القدس – أخبار اليوم
حذر المطران عطا الله حنا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، من ما وصفها بـ"المخططات غير المسبوقة التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية بالكامل"، داعيًا إلى ضرورة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، وتوحيد الصفوف لمواجهة هذه التحديات بمسؤولية وطنية وتاريخية.
وقال المطران حنا في تصريح صادر عن مكتبه في القدس:
"في قطاع غزة، تختلط دماء الجوعى بالطحين، وتُطلق رصاصات الغدر على المدنيين في أماكن يُفترض أن تكون آمنة، فقط من أجل الحصول على ما تيسر من طحين أو مساعدات غذائية. إلى متى ستستمر هذه المحنة؟"
وأضاف:
"أهلنا في غزة يعيشون جحيماً منذ أكثر من عام ونصف، ويُعاملون بوحشية لا مثيل لها في التاريخ الحديث، وكأنهم لا يُعاملون كبشر. لكنهم بشر، ويستحقون الحياة والكرامة، كما كل إنسان خلقه الله."
وشدد المطران حنا على أن ما جرى يوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، ورغم إعلاننا رفض استهداف المدنيين من أي طرف، إلا أن ذلك اليوم استُغل كذريعة لتدمير غزة واستباحة الضفة والقدس. وأضاف:
"الاحتلال لا يحتاج إلى ذرائع، لكنه وجد في هذا الحدث فرصة لفرض أجنداته، وتغيير خريطة الشرق الأوسط بما ينسجم مع مصالحه، متجاهلاً الحقوق الفلسطينية الثابتة التي لا تسقط بالتقادم."
وأشار إلى أن اتفاقيات أوسلو، ورغم كل التحفظات عليها، "قد تمّ نسفها بالكامل من قبل الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي لا تعترف بفلسطين ولا بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ولا بوجود دولة فلسطينية من الأساس".
وقال:
"نحن لا نؤيد الحروب ولا مظاهر الإرهاب والعنف، فهذه تتنافى مع قيمنا ومبادئنا، لكننا في المقابل نرفض سلام الاستسلام، ونطالب بسلام قائم على العدالة، لا على تصفية حقوق شعبنا وبناء مستقبل المنطقة على أنقاض نكبته."
وختم المطران حنا تصريحه بالقول:
"فلتتوقف حرب الإبادة، ولتتوقف معاناة أهلنا في غزة، ولتتحقق العدالة التي لا تكون إلا بزوال الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حريته وكرامته وحقوقه الوطنية، كما يليق بأي شعب حي على هذه الأرض."
وفيما يلي نص البيان الكامل الصادر عن المطران عطا الله حنا:
نحن أمام مخططات غير مسبوقة هادفة لتصفية القضية الفلسطينية، وعلى الفلسطينيين أن يرتبوا أوضاعهم الداخلية...
في قطاع غزة، دماء المجوعين تختلط بالطحين، ورصاصات الغدر تستهدف أبناء القطاع في الأماكن التي يُفترض أن تكون آمنة، فقط من أجل ما تيسر من مواد غذائية وإغاثية.
إلى متى سوف تستمر هذه المحنة؟ أهلنا في غزة يعيشون في جحيم منذ أكثر من عام ونصف، ويُعاملون بوحشية غير مسبوقة في التاريخ البشري الحديث، وكأنهم لا يستحقون الحياة، في حين أنهم بشر خلقهم الله كما خلق كل إنسان في هذا العالم.
إن الحرب الدائرة حالياً جعلت الكثيرين يهمشون مسألة غزة، وبات الإعلام لا يبرز ما يحدث فيها، في حين لا يجوز غض الطرف عن مأساتها في ظل أي حرب أو تطورات في منطقتنا.
لقد أعلنا رفضنا لما حدث يوم السابع من أكتوبر، لأن الإنسانية عندنا لا تتجزأ، ونرفض ازدواجية المعايير بكافة أشكالها وألوانها، ونرفض استهداف المدنيين أياً كانوا.
ما حدث في ذلك اليوم المشؤوم استُغل كذريعة – وإن كان الاحتلال ليس بحاجة لذرائع – لتدمير غزة، واستهداف الضفة والقدس والمنطقة بأسرها.
إنهم يريدون شرق أوسط جديداً ينسجم مع أهوائهم، ويهدف إلى شطب القضية الفلسطينية والطموح الفلسطيني، وإلغاء الحقوق الثابتة التي لا تسقط بالتقادم.
كانت لنا تحفظات على أوسلو، لكنها مع ذلك نُسفت بالكامل من قبل الحكومة الإسرائيلية التي لا تعترف بفلسطين ولا بحق تقرير المصير.
نحن أمام مؤامرة خطيرة، وعلى الفلسطينيين أن يكونوا بمستوى التحدي، بتوحيد الصفوف، وترتيب البيت الداخلي، والعمل على إفشال كل المشاريع المعادية.
لا نؤيد الحروب، ولا نؤيد مظاهر العنف أو الإرهاب، فهذه تتنافى مع قيمنا، ولكننا نرفض أيضاً سلام الاستسلام.
فليكن السلام قائماً على العدالة، لا على حطام شعبنا، فالسلام الحقيقي ينبع من صون كرامة الإنسان الفلسطيني.
فلتتوقف حرب الإبادة، ولتتحقق العدالة، والتي لا نراها إلا بزوال الاحتلال وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني.