، من أجل إدخال المساعدات الطبية والمخبرية، لتفادي الخطر الذي يلاحق المختبرات وبنوك الدم والمنظومة الصحية برمتها.
فلسطين أون لاين